عامر عبدالله
ودوره السياسي والفكري في العراق
طالب كريم حسن
لابد من
الاشارة الى ان دراسة الشخصيات العراقية تعد جزءاً مكملاً لتسليط الضوء على دراسة
تاريخ العراق , لاسيما اذا ما شغلت تلك الشخصية موقعاً مهماً في ادارة الدولة
الرسمية منها او الحزبية , وعن سلسلة
دراسات التي تصدرها دار الشؤون الثقافية العامة صدر للباحثة (غادة فائق محمد علي ) كتابها الموسوم (عامر
عبدالله ودوره السياسي والفكري في العراق 1924-2000) وسلسلة دراسات تعنى بمناقشة
ظواهر مختلفة ونشاطات جادة في افاق الثقافات المتنوعة.
وجاء في مقدمة
الكتاب (( شهد تاريخ العراق المعاصر ظهور عدد من الشخصيات المثيرة للجدل بمواقفها
السياسية والفكرية وحتى في صفاتها الشخصية , خضعت إلى عدد من التقويمات المتباينة
, أوجدت نوعاً من الإزدواجية في فهم مثل هكذا شخصيات , تبعاً للخلفية السياسية و
الفكرية للشخص المقوّم , والعلاقة التي تربطه به .
تنطبق مثل هذه
الرؤية على الشخصيات اليسارية في العراق بالتحديد , لما اقترن به تاريخ الحزب
الشيوعي وصانعو تاريخه من صراعات وخلافات , ساهم في تعزيزها أوضاع العراق المستقرة
, والإرتباط المباشر و غير المباشر بالتطورات الأقليمية و العالمية , تمخض عن ذلك
إتجاهان ينظر إليهما بطريقة مغايرة , الأول يدينه , والثاني ينزهه ويثمن تاريخه
ومواقفه . من بينهم عامر عبدالله ,أبرز قياديي الحزب الشيوعي العراقي كونه من أهم
منظري الحزب , فحسب , وإنما في تاريخ العراق المعاصر , فهو من المقربين لعبد
الكريم قاسم , ووزير الدولة في عهد أحمد حسن البكر , فكان جزءاً فاعلاً من مرحلتين
متناقضتين في العهد الجمهوري . جاء هذا الكتاب ضمن الدراسات الأكاديمية التي
تناولت بعض الشخصيات الحزبية السياسية المؤثرة في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي .
انقسم الكتاب الى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة تناول الفصل الأول (( بدايات التكوين
الاجتماعي والسياسي والفكري , المبحث الاول حياته الاجتماعية والسياسية والفكرية ,
فجرى تسليط الضوء من خلاله على بيئته الاسرية , وتعليمه , وصفاته الشخصية , وأثر
بيئة حزب الشعب والاوضاع العامة التي عاشها في تكوين شخصيته الفكرية والسياسية ,
فضلاً عن دراسة السنوات الاخيرة من حياته , أما المبحث الثاني فرصد (( مواقف عامر
عبدالله ورؤاه السياسية الأولى 1946-1949))
وجرى من خلاله التعرف الى بدايات فكر عامر عبد الله السياسي , وكيف ناقش
وهو أبن الثانية والعشرين عاماً موضوعات وقضايا كبرى تعاني منها بلاده , والوطن
العربي مثل الاوضاع الاقتصادية المترديه للعمال , والجامعة العربية , ودور هذه
المناقشات في تهيئة أرضية خصبه لانتمائه اللاحق للحزب الشيوعي العراقي .
أما الفصل
الثاني الذي حمل عنوان (( نشاط عامر عبدالله السياسي 1949-1963)) فقسم الى مبحثين
, ناقش المبحث الاول نشاط عامر عبدالله السياسي 1949-1958 , وواكب خلاله إنتماء
عامر عبدالله للحزب الشيوعي وبدايات عمله في داخله , وتدرجه في المناصب وعمله في
واجهاته التي هيأت بدورها لتقلده مناصب رفيعة داخل الحزب ,كما بين هذا المبحث دوره
ومواقفه من توحيد صفوف الحزب الشيوعي العراقي جنباً الى جنب مع سلام عادل , واختتم
المبحث بالتطرق الى دور عامر عبدالله بالاتصال بالضباط الاحرار , ومساهمته في
الحشد الداخلي والدولي لثورة 14 تموز 1958 . وأشار المبحث الثاني الى نشاط عامر
عبدالله السياسي من قيام ثورة 14 تموز 1958 حتى إنقلاب 8 شباط 1963 , كرس هذا
المبحث لمناقشة قضايا مهمة إعترضت طريق عامر عبدالله في هذه المدة منها الصراعات
الفكرية والسياسية التي خاضها مع أعضاء الحزب الشيوعي العراقي , بشأن سياسة الحزب
إتجاه النظام السياسي في العراق بشكل عام , وعبدالكريم قاسم بشكل خاص , فضلاً عن
تغطية التوترات التي حدثت بين عامر عبدالله ورفاقه , والتي إنتهت بتجميد عضويته في
المكتب السياسي ومن ثم تنحيته .
تابع الفصل
الثالث (( نشاط عامر عبدالله السياسي والمهني 1963-2000)) إذ قسم الى ثلاثة مباحث
, غطى المبحث الاول عودة عامر عبدالله عضواً في المكتب السياسي, وما رافقها من
تحول في أفكاره , من خلال إنتقاله من اليمين المعتدل بتبنه خط آب 1964 , وصولاً
إلى اليسار المتطرف بتبنه شعار المبحث الثاني دوره في مرحلة المفاوضات مع حزب
البعث العربي الاشتراكي , وصولاً إلى استيزاره , ومن ثم عقد الجبهة الوطنية
والقومية التقدمية , كما تضمن ما تمخض عن توليه منصب وزارة الدولة من مهمات وزارية
مثل زياراته للمحافظات , ومعالجاته الاقتصادية , فضلاً عن محاولاته المستمرة
للتخفيف من وطأة وشدة الاجراءات المتخذة ضد الشيوعيين , إنتهاءً إلى وصول العلاقة
مع حزب البعث إلى طريق مسدود وتقديم إستقالته ,أما المبحث الثالث فقد وضح دور
ونشاط عامر عبدالله الخارجي , ورؤيته لسياسة العراق تجاه الدول المجاورة .
جاء الفصل
الرابع ليلقي الضوء على ((نشاط عامر عبدالله الفكري من خلال آثاره )) , وقسّم
الفصل الى أربعة مباحث , ركز المبحث الاول على رؤية عامر عبدالله لتطبيقات التجربة
الاشتراكية في الإتحاد السوفيتي وكوبا وأهم أجتهاداته فيما يتعلق بهاتين التجربتين
, وتكمن أهمية المبحث الثاني في تناوله رؤية عامر عبدالله للمفهوم المادي التاريخي
للفن والادب والعلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية , واستعرض المبحث الثالث رؤيته
للفكر الديمقراطي والسلام العالمي وسعيه من أجل تحقيق هذا الشعار , واقتصر المبحث
الرابع والاخير على القضايا العربية مثل تطور مفهوم الوحدة العربية لدى عامر
عبدالله , ونبوءته بنظام عالمي جديد , ورؤيته للقضية الفلسطينية وحق تقرير المصير
.
إعتمد الكتاب
على مجموعة متنوعة من الوثائق , والمصادر , والمراجع , والمذكرات التي غطت الموضوع
, وتمكنت من خلالها معالجة شحة المعلومات المتعلقة بشخصية الدراسة , وجاء الكتاب بـ
416 صفحة من القطع المتوسط , صممت الغلاف زكية حسين علي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق