رابح
خدوسي[1]
وجبل القرود..
بقلم: عبد الله لالي
مازلت مغرما إلى اليوم
بقصص الأطفال أقرأ الجديد منها بانتظام، أقرأها بروح طفل طُلُعة وعقلِ ناقد منقّب
يبحث عن مكامن الجمال ومواطن الإبداع فيها..ولقد وجدت مؤخرا قصّة طريفة وممتعة
للغاية بعنوان ( جبل القرود ) للكاتب المعروف رابح خدوسي، وكان ما شدّني إليها
بقوّة طباعتها الجميلة واسم كاتبها اللامع.. وكنت قرأت للكاتب نفسه عدّة قصص أخرى
جدّ مميّزة أذكر منها ( لونجا ) و( بقرة اليتامى )..
القصّة فيها كثير من الإثارة
والتشويق أراد الكاتب من خلالها أن يعرّف بمواطن الجمال البهي في بلادنا ( الجزائر
)، فكانت الرّحلة ( الجائزة ) من الأب لأبنائه جزاء على تفوّقهم في الدّراسة، حيث
أخذهم إلى جبل القرود قرب ( الشريعة )، وهنا نجد الكاتب يقوم باستعراض رائع لقطاع
واسع من جمال الجزائر.. يقول في بداية القصّة راسما لوحة زيتيّة فاتنة:
" قمّة جبل الشريعة تلبس تاجا
أبيض من الثلج فتبدو في جبل ( بني صالح ) كملكة متربّعة على عرش ( متيجة ) المفروشة
بسجّادة خضراء في عرس الرّبيع. ترسل هذه القمّة قبلات باردة ممزوجة بدفء خيوط
الشّمس الأولى إلى قمّة ( تمزقيدة ) المقابلة لها والتي تطلّ بدورها على مدينة ( موزاية
) ذات الينابيع المتدفّقة بالمياه المعدنيّة كما تطلّ من الجهة الخلفيّة على أميرة المدائن
مدينة ( المديّة ) توأم الجزائر العاصمة و( مليانة ) في الجمال وتاريخ الميلاد
".
في هذه الفقرة وصف مكثف لعدد من
المناطق والمدن الجزائريّة، يريد الكاتب أن يوصل من خلاله رسالة إلى أبنائنا
الأطفال تغرس في قلوبهم حبّ بلادهم والافتخار بجمالها وتاريخها، ورغم أنّ الأسلوب
فيه شيء من الصّعوبة التي قد لا تتناسب مع مستوى الأطفال، الّا أنّ الفكرة نفسها
رائعة وقيّمة، ولو أنّه وزّع هذا الوصف الجميل لمناطق عديدة من الجزائر على مساحة
القصّة بصفحاتها الخمس عشر، ولم يحصره في البداية فقط؛ لكان بذلك قد أعطى هذه
الجرعات الكثيفة من الثقافة الجغرافيّة والتاريخيّة بمقادير متفرّقة ومتباعدة؛ ما
يسهّل على الطفل تناولها على مهل واستيعابها بشكل ميسّر، ومع ذلك فالقصّة مشوّقة
ومصاغة بفنيّات عالية ..
وفكرة أخرى خطرت لي وأنا أقرأ هذه
القصّة وهي أنّ توظيف الفنّ القصصي لتعريف الطفل بمختلف مناطق بلاده، وإبراز مظاهر
جمالها وبهائها وثقافاتها المتنوّعة عمل يستحق كلّ الجهد والعناية الفائقة، ولابدّ
من الشدّ على أيدي أصحابه بحرارة..قصّة جبل القرود صدرت عن دار الحضارة والنشر من
عام 1997 م، في حلّة قشيبة مزوّدة بالألوان والصّور الجذاّبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق