2013/10/24

في خِتام مئويَّة متري نعمان: نقاشُ كتابَين وإطلاقُ "مُتحَف الأدباء - بَصَمات"


في خِتام مئويَّة متري نعمان:
نقاشُ كتابَين وإطلاقُ "مُتحَف الأدباء - بَصَمات"
 
 
خُتِمَت مئويَّةُ الأديب والشَّاعر اللُّبنانيّ متري نعمان (1912-1994) بلقاءٍ أربَعائيٍّ استِثنائيٍّ جرى في دار نعمان للثَّقافة، وتضمَّنَ نقاشًا أدبيًّا لكِتابَين، وإطلاقَ مشروع "مُتحَف الأدباء - بَصَمات".
بعد النَّشيد الوطنيّ، افتتحَ ناجي نعمان اللِّقاء بوقفة تأمُّلٍ في غياب وديع الصَّافي، وممَّا قالَه في "الكبير لَحنًا، والأكبر شَدوًا": "دَعونا - وقد وَدَّعناهُ وأودَعناهُ تُرابَ نيحا - دَعونا لا نَتَوقَّفُ عندَ حِدادٍ وتَنكيسِ أعلامٍ، أو نَقِفُ، حتَّى، في هذا المَجلِس، دقيقةَ صَمت؛ فنحنُ في فرَحٍ. نَعَم، نحنُ في فَرَحٍ، فالرَّاحِلُ حَلَّ في دار الخُلودِ، حيثُ لا سُلطةَ تَنفَعُ، لا، ولا جاهٌ، ولا مال؛ وها السَّرافيمُ والكاروبيمُ، بِنَفْخِ الأبواق، يَستقبلونَه، فيما هو، للخالِق، باسمِ لُبنانَ، يُرَنِّم، ومن أجل بَقاء وطنٍ إلى العَليِّ يَبتَهِل".
ثمَّ جرى نقاشُ كِتابَي الدُّكتورَين، إميل كَبا ويوسف عيد، المُعَنوَنَين "نقًا يتهيَّلُ... ورَذاذ" و"أرحلُ بالكلمة"، وقد نالا جائزةَ مِتري نَعمان للدِّفاع عن اللُّغة العربيَّة وتطويرها للعام الحاليِّ والعام الفائِت.
تكلَّمَ كَبا على كتاب عيد، وممَّا قاله: "أرحلُ بالكلمة"، كتابُك، رحلةُ ثالوثٍ في الوجهة المعاكسة لسرِّ التَّجسُّد. ناسوتٌ قِبلتُه أبدًا هي اللاَّهوت. "أرحلُ بالكلمة" ثالوثُك: الشَّيء والكلمة والسَّفر الرَّاحل. الشَّيءُ هو أنت، أنا، نحن؛ الكلمةُ هي الوعد الشَّوق... أمَّا السَّفر الرَّاحلُ فطريقُنا، نحن الأدباء، إلى الفِعل، مقام الحالة السُّميا".
وتكلَّم عيد على كتاب كَبا، وممَّا قاله: "باللَّطافة التي هي لطافته وحدَه، تتناثرُ ارتعاشاته الفكريَّة بلغةٍ مصقولة، يسجنُ السرَّ في أقفاص عنادلَ يبنيها وحدَه، ويأذنُ لها ساعة يشاء. وساعة شاءَ أذنَ لنا أن نحتضنَ نقاءَه بالكفّ. إنَّ لمثله وزنًا له فاعليَّة الذرَّة، فليس غريبًا أن يحظى بجائزة النّعمان، فاللغة التي يكتبُ فيها لَمعجزةٌ، فاقرؤوه مرارًا كي تفهموه".
ثمَّ كانت مُداخلاتٌ بدأها النَّقيب عصام كرم لجهة استخدام اللغة العربيَّة وتحديد بعض مراجعها. وكانت كلمةٌ للبروفسُّور منيف موسى، جاء فيها مُوجِّهًا كلامَه إلى كَبا: "رنوتُ إلى صلاتك، أصيخُ السَّمْعَ، فإذا الهدهدةُ تنغيمُ قدَّاسٍ في محراب لتهَيُّب"؛ فمُوجِّهًا كلامَه إلى عيد: "أرحلُ بالكلمة، قلتَ، يا يوسف. سكنتَ زيتونةً في دهريَّتها روحُ الله... ترحَّل ما شِئتَ. معك الله والملائِك. وديكُ الصَّباح. فعلى بركة الكلمة غَنِّ!"
وألقى الشَّاعر ناجي يونس قصيدةً في كَبا، منها: هل أنت طاغورٌ/بجني ثماره؟/أم سليمان تُرى/في روعة النشيدِ/سفرٌ كتابُكَ في الهدى/ قنطرةُ التقوى هو/قربانةُ الخلودِ؛ وقصيدةً في عيد، منها: شعرُكَ الشعرُ/الجمالُ المُشتهى/تحت غلالةِ/ربَّةِ العنقودِ/ارحل بالريشةِ/قُلْ ارحل/في خاطر الوعودِ/ما الفنُ إلاّ كلماتٌ/صورٌ علَّقتها/في كعبةِ التجديدِ.
وأمَّا الشَّاعر الياس خليل فقال في كَبا: دكتور إميل تكلَّم وبدِّع وجود/سحر الكلام الشاعري تخطَّى الوجود/لما انطلق فكرَك على دروب السَّما/مهدك كبا حتى ما يكبر عالخلود؛ وقال في عيد: دكتور يوسف عيد برجك ما هوى/شعرك أدب مسكوب عالي المستوى/لما البلاغة تعيش عندك بالبيان/بيكون عيد الفكر والكلمة سوى.
وختمَ نعمان اللِّقاء بخاطرةٍ حول غياب الأديب المحامي سليم باسيلا، العملاق الذي غادرنا في العاشر من الشَّهر الحاليّ. وكان أطلِق، في ختام مئويَّة والده، مَشروعَ "مُتحَف الأدباء - بَصَمات"، وهو يَقومُ على انتِقاءِ الأدباءِ أجملَ ما كَتبوا، يَنقلونَه على ورقةٍ بيضاءَ بخَطِّ يدهم وحِبرِ قلَمهم، ويُنهونَه بذِكر تاريخ النَّقل، وبكتابة اسمِهم الثُّلاثيِّ، يَغفو تحتَه توقيعُهم، ويَمهَرون، تحت التَّوقيع، بَصمَةَ إبهامهم اليُمنى. وقد تُضافُ إلى الكتابة قراءةٌ حيَّةٌ لما جاءَ فيها مِن قِبَل صاحبها. وقالَ إنَّ المَشروعَ لن يقفَ عندَ حدود لبنانَ أو الضَّاد، بل سيَتعدَّى الوطنَ واللُّغةَ؛ وعندما سيَنضَجُ بما فيه الكفاية، وتَتهيَّأُ له الظُّروف، سيَطيبُ عَرضُه بالوسائل المُناسِبَة، قديمِها وحديثها...
هذا، وتمَّ، خلالَ نخب المناسبة، توزيعُ كتب دار نعمان للثَّقافة ومؤسَّسة الثَّقافة بالمجَّان، إلى كتبٍ أخرى، على الحضور، ولاسيَّما منها الكتابُ الخاصُّ بالاحتفال بالمئويَّة التي جرَت، وضمَّ كلمات اثنَي عشر أديبًا ومُتكلِّمًا.
وكانَ سبقَ وصدرَ عن متري نعمان، في مئويَّته، كتبٌ ثلاثةٌ أخرى، هي: "مِتري نَعمان: الرَّجل والمآثر"، "مِتري نَعمان بأقلام قارِئيه وعارِفيه"، "مع متري وأنجليك". كما افتُتِحَت، في المناسبة، "صالةُ مِتري وأنجِليك نَعمان الاستِعاديَّة"، و"مكتبةُ المَجموعات والأعمال الكامِلَة".
وسُجلَّ حضورُ كلٍّ من: أنطوان الشمالي، جورج إيواز، نوللي عوض، ندى نعمة بجاني، جورج مغامس، أديب عبُّود، الأبوان سهيل قاشا وسامر نعمان، فيكتور القارح وعقيلته سعاد، أديب عبُّود، نقولا نعمان، جان كميد وعقيلته نوال، جورج شامي، يوسف عسَّاف، شربل غريِّب، جان سالمة، جوزف مهنَّا، ميشال كعدي، جوزف صفير، ريمون الكك، جورج بارود، سيمون بطيش، مهى الخوري نصَّار.

ليست هناك تعليقات: