تناول الدكتور/ سيد محمد قطب أستاذ بقسم اللغة العربية بكلية الألسن بالنقد دندنات (أنا البنوتة مهما كبرت) للأديبة رانيا مسعود بالإشادة بروح الصبا وذكريات الطفولة.
يقول الدكتور/ سيد في مقاله (المعادل الجمالي في شعر رانيا مسعود )
وصلني من المبدعة رانيا مسعود نسخة من ديوانها "أنا البنوتة مهما كبرت" التي أطلقت عليه "دندنات" وأعجبني فيه تعبيرها عن روح الطفولة بكل ما فيها من براءة وأحلام تظل نابضة في أعماق الناس، الناس التي في الديوان والناس التي حولنا، وروح الطفولة هي المحفز للإبداع، لأنها روح عاشقة للحياة، متوهجة الذهن، متسائلة، ولأن الطفل متحرك، متأمل، يلتقط ما حوله ويصنع منه قصة، وديوان رانيا فيه القصيدة القصصية التي تعتمد على الصورة، والصورة عندها لون وحركة وعبير وطعم ورمز للنقاء والحب، وفي القصائد شخصيات وأحداث وتحقيق لأحلام صغيرة، وتمسّك بقيم الأسرة، وانهيار أحلام أطفالنا بسبب التسيّب واللامبالاة، وأجادت رانيا ترتيب القصائد فوضعت أجمل ثلاثة في الأول "قصيدة ياعقد الفل" والمنتصف "قصيدة أنا لمّا هسيب بيتك" والآخر "قصيدة بس مصر تسيبني أعيش" وهي مرثية لأطفال حوادث القطارات. والأكثر نضجا هي قصيدة "يا عقد الفل" التي التقطت لحظة وتعمّقت فيها فجعلت منها لوحة كاملة حافلة بالناس والأشياء والمشاعر والرموز، فهي أجمل استقبال لقارئ الديوان.
وشخصيًّا سعدت بصحبة الديوان، قصيدة ياعقد الفل من الناحية الموسيقية سلسلة ومنسابة ومتناسقة وفيها لمسة فنان عاشق للحياة والناس والذكريات يحاول الربط بين اللحظة ومخزونه الشعوري، وفيها رسم وتلوين ولحظة تنوير وحصول ترضي روح الطفل الساكن بقلب الذات المبدعة وهي تفتتح عالمها الشعري.
أيضًا استخدام الاسم الشخصي في القصيدة الصعيدية التي تخاطب الذات فيها الأم نهاية رائعة للقصيدة لأنه حقق الغرض المحوري منها وهو الفخر وأحدث تواصلًا بين الأجيال واعتزازًا بالأصل...
هذا وتحتفل رانيا مسعود بجماليات الصورة في قصائدها العامية فيرى المتلقي نصها مرئيا تكتسب فيه الكلمات طابعا خطيا تشكيليا يمتد في لوحة بلا حدود تتحرك فيها الخطوط بين الصفحة المكتوبة والذاكرة البصرية في خيال المتلقي الذي تحفزه معطيات الصورة ليغزل منها قصة قصيرة ما تلبث أن تصبح رواية تحكي له سيرة إنسان وأهل وأصحاب وجيران ولحظات تومض في تياره الشعوري مازجة أمواج ذاته بوهج الذات المبدعة المنبعث من مخزون طاقة تغذت بمواقف يومية استخلصت منها قبسا رمزيا ما يمس الكلمات حتى تسري فيها شحنة مغناطيسية قادرة على التقاط الحنين الوجداني المتوتر في نفس المتلقي المشارك في معايشة التجربة النصية التي اقتنصت برمزيتها الناصعة أشواق نفسه. وتمثّل قصيدتها "يا عقد الفل" سماتها الجمالية التي تستحضر مشهدا من طريق الحياة لتتخذ منه رمزا تتجلى في حضوره التشكيلي مشاعر وشخصيات وأحلام وذكريات فإذا بلحظة مشاهدة عقد الفل في إشارة مرور بقلب المدينة تتحوّل إلى بلورة سحرية تبدو فيها أعماق النفس وتتجسد آمالها في كيان جمالي يخاطب الحواس والإحساس والعقل معا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق