2016/10/03

نعمى بقلم: مارينا سوريال

نعمى

مارينا سوريال
منذ ان وطأت قدماها ارض محطة القطار وهى ترتجف ،لم تكن قد رأته من قبل ،صوته بدا لها بعيدا خافتا قبل ان ياتى مزلزلا الارض من تحتها همست لنفسها كيف ستركبين هذا يانعمى ؟ّ!
ماادراك انت بالقطار .. همست امها بألم لم تجرؤ واحدة منهما على رفع صوتها ..ماذا اذا سمع ابوها تنهيدات قلقها !
لاح لها القطار من بعيد لم تعرف منذ ان ولدت سوى مدينتها قنا تبكى امها منكسة الرأس ..لم تنجب سواها بنتا لم تعرف اخوتها الذكور ..كانت قد رحلت لم ترى امها فى السنوات اللاحقة سوى مرتين بعد ان ولدت بنتا وراء الاخرى ..كانت تبكى وترحل ..فى المره الثانية اخبرتها ان لها اخوه صبيه من لبيبة زوجة ابيها الصغرى..لبيبة لبيبة ..تذكرت عروستها التى تركتها لديها فوق سطح البيت بنتان متلازمتان تعلمتا اطعام الطيور سويا وحمل المياه .
كانت لبيبة اول من تراها بفستان العيد الجديد قبل الاخريات ولكنها كانت تعلم عندما يعود مبكرا يردد المحصول تلفان نحسك يا وليه وامها تلحقه بالمياه والابريق،كانت تخاف تخاف وهى تعلم انه لا ينظر لها بل للبيبة التى تنظر الى الارض وتركض مبتعدة لدارها المجاورة، كان يراقبها بزوجى عيونه فى صمت تراقب عيونه تخاف ان يتزوج بها هل كانت تعرف تتطلع لوجه امها تراقبه لالا تعرف ؟ لم ترى هى فقط من فعلت راقبتهما سويا لم يشعر انها عادت ..كانت لبيبة تبكى لم تعرف هل تركض مبتعدة لتبحث عن امها ام تصرخ لكنها لم تفعل رابتهما سويا فحسب..
كان عليها ان تركض فحسب لتراقب امها وسط النسوة تحاول ان تحضر المياه من الترعة ترفعها فوق راسها عاليا تكاد تسقط تساندها الاخريات ..تسير الى جوارها تحاول الام ان لاتتمايل برأسها وتثبت الحمل عليه جيدا كانت نعمى تراقبها فاغره الفم تتحسس رأسها هل عندما تكبر سيكبر راسها معها الى هذا الحد وتحمل من فوقه المياه تسمعهن حاسبى يا ام نعمى اذا راسك مال كسر اخبرينا لنحمل عنك ..تتمتم ام نعمى بكلماتها حتى نعمى لا تسمعها تراقبها فحسب ..تفكر هل رحلت لبيبة الان ؟هل كانت هناك دائما وترحل ..تحاول ان تتذكر كم مرة لم تجدها لتلعبا سويا من قبل؟! هل تفعل معه هذا دائما !!
شعرت بالراحة لانها فى مدينة بعيدة لا يعرف اهلها لكنتهم انهم اخريين لن يعرفوا اباها او لبيبة زوجة ابيها ..تذكرت عروستها هل لاتزال تحتفظ بها لديها ام ألقت بها ولكن انها مثلها شعرت بالشفقة لبيبة كيف تقترب من ابيها ذو الشارب الكبير كانت تخاف ان تنظر الى وجه وجرح رقبته ولكن لبيبة الان زوجته فلابد انها فعلتها وراقبت وجه وجرح رقبته كانت امها تردد انه شجار قديم ولكنها كانت تسمع لنصحى البقال كلما ارسلتها امها لشراء ربع الحلاوة وربع الجبنة والافرنجى التى دخلت لبلدتهم حديثا انه ثأر ولكن ابوها استطاع قتل طالب الثأر منه واخفى جثته بعيدا عن الحكومة ولم يستطع احدهم فضح امره ..اما هى فتترقب عودته خائفة وامها تتاوه من وجع ظهرها وموت الجاموسة وصراخ ابيها منحوسة مقطوعة الذرية ..الان تنام لبيبة جواره على نفس السرير فى العلن تخيلتهم الثلاثة متجاورين على ذلك الفراش القديم الذى تساعد امها فى حمل بطانيته القديمة وملائته المثقوبة ليروا الشمس فوق السطوح وضربها لهما فى عنف وهى تراقب الحشرات الصغيرة تهرب منه بعيدا بينما هى تقوم قتلهم بقدمها هل كانت تخاف على ابيها مثل امها ؟كانت فى السابق ترتعد عندما ياتى ذكر اسمه بالخوف الان تراقب ذراعاها ثابتين برغم انها تنجب الفتاة تلو الاخرى .
منذ ان وطات قدمى نعمى ارض قريتها الجديدة والكل اصبح يعرف اسم نعمى لقد صرخت جوار شجرة القرية باسم ابنتها الكبرى فانجبتها! رددت النسوة مجنونة لكنها فعلتها المرة تلو الاخرى كانت تردد سياتى الصبى من صلبى وستعرفون اسمه جيدا سيكون سيدكم ..كن يضحكن منها مرددات من اين انت؟ من الجنوب وستعلمنا انها لاتنجب سوى الفتيات ولن تعرف بطنها الصبى ولكن نعمى ظلت تتردد على الشجرة الولد وهى ترى الفتيات يقبلن عليها وبعضهن تلقى الطعام واخرى ترش المياه ..هى تستند بظهرها على جذع الشجرة لم يستطع احد من رجال القرية قطعها كلما هم احدهم بفعلها انقطع عنه نسل الصبى ..شاهدوا صرخات الامهات فى قلب الليل للصغار يرحلون فى الفراش لم يعد احد يردد اسم الشجرة ولكن الفتيات استمررن ى القدوم من تخالف العهد ترحل ورثن الخوف من شجرة الصبى من كل ام ..انها تمنع الفتيات ان يحبلن بالصبى ويمكنها طرح الخيرات .
منذ ان علمت نعمى انها ستغادر بلدتها وهى تبكى فى سرها ستترك امها وحيدة مع صاحب الوجه المخيف الى من ستاتى لتحتضن ليلا سيضربها وحيدة .
من ستطمئن عليها انها بخيرها ؟.منذ ان علمت ان لبيبة انجبت الصبى تلو الاخر تعلمت الكره كاوا ابناء لبيبة زوجة ابيها .عندما ماتت امها ذهبت وجلست تحت شجرتها لم تكن تجيد القراءة والكتابة مثل كل الفتيات فى قريتها لكنها تعرف اسمائهم جميعا .ظلت تردد اسمائهم الواحد تلو الاخر وهى تضع الحجاب المدفون تحت الشجرة .
لم تخبر امها انها تجيد صنع الاحجبة علمتها فاطمة العجوز وهى تركض من حولها صغيرة وتساعدها فى حمل المياه الى بيتها .
قالت سأموت بخوف وهى تلد ابنتها الاولى ثم الثانية لم تكن تخاف ان يفعلها زوجها مثل ابيها كانت فاطمة العجوز قد اخبرتها انها سترحل وتموت بقرية غريبة عنها وتدفن فى مدينة اخرى غريبة .كانت تراقب القرية جيدا وهى صغيرة تبكى لما سأرحل ؟تبتسم فاطمة تردد: القمر اخبرنى انك راحلة ولكن انظرى الى الاعلى انه هناك يراقبك ويضىء الليل انه مثل الشمس ياصغيرة يساعدنا.
لم تعد نعمى صغيرة بعدما انجبت ابنتها الثالثة صارت اكثر طولا واكثر امتلاء صارت بدينة مثل خوات زوجها لم تعد نعمى الصغيرة مثلما كن يرددن صارت امراة مثلهن ولها حق الحديث لكنها لم تفعلها تعلمت نعمى الصمت لكنها لم تكف عن النظر يوما تراقبهن وهى تراقب بناتها يولدن واحدة تلو الاخرى يصدرن اصواتهن فى الدار.
ليست مثل امها لم تشارك واحدة فى دارها برغم انها احبت فاطمة العجوز زوجة ابيها الاولى التى ماتت على فراش امها
كانت امها تردد الافاطمة لاتضايقيها يا صغيرة نحن فى بيتها يفى انها قبلتنا ولم تحرمنى منك
كانت نعمى تراقبهما يبتعدن عن لعجوز وهى تسير رددت واحدةهامسة قاتلة الصبيه ملعونة اجرك النار ..اخذتى صغيرى سياكل قلبك فى النار "
"قتل صغيرها وماذنبنا عاقبتنا فاطمة ونزعت الصبى تركت لنا الفتيات"
منذ وطات قدمى نعمى قريتنا ولم تعد الشجرة تثمر تجلس تحتها كل ظهيرة ولكنها تنجب مزيدا من البنات الاولى والثانية و الخامسة الان الارض لاتذهب سوى للصبيه سمعتهن لكنها لم تكف عن زرع الاهار جوار الشجرة بانتظام صارت نعمى شابة ذات قوام نحيف يرددن ضعيفة تلد الواحدة تلو الاخرى انها ملعونة لهذا ابعدوها عن بلدتها واتوا بها الى هنا .
الاولى كانت بصيرة والثانية نبيلة والثالثة عديلة والرابعة جليلة
سمراء نحيلة نهداها نافران وجهها مكشوف تسيرومن خلفها فتياتها يدرن من حول شجرتهن
لن تحصلى على الصبى يا نعمى ليس لك من تنجيبه يداريه الريح بعيدا اذكرى الله واحمديه عودى الى زوجك لما سموها ام الخير تذمر الصغير وهو يركض من خلفهن تعود نعمى وبناتها من نفس الدرب كل يوم وهى تسمع لمات ام الخير نفسها وكان روح فاطمة العجوز قد نفحت بداخلها اى روح شريره سكنت ام الخير العجوز صاحبة الجان الملعونة تحضر فاطمة اى عين لعينة نظرت اليه يانعمى تردد والفتى يركض من خلفهن ..
مع اقتراب الغروب تعود لتحمل من جديد تتذكر كلمات فاطمة العجوز "احمديه وعودى لزوجك"
ادبرن نساء القرية فى تلك الليلة كن يمسن هل ماتت نعمى؟جلست بصيرة تبكى رددن اكبرهن عليه بالصمت خذى الفتيات وانظرن الى نعمى فى مرتها الاخيرة.
من شاهدها تعود لتفتح عيناها من جديد شهق على شهقتها وكأن كل خلية فى جسدها تستعيد الحياة من جديد فتحت نعمى عيناها وعادت ،ابتسمت بصيرة بكت .كانت تسير بجسدها الممتلىء ومن خلفها الفتيات يدرن من خلف شجرتها بعد ان كبرت الازهار صرن يتركن لها الشجرة وكأنها تاتمر بامر نعمى صرن يخشينها حتى بعد زادت فى الامتلاء كانت نعمى امراة بدينة لايزال هناك خلخال فى قدمها ابتاعته من الغجرية قبل ان تطرد ترضب به قدمها اليسرى يتحرك مع حركتها.
كان طلق الرصاص وزغاريد النساء تشق السماء فى ليلة غير مقمرة لم تصدق واحدة منهن ان تحضر نعمى ان تفعل مثلهن وتبارك لزوجة زوجها الجديدة رددن هى من احضرتها لاجله بل ومن زوجته اياها وامرتها ان تعيش معها فى البيت وسط فتياتها لتحضر لزوجها الفتى ،ماتت الازهار ازهار الشجرة انتظرت ان تعود نعمى بزيارة الشجرة وامراتها من جديد لكنها لم تفعل هذا ابدا
كفت النساء عن الشجرة رددن لعنتها نعمى بسحرها لن نقترب منها المحصول يموت والمياه شحيحة
تلك المرة لم تراها ..فاطمة لم تاتى لرؤية الصغرى كانت نعمى تصرخ وصوت فاطمة هناك صغيرة ملعونة ملعونة زرعتها بداخلك ام الصبى قومى انهضى واطرديها اطرديها .
كانت عصية عليها لم تنفع معها كل حيل نعمى ظلت احشائها تنمو وتنتفخ كل شهر عن الاخر هل ستاخذ روح نعمى رددت نعمى لنفسها التفتت نحوالفتيات يتحركن فى الدار من حولها صغيرات لمن ستتركهن نعمى ؟
تصرخ وهى تسمع صوت الصغيرة تصرخ انها حية حية تلقفتها الايدى وهى تصرخ اغمضت نعمى عيناها همسن ماذا ستسميها يام الفتيات
رددت نعمة

اصبحت شجرة نعمى مزارا للنساء من جديد حتى نساء القرى قدمن بعد ان عادت الحياة فى اوصال نعمى من جديد وذلك المخلوق الصغير..

ليست هناك تعليقات: