انتخبوكِ يا كرَّادة!
بلقيس الملحم*
مر
وقت طويل وأنا متحير في أمر مرشَّحي. لم يكن في قبضتي سيفا لأقطع به تذكرة الريح
وأبايع خصر الغانية التي ألهبت خيالي في إحدى لوحات صديقي " قاسم معروف
" كل ما كان بيدي هو أن أخلع رأسي
وأنتزعه بقوة من رقبتي الطرية. غير آبه بقدمي الوحيدة التي ورثتها من الحروب, ولا
ببنت الجيران التي كانت تلوِّح لي كل صباح وهي تعبر الشارع العفيف..!
عالمي
فارغ.
دمي
أبيض.
لا
خلية واحدة في جسدي.
القطط
وحدها من صمدت وبقيت تنوء رغم خلو صحن العشاء إلا من رائحته..!
هل
مات قاسم فعلا؟
كان
يجر عربة طفلته الرضيعة. يتبضَّع من أكشاك الآخرة مع بقية الوجوه التي تنتظره في
السماء.
شخص
واحد مر جانب الهلع, وخاض في بقع الدم دون أن يكترث. عاد لبيته بعد أن زرع قنابله,
محملا بالبرتقال وخبزا ساخنا لخنازيره..
هل
مات قاسم فعلا؟
سقطتُّ
في ملامح المدينة التي لا تشبه نفسها. الكرادة وكأنها لا تعرف تفاصيل شارع 52 ولا
ساحة الواثق ولا العرصات الهندية.. كل ما أتذكره هو شكل العقم. يقين العقم. عقارب
العقم حين تتحول الحياة بلا مطر ولا سماء.
أين
أخبئ هذا الهشيم؟ وبأي نعت أصف حظ مدينتي؟
واسعة
هذه الحياة بدونك أيها العراقي
واسعة
جدا
لأنملة
قدم مبتورة .. واسعة!
ثمة
موت لا يمكنني وصفه
القتل
بعطر الذكرى مثلا
القتل
بوجوه الباعة البسطاء
القتل
بوجه كهرمانة
القتل
بالوردة النابتة فوق التراب
القتل
بنا يا صديقي
حتى
الذئاب تعوي يا صديقي من فرط الوحشة.
الذئاب
التي سكنت صدري منذ آخر لحظة تعانقنا فيها في الكرادة.
ألا
لعنة الله على الظالمين
...
كتبت
هذه السطور. تعبيرا عن حزني الحزين على قتلى بغداد ,إثر التفجيرات التي حصدت أرواح
ستين برئيا وأكثر من مئة جريح في يوم السبت 20 يوليو/تموز 2013
...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق