حوار أدهم العبودي عن الواقع الثقافي في موقع آخر كتاب
حوار مع الأديب أدهم العبودي
أجرته: ابتهال الشايب
حدثنا
عن بدايتك في مجال الكتابة:
-
بدايتي بدأت قدراً، كنت قد اعتدت –في المرحلة الابتدائية- قراءة ما يبتاعه لي أبي
وأمّي من كتب للأطفال ومجلاّت، كان أهمّها مجلاّت سمير وماجد، والسلسلة الخضراء،
ثم اتّخذت الطريق نحو قراءة أعمال العظيم/ نبيل فاروق، وللعلم معظم أجيالنا نشأت
على ما كان يبدعه نبيل فاروق، وفي المرحلة الثانوية انتهيت تقريباً من قراءة سائر
كتابات إحسان عبد القدّوس ونجيب محفوظ ويوسف السباعي وعبد الحليم عبد الله وغيرهم،
وأتذكّر أنّني كتبت أول رواية لي في العام الأول من دراستي الجامعية، كانت بعنوان
“السلاح الأخضر” وهي تقليد لشخصية “سوبر مان” الأمريكية، إنّما أشاد بها أصدقائي
وقرأها مصادفة أحد أساتذتي في الكليّة، وقال لي وقتها: سوف يكون لك شأن في الرواية
في مصر. والتحقت بنادي أدب الأقصر وجرفتني كتابة الشعر، من الفصحي تدرّجاً
للعامية، ووجدت ما وجدت من صراعات داخل نوادي الأدب، فانقطعت عن كليهما –النادي
والكتابة- ثم شاء الله أن أقابل بهاء طاهر في مهرجان طيبة الدولي، وأسمعته قصيدة،
لكنه التفت لي منتبهاً وقال: اترك الشعر واكتب السرد. ولم أكذّب خبراً، رحت للسرد
كأنّني ممسوس، كتبت أولى قصّصي “قبل بدء اللعبة” وقرأتها في نادي الأدب، قال لي
صديقي بستاني الندّاف –القاص- وقتها: كتابتك مختلفة، تحتاج أن تُقرأ مرّة واثنتين
لاستيعاب ما بين السطور. ثم قابلت الروائي الجميل أشرف الخمايسي في منزل الشاعر
مأمون الحجاجي لأول مرّة، ساعتها كنت من فوري قد انتهيت من كتابة رواية “مدينة
الوجع” والتي تحوّلت لتصبح رواية “باب العبد” الفائزة بالشارقة بعدها، نظر لي
الخمايسي مندهشاً وقال: أنت تكتب رواية! فأعطيتها له ليقرأها، من بعدها صار صديقاً
حميماً، أنهى الرواية في بضعة أيّام وزارني في مكتبي للمحاماة وتناقشنا فيها،
طبعاً كان له دور في تحفيزي للكتابة أكثر، كان يستمع لقصصي ويناقشني فيها –قبل أن
يصبح ثمّة كيان باسم نادي القصّة- وأذكر أنّني كتبت قصّة “النجس” وهي ثاني أعمالي
القصّصية وفازت بعدها بجائزة إحسان عبد القدّوس، فقال لي الخمايسي وقتذاك: سوف تصبح
أهم سارد في الأقصر.
ما
هي الصعوبات التي واجهتك في هذا المجال كشاب مبتدئ من حيث النقد والنشر في الصحف؟
- بداية، كانت الأقصر مليئة بالصراعات،
ولم تزل، كان على الشاب المبتدئ أن يعاني لأجل نشر قصيدة أو قصّة، وأول قصّة
نشرتها كانت “جلباب النبي”، ونشرها لي الشاعر حسين القباحي في مجلّة الثقافة
الجديدة، من بعدها بدأت في النشر في الصحف والمجلاّت، خاصّة بعد فوزي بجائزتين
متتاليتين لم يفز بهما أحد في الأقصر قبلاً. وبخصوص النقد فإنّ الشاب عليه أن
يتحمّل جهل البعض وقصور رؤيتهم فقط من أجل أن يكون مشاركاً في الحركة
الأدبية.
ما
هي الجوائز التي حصلت عليها؟
-
حصلت على جائزة إحسان عبد القدّوس في القصّة القصيرة عن قصّة “النجس” عام 2011،
وبعدها بأشهر قليلة حصلت على جائزة الشارقة عن رواية “باب العبد” 2012.
حدثنا
عن التحاقك باتحاد الكتاب وهل استفدت من هذا الكيان وتأثيره عليك وعلى مشوارك
الأدبي ؟
-
التحقت باتّحاد الكتّاب لأنّ هذا حقّي، فهي نقابة الأدباء، بشكلها الرسمي، وقطعاً
لم أستفد منه بشيء، لم يؤثّر عليّ، ولا على مشواري الأدبي، حيث أنّني كنت أيّامها
مطروحاً على الساحة بشكل مقبول نسبياً بالنسبة للحركة الأدبية، على العكس، في أول
انتخابات حضرتها لتعيين مجلس إدارة، هاجمت المجلس القديم علناً، وأمام حضور
الجمعية العمومية، ونشبت معركة كلامية بيني وبين “محمّد سلماوي” رفضاً لسياسة
الاتّحاد.
ماذا
عن بداية تأسيس نادي القصة؟
-
تأسّس نادي القصّة منذ عام ونصف تقريباً، كنّا ستّة، أشرف الخمايسي وبستاني
الندّاف وناصر خليل وابتهال الشايب وشعبان القاص وأدهم العبودي، اتّفقنا وقتئذ على
إنشاء كيان مستقلّ عن المؤسّسة الرسمية، يهتمّ بالسرد فقط، أطلقنا عليه “نادي
القصّة بالأقصر” ثم ذاع صيته فانضمّ لنا العديد والعديد من كتّاب السرد داخل المحافظة
وخارجها.
في
بداية ظهور النادي حدثت الكثير من المشكلات، كرئيس للنادي كيف حاربت كلّ هذا؟
-
بالصبر، تعمّد البعض محاربة هذا الكيان، ليس لشيء غير مبدأ الحرب في حدّ ذاته، دون
غاية إلاّ تفتيته، ردعاً لعملية الثورة نفسها التي قمنا بها ضدّ المؤسّسة، عُرض
علينا الانضمام لنادي الأدب وسلخ جلسة تتبعه في نفس الميعاد تُناقش فيها القصّة،
رفضنا، وقرّرنا تكملة المشوار، وعرض علينا مجلس إدارة اتّحاد كتّاب فرع الأقصر
السابق أن ننقل النشاط لمقر الفرع، فرفضنا كذلك، كانت المساومات تجيئنا من كلّ حدب
وصوب، وأكرمنا الله بالثبات على موقفنا حتّى اليوم.
حدثنا
عن نجاح النادي خاصة بعد ظهور 3 إصدارات له في دار النسيم؟
-
دار النسيم دار مهمّة/ ومطروحة بشكل قوّي على خريطة النشر في مصر، كان وسيطاً
بيننا وبين مدير الدار الأستاذ أشرف عويس الشاعر أسامة البنّا، لم يألو جهداً في
مساندة الكيان ولا في الوقوف عضداً جوار أعضائه، في كافة حروبنا. قبلها كنت
مرشّحاً كشخصية عامة ممثلاً للأقصر في مؤتمر أدباء مصر، وقابلت الأستاذ الناقد عيد
عبد الحليم رئيس تحرير أدب ونقد، اتّفقت معه على إعداد ملف عن نادي القصّة
بالأقصر، وتواعدنا على ذلك، عدت من المؤتمر وأسرعت بإعداد ملف يضم أشكال السرد
جميعها داخل نادي القصّة، وأرسلته له، نشره متفضّلاً في العدد القادم من أدب ونقد
مباشرة، وفوجئنا بنجاح الملف، بعدها اتّفقت معه على إقامة ندوة لكتّاب النادي في
القاهرة في مقر أدب ونقد، وحدّدنا موعداً، تواصلت مع الأستاذ الكبير بهاء طاهر
لحضور الندوة، ولم يبد اعتراضاً، وأقيمت الندوة بحضور الروائي العظيم بهاء طاهر
الذي شرّفنا بتقديم نادي القصّة بشكل أكبر للساحة الأدبية في مصر، بعد ذلك خُصّصت
حلقة في قناة طيبة لنادي القصّة، وأقمنا فعاليات في أرمنت والعديسات وغيرها، كلّها
كانت ناجحة، وتوافد إلينا الأعضاء واحداً تلو الآخر، حتّى بات في النادي قرابة
الخمس وعشرين عضواًً من مختلف نواحي المحافظة.
لقد
هاجمت وزير الثقافة واعترضت كثيراً علي الفساد الموجود داخل الوزارة حدثنا عن هذا؟
-
هاجمت سعد عبد الرحمن أولاً في مؤتمر أدباء مصر وقرّرت عدم المشاركة في هذا
المؤتمر ثانية، لأسباب تتعلّق بالفساد الوظيفي المستشري داخل الهيئة، فليس مقبولاً
أن تقام الفعاليات داخل أروقة فندق! ومن غير المقبول كذلك أن يحضر أكثر من خمسين
موظفاً تابعين للهيئة على نفقة الدولة للمشاركة في مؤتمر خصّص للأدباء، وأيضاً غير
مقبول التفرقة التي شهدتها بعينيّ بين الأدباء، البعض يقيم في جناح سبعة نجوم، والبعض
في الأدنى، وهكذا، رأيت ما دفعني لمهاجمة صابر عرب أمام الجميع، لكن لم يستمع أحد،
ولن يستمع أحد، هذا حال الثقافة، نشرت منشوراً لصابر عرب على صفحته بالفيسبوك
أطالبه بتغيير سياسة الوزارة، لكنه أزاله فوراً، كأنّنا نضرب في صخر، ولا شيء
سيتغيّر إلاّ بمنعطفات قدرية، ينتظرها الشرفاء حتماً.
حضرتك
روائي شاب هل تري أنّ الكتّاب الشباب اليوم لديهم فرص للنجاح داخل المؤسسات
الثقافية؟
بهذا
الشكل وبهذه السياسات لا أرى، فمن لديه واسطة ينشر، ومن لديه نفوذ يطحن، هذا هو
–للأسف- حال الثقافة المصرية، يستقيل صابر عرب ليمنح نفسه جائزة ثم يتراجع عن
الاستقالة ولا أحد يتفوّه، يمنح سعد الرحمن المزايا والعطايا لشلّته ولا أحد يعترض، ساقية تدور وتلقي لنا
باستمرار أسوأ ما في طبائع المسئولين، والمر في النهاية يخضع للضمير، وهؤلاء لا
ضمير لديهم.
ماذا
عن رؤيتك المستقبلية في الحياة السياسية والأدبية؟
-
لن يحدث جديد، الثقافة بحاجة إلى معجزة إلهية لكي تحيى مرّة أخرى، والحياة
السياسية والأدبية وجهان لعملة واحدة، أمسى الكتّاب سياسيين، وأمسى السياسيون
كتّاباً، وحدّث لا حرج، تدنّت الثقافة لأبشع مستوياتها، والمستفيد الوحيد هنا هم
الأنصاف ذوو العلاقات المؤسّسية.
ما
الجديد في مسيرتك الإبداعية؟
-
انتهيت من رواية “الطيبيون” والتي أظنّها ستحدث حراكاً نسبياً في عالم الرواية
العربية، وهذا رأي بعض الأصدقاء الروائيين ذوي الخبرة. ولي مجموعة جاهزة للطبع
بعنوان “عرائس شتوية”، ومسرحية “تابوت أوميجا”، ورواية “خبيئة ذاك”.
ما
الهدف من الكتابة خاصة أنّك تعاني في خوض حروب والسير في اتّجاه مضاد عن المؤسّسة؟
-
الكتابة أولاً قيمة، أشعر أنّ قيمتي الحقيقية في الكتابة، هي التي تجعلني أحيا،
وفي النهاية أكتب للتاريخ، ليس شرطاً أن أكون مشهوراً بقدر ما يشار لي بالبنان في
الكتابة السردية، ويقال هذا كاتب يكدّ في كتابته، يكفي أن يرى ابني أعمالي ويفخر
بها قائلاً هذا أبي، معاني من هذا القبيل، أمّا عن الحروب فهذا قدر، سواء كنت
متحمّساً لتغيير وضع معيّن أو فاتر الحماس، ففي النهاية هذا قدر المبدع الذي يفترض
في نفسه الشرف والنزاهة، أن يحارب، لأجل نفسه، ولأجل غيره، فربما ولو بالأمل
الواهن، تغيّر حروب الشرفاء في الثقافة مجراها المليء بالقاذورات التي فاحت
رائحتها وصارت ملء الأنوف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق