2017/11/24

القبلة المميتة ..!! قصة قصيرة بقلم: محمود أحمد على



القبلة المميتة ..!!
قصة قصيرة
بقلم: محمود أحمد على
- الحمد لله ..
يقولها أبوك حامدًا شاكرًا ربه ؛ وهو يقوم من مكانه فور تناوله طعام العشاء ..
علبة السجائر الجالسة داخل جيبه تناديه ..
يلبى النداء ..
يشعل واحدة ..
يأخذ نفسًا طويلاً ..
يخرج نصفه ويحتفظ داخل صدره المتهالك بالنصف الثاني ..
مبتسمة تدخل أمك، حاملة بين يديها أكواب الشاي المتراص بعضها بجوار بعض، في شكل دائري محكم الإغلاق.
يتناول أبوك (كبايته) الكبيرة المميزة عن غيرها ذات الأربع ملاعق سكر ونصف ملعقة شاي، يأخذ(شفطة) طويلة مسموعة الصوت، ومن خلفها نفسًا طويلاً من سيجارته الكيلوباترا ..
رحت تراقبه عن قرب ..
تعد الدقائق عدًّا..
في غيظ شديد راحت أسنانك تأكل مقدمة أظافرك ..
يقوم أبوك من مكانه بعد أن أتى على (كوباية) الشاي، وبعد أن سحب آخر نفس من سيجارته، التي دكها دكًّا وسط الطفاية الممتلئة حتى المنتصف ببقايا سجائره ..
جاءت إليك البشرى تسعى ..
رحت تراقب تثاؤباته الكثيرة المتكررة، التي جعلته يخطو خطوات بطيئة متثاقلة في طريقه إلى حجرة نومه، في آلية منتظمة تسير أمك خلفه كما عودها..
دقائق معدودة ويخرج إليك صوت شخير أبيك المرتفع، الذي تميزه عن سائر أصوات المصريين أجمع ..
تتبسم فرحًا ..
قلبك الصغير راح يتراقص فرحًا ..
في غفلة من أبويك، وباقي أفراد أسرتك، رحت تسير على أطراف .. أطراف أصابعك في طريقك إلىَّ ..
قلبي راح يتراقص فرحًا على إيقاعات قلبك المنتظمة ..
أنتظر دخولك في لهفة ..
تدخل ..
في غفلة من إخوتي أمد إليك أصابعي ..
تنظر هنا وهناك ثم تمتد أصابعك نحوى كيدٍ مدت لغريق ..
تتلامس .. في لهفة ..
تتعانق .. في شوق ..
تسرقني من نفسي .. من إخوتي ..
في غفلة من أسرتك نخرج معًا من بيتكم الضيق..
أسير معك حتى نصل إلى مكان لقيانا الآمن والمعتاد..
مكان لقيانا قصيٌّ ومظلم ..
من فوق سطح بيتكم رحت تنظر يمنة ويسرة ..
وأنا بين يديك أتوق شوقًا ولهفة إليك ..
تضمني إليك ضمة المشتاق ..
وأنا .. من أنا ..
في ..
     سرعة ..
في ..
     لهفة ..
في ..
      شوق ..
في ..
     حذر ..
رحت تقبلني قبلة طويلة ..
وأنت .. أنت لم تزل تنظر هنا وهناك، قبل القبلة وبعدها؛ خشية أن يفتضح أمرنا ..
قبلاتك ..
القوية ..
المستمرة ..
التي تزيدني اشتعالاً وحرقة ..
أفقدتني شعوري .. توازني ..
قبلاتك .. أنستني من أنا ..؟!!
أين أنا ..؟!!
حتى اسمي المركب ذائع الصيت لم أعد أتذكره .. أو على الأقل أتذكر أول أحرف منه.
قبلاتك ..
المسكرة ..
جعلتني أذوب بين شفتيك الصغيرتين كما قطع السكر..
إن الحياة قبلة جميلة وطويلة ..
المولود فور دخوله باب دنيانا الضيق يُستقبل بقبلة جميلة وطويلة ..
وفور دخول الزوجة عش الزوجية يقبلها الزوج قبلة الترحاب
حتى الموت يظل يطارد الإنسان لسنوات منذ مولده من أجل أن يقبله قبلته الأخيرة ..
لقد رأيت وسمعت هذا الكلام العذب يخرج اليوم من فم البطلة الباكية إلى البطل، في مشهد من أحد الأفلام الرومانسية ذات الأبيض والأسود، وكم تمنيت أن يطيل الله في عمري حتى أعيش وأتعايش هذه اللحظة، التي جاءت إليَّ الآن سريعة.
أرجوك تمهل قليلاً ..
أخشى عليك من ضربات قلبك السريعة ..
شكرًا لك لأنك استجبت لكلمات خوفي القصيرة، ومن أكون أنا حتى تستجيب لىَّ بهذه السرعة ..
آه ه ه ه ه ه ه ه ه
أسقط من فوق جبال العشق فجأة ..
رحت تضغط وبقوة فوق رقبتي ..
رحت تقتل فيَّ أخر أنفاسي ..
أنا الضعيفة الهزيلة أموت سريعًا أسفل حذائك..
وزيادة في التأكد من موتى، رحت تمحو أثرى تمامًا بعد أن سويتنى بسطح منزلكم.
قصة بقلم - محمود أحمد على



ليست هناك تعليقات: