2013/12/21

الشخصية الروائية بقلم: خيري عبد العزيز

الشخصية الروائية
بقلم: خيري عبد العزيز
·      الروائي تحديدا يشبه الوسطاء الروحانيين بشكل أو بآخر, فشخصيات الأبطال في أعماله الروائية تتقمصه وتغزوه أثناء فعل الكتابة, وفي تتابع مذهل؛ الأخيار منهم والأشرار, النساء منهم والرجال, لا فرق بين حسناء باغية أو شيخ ورع, الفرق الوحيد بينه وبين الوسطاء الروحانيين التقليديين أن ثمة معالجة تحدث في جينات تلك الشخصيات الروائية, لتتخلق شخصية هي مزيج من ثلاث:
1-           الحقيقي؛ لأن الشخصية الروائية في أغلب الأحيان ترتكز في بناءها وتكوينها على شخصية واقعية, قد يكون الكاتب رآها عن قرب وتعامل معها, ولمس تكوينها الداخلي بنفسه, وفي حالات أخرى سمع عنها وتأثر بها.
2-           الخيال؛ وذلك بما يضيفه الروائي على الشخصية الروائية من لمسات وخيالات وصفات نفسية وجسدية إضافية, لتبتعد بمسافة عن أصلها الحقيقي الحي الذي كان لبنة البناء الأولى..
3-           ومنه هو؛ لأن الشخصية الروائية في الغالب ينالها شيئا من صفات الكاتب الشخصية وتكوينه النفسي شاء أم آبى, وذلك مهما بعدت عنه الشخصية الروائية في تكوينها النفسي..
   وهذه النسب الثلاث لعناصر البناء في الشخصيات الروائية, تتفاوت من شخصية روائية إلى أخرى, فيغلب الحقيقي على الخيال تارة, أو الخيال على الحقيقي تارة, أو نرى الشخصية تحمل من صفات الكاتب وتكوينه أكثر مما تحمل من العنصرين الآخرين, ولكن المؤكد أن الثلاث عناصر موجودة في كل شخصية روائية, لا يخلو منها عنصر واحد, وإن اختلفت النسب..
   والروائي الفذ هو من لديه القدرة على مدارة تلك التوليفة في شخصياته, فتظهر الشخصية الروائية أمامنا تفور بالحياة, وكأنها من لحم ودم, دونما أي ظهور لعناصرها الأولية التي انصهرت انصهاراً كليا وتبلورت في كائن منفصل لا يمت لأحد بصلة, ولا يشي بجذوره..
    

ليست هناك تعليقات: