خواطر أدبية
بقلم: خيري عبدالعزيز
· أتريد
أن تصبح كاتبا, وكاتبا كبيرا, هكذا ببساطة, في الحقيقة لا أكذب عليك, فهذا أمر جد
صعب, في وطن لا يقرأ ولا يعتد بمن يكتب من الأساس, ولكني أيضا أشفق عليك؛ فالكتابة
جرثومة إن اخترقت القلب فلا فكاك منها..
·
هناك من يكتب ليتحصل على المال.. وهناك
من يكتب من أجل الحياة ذاتها؛ يكتب ليتنفس, ومن ثم ليعيش..
·
لا يهم ماهية مثير الكتابة ما دام يخرج
إبداعا حقيقيا .. لكل منا حافزه.. هناك من يستفزه المال وهناك من تستفزه أمور
أخرى.. المهم النتيجة..
·
هناك من يمتلك الأدوات والقدرة
والموهبة ولكنه لا يمتلك المثير.. فمتى اكتملت الدائرة خرج الإبداع..
· ثمة من توجعه الحياة فيصرخ
بالقلم..
· مثير الكتابة موجود
في دخيلة كل كاتب, ومعرفته معلوم بالضرورة؛ وعلى الكاتب أن يبقي المثير في حالة
توهج, فمتى غفلنا عن النار خمدت..
·
الحس المرهف, الرغبة في البوح, الغوص
في الأعماق, واكتشاف المسكوت عنه؛ لبنات من المفترض أنها موجودة عند كل كاتب..
·
الصور البلاغية واللغة عامة هما مطية
لفكرة ما, التي هي الهدف, هما جلباب مزركش بديع لعرض بضاعة ما..
·
استقلال اللغة عن الفكرة هو تمرد لا
يليق, وكذلك عرض الفكرة بلا لغة ملائمة ليس أدبا..
·
أرغب دائما أن تكون الفكرة هي سلسلة لأفكار
أخرى تستدعي بعضها البعض, وكأن النص دعوة للفكر بوجه عام, وما فكرة النص سوى
استفزاز للقارئ..
·
يبدو أن الأدب العربي مر بمنعطف ودخل
إلى دروب ملتوية, فأدب إدريس ومحفوظ والسباعي والحكيم وأمثالهم في تلك الفترة
المزهرة يختلف عما نجده الآن من تلغيز طفح به أدبنا المعاصر.. حقا الدنيا تتغير,
ولكنها لا تظلم, ويقيني أنه ثمة مبالغة وافتعال وتطرف في أمر الغموض والالتواء
والتلغيز, الأمر أحيانا أشبه بحل لوغريتمات..
الناس تريد أن تفهم ما تقرأ, وأن تستمتع بالعمل أكثر من أن
تلتمس براعة الكاتب وحذقه وحرفيته, ولهذا فهناك فجوة بين من يكتبون للناس ومن
يكتبون لأنفسهم أو للخواص, ولهذا أيضا نفهم لما طفى علاء الأسواني على السطح؛ لأنه
ببساطة أتى بحاجة يريدها الناس, سواء اتفقنا أو اختلفنا فيما يكتب, المحك أنه يكتب
شيئا مفهوما..
في العصور القديم عندما صعد الكتاب إلى برجهم العاجي, وظهرت
فجوة أدبية في وجدان الشعوب ظهر الأدب الشعبي, مثل ألف ليلة وليلة, والتي من
الأرجح أن العوام هم من كتبوها..
· ثمة أدب ملتف على
نفسه, كتب ببراعة وحرفية, وكما هو أجهد الكاتب أثناء فعل الكتابة, فهو مجهد للقارئ
أثناء فعل القراءة.. وثمة
أدب سلس, جماله يكمن في بساطته, إلا أنه بعيد الأغوار, يأخذنا إلى عوالم علوية,
ويجعلنا ننتشي ونعيش حيوات ما خطرت لنا ببال, هو ليس ملتفا ولا ملتويا, ولكنه جميل
في نفسه, نتجرعه كما نتجرع الماء في يوم قائظ الحرارة, فنرتوي..
· من
الكتابة ما هو قنص للحظات الصدق, ما هو تماس إنساني بين البشر.. من الكتابة ما يفوق
المهنية والحرفية, ليصبح نكتا للوجع الذي هو الطريق الأوحد للشفاء..
· للكتابة
مخاض, ومن المخاض ما تذرف له الدموع ويئن القلب..
·
إجهاض حلم, يستنزف الروح والعمر,
ويتوازى معه إحساس باللاجدوى؛ ربما هو قرار شجاع يحتاج لقلب جريء, وربما هو قرار
أحمق بالسير في متاهات الضلال..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق