بقلم:
محمود سلامة الهايشة
كاتب
وباحث مصري
إن تُمْسك كتابًا ما، وتقلِّب صفحاتِه، وتبحث في نهايته ثم في بدايته
- أو العكس - عن قائمة محتوياته، أو فهرس الكتاب ولا تجده - فهذا شيء غريب يثير
الدهشة! فتقول في نفسك:
ولكن بعد أن تهدأ روحك، وتُركِّزَ قليلاً، لتقرأ كلامًا لمؤلّف
الكتاب يخبرك فيه بأنه مُتعمِّدٌ عدمَ إدراج فهرس للكتاب مع سبق الإصرار والترصد!
فلابد أن تتأمَّل، وتسأل نفسك: لماذا فعل ذلك؟ ومتى يخلو الكتاب من
الفهرس؟
فخلال مطالعتي لديوان "الهزيع الأخير" للشاعر/ محب خيري الجمال، وهو الديوان الفائز في مسابقة الإصدار الأول
في شعر العامية بمركز عماد قطري للإبداع والتنمية الثقافية لعام 2014، وقد طبعت
الطبعة الأولى منه عام 2015، بدار الإسلام للطباعة والنشر، بالاشتراك مع دار
العماد للنشر والتوزيع، ويقع الديوان في 116 صفحة من القطع الصغير، وكانت لوحة
الغلاف للفنانة/ سمر محمد، بحثت عن فهرس الديوان؛ لأتعرَّف على عدد قصائده، فلم
أجده! لا في بداية الكتاب ولا في نهايته،
ولكن وجدت تنويهًا مكتوبًا بخط ثقيل في آخر صفحة بالديوان، وهي آخر جملة بالكتاب )تنويه: عدم وجود فهرس للمجموعة مقصود).
فقلت لنفسي: إذن، إن كان الأمر كذلك، فلأذهب بنفسي، وأعدُّ قصائد الديوان.
ومن تلك الخطوة علمت سرَّ عدم إدراج فهرس للديوان، حيث وجدت صعوبة
شديدة جدًّا في العدِّ؛ فالقصائد عبارة عن حلقات منفصلة متصلة، فهناك قصائد منفردة
ومستقلة بذاتها، وهناك أخرى مرتبطة في صورة أجزاء ... فالقصائد داخل الديوان
تُشبِهُ الأبواب أو الفصول داخل كتاب من كتب الفكر والفلسفة، مقسَّمة إلى مباحث
وعناوينَ رئيسة وأخرى فرعية أو نقاط عامة يتبعها نقاط خاصة؛ فهي تشبه المسرحيات
الشعرية، فالمسرحية مُقسَّمة إلى فصول، والفصل الواحد مُقسَّمٌ إلى مشاهد، وتختلف
أعداد المشاهد من فصل لآخر، والفصل الأخير يختلف عن الفصل الأول؛ لذا آثر الشاعر تعمُّد
إخفاء الفهرس من ديوانه المطبوع؛ لأنه ديوان يُشبِهُ المعلَّقة الشعرية، والمختلف
هنا أن اللغة المستخدمة هي العامية، وليست الفصحى!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق