في إطار الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية أقام بيت الشعر بالأقصر الأربعاء 21 ديسمبر 2016 أمسية لثلاثة شعراء من شعراء الفصحى وهم الشاعر الدكتور أحمد بلبولة والشاعر أحمد حافظ والشاعر محمود سباق وقدَّمَ اللقاء الشاعر الشاب أحمد جمال مدني عضو مجلس أمناء بيت الشعر.
في البداية تحدث الشاعر أحمد جمال مدني عن اللغة العربية وفضلها وعن حرص بيت الشعر بالأقصر على أن يكون الاحتفاء بها هو إعادة الصلة بيننا وبين تراثنا العربي وهويتنا العربية، مؤكدًا على أن استضافة بيت الشعر اليوم لثلاث تجارب شعرية مختلفة ومتنوعة هو تأكيد على حضور الشعر الذي كان وما يزال ديوان العرب وحافظ منجزها وتراثها، كما ألقى الضوء أيضًا على ملامح من السيرة الذاتية لشعراء الليلة حيث بدأ بالشاعر الدكتور أحمد بلبولة مواليد 1973 دمياط، تخرج في دار العلوم ـ جامعة القاهرة، في 1997، عين معيدًا بها 1998، حصل على الماجستير في الأدب منها في 2002، مرشح الدولة في مهرجان الشعر الدولي ببروكسل 2005، شارك في العديد من الندوات، والأمسيات الشعرية، والمهرجانات التي حضرها كبار شعراء مصر والعالم العربي، وقد صدر له ديوان شعر عن دار الهاني للطباعة والنشر، تحت عنوان: "هبل" في 2004 وله ديوان آخر بعنوان " طريق الآلهة " .
بدأ الشاعر الدكتور أحمد بلبولة الأمسية بأن أنشد من من قصيدته التي بعنوان " طيبة"
يا كبرياء المكانِ يا طيبةْ
يا صولجانَ الزمانِ
يا عجبْبَهْ
أفعى التوت للعيان نافشةً ريشًا
وألقت بالرأسِ كالحربةْ
محاطةً باللقالقِ الشاحذاتِ الشفرتينِ
العوامَ والنخبةْ
ما حاولتْ ريحٌ أن تناوشها
إلا أتتها النيران مِرْزَبَّةْ
عريقةٌ في الرسوخِ ضاربةٌ
رجلين كالهَضْبَتنِ في التربةْ
من أيِّ أبوابها ستدخلها
وأنت لا أزهرٌ ولا كعبةْ
وقد تنوعت قصائد الشاعر الدكتور أحمد بلبولة بين العمودي والتفعيلة واختتم بقصيدة بعنوان " اللوتسي" :
كيف يتسعُ البحرُ حتى يرى شاطئيهِ بعيدين
عن حضنهِ
وتتوهَ عليهِ المراكبْ
يتها الثورةُ الأ تعبتني كي أجدَ المفرداتِ لها
يغرق الشعرُ فيكِ
ويعجز عن وصفكِ الشفقيُّ المشاغب
عرسنا المستحيل
يراقص وردته
وهو صحوٌ وغائبْ
يخرجُ اللوتسيُّ بصفحته ناصعًا في الصباحِ
ويطفو على الماءِ
بينا على الجسر لا ضجةٌ أو مواكب.
ثم تلا الشاعر أحمد بلبولة الشاعر الشاب أحمد حافظ وهو طالب بكلية دار العلوم- جامعة الفيوم من مواليد نوفمر عام 1994 شارك في عديد من المهرجانات ، كما شارك في عديد من المسابقات على مستوى الجامعات وحصل على جوائز في بعض منها، وهو أيضًا عضو في مؤسسات ثقافية.
عادَ الغزاةُ
الذينَ استعمروا وطني
وخيَّموا في أقاصي الأرضِ ..
أو كادُوا
ولم نُفسِّرْ ..
- وقد مرَّ الزمانُ بنا واصفرَّ في العمرِ أوراقٌ وأعوادُ -
لُغْزَ الحياةِ،
وما قالَ الحمامُ لنا إلا قليلاا ..
وصرنا الموتَ نعتادُ
وطأطأتْ سُنبُلاتُ الحقلِ صاغرةً
وجاءَ باسمِ جياعِ الكونِ حُصَّادُ
وجفَّ نهرٌ ..
وأشجارُ الرؤى احترقتْ
وقرَّنَ الفمَ جدرانٌ وأصفادُ
رهطٌ من النارِ
شبَّ الجمرُ في دمِنا من شدِّةِ الحزنِ
إنَّ الحزنَ وقَّادُ
وتميزت قصائده من برصانتها العمودية وانفتاحها على العالم والأشياء وقد اختتم بقصيدة بعنوان " سيرةٌ عنْ فتىً ما "
على قلقِ المُبشَّرِ بالوحولِ
وجمرِ الواقفينَ على الطلولِ
سأحكي عن فتىً لم تعرفوهُ
تفيَّأَ مرَّةً ظلَّ النخيلِ
هو الأعمى
الذي اقترفتْهُ أُنثى الحياةِ
فتاهَ خلفَ المُستحيلِ
هو المجنونُ
لكنْ فيهِ سرٌّ غريبٌ
لاحَ في صوتِ الهديلِ
وفيهِ كواكبُ ائتلقتْ
وفيهِ اكتمالٌ حينَ يُصلبُ في الحقولِ
لهُ شرفُ البدايةِ
أنْ يُضحِّي بعمرٍ ضاعَ في رؤيا الخليلِ
وأنْ يختارَ منفىً ما – لجرحٍ ينزُّ دمًا –
عن الوطنِ القليلِ
وأنْ يتجرَّدَ المعنى
وأنْ تشتهيهِ الريحُ في كُلِّ الفصولِ.
واختتم الليلة الشاعر محمود سباق شاعر مصرى شاب، صدر ديوانه الأول «كان الوقت تأخر» عام 2010 عن دار المحروسة وعلى مدار الخمس سنوات الماضية أنجز ثلاثة دواوين شعرية جديدة لكنها حتى الآن لم تنشر بعد وهي ديوان " استصلاح العالم " وديوان " أبناء القطط السوداء" وديوان " سيرة الجنوب والشمال" وقد آثر الشاعر محمود سباق أن ينشدَ في هذه الليلة مقاطع متنوعة من ديوانه سيرة الجنوب والشمال :
في أوَّلِ الدُّنْيا وأَجْمَلِ حَظِّها:
النيلُ يَرْكُضُ كَالْغَزَالَةِ،
والنَّخِيلُ يَصُبُّ تَمْرًا في نَوَافِذِناْ.،
والشَّمْسُ عَيْنُ الله تَحْرُسُنا
وَمِنْها يَشْرَبُ الْأَبْناءُسُمْرتَهم
ويَنْضُجُ فَوْقَ صَدْرِ بَنَاتِهِ الرُّمانُ،
والقمرُ الوحيدُ على المنازلِ شاعرٌ بِرَبابةٍ
يَحْكِي عنْ العُشَّاقِ والعمالِ والفرسانِ
يحكي .. ،
والنجومُ نقوشُ رسّامٍ على سطْحٍ زجاجيٍّ
ووردٌ أهملَتْهُ يدُ الأحبَّةِ ،
غابةٌ بيضاءُ ، شمعٌ لا يذوبُ،
هنا الجنوبُ،
وفي الجنوبِ حُقُولُنا
قَصَبٌ وناياتٌ لمدَّاحينْ،
وجْهي ووجْهُ حبيبتي،
شالٌ يطيرُ ، وضِحْكَةٌ مَنْسِيَّةٌ،
وقَصِيدَتِي الأُولَى،
وَوِجْدَانِي المُعَبَّأُ بالضِّفافِ وبالضَّحايا ،
في الجنوبِ أبي وعُزْلَتُهُ وقَسْوَتُهُ ،
وسُوءُ الظَّنِّ بي وبما أريد ،
وما أغنّي من قصائدَ ،
ما أرافقُ من صِحابٍ أو نساءٍ ،
لَمْ يَقُلْ لي مرّة:
كم أنتَ أجملُ
حين تَضْحَكُ حِينَ تَبْكِي
لَمْ يقُلْها مرّةً ،
لم يُثْنِ في يومٍ عليَّ
وكم أحبُّكَ يا أبي
يا ابنَ المَحاجِر والمَناجِم والحُقولِ ،
ويا ابنَ طابورِ المَعاشاتِ الطَّويل ،
ورحلةِ الزّمن الكذوبْ.
ذلك فيما يستعد بيت الشعر لإطلاق معرض "أبجد بين الضاد واللون" والذي يشارك فيه 30 فنانا من كلية الفنون الجميلة بالأقصر احتفاءً باليوم العالمي للغة العربية، وستكون هناك أيضا أمسية عقب معرض الفنون لثلاثة شعراء من نيجيريا وشاعر من السنغال يدرسون في الأزهر ويكتبون شعرًا بالغة العربية الفصحى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق