خليك
في حالك
محمد نجيب مطر
جاء الطبيب البيطري على عجل بعد أن
استدعاه أحد الفلاحين الفقراء في الواحدة صباحاً في ليلة شتاء قارصة مظلمة، ودخل
على الفور إلى الحظيرة فوجد الفلاح يقف والغم الشديد يكسو محياه، يسأله أن ينقذ
البقرة التي تعطيه اللبن ويستفيد من حملها ويستخدمها في عملية الحرث أحياناً، كشف
الطبيب على البقرة وسأله عن المدة التي أصبحت فيها على هذه الحال، فأخبره الفلاح
أنها على تلك الحال منذ يومين، فأخبره أن درجة حرارتها عالية نسبياً، ثم اقترب من
الفلاح وجذبه بعيداً إلى ركن الغرفة وكأنه يخاف أن تسمعه البقرة وقال له : إذا ظلت
هكذا حتى الصباح نذبحها ونبيع لحمها قبل أن تموت ويضيع كل شئ، طفرت دمعة من عين
الفلاح وقال : أترى ذلك يا دكتور، فرد عليه البيطري : من الأفضل الاستفادة بشئ منها
بدل خسارة كل شئ، نظر الفلاح إلى السماء قائلاً : ماذا أقول وأنت تعلم كل شئ، ونظر
إلى الأرض وكأن شيئاً فظيعاً يوشك أن يقع عليه.
كان الخروف قريباً من الركن وسمع
كلامهما، فاغتم لأمر صديقته العزيز الذي يحبها وتؤنس وحشته، ويعرف أنها تتمارض من
أجل عدم العمل، ولما انصرفا اقترب من البقرة وقال لها : انهضي وإلا سيذبحونك إن لم
تقومي قبل الصباح، فسألته كيف عرف ذلك، فأخبرها بأنه سمعهما يتهامسان بذلك، شكرته
البقرة فقامت لتوها وأكلت كل ما أمامها من طعام وشربت حتى ارتوت.
دخل الفلاح في الصباح فوجد البقرة
واقفة يبدو عليها الصحة، وقد أنهت على كل طعامها وارتوت، فهلل وصاح من الفرح : يا
فرج الله سأوفي بنذري يارب .. سأذبح الخروف وأفرقه على الفقراء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق