القاهرة – خاص:
بعدما أدرج الدكتور مصطفى عطية، أستاذ النقد
الأدبي بجامعة الكويت، تجربة "الأعمال الكاملة لإنسان آلي" للشاعر
المصري شريف الشافعي ضمن المنهج الدراسي لطلابه بالجامعة، أصدر د.عطية، دراسة
تطبيقية عن التجربة ذاتها في كتاب جديد بعنوان "شعرية الفضاء الإلكتروني-
قراءة في منظور ما بعد الحداثة" (أبريل 2016)، عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام
بالقاهرة.
وصدرت تجربة "الأعمال الكاملة لإنسان آلي"
للشافعي في عدة طبعات ما بين 2008 و2012، في القاهرة، ودمشق، وبيروت، كما صدرت
إلكترونيًّا عن مجلة "الكلمة" اللندنية برئاسة تحرير الناقد الدكتور
صبري حافظ.
وكان قد تم تدريس "الأعمال الكاملة الإنسان
آلي" في جامعة الكويت بعد شهور قليلة من تدريس التجربة ذاتها لطلاب جامعة
"آيوا" الأمريكية، بوصفها "إضافة أصيلة متفردة إلى قصيدة النثر
العربية، ومساحة خصبة لالتقاء الفضاء الإبداعي والفضاء الرقمي"، بحسب مقررة
المنهج، الشاعرة والأكاديمية العراقية دنيا ميخائيل، المقيمة في الولايات المتحدة.
وكتاب "شعرية الفضاء الإلكتروني- قراءة في
منظور ما بعد الحداثة"، للأديب والناقد المصري الدكتور مصطفى عطية، المقيم في
الكويت، هو التعاون الرابع بين المؤلف ومؤسسة شمس للنشر والإعلام، بعد المجموعة
القصصية "قطر الندى"، والكتاب النقدي "الظلال والأصداء: مقاربات
نقدية في الشعر والقص"، والكتاب البحثي "الحوار في السيرة النبوية".
يقع كتاب "شعرية الفضاء الإلكتروني" في
232 صفحة من القطع الكبير، ويتضمن بابين رئيسين: "الشعرية والفضاء التقني:
الأبعاد الفكرية والفلسفية والإبداع"، و"الإبداع الشعري في الفضاء
التقني: قراءات نقدية تطبيقية".
ويتناول الدكتور مصطفى عطية في القسم التطبيقي الذات
الشاعرة والكائن الإلكتروني في "الأعمال الكاملة لإنسان آلي" للشافعي،
كما يتقصى شعرية البيت العنكبوتي في ديوان "إغواءات الفراشة الإلكترونية"
للشاعر محمد يوسف، من جيل أسبق.
يسعى الباحث إلى الإجابة عن جملة أسئلة، منها: ما
حدود العلاقة بين الفضاء التقني (الشبكة العنكبوتية أو الشابكة) وبين الإبداع
عامة، والإبداع الشعري خاصة؟ هل يمكن أن يلج الشاعر غمار الشابكة، ويبحر في
ثناياها بشاعريته، متخطيًا حدود التعبير التقليدي؟ هل يمكن أن تكون الشابكة عالمًا
جديدًا يسبح فيه الشاعر رؤية وإبداعًا؟ وكيف تم ذلك؟
وعن تجربة "الأعمال الكاملة لإنسان آلي"
للشاعر شريف الشافعي، يقول الدكتور مصطفى عطية: هي أنموذج للجمالية المدهشة
المتمردة، تعتمد جماليات تثويرية جديدة، تخالف الدارج والمألوف، وتمثل الطليعة
الشعرية الحقيقية التي تعمل في صمت وتميز، وتثبت جدارتها بعيدًا عن صخب المزيفين.
ويرى د.عطية أن تجربة شريف الشافعي (44 عامًا)
تؤسس لذائقة جديدة في مسار قصيدة النثر العربية، ويستند في دراسته ملامح "ما
بعد الحداثة" في تجربة الشاعر إلى نقاط أربع:
أولاً: الانطلاق من مبدأ اللايقينية وسقوط
المركزيات الثقافية الكبرى الذي بشرت به ما بعد الحداثة، وإعادة الاعتبار للذات لا
الأدلجة بوصفها منبرًا ومعبرًا لرؤية العالم، وهذا ما يتضح في تجربة
"الروبوت"، الذي يقرأ العالم بأبعاد جديدة.
ثانيًا: الانطلاق من قراءة علاقة الشاعر الذاتية
مع الأشياء والأجهزة ومعطيات التقنية الحديثة، وهذه التجربة الأولى عربيًّا في هذا
الصدد، وإن سبقتها تجارب أخرى فردية ومتناثرة، لكن تجربة "إنسان آلي"
تقدم العلاقة التي يمكن تخيلها بين الإنسان والآلة، والإنسان والأشياء والطبيعة،
بشكل صريح وواضح وجمالي، وعبر كتابة متصلة مكتملة المعالم.
ثالثًا: اعتماد الشاعر على جمالية مدهشة ، متمردة
وصادمة، مثل استخدامه الكلمات الإنجليزية، ومفردات الحاسوب الأجنبية، وتشعيرها،
وكأننا نقرأ خبزنا اليومي، وتفاصيل حياتنا شعريًّا، وبرؤى عميقة.
رابعًا: بنية الإخراج الطباعي، وهي ذات علاقة
عضوية بقراءة النص وبناء دلالته، وهي مدرسة راسخة في الشعر الأمريكي المعاصر، وإن
جربها بعض الشعراء العرب بشكل مفتعل، ولكنها لدى الشافعي جزء أساس في التجربة، لا
يمكن فصله ولا تجاهله.
يُذكر أن الشاعر شريف الشافعي له ثمانية دواوين،
وترجمت أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية، وصدر له كتابان
شعريان عن دار "لارماتان" الفرنسية المرموقة في باريس، وشارك من مصر في
مهرجانات شعرية دولية في المغرب وفرنسا والولايات المتحدة وغيرها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق