سلطة الصحفي الأدبي من الورق إلى الانترنت
بقلم/ممدوح رزق
لا يجب على الكاتب أن يعرف الصحفي الأدبي فحسب بل ينبغي أن يكون صديقا له .. الصحفي الأدبي يعرف كتّابا كثيرين لكنه لا يخدم بحق إلا أصدقائه وعلى هؤلاء الأصدقاء أن يكونوا جديرين بخدماته .. الصحفي الأدبي الصديق هو الذي سينشر نصوصك ومقالاتك وهو الذي سينشر خبرا احتفاليا عن صدور كتابك وهو الذي سيكتب قراءة تمجيدية له .. هو الذي سيجري حوارا معك وهو الذي سيغطي ندواتك وحفلات توقيعك .. هو الذي سيأخذ آراءك وشهاداتك لينشرها في تحقيق أو ملف أو استطلاع .. هو الذي سيقوم بإشراكك في المؤتمرات والمهرجانات التي يشغل وظيفة ما في لجانها .. هو الذي سيذكر اسمك ضمن مجموعة الأسماء التي سيجيب بها على سؤال في جريدة أو مجلة عن أهم الروائيين أو شعراء النثر أو كتّاب القصة القصيرة من وجهة نظره .. هو الذي سينشر أخبارا وموضوعات ترويجية عنك على طريقة نجوم السينما والرياضة كأن يكتب مثلا عن طقوسك في الكتابة أو عن المنتخب الذي تشجعه في كأس العالم أو عن انتهاءك من نص جديد سيضمه كتابك القادم الذي لم تقرر اسمه بعد ولا الدار التي ستتولى نشره وكذلك عن ذكرياتك الطفولية في شهر رمضان أو عن أمنياتك للعام الجديد ، هذا بالإضافة إلى متابعة الأخبار الشخصية طبعا ونشرها كالخطوبة والزواج والطلاق … إلخ .. هو الذي سيعطيك المساحة التي تريدها من أجل إدارة حروبك وتصفية حساباتك مع الآخرين مع وجود احتمال قائم طوال الوقت بأن يتدخل بشكل مباشر لمساندتك في الدفاع عن نفسك وفي الهجوم على أعداءك لو تطلب الأمر ذلك .. هو الذي سيساعدك ـ عند مستوى أعمق من الصداقة ـ في نشر المقالات التي تكتبها أنت عن أعمالك بأسماء وهمية ونشر أخبار عن ترجمات لم تتم وسفريات لم تحدث وجوائز لم تحصل عليها …
سلطة الصحفي الأدبي بديهية وراسخة منذ أن كان هناك شيء اسمه ( الصحافة الأدبية ) لكنني أتصور أنها تزداد توحشا حينما يكون الصحفي الأدبي أديبا ، وتزداد توحشا أكثر وأكثر حينما يكون هذا الصحفي والأديب صاحب مدونة يؤكد للعالم من خلالها أنه ليس هناك ما هو أسهل عنده من السخرية والسب حين يختلف مع أحد .. الصحفي الأدبي حينما يكون أديبا يوظف الصلاحيات الممنوحة له في عمله بما يخدم مصالحه الخاصة ككاتب عليه أن يحتل مكانة بارزة داخل الوسط الأدبي وهذا لن يتحقق إلا بتلميع نفسه وطمس الآخرين بطرق مختلفة أو على الأقل الاحتفاء بمن يرضى عنهم بالقدر الذي لا يجعل بريقهم يطغى على بريقه بحسب ما يستطيع .. هذا على مستوى الصفحة الورقية التي تظل سلطة الصحفي الأدبي فيها محكومة رغم كل شيء باعتبارات مؤسسية وأخلاقية معينة ولكن بعد أن أصبح لهذا الصحفي مدونة وحساب على الفيس بوك أصبحت هذه السلطة أكثر اتساعا ورسوخا بعد أن امتلك الفضاء اللانهائي والغير مقيد بالاعتبارات السابقة فتمكن بدعم من موقعه الورقي من أن يمتد بهذه السلطة إلى الإنترنت كي يستكمل ما ينقصها ويمعن في تثبيتها بأن يفعل ما يحلو له : يحتفي بمن يريد ويشتم من يريد ويرمي بلاءه على من يريد ويستخف دمه ويستظرف على من يريد وهو في هذا لا يتشابه مع أي أحد آخر يفعل نفس الأشياء دون أن يمتلك هذه السلطة الممتدة من الورق إلى الانترنت .. أي أحد آخر لن يكون محميا بذلك الجيش الذي قام الصحفي الأدبي بتربيته ويواصل تزويده بالمزيد من الأصدقاء المنتفعين لحظة بعد لحظة والذين لن يقبلوا أن يتعرض صديقهم أو سيدهم لأي ضرر أو أذى حتى يثبتوا له أنهم جديرون بكرمه .. الأصدقاء الذين لا يجدون أي حرج أو مشكلة في تسمية هذا بالصحفي بـ ( المثقف المصري الكبير ) مثلا ، وعلى هذا فلم يعد مستغربا أن تجد ( مثقفين مصريين ) يضربون دون أن يتحملوا عناء الصد .. ( المثقف المصري ) لم يعد يخوض معاركه بنفسه .
نقلا عن منتدى القصة العربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق