تهدي أسرة تحرير (ديوان العرب) أطيب تحياتها إلى قرائها الكرام، ويَسُرُّها أن تُعلن نتيجة مسابقة الدّورة الخامسة (مسابقة الرواية العربية للشباب لعام ٢٠١٠)، والتي اقتصر فيها المجال على الشباب المُبدعين العرب ممن لا تتجاوز أعمارهم الأربعين عاماً.
تقَدّم للمسابقة أربعةٌ وثلاثون مُتسابقاً ومُتسابقة (ثلاثةٌ وعشرون كاتباً وإحْدَى عشرة كاتبة) من ثمانية أقطارٍ عربية بعدد ثلاثَةٍ وثلاثين عَملاً روائيّا حيث اشترك اثنان من الكُتّاب في كتابةٍ أحد النّصّوص. بلغ عدد المُتقدمين والمُتقدّمات للمسابقة من مصر (19) ، ومن فلسطين (7) ، ومن العراق (2)، ومن المغرب (2)، ومتسابقٌ واحد/مُتسابقة واحدة من كُلٍّ من سورية وتونس والجزائر واليمن.
استغرقت عملية تقييم الأعمال الواردة نحو ثمانية شهور واشتملت عملية الفرز والتحكيم على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى تمّ فيها استبعاد بعض الأعمال غير المُستوفية لشروط المسابقة والإبقاء على النصوص التي تتوفر بها الشروط. والمرحلة الثانية قامت فيها لجنة التحكيم بتقييم الأعمال الروائية المُستوفية للشروط وفق المعايير النقديّة الرصينة والموضوعية وقد انتهت اللجنة في هذه المرحلة إلى ترشيح خمسة أعمال روائية حصلت على أعلى درجات التقييم. والمرحلة الثالثة والأخيرة أجري فيها إعادة تقييمٍ للأعمال الخمسة حيث استقرّ الرأي على اختيار أفضل ثلاثة أعمال روائية من بينها للفوز بجوائز المُسابقة. وهي على النحو التالي:
فازت بالجائزة الأولى وقيمتها خمسة آلاف جنيه رواية (تَكاد تُضيء) للكاتبة سامية مصطفى عيّاش (فلسطين).
وفازت بالجائزة الثانية وقيمتها أربعة آلاف جنيه رواية (أدمغتي المليون) للكاتبة إسراء عبد الهادي عيسى (فلسطين).
وفازت بالجائزة الثالثة وقيمتها ثلاثة آلاف جنيه رواية (سامبدروم) للكاتبة هالة عبد الرّءوف أحمد (مصر).
تشكلت لجنة التحكيم من كُلٍّ من:
الدكتور مصطفى يعلى من المغرب
أكاديمي، وكاتب وناقد أدبي مغربي، عضو أسرة التحرير
الدكتور صلاح السروي (مصر)
كاتب وناقد وأكاديمي مصري، دكتوراة في الأدب العربي الحديث والمقارن
الدكتور شعيب الساوري (المغرب)
ناقد أدبي مغربي، دكتوراة في النقد العربي
الدكتور شعيب حليفي (المغرب)
كاتب وروائي مغربي، دكتوراة في الأدب العربي
الدكتور إبراهيم سعد الدين (مصر)
كاتب وناقد مصري، مشرف العلاقات الخارجية في ديوان العرب.
وأشرف على عمل اللجنة في كل مراحلها الأستاذ عادل سالم رئيس التحرير.
وقد نوّهت لجنة التحكيم بالمستوى الرفيع لكثيرٍ من الأعمال الروائية المُشاركة ولا سِيّما الأعمال الخمسة التي رُشّحت للمرحلة الثالثة من التقييم الأمر الذي يبشّر بمُسْتقبلٍ مُشرقٍ للإبداع الروائي العربي.
وأسرة (ديوان العرب) إذ تُهنّئ الفائزات بجوائز المُسابقة فإنها تُثَمّن بكل الإعزاز والتقدير جميع المُشاركين والمُشاركات بهذه الدّورة وتتمنّى لهم حظّاً أفضل بمشيئة الله في الدّورات القادمة.
كما تعبر عن عميق تقديرها للجهد الفائق الذي بذله السادة أعضاء لجنة التحكيم في عملية النقد والتقييم بمختلف مراحلها.
والله وليّ التوفيق.
تقرير لجنة التحكيم في ختام المرحلة الثالثة للتحكيم
الأعمال الخمسة مُتقاربة المستوى من حيث الجودة الفنّيّة وأسلوب القصّ وتقنية السّرْد، وهمُّ الوطن والانشغالُ بإرهاصات الواقع حاضران في معظم هذه الأعمال.
رواية (تكاد تُضيء) هي مغامرةٌ إبداعيَّةٌ مُتميِّزة حقّاً شَكلاً وجوهراً ولُغَةً وتصويراً وتجسيداً لجُرح الوطن الغائر في القلب، وهي تعكسُ موهبةً شديدة الوهج والخصب، وفيها نُضْجٌ وامتلاكٌ كامل لأدوات الكتابة الروائية ووعْيٌ بدقائقها وتفاصيلها، بما يؤهّلها لتتصَدّر واجهة المشهد،
لكن رواية (أدمغتي المليون) تقف أيضاً على نفس الأرضية والمكانة المُتميزة من حيث المُستوى الفَنّي الرّاقي وانغماسها في الجُرح الفلسطينيّ حتى النخاع، وإن كانت تتسمُ بتفرّد خاصّ عن بقيّة الأعمال من عدة وجوه: فهي تحملُ في طيّاتها مذاقاً ونكهةً ونبضاً للواقع الاجتماعي الفلسطيني شديد الحرارة والصدق، وتفيضُ بكارةً في الخَلْقِ والرّؤيا، وتجسّدُ وحدة الدّم الفلسطينيّ أينما كان في الضّفّة وغزّة والشّتات، وتمزجُ ـ في ضفيرةٍ واحدة ـ بين القَهر الاجتماعي الذي يعانيه الإنسان الفلسطيني وبالأخصّ المرأة وبين قهر الاحتلال الجاثم فوق نفوس كل الفلسطينيين بغير استثناء. وعلى الصعيد الفنيّ تتميز الرواية بسلامة اللغة وجودتها واحترام قواعد الجنس الروائي والجدّة في تعدد ضمائر السرد، فضلاً عن تميّزها بقدرة كبيرة على تشويق القارئ والاستخدام الواعي وشديد الحساسية والمهارة لتداخل الأزمنة والتواريخ من خلال أسلوب (الفلاش باك).
وفي المرتبة التالية تأتي رواية (سامبدروم) وهي تُجسّدُ تجربةً إنسانية شديدة الغِنى والعُمق رغم البساطة الظاهرة على السطح، وترصد دقائق وتفاصيل غنية بالدلالة والمَعْنى، وتعتمد تقنية مُحكمة في البناء وإيقاعاً متواتراً في السَّرْد ولُغَةً صافيةً تُضفي على النَّصّ ألقاً وجمالاً.
في المركز الرابع تأتي رواية (الجنة الثانية - رسائل جلعاد شاليط إلى أمه) وقد استطاعت أن تتفوق في خلق عالمٍ قابلٍ للتأويل وأن تُحقق تجديداً في أفق الكتابة على صعيدي الشكل والمضمون معاً.
في المركز الخامس تأتي رواية (مَوْت) وهي رواية تنهض على طرافة الموضوع وجِدّته من حيث تشخيص الموت والاعتماد على السّارد في تقديم الأحداث ونسج المواقف وتنويع الضمائر بين الغائب والمُتكلم وتستلهم التراث بما في ذلك توظيف الشعر والأسطورة. هناك ملاحظة سلبية تتعلق بدخول البطل إلى مسرح الحدث، فقد تأخر ظهوره بعد مرور صفحات عدّة ووقوع أحداث متعددة تتصل بالموت الذي تتمحور حوله الرواية. وكان من الممكن استخدام تقنية (الفلاش باك) أو التّذكّر لتحقيق حضور البطل في مُسْتهلّ الرواية.
وإن كانت الفوارق بين جميع هذه النصوص ضئيلة كما أسلفنا، وهي شهادة تُعلي من قدر الإبْداع الرّوائي لجيل الشّباب من الكتّاب العرب، وتُبَشّرُ بأفق رَحبٍ ومضيء لمستقبل هذا الإبداعْ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق