ساكتب عن كلِّ شيئ
" نص شعري "
شعر : حسن النجار
سأكتب عن كل شيئ :
عن الرجال العواجيز والنساء المضاجع
وعوانس البلدة المنحدرات
هن أخرجن جسدي من بين ساقيَّ المرأة
وأطلقن سراحي
لأكون قديسا خلويا
أمشي ،
ويمشي ورائي من يريدني
من ابناء شعبي
*
في الميدان كنَّا نفعل كذا وكذا
كان تاريخا قديما أهمله التاريخ
فقد أتلفتِ الحربُ خلايا عقولنا المشعَّة
إلا حين نجتمع حول المدفأة
في ليالي الشتاء
ولانجد موضوعا يشغلنا
ونظل جالسيْن نتسقط الأخبار عن
زمن الرئيس
وهو يطل علينا بوجهه الحجري اللامع
فجأة ً..
تلمع في عيوننا ذكري سنواتِ الجبهة
كنا اكثر حريةً ،
واكثر انعتاقا
وأكثر قدرةً علي توزيع الوسامة
علي العابرين
رغم الحزن
ورغم الشهادة
كانت الحرب معيارَ تهجُّدنا علي
بابِ الوطن .
التاريخ كتبه غيرنا
ولم يستشيروا واحدا من الشهداء
سلام عليكم ياشهداء القصيدة .
*
المرأة التي قابلناها بالأمس
كانت أمنا البهية
قلَّبناها ،
وأطفأنا جذوة َ انتظارها في
خنادق النزال
وقدَّمناها باقة ورد للضيوف الأعزاء
وتبادلناها في كشوف صرف المرتبات
ولهذا لم ننتسب إليها في العلنْ .
*
ساكتب عن كل شيئ :
عن نهر النيل الذي اسودَّتْ مياهُه
من الجثث الطافية
ومن كثرة ماشال من احزان
في أي زمنٍ نحن ؟
لم يجبني أحد وأنا في طريقي
إلي قبر أبي
لأقرا علي روحه الفاتحة .
*
ساكتب عن كل شيئ :
أيها الراقدون تحت الثري
هل أوجعتْكم أقدامُنا حين ندبُّ
ليت لنا أجنحة ،
أو حتي نصف سماءٍ
لكنَّا طرنا وحملنا أحزاننا عن أرض الله
لينعم الجميع بالراحة الأبدية
وبحرية الأسنان حين يأكلون التفاح .
آهٍ يابلدة روحي الشقية
كم قصيدة كتَبنا
وكم شكوي أرسلنا
وظلت الأرض كما هي ملقاةً
كالجثة الهامدة
تحت اقدام جند المشاة .
سأكتب عن كل شيئ :
عن النفط الذي بدأ يتسرب في الشوارع
( لحرق الأبدان إذا احتكم الأمر )
وعن الورود التي لم تعد تتفتح في
الميادين
عن هؤلاء الذين اصطفاهم قلبي
وخذلوني في منتصف الطريق
وعن سنوات الجبهة
وعن زهو العبور
( لاأستطيع الآن أن أعبر من رصيف
لرصيف في الشوارع الضيقة )
وانا الذي استطعتُ ان أعبر من ضفة لضفة
باتساع مجري الحياة
حاملا جنودي علي كتفيَّّ
وأقول لهم : انتم متاع نيراني الذكية ..
سأكتب عن كل شيئ :
عن شاعر لم يكنْ ذاتَ يوم
أمينا علي ماتبقَّي من الحلم
يهوي الجياد َ
وفي شِعره فرسٌ منهكَة
وكان ابن ريف
فسيان يأتي
وسيان يذهب
شحاذ عصر المماليك
وفي ليلةٍ جمعتنا به جلسةُ الفاتحين
فرأيناه يزوَّر مثل النعام
فهل كان وهما ؟
ويخجل أن يردتدي مثلنا
بردة العابرين .
سأكتب عن كل شيئ :
عن الذين اقتنصوا كذئابِ البراري
جائزة انتظاري ..
آهٍ .. ايها الشِّعر البابليُّ الجميل
الذي ضاع من ديوان عشقي
هل أرثيكَ
أم أرثي هواي الذي طالما
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق