في ذكري رحيله :
يوم
أن رحل الزعيم
حسن النجار *
في
كل مناسبة ترفع صورة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر
لعطش الناس إلي زمن كان العشق فيه بحجم الحلم ، إلي من كان يؤمن حياتهم ووجودهم
ويرفع عن كاهلهم عبء الحياة ، ليس في مصر وحدها بل في الوطن العربي بأكمله . وكانت
ثورة 25 يناير أفضل المناسبات وأكثرها غني وثراء من كل مناسبة مرت علي تاريخ الوطن
, ففي كل مكان تجد صورته تزين الجدران بعبقرية المناضل العربي الذي لم تلد
الأمة العربية مثيلا له في حاضرها ، والذي
لم تبعدنا عن يوم رحيله هذه الأيام سوي اثنين وأربعين عاما .
التاريخ
: 28 سبتمبر 1970 .
المكان
: خط الجبهة الأول في السويس .
حني
الساعة الثامنة مساء لم يكن أذيع نبأ وفاته . لكن منذ ساعة تقريبا قطع البث
الإذاعي لتتواصل إذاعة تلاوة الذكر الحكيم ، وقلنا ربما يكون قد حدث جلل ما في
وزير أو ماشابه أوْصل الإذاعة إلي هذا البث القرآني الحزين . ولم يكن يخطر ببال
أحد أن يكون الزعيم والقائد هو صاحب الجلل . وفور إذاعة النبأ المفجع انفجرت
الجبهة ببكاء حار ، ولم يستطع أحد من الضباط بما لديه من كياسة وحسن لياقة من
الانخراط في النشيج أمام جنوده الذين راحوا يتمرغون في تراب الخنادق معولين . لكن
عزاءهم أن ترك فيهم شعلة النضال لاتنطفئ . ولو ركب العدو رأسه وأقدم علي عمل ما من
شأنه الإخلال بموازين الجبهة التي كانت في حالة السكون الذي يسبق العاصفة ، لما
مكنها الجنود المنكفئون علي بحار من غضب لا شطوط لها
من
تحقيق مآربه العدوانية .
"
أشجع الرجال ..
وأعظم الرجال .. "
كانت
هذه العبارات التي نطق بها أنور السادات وهو يرثي البطل، ولعلها كانت آخر كلمات
صادقة قالها السادات في حق الوطن ، لأنه بعد ذلك دشن سياسة أخري مغايرة لما اختطه
الوطن من خط نضالي آمن به وارتاح عند حدوده الدنيا . وورث السادات جيشا له خبرة
قتال لم يعرفها من قبل وحقق في سنوات حرب الاستنزاف
أعظم الملاحم البطولية تذكرنا بالبطولات العربية في صدر الإسلام . ولم يستثمر
السادات هذا الإرث العظيم . وكان أعظم إنجاز حققه السادات طوال تاريخه في الحكم هو
كامب ديفيد الملعونة التي أطاحت بحلم الشعب العربي إلي الهاوية ، ونال جزاء
ماارتكب . ولا يذكر أحد اسم السادات إلا وذكر مقرونا بمعاهدة كامب ديفيد التي نحاول الآن تصحيحها بما يليق
من ثورة فتحت أمامنا طريقا لنضال افتقدناه طيلة إثنين وأربعين عاما خلت ، عانينا فيها الويلات ، ليس في العمل الداخلي
فحسب ، بل في ارتمائنا مثخنين بجراح الهزيمة
في حضن العدو الخارجي .
وفي
كل مكان من ميدان التحرير والميادين المصرية الأخري ، بل في الميادين العربية كافة
ترفع صورة البطل العظيم وكأن الجميع يناجونه في السر
وفي العلن :أن انهض.
. وكأن الوطن في حالة مخاض عسير .. لكنه مخاض
علي كل حال .
* كاتب مصري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق