الشاعر محمد حبيب مهدي يحاور كاتب الأطفال طلال حسن
طلال حسن:
أنا لا أحب طفولتي ..
ويؤسفني أنني لا أكتب الشعر
للوهلة الاولى تراه طفلا مشيّبا يحمل في صدره كناريا يغرد حب الاطفال بمحبة شذية كان ذلك منذ زمن بعيد وحتى الآن . ابتسامة وجهه لا تشرق الا وهي كلها خجل واستحياء مما يدلل بقايا آثار طفولة بقيت تنشد ما يحلم به كل طفل ، أمتد عمره بعمر الورد وهو يكتب للاطفال ما جادت به برائتهم ، حتى استطاع ان يكون واحدا من أهم كتاب الطفل في الوطن العربي .. عاش عمره قرب مأذنة الحدباء في نينوى العراق لتشير لنا بميلها بولادة كاتب كبير يشار له بالمحبة والتقدير .
له من المؤلفات من كتب الاطفال ما يسد شهية القارىء الواعي لهذا الادب الرفيع . نال على جوائز عديدة كان من أهمها الأعتراف به كاتبا بارعا لايمكن أن يعد بسهولة من دون معرفته عن قرب وهو يصوغ الكتابة للطفل بأحرف من ذهب . كل هذا وأنا أحاول أن أشير لكاتب كبير اسمه : طلال حسن .
التقيته وأجريت معه هذا اللقاء بمودة كبيرة .
في البدء سألته :
كتبت الحكاية للأطفال بشكل جميل ، وفي غاية اللطف ، برأيك ، ما الفرق بين كتابة الحكاية وكتابة القصة ؟
ـ الحكاية ، كما هو معروف ، سابقة على القصة بأساليبها المختلفة المتطورة ، وقليلة جداً هي الحكايات التي كتبتها ، رغم أنني ألاحظ أن الأطفال ، والصغار منهم بالذات ، يحبون الحكايات ، وخاصة التي ترويها لهم أمهاتهم أو جداتهم .
ـ في لقاء قصير معي ، للصفحة الأخيرة في صحيفة ( طريق الشعب ) ، قلت إنني للأسف لا أحب طفولتي ، فهي لم تكن طفولة سعيدة ، وأنا أذكرها جيداً ، وهي موجودة بشكل أو بآخر في العديد من كتاباتي ، وخاصة في مسرحيتي التي كتبتها للفتيان ، ونشرت ثلاث مرات وهي (هيلا يا رمانة ) .
ـ لكل لون من هذه الألوان الكتابية للأطفال جمالياتها وعوالمها وآلياتها ، وأنا أكتب هذه الألوان إضافة إلى كتابة القصة المصورة والرواية ، ويؤسفني أنني لا أكتب الشعر ، وهو من الألوان الرائعة التي كنت أتمنى لو أستطيع كتابتها .
ماذا يستحضر أديبنا طلال حسن عند الكتابة للأطفال ؟
ـ أستحضر العالم كله ، الماضي والحاضر والمستقبل ، ومهما كانت الصورة التي يعيشها الطفل معتمة ، ونعيشها نحن معه ، فإنني أوصل له الأضواء الموجودة والممكنة ، الحياة حق وفرح ، هذا بعض ما يحضرني ، وأقدمه للأطفال .
الموهبة كالوردة ، كيف نمت هذه الوردة في حياتك ؟
ـ هذه الوردة تبرعمت في داخلي في وقت مبكر ، ونمت وترعرعت بالإصغاء إلى الحكايات الأولى من الأم وزوجة عمي ، التي جاءت من الريف ، ورغم أنني لا أذكر أن أحداً قد رعاني ، بل
واجهت في حياتي الكتابية الكثير من الصعوبات والعنت ، إلا أنني واصلت الكتابة ، حتى حققتُ ما حققته في مجال الكتابة للأطفال .
كتبت القصص التاريخية للأطفال ، ما مدى تأثير الكاتب على الطفل في كتابة التاريخ؟
ـ أحببت التاريخ ، وبالذات تاريخ العراق القديم ، أحببت حكاياته ، وما قدمه العراقي القديم للإنسانية ، وما قدمته للأطفال ـ الفتيان من مسرحيات ، لم تكن في الحقيقة مسرحيات تاريخية ، وما كان التاريخ فيها إلا إطاراً أقدم فيه العصر والأفكار المعاصرة ، التي يعيشها الطفل في الوقت الراهن .
تاريخك الجميل يشهد بمسيرتك الطويلة في ثقافة الطفل ، ما هي أهم انجازاتك في هذه الرحلة الجميلة ؟
ـ نعم ، لي مسيرة طويلة ، على طريق الثقافة ، وخاصة ثقافة الطفل ، امتدت على أكثر من أربعة عقود ، فقد كتبت في بداياتي مقالات متواضعة في المسرح والقصة والشعر ، كما كتبت القصة القصيرة والمسرحية للكبار ، وقد نشرت وما زلت أنشر مسرحيات للكبار ، تجاوز عددها العشر ، أما في مجال الأطفال فقد نشر لي " 35 " كتاباً في سوريا والأردن وأبو ظبي والعراق ، ونشر لي أكثر من " 1600 " قصة وسيناريو ومسرحية ورواية ، ولي الآن تحت الطبع في دار البراق في النجف أربع روايات للفتيان وستة كتب للأطفال ، أسست لصحافة الأطفال في محافظة نينوى منذ عام " 2000 " ، بتحرير زاوية للأطفال في جريدة نينوى في الموصل ، وبعد التغيير أصدرت بالتعاون مع مطبعة الزهراء في الموصل أول مجلة للأطفال في العراق ، في " 32 " صفحة ملونة ، وفي عام " 2004 " أصدرت بالتعاون مع جريد عراقيون في الموصل ، ملحقً شهرياً للأطفال ، وحررت بعدها زوايا للأطفال في العديد من الصحف والمجلات في الموصل ، وفي عام " 2010 " أصدرت بالتعاون مع جريدة عراقيون مجلة للأطفال بعنوان " ينابيع " ، وأعددت بالتعاون مع الكاتب المسرحي المعروف ناهض الرمضاني ، مجلة للأطفال بعنوان " بيبونة " ، والآن نحن بصدد إصدار مجلة متقدمة للأطفال بالتعاون مع النادي الثقافي الاجتماعي في الموصل .
ماذا تبقى من أدب الأطفال في العراق بعد أن مرّ بظروف قاهرة حاولت أن تهدم كلّ ما هو رائع وجميل ؟
ـ من المؤسف أن البعض يهدم ما يبنيه المبدعون ، فقد انبثق أدب الأطفال وفنهم الرائد والواعد منذ أواخر الستينيات وبداية السبعينيات ، على أيدي مجموعة مبدعة من الأدباء والفنانين الشباب ، لكن الحروب والحصار والقوى الظلامية كبحت تلك الموجة وشتتت مبدعيها وصدت تطلعاتهم المشروعة والرائدة ، لكن مثل هذه القوى والمنجزات المضيئة لا تموت ، وهي دائماً تنتظر الفرصة لتعاود الإزهار والإثمار على أيدي فنانين ينتمون إلى نهر الحياة ، الذي لا يتوقف عن التدفق والجريان ، مهما كانت العقبات التي تواجهه .
كتبت للأطفال العديد من المسرحيات التي نالت استحسان ودهشة الأطفال ، كيف حال مسرح الأطفال الآن في العراق ؟
ـ نعم ، كتبت ونشرت الكثير من مسرحيات الأطفال ، فقد نشرت أكثر من " 260 " مسرحية للأطفال ، من بينها أكثر من " 60 " مسرحية للفتيان ، وقد فازت أربع من مسرحياتي بجوائز عراقية وعربية ، وكتبت عن هذه المسرحيات الكثير من البحوث والدراسات " ماجستير ودكتوراه " ، كما عرض بعضها ولاقى إقبالاً جيداً ، وعلى سبيل المثال ، فمسرحية " ريم " التي عرضتها فرقة النجاح عام " 1992 " شاهدها " 70 " ألف مشاهد ، وقد دام عرضها عدة أشهر ، أما حال مسرح الأطفال في العراق الآن ، فهو لا يختلف كثيراً عن حاله في العقود السابقة ، مسرح في المناسبات وبشكل عارض ، هناك كتاب مسرح للأطفال في العراق ، ولكن لا يوجد مسرح ثابت وممنهج ومتطور ، وهذا خلل كبير لن يتيح الفرصة لوجود مسرح متطور للأطفال في العراق في المدى المنظور .
لو سألتك عن أفضل كاتب قصة في العراق ، من هو ؟
ـ في العراق ، كان ومازال ، كتاب مبدعون ، أسسوا وأضافوا إلى أدب الأطفال الكثير والكثير ، رغم أن الظروف لم تكن دائماً مواتية للإبداع ، وأنا لا أستطيع أن أقول ، ولن أقول ، أن فلاناً هو الأفضل ، ولكن في العراق كتاب كان ومازال لهم حضورهم من بينهم شفيق مهدي وجعفر صادق محمد وفاروق يوسف وعبد الإله رؤوف وحسن موسى وزهير رسام ، وأستطيع أن أضيف اسمي إليهم ، عربياً هناك كتاب مبدعون من بينهم زكريا تامر وليلى صايا وعبد التواب يوسف ومحمد المنسي قنديل ، وعالمياً أعجبت بالكتاب السوفييت ، والكاتب الروسي كريلوف والكاتبة البلغارية ليدا ملفيا .
كم كتاباً صدر لك للأطفال ، وما هي مشاريعك القادمة ؟
ـ أصدرت حتى الآن " 35 " كتاباً للأطفال في سوريا والأردن وأبو ظبي والعراق ، ولي تحت الطبع أكثر من عشر كتب ، أما مشاريعي القادمة ، فهي كثيرة ، من بينها إصدار مجلة للأطفال ، وإنشاء موقع على الانترنيت يهتم بأدب الأطفال ، والاستمرار في كتابة مسرحيات وروايات للفتيان
هل تقترح سؤالا يخطر ببالك لم أسألك به ؟
ـــ نعم ، لو سألتني ماذا تتمنى ، لقلت لك أتمنى أن تصدر مجلة متخصصة تعنى بأدب الأطفال ، تهتم بنشر الشعر والقصة والمسرح والرواية ، إنها أمنية ستتحقق في يوم من الأيام ، وستكون خطوة كبيرة ، كبيرة جداً ، على طريق .. أدب الأطفال متقدم في العراق .
2 / 8 / 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق