صدور ديوان "الحكم للميدان" للشاعر أحمد سراج
صدر حديثًا ديوان " الحكم للميدان" لأحمد سراج الشاعر والمسرحي المصري، ومؤسس ائتلاف التغيير باتحاد كتاب مصر، مصحوبًا بمجموعة لوحات تشكيلية تحت عنوان سفر التشكيل، مع دراسة نقدية للأستاذ الدكتور محمد فكري الجزار أستاذ النقد المعاصر الذي يقول عن الديوان: " هذا ديوان مُشكلٌ في لغته.. مُشكل في بنيته.. مشكل في إنتاجيته... هو ديوان مشكل في طبيعة شعريته التي لا تنكفئ على نصها، وفي الوقت نفسه لا يستلبها خارجُها، وإنما تصطنع، في المنزلة بين المنزلتين هاتين، آلياتٍ شديدةَ النوعية تؤسس لخصوصية النص. وانطلاقَا من الوعي في كليته – وليس الشعري فحسب – يجمع الديوان بين "مُوجِبَاتِ النص" و"موجِّهات الواقع"، ليس عبر العلامات اللغوية، وإنما من خلال عدد من التقنيات التي ترفع المرجعيات الواقعية للعلامة، إن وجدت، من مستوى اللغة إلى مستوى التقنيات النصية التي تعمل على إرجاء إنتاجيتها بانتظار "القراءة" التي وحدها قادرة على تفعيل المرجعيات الواقعية للعلامة، وتأويل التقنيات النصية على ضوئها"
ويتناول الديوان ثورة الخامس والعشرين من يناير بشكل مغاير؛ إذ عرضت أربعة عشر قصيدة ضمها قسم واحد بعنوان "حالة تحرير" الثورة المصرية، كما عرض القسم الثاني "من وجع الفتى" أوضاع ما قبل الثورة؛ أي أن الديوان قسم إلى قسمين:
القسم الأول: قد وضعت قصائد الميدان تحت عنوان حالة تحرير وهي 12 قصيدة عن الثورة المصري وواحدة عن ثورة ليبيا ثم قصيدة عمودية (نشيد الأحرار) رتبت كالتالي:
1. إنجازات الثورة (الدعوة عامة – أشلاء هامان) باعتبار أن أكبر مطلبين هما أولاً: الإطاحة بالاستبداد وتولي الشعب حكم نفسه، ثانيًا: إسقاط أمن الدولة بوصفه المرسخ الأكبر للاستبداد الذي نعيشه وقد جزئ هذا النص إلى ثلاثة عناوين: سري وخطير ويتعرض لبعض انتهاكات هذا الجهاز، طللية وتتعرض لما كان داخل الجهاز من أماكن وآليات للتعذيب، اعتراف بالموت، وهي حوار أحد المعتقلين مع نفسه داخل زنزانة تشبه القبر.
2. أهم الأحداث ونبوءة النصر: موقعة الجمل، وهي موازاة رمزية بين موقعة الجمل إذ كان التركيز على قتل الجمل سبب النصر الأكبر، وبين ما جرى حيث كان ظهور الجمال والخيول ذروة انهيار النظام السابق من حيث قُدِّر النصر.
3. الزمان والمكان: يناير العظيم، مع استدعاء الثورات المصرية فيه وقد تم اختيار مظاهرات 1968 المطالبة لعبد الناصر بدخول الحرب ويناير 1972 التي طالبت السادات بنفس الطلب مع تغير لهجة الخطاب، ويناير 2011 وفيها خطاب ساخر يطالب السابق بالاستمرار فيما كان يفعله.
هنا القاهرة: يتحدث النص عن تفرد القاهرة عن المدن فلم يبق بينها وبين طروادة (مدينة الشهداء في الإلياذة والأوديسا) إلا شهيد واحد، بينما بينها وبين روما (المدينة التي احترقت بالكامل على يد نيرون) حريق واحد، إلا أنها تنفرد بصبرها وسحره وبشغفها بالعجائب.
4. القصائد الميدانية: الحكم للميدان – الميدان تحرير – طردية – زمن الأساطير.
5. رسائل التحذير والتحدي: فرسان الساحات الخالية – البس بلوفرك السميك- لك الخيار – الماء والجراد (عن ثورة ليبيا).
6. قصيدة عمودية: "نشيد الأحرار"
القسم الثاني: من وجع الفتى لم يتنبأ أحد بالثورة والدليل على هذا ما كنا نعيشه من انكسارات:
1. حصار فلسطين وانتهاكها: قصيدة عن شوارع الحصار.
2. العراق: الآن تسقط من قرون.
3. غربة العربي عامة والفلسطيني خاصة: تغريبة السندباد.
4. الغناء للقاهر وللمقهور: نغني
5. ضيق الوطن وهجرة العقول والرجال: مع السندباد.
6. الإحساس بالخديعة والنهاية: وصية.
ثمة استخدام لإيحاءات ألفاظ اللغة السائدة (لغة الشباب) مثل (البس) المكررة وحدها في نهاية قصيدة البس بلوفرك السميك, وكذلك (مكسور العينين) وطبعا سيدي تدرك كيف يكسرون عين المعتقل (سمعت أو قرأت)
ثمة استخدام للفظ " المبروك" في قصيدة الجماعة المحظورة. في سياق اعتراف قسري يمليه ضابط أمن الدولة وهي من برك الجمل لا من بارك.
مقاطع من الديوان
1) من قصيدة موقعة الجمل:
رفَعُوا المصاحِفَ والأناجيل
فتحُوا المطابقَ والزنازين
وتَجمعَ الخُطباءُ يحتَطبُون:
عُد يا أمير
هذا كلامُ اللهِ في السِّفرِ الجَليل
ورأيتُ في وجهِ الصباحِ بَيارَقَ التَّحكِيم
...!
لَكِنَّ شَيئًا لم يكُن:
أنَّ الخوارِجَ لم يَكُونوا بينَنا، أن لم يَعُد
غيرُ القصاصِ وغيرُ مَلحَمَةِ الشهيدِ الحَيِّ
تتلُو نارَها:
لا بد من نَصرٍ وإِن طالَ المقام
لا بد من فجرٍ وإن عَمَّ الظَّلام
لا بد من جملٍ لينتصرَ الإِمام
2) من قصيدة الحكم للميدان:
عودي إلى الميدان
كُلُّ الوجوهِ أَنا
كُلُّ القلوبِ أَنا
كُلُّ الحقولِ هنا
كُلُّ الجوامعِ والكَنائِسِ... هنا
كُلُّ الكلامِ هنا
ولتنظُرِي
...أيَّ الرجالِ أو النساءِ أنا
3) من قصيدة هنا القاهرة:
لَها شغَفٌ بالعجائِب؛
ثلاثون عامًا خريفًا وراءَ خريف
وفرعونُ ينمُو وينمُو
ففي كل دارٍ
على كُلِّ شِبر
وفي كُلِّ بثٍّ
على كُلِّ نَبر
كأنَّ البلادَ سواهُ خواء
يقولُ الحكيمُ: دَعُوه
سيأتي أوانُ الحَصاد دَعُوه
رأيتُ مَناجلَها في القلوب
دَعُوه
فضمُّ الغِلالِ بِوقت
ونَحرُ الفَسادِ بِوقت
وإنَّ لها شغفًا بالعجائِب
4) من قصيدة أشلاء هامان:
سِريٌّ وخطير
أن ينسَى شَيخٌ فِلذَتهُ
سَقطت في الجبِّ المسحُور
أن يشهدَ مُنتَهَكٌ مَكسُورُ العينَينِ أنَّ
الربَّ تجلَّى في الولدِ الملهمِ كي
يُصبِحَ رازقَنا
المشكُورَ – أدامَ اللهُ سنينَ المليك -
أنَّ الغرقَ/ الذبحَ/ الشللَ/ الغصبَ/ الرجمَ
من ثِلَلِ السلطانِ المبروكِ شهادة
أنَّ الخوفَ/النوحَ المكتُومَ عبادَة
أنَّ العَدوَ خلفَ حذاءِ السيَّدةِ الأولَى
حِجٌّ مَبرُورٌ بإذنِ السلطَانِ القادرِ المقدُور
سِرِّيٌّ وخطير.