2012/09/16

ليلة من ليالي طروادة شعر : حسن النجار



 ليلة من ليالي طروادة
شعر : حسن النجار


                      " وقعت هيكوب زوجة بريام
                        ملك طروادة المدحورة هي
                    وبناتها أسرى فى أيدى الأعداء"
           1

 أبدأُ الليلة من طوفان عينيكِ
فأُعْلى حجرا فوق ضريح الملكة
إنها داخل تابوت تغنِّى
 أو تنام .
أبدأ الرعشة من قرقعة النوم
على لحم خيول الملكة
وأنا كل عشائى تمرتان
ووصاياي إلى النخلة كانت :
    كل أطفالى يصيحون على الأنهار
     حتى تُرجع الأرضُ صباها .

وأنا أبدأ من طرفةِ عينيها ...
أباهى بالتى ربَّتْ عجينَ العرس
فى ليل الحداد
علَّمتْ أولادها الرقصَ
على آخر ضوء فى القمر
ثم ألقتْ فى يد الأعداء
        مفتاح البلاد
وأنا أبدأ من طرفة عينيها ..
         2
نحن الشعراء الجوف
نعشق طعمَ البحر
ونهرب من طوفان الماء
نعقد جلستنا حول المائدة الصهباء
وتدور رحاها الحربُ / اللغة القاتلةُ :
       المولى حالفه الحظُّ
       وأمسك بالفرس المكدود
وأشهر سيف عدالته فينا .
ونحدِّثُ عن عصرٍ مضروب الخيل
وعن اْرض ورَّثها الله لنا
حين رآنا طائفة النورس
         والأحلام المهزومة .
نحن المنفيين بأرض قصائدنا
من مات ، يموت ، فنرثيه
ومن زُجَّ به للسجن
فنحمل عنه مهادنةَ السجان .

        3
تخرجين الآن للشارع
        والليل بكاءٌ ورذيلة
وأنا ألقى على فتيانكِ الخرسِ
       تعاليم الكلام
وأنا أحمل جثمان حبيبي
" هذه وردة صيف فى الدماء "
وأنا أُلقى على مسمعكِ الآن
شعاري المنكسر
هذه نظرة عينيكِ جوادٌ هاربٌ ،
رؤيا جواد
وصباياكِ على الأنهار قد بِعْنَ
ولم يبق سوى أن تستجيبي
فأدخلي الآن وكفِّى عن مراضاة الغزاة
واحملي عنِّى صليبي .
       4
حين لا تذكر الأم أسماء أبنائها
كنت اْذكر من جاءها مرجئاً خوفه
من ملامسة الريح ،
حين استعار شجاعتنا
وأطال التشببَ بالأرض :
     يا معطف العيد
      إذ أرتديه
  فمن لى بزاويةٍ
غير زاويةِ الليل
        أنصُبُ مائدةً
  ثم أعقد مؤتمرا
          للمهابة .

أخرجتِ الأرضُ أثقالها مرة
فرأيناه بين المهابة
         والخوف ,
يحزم أوراق دولته
ثم يرحل فى أول السفن المكتراة
إلى وطن الهجرة /
        الفعلة الفاضحة .

         5
هذه الليلة مكتوب لها
       اْلا تمرّ
وأنا اْخرج فى السرِّ
 ألاقى شبح الماء
     فاْرتاح على ركبة خوفي
( أيها البدر الذى يُقتل
              فى كل ممر )
هل أتى أهلى حديث الماء ؟
قالت نسوة الحمل :
     رأينا شجرا الأفق يميل
     ساعة الطلْق ،
    فألقينا على النطفة
          أحجار البدن
( أيها البدر الذى يُقتل
        فى كل البطون )
إن لى أهلا وراء الحائط
               القضبان
يمشون نياما تحت ستر الليل
ـ لا خوفٌ عليهم –
يمسكون البدرَ من خيط دماء
فى الشرايين ،
    - ولا هم يحزنون -

وأنا يقتلنى بدرٌ على الأفق ظهر .

ليست هناك تعليقات: