2013/07/04

"هكذا أموت " قصة بقلم: ليلى الشعيني



 هكذا أموت
ليلى الشعيني

 *فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ * وعمر انقضى لا أدري من أي جهة يتردد صداه بسمعي.
في المساء قررت اجتياز كل عقبات الحياة آخذة طريقي إلى دارنا, ذو العتبة العالية والألوان الباهتة ,والذاكرة الضعيفة..كانت خطواتي لينه تماماً كالتربة الندية أو كزهر المشمش في الصباح, أشبهه ويشبهني ويكمل أحدنا الآخر.

طريق طويل !! من يلهمني الصبر كي أراوغه؟  فيقطع من ذاته بضعة أمتار.

أنادي أنا..
_ يا ليل.. يا روح الغريب  ومنبع القلق فوق نوافذ النساء..خذني حيث بيت أهلي ومقعد جدتي .

طويل هو ذلك الليل, كلما اجتزت من عقبات الحياة واحدة شمّر هو عن عشر عقبات أخرى بوجهي..ربما سأعذره في الغد حين أنظف ثيابي من صراخ الريح وعواء الذئاب الرابضة
بحكايات أختي الصغيرة, أو ربما لن أغفر له أبداً .. غداً ستذكرني الشمس بما يجب عليّ فعله.

_ يا أبي, تعال وأقضي معي شهرين من فصل الآلام كي تشعر بوجع بعادك الذي يبكي في قلبي, أو ضعني في سلة الفاكهة فيعيرني أحدهم انتباهه فيلهيني عن ذكرك مرة أخرى.

قدمي تضرب بطن الأرض وتعجل بموت صغارها فلا يوجد ها هنا سوى بذور من الكراهية تنمو إلى جوار باقات من الصبار الذي يرتجي قطرة ماء نقية..

_ سأجلس قليلاً , سأريح قدمي .. وأبكي قليلاً حتى ينتعش الصبّار ويزهر.

في مواجهة دارنا يقف شاباً أسود الشعر, أبيض العيون, منكسر القلب, يتلو صلاة ليست من ديننا .. ويغرد كمالك الحزين لا أفقه من نحيبه سوى اسمي يتردد مئات المرات دون جدوى, فأنا لا يطربني سوى الغناء الفرح.. أو تغريدة البلبل في صباحات الربيع.
أشعر بقدمي يلفها الصقيع, ويدي تعجز عن الكتابة..لكن الصبّار ما زال يتجدد بأرض دارنا.

_ يا أنا .. يا أنا .. أناديني فلا اسمع, صوتهم بعيد.. يتركني هنا في فضاء ويمضي, اصرخ أنادي..تعالوا إليّ ومزقوني فوق عتبات دارنا العالية لكن لا تتركوني للجوع هنا.

تأتي أختي الصغيرة وتضع كتاب حكاياتها بجواري وتنطلق ممسكة بيد جدتي التي تركت مقعدها وأتت كي تزرع نبتة أخرى من الصبار.
 يا ذاتي المسكينة,خذيني بعيداً عن موطن الفكرة الحزينة,بعيداً عن أبواب دارنا الباكية ولنرحل كما كنا نفعل قبل الآن..فلم يعد فنجان الشاي في الشتاء يذكرهم بابتسامتي أو سخونة أنفاسي, ولم يعد لي في جوارهم جوار.
دار كلما اقتربت منها ابتعدت,كلما ذكرت الريح اسمي جلجلت غصون الياسمين في مزهرياتهم..ولا يفقه احد منهم أنهم لا يغيبون عني أبداً.
رحل عني الجميع..وبقيت وحدي مع دفتر صغير ومئات من أشجار الصبّار  التي تنتظر أن أقص لهم حكاية جديدة عني قبل الرحيل.. ولكن!!

ليت قومي يعلمون..أن الموتى يذيبهم الحنين.

هناك تعليق واحد:

حلم الطيور يقول...

قصة رائعة ،تعكس مشاعر القاصة وتنصب احاسيسها في كل كلمة
اتمنى لك التوفيق