الشهيدة
والقصيدة
للشاعر :
عادل البطوسى
أمَّا الشهيدة التي تحل
ذكرى إستشهادها اليوم ..
فهي الفنَّانة التشكيليَّة
العراقيَّة الرائدة ليلى العطَّار التي حصلت على عدة جوائز كجائزة البينالي
الكويتيَّة وجائزة خوان ميرو الإسبانيَّة ، إنها الفينوسيَّة التي رحلت إلى بستان
الرب إثر إلقاء قنبلة على بيتها بحي المنصور ببغداد فجر الأحد 27 يونيو 1993م
رحمها الله رحمة واسعة ..
وإلى حضراتكم القصيدة
التي كتبتها منذ عشرين سنة تقريبا :
أرسم سوسنةً
من شمع الوركاء أشكِّلها شاعرة اللَّون
تبارك بالطِّين القدسي عذارى ما بين النهرين
أسمِّيها امرأةً
تعشوشب ليلكة الوردة
فوق فضاءات العينين الخضراوين
تليلكني في أصص التذكارْ
أرسم سوسنةً
أترك قيصوم القلب
يدس الشغف المقرور بقافلة الحنطة
أرسمها ..
عصفور البوح يرج سويقات حسان المنصور
اللاتي تحملن جمانات الطيب إلى الحصَّادين
أسمِّيها ..
الريحان العاشق فوق شواطيء دجلة
يتحنظل في اللوحات
ويدمي أوردة الوردة والمرسم والمتحف والقيثارْ
أرسم سوسنة
تخنقني بحبال ضفائرها المجدولة
تشعل عشبة روحي
تشهق في حقل خريطتنا بالبيدر
بين يباس الرئتين
تشرنق لؤلؤ بوحي في جفنيها
ينفطر على مقلٍ تستمطر مزن الياقوت
أسمِّيها امرأةً
طازجةً .. ناعمةً ..
تتموَّج كالأعواد الميَّاسة في خدرٍ ملتاعٍ
والكرم اليانع ..
يرتعش على شبَّاك وداعتها حين يقبِّلها عصفور النارْ
أرسم سوسنةً
تتفجَّر أحشاء الروض الفنِّيِّ ويختلط دم الوردة بالألوان
ويتفتَّق من رئة الطمي الملتاع الجسد الحنطي
تويجات الورد المرشوقة بصراخ الأطفال
الصرخات تسندس فوق تلال الذاكرة الشائكة
طواويس الدمع الهتَّان
أسمِّيها : ليلى
تتشظَّى فوق بحيرات القيح
وفي زمن السنبلة يجسدها النورس سيدة للقمح
وفي جنَّاز الموسم
يستاف رماد السنبلة المبدور بجثث الحنطة في الأهوارْ
أرسم سوسنةً وأسمِّيها امرأةً
أرسم سوسنةً وأسمِّيها : ليلى العطَّار ..!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق