ياسمين خضر حمود
يعتبر
تاريخ العراق الاقتصادي الحديث والمعاصر من أهم الموضوعات التي لا تزال بحاجة إلى
دراسة أكاديمية مستضيفة, ويعد مجلس الأعمار واحدا من موضوعات ذلك التاريخ، صدرت مؤخراً
عن دار الشؤون الثقافية العامة سلسلة دراسات، الكتاب الموسوم الذي يحمل عنوان
(تجربة العراق الملكي في الأعمار 1950 ـ 1958) للدكتور عبد الله شاتي عبهول.
يتألف
الكتاب من مقدمة وأربعة فصول وخاتمة. يتضمن الفصل الأول "السياسة عمرانية في العراق
قبل تأسيس مجلس الأعمار" موجزاً للتطور الفكر الاقتصادي الرسمي في العراق،
مما يؤلف خلفية تاريخية ضرورية للإلمام بصورة أفضل بالظروف التي مهدت الطريق
لتأسيس مجلس الأعمار كانت بدايات التفكير في التخطيط العمراني اقتصرت مساعي الذين
تولوا المسؤولية خلال السنوات الأولى من تأسيس الكيان السياسي الحديث للعراق على
تنظيم شؤون البلاد السياسية والإدارية وتحديد طبيعة العلاقات التي تربطها
ببريطانيا والدول المجاورة، وفيما عدا ذلك من القضايا فأنها نادراً ما كانت توليها
ما تستحق من عناية واهتمام الأمر الذي احترف به صراحة الملك فيصل الأول في مذكرة
خاصة إرسالها إلى مجلس الوزراء في السنة الأخيرة في عهده. مع ذلك فأن البوادر
الأولى للاهتمام للتطوير الاقتصاد العراقي تعود إلى السنوات الأولى من حكم فيصل
الأول وذلك بدافع الحاجة الملحة للتطوير البلاد وتلبية متطلبات مؤسسات الإدارية
الحديثة.
وجاء
في الفصل الثاني "تأسيس مجلس الأعمار" كما لاحظنا من خلال المعلومات
التي استعرضناها في الفصل السابق أن العراق أصبح بحاجة ملحة إلى تبني سياسة
عمرانية جديدة تعتمد التخطيط أسلوباً للتنفيذ. وقد غدا هذا الأمر مطلباً وطنياً ألحت
عليه صحافة المعارضة الأحزاب الديمقراطية التي أجيزت بعد الحرب العالمية الثانية
تحت ضغط الزخم الجديد للحركة الوطنية في البلاد. فقد دعا "حزب الاستقلال"
في مناهجه إلى إنشاء مجلس اقتصادي أعلى يأخذ على عاتقه مهمة وضع الخطط العمرانية العامة
وتصاميمها 0اما "الحزب الوطني الديمقراطي" فقد حث الدولة على وضع خطة
منسقة شاملة لإصلاح وضع البلاد الاقتصادي والعمراني في إطار زمني محدود وسنتناول
في عرضي المنجز الفصل الثالث "مجلس الأعمار سياسته، ومشاريعه، ومنجزاته"
المرحلة الأولى من هذا الفصل من نشاط مجلس الأعمار أن الأوساط الحاكمة أكدت مراراً
وفي مناسبات مختلفة على أن الرغبة في ترك سياسة الارتجال العمراني وتبني سياسة
قائمة على دراسة فنية للامكانات العراق
وثرواته المستغلة وغير المستغلة هي التي حدت بها بداية تأسيس مجلس الأعمار الذي
كان من المفروض أن يصبو إلى تنمية موارد البلاد ورفع مستوى معيشة أبنائها حسب ادعاءات
الأوساط نفسها.
وأخيراً
جاء الفصل الرابع من الكتاب الرأي العام العراقي و"مجلس الأعمار" بحكم
مجموعة من العوامل المتفاعلة فيما بينها دخل الرأي العام العراقي مرحلة جديدة في
مسار تطوره في الفترة التاريخية التي تلت الحرب العالمية الثانية بحيث لم يعد بوسع
جهاز مهم "مجلس الأعمار" أن لا يجلب انتباه مختلف أجنحته. على ما نعتقد
يمكن النظر إلى هذا الموضوع من خلال تصنيف موقف الرأي العام إلى اتجاهين أساسيين
متعارضيين يمكن وصف الأول بالرأي العام الرسمي وشبه رسمي والأخر بالرأي العام
الشعبي او الوطني يمثل الأول التيار النازل والثاني التيار الصاعد ولم يلعب الصدام
بينهما الدور الأخير في كشف العهد الملكي على حقيقته. ولتصور مدى عمق التناقض بين
التيارين نشير مقدماً إلى أن المجلس كان أداة فاعلة للأعمار في نظر الجناح اليميني
من التيار الأول غدا في نظر الجناح المتطرف من التيار الثاني مجرد "مجلس
للاستعمار".
الخاتمة
كان "مجلس الأعمار" مرآة تعكس بصدق الواقع السياسي والاجتماعي
والاقتصادي لعراق خلال العقد الأخير من عمر العهد الملكي. فعلى الرغم من ان المجلس
كان يؤلف في إطاره العام خطوة مقدمة حسب مقياس المكان لا الزمان لا ان العديد من
الظواهر واقع التخلف العراقي قد انعكست على أعماله وسياسته وطبيعة هيكله التنظيمي
والتنفيذي فان راس المجلس كان يمثل شريحة متميزة من الوسط التقليدي الحاكم. وقد
جاء ذلك على مصالح العراق.
جاء
الكتاب الموسوم بـ 215 صفحة من القطع المتوسط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق