يسري عبد الله عن (خلق الموتى): ممدوح رزق تجاوز (قتل الأب) بالسخرية إلى دحض (المرجعية)
قال الناقد د. يسري عبد الله أن مناط الجدارة في رواية (
خلق الموتى ) لـ ( ممدوح رزق ) قدرتها على إدهاش متلقيها عبر استحداث منطق جمالي
يخصها والذي يسميه بـ ( حيوية الاختلاف )؛ حيث يغادر النص فيها كل السياقات
القديمة ليرتاد أفقه الخاص متخليا عن ذلك الجبن العقلي، وواصلا ما بين المرئي المحسوس
واللامرئي المتخيل مضفيا على السرد طابعا فلسفيا ونزوعا ساخرا في رؤية العالم عبر
مساءلته والتندر عليه .
جاء ذلك خلال الندوة التي أقيمت بقصر ثقافة المنصورة لمناقشة
الرواية وأدارها د. أشرف حسن وحضرها عدد من أعضاء نادي الأدب بالمنصورة؛ حيث أشار
د. يسري إلى وجود مستويات متقاطعة للسرد في ( خلق الموتى ) يمكن لنا أن نتلمسها
عبر المقاطع المختلفة التي تشكل في مجموعها المتن السردي للعمل .. هذه المقاطع السردية
المختلفة الباحثة في جوهرها عن أفق للخروج لمغالبة الوضعية البطريركية والسلطة
الهيراركية التي تتبدى أحيانا في الأب أو في العرف الاجتماعي أحيانا أخرى أو في
كليهما معا .
تحدث د. يسري عبد الله أيضا عن أن هناك محاولة روائية
بديعة لقتل الأب عبر تعرية سطوته وسحق ما تمثله من ترميزات دالة على قمع السلطة
وقهرها، وأن الأب في الرواية يتجاوز ذلك الكيان المادي الأنطولوجي إلى دحض فكرة
المرجعية ذاتها، وتصبح السخرية أداة ناجعة في التعاطي مع تلك السلطة .
وفي تناوله لصيغ الحكي المختلفة بالرواية أشار الناقد
إلى التنويع في استخدام الضمائر انطلاقا من نقطة محددة ( استيلاء أب على منتدى )
والتي تعد بمثابة البؤرة المركزية التي تتفرع منها الحكايات داخل الرواية القائمة
في بنيتها على المفارقة وكسر أفق التوقع لدى المتلقي الأمر الذي جعل ( خلق الموتى
) إعادة اعتبار للعبة الجمالية بوصفها غاية فنية يهيمن فيها راوي رئيسي ماكر على
المقاطع السردية ولكنه ليس الراوي الرئيسي التقليدي وإنما المخاتل والمشغول بالاستطرادات
ذات النزعة الفلسفية والوجودية .
ذكر د. يسري كذلك أن اللعب الفني بمشهدية الصورة جعل القاريء أمام خليط مدهش من
الأشياء التي تتوازى وتتقاطع لتشكل جدارية عن الحياة بتنويعاتها وصخبها وقسوتها
وعنفها اللامبرر حيث تنفتح الرواية على مشاهدات حياتية وخبرات قرائية ومعرفية
ليتضافر وعيان؛ وعي قرائي حاضر بالتناص ووعي بصري يدعمه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق