2010/07/05

الشهاوي تشكيليا





















الشهاوي تشكيليا






يشارك الشاعر أحمد الشهاوي بعشر لوحات من أعماله التشكيلية التي أنجزها في 2010 في المعرض القومي العام للفنون التشكيلية في دورته الثالثة والثلاثين والتي تقام فعالياتها في قاعات قصر الفنون بدار الأوبرا المصرية الذي يعد أحد مكونات الإبداع التشكيلي التي تعكس ما وصل إليه التشكيل المصري المعاصر
وبعد هذا العرض سيقيم أحمد الشهاوي معرضه الشخصي في الخريف المقبل بالقاهرة حيث يعرض ثمانين لوحة ثم ينقل هذا المعرض إلى عدد من الدول العربية والأجنبية وبعض بلدان أمريكا اللاتينية.
وأحمد الشهاوي في لوحاته العشر-كما يقول الكاتب والناقد والشاعر أسامة عفيفي- يدخل إلى عالمه من بوابة " التعبيرية التجريدية " تلك المدرسة التي تعطي للون دور البطولة في التعبير بحيث تعبر حركة الفرشاة علي السطح عن قيم تجريدية عليا من خلال " تشكل اللون " تبدو و كأنها تلقائية .. و لابد أن تشعر المتلقي بتلقائيتها البكر و رعونتها غير المحسوبة ، و كأنها نتيجة انكساب لوني علي السطح شكل شكله بتلقائية و عفوية هنا تتدخل " الحرفة " لوضع التكوين في حاله تصميمه تحقق التوازن الجميل ، و لا تفقده بكارة الرعونة التلقائية أي أن اللعبة ليست مجرد " سكب " الألوان علي السطح الأبيض فتشكل اللوحة نفسها كما يدعي البعض ، و لكن " اللعبة " تكمن في قدرة الفنان " تصميما " علي إقناعك بذلك . و قدرته علي كبح جماح الانسكاب العفوي أو حركة الفرشاة الرعناء بطريقة تبدو عفوية و أكثر رعونة فيخرج المنتج الجمالي ذا بناء معماري واضح المعالم روحيا و بصريا .. و تكتشف أنه يمتلك أبجديته الخاصة التي تتطلب تحررا من الأفكار المسبقة عن البناء الدرامي الأرسطي للوحة .. و تقدم للمشاهد طرقا أخرى للتذوق تبتعد به عن " البحث عن المعني " وراء الشكل ، لتفتح له آفاق التأويل البصري الذي يحرر الخيال من أسر " القوالب الجاهزة " فيشارك " البصر " و " المخيلة " في صنع تأويلات متعددة المستويات كلما نظرنا إلى العمل ، ليس فقط باختلاف المشاهدين ، بل باختلاف مرات المشاهدة للمشاهد الواحد .
و لأن أحمد الشهاوي-كما يشير أسامة عفيفي- يمخر في بحار الصوفية و تجلياتها " شعرا و نثرا " فلقد حاول أن يبحر في هذه العشرية ـ عبر اللون الأسود بالتحديد و هو لون " آل البيت من أحفاد الرسول الكريم " أقول حاول أن يبحر عبر هذه العشرية في عالم " الرؤيا " بصريا و يترجم ما ذاقه و امتلأ به قلبه بصريا أيضا أي عبر ما رآه و تذوقه في رحلته الوجدانية باللون و تحتاج هذه التجربة إلى " تأمل صاف " لتكتشف كمتلق رويدا رويدا " رؤياك " أنت ... إذا ما جاهدت نفسك ، و خلصتها من قوانين الجاذبية .. فكرا و ذوقا و روحا .
و دليلي علي ذلك هو الرموز الحروفية التي تظهر في قلب التكوين السابح دائما ـ بتلقائية في " الفراغ الأبيض " الذي يشكل في هذه الحالة " العماء " أو " اللاوجود " ليركز المشاهد علي " بؤرة الرؤيا " اللونية التي تتشكل من داخلها حروفا و أهلة ، و أقمارا و أفلاكا و أحجبة و تعاويذ سحرية بعضها يظهر واضحا جليا و بعضها يغيب و يتبدد ، و بعضها الثالث يتشكل في حركة دائرية دائبة الحراك إلى الأعلي دائما لتربط بين النسبي و المطلق ، بين الواقعي و المتخيل بين السماء و الأرض بين المادة و الروح ، بين الظلام و النور ، ذلك الظلام الأسود الذي يبدو داكنا لكنه يسطع بنوره من داخله فالظلمه عند أحمد الشهاوي تلد نورا و المادي يلد الروحانية و المطلق ينتج النسبي في وحدة ( ديالكتيكية ) واحدة تمثل الوجود المحاط بالنور أو المغمور في النور و هذا ـ في اعتقادي ـ سر الرسم في منتصف الأبيض دائما .. ذلك الأبيض الأزلي الذي يشع نورا و يضع التكوين في قلب " التجلي " التجربة تحتاج إلى الكثير من التأمل ،، و ما قلته هنا هو تأويل لتأملاتي لأعمال تتعدد تأويلاتها و لست أهدف من هذا التأويل سوى أن أضع " الشطة " في علبة السكر مثلما فعل أحمد الشهاوي ، فهل سيعجب الجمهور و النقاد بسكر الشهاوي " المشطشط " ؟! .


وتقول الفنانة التشكيلية فدوى رمضان:
إن هذه التجربة تعد واحدة من أصدق التجارب الجديدة المطروحة بالمعرض، خصوصا ما يتعلق منها بحميمية التجريب والعزم على المتابعة، ورغم وليديتها الراهنة واستمراريتها المحتملة فإن بشائر التجربة تستبعد التشكيك فى عرضيتها، فما بين المبدع وأدواته تتوحد العلاقة الإبداعية على اختلاف تصنيفها، ومهما كان الناتج فى النهاية يتحدد المعيار وفقا لقيمته.
وبالنظر إلى ما هو مطروح أمامنا من حلول شكلية نجد الشاعر قد اهتم بعاملين أحدهما حسى والآخر بصرى، وأهمل ما سواهما من تفاصيل فرعية، ولأنه استخدم الألوان المائية فى الإعلان عن مشاعره الدافئة حيال المفردات من حوله – نجده قد بلغ مكانة ليست قليلة من التأثر بها والتأثير فيها، وكلنا يعلم أن هذه الخامة سريعة الانفعال والتفاعل، خصوصا حين تجد من ينسجم معها ويفهمها باعتبارها أساسا تقنيا غير قابل للتضليل ،
الأمر الذى يخلق معه حوارا إبداعيا جديدا ومتجددا مع اختلاف المساحات التى يمكن تأهيلها للرسم.
والمساحات هنا ... مساحات لونية قام الشاعر بتفريغها بخطوط تلقائية مائية مرنة تارة وحادة تارة أخرى،
أو الإضافة إليها بخطوط أخرى أكثر تحديدا وكثافة، نلاحظ أيضا علاقته الوطيدة بالأسود كلون أساسى فى
أغلب أعماله شفيفا كان أو سميكا.... كأنها مفرداته الكلامية فى سرد قصيدة جديدة ومختلفة، و بمنطق
الروحانية نفسها فى الدخول إلى إحداها يتعادل الإحساس لديه فى التعامل مع الأخرى، إذ لا ينفصل الإحساس
بانفصال التصنيف أو الاتجاه. فكلاهما يأخذ من الآخر ويضيف إليه من مفرداته الخاصة الفريدة.
وببساطة تتحقق لديه أشكال طفولية مجردة الملامح... خالصة المشاعر مما يخلق لنا انطباعا متجددا بعفويتها
وتلقائيتها فى بلوغ مساحات متماثلة فى الحجم وغير متماثلة فى المشاهدة، وفقا لما تتطلبه درامية المشهد التشكيلى المطروح الذى يحمل فى ثناياه ملامح موهبة جادة تستحق التأكيد : من قبل المبدع أولا ثم من قبل
الحركة التشكيلية فى المرتبة الثانية.
ويقول الكاتب الروائي الكويتي طالب الرفاعي "في لوحاتك يقف المتلقي وجهاً لوجه أمام عالم من السواد الشفيف، سواد يحتل جل اللوحة، ولكن من مكانٍ ما ينبعث بريق أصفر أو أحمر، شيء من الولع بالحياة والأمل، شيء بالرغم من صغره ومروره العابر إلا أنه قادر على خلق حالة لونية ، تضفي على حزن الأسود الشفيف روح من النزق ، وروح من الحضور اللوني الآسر. حالة لونية مبدعة ، قادرة على مسِّ وجيب القلب .. يا صديقي الشعر رسم ، والرسم شعر ، وعندك يكتمل هذا بذاك، ويصبح من الصعب فصل الشعر في اللوحة ، واللوحة في الشعر".

ليست هناك تعليقات: