مسؤولون
من نوع خاص !
بقلم:
أحمد مصطفى الغـر
كنت أقرأ منذ أيام فى كتاب على
الغرائب والحقائق المبهرة ، فقرأت فقرة عن شخص يدعى "ايشام جرين هاريس"
الذى كان حاكما لولاية تينيسى سنة 1861م ، وكان قمة فى العفة والنزاهة ، وانحاز
الى جانب الولايات الاحدى عشرة التى انفصلت عن الولايات المتحدة الامريكية ، الامر
الذى جعل الجيوش الاتحادية تطرده من منصبه .
فتطوع كجندى بسيط واشترك فى
العديد من المعارك طوال أربع سنوات ، وبعد الاستسلام انتقل الى المكسيك وانجلترا ،
لكنه ما لبث ان عاد الى ولايته مرة أخرى ، وطوال السنوات التى قضاها فى الحرب
،والمنفى ، كان يحمل معه باستمرار مبلغ 650 الف دولار نقداً ، وهى الايرادات
النقدية الخاصة بصندوق المدرسة العامة فى ولاية تينيسى ، حيث كان مؤتمناً عليها.
كيف لهذا الرجل أن يحافظ على
هذا المبلغ طوال هذه السنوات ، بالرغم من أنه كان يعانى فى اوقات كثيرة العوز
والفقر ؟! ، وكيف يصر على العودة مرة أخرة بعد منفاه الى الولاية ليرد المبلغ
كاملاً غير منقوصاً الى إدارة الولاية ؟! ، غندما قرأت قصة هذا الرجل تذكرت ما تم
نشره منذ عدة أشهر عن رئيس الاروجواى " خوسيه موخيكا" ، والذى يوصف بأنه
أفقر رئيس فى العالم ، وأكثرهم نزاهة وشفافية وتواضع .
فالرجل يملك منزل متواضع وسيارة
فولكسفاجن قديمة لا تتجاوز قيمتها ألفى دولار ولا يملك حسابات مصرفية وليس عليه
أية ديون و يستمتع بحياته البسيطة جدا رغم كونه رئيساً ، ويتبرع بــ 90 % من راتبه
للاعمال الخيرية مما يجعل راتبه المتواضع بالأساس هو أقل راتب لرئيس بين رؤساء
العالم ، و أذكر انه قد كُتِبَت عن هذا الرجل العديد من المقالات فى صحفنا العربية
وكان لى نصيب منها ، وبكل تأكيد كانت المقالات تنتهى بتساؤل من باب رثاء الحال ..
عن إمكانية أن نجد فى يوم من الأيام مسؤول عربى مثل هؤلاء الأشخاص ! ، خاصة أن
تاريخ الأجداد فى تاريخ الدولة الاسلامية حاقل بالكثير ممن فاقوا فى نزاهتهم و
تواضعهم كلا من " هاريس و موخيكا " .
أنا شخصيا أشك فى أن يأتى هذا
اليوم فى أيامنا الحالية ، لكن ربما يشهده الأحفاد ومن بعدهم .. ويؤكد ذلك رؤيتنا
اليومية لرؤساء يقتلون شعوبهم ، ويعتقلون ويحرقون ويدمرون ، يقول "خوسيه
موخيكا" : "ان أهم أمر في القيادة المثالية هو أن تبادر بالقيام بالفعل
حتى يسهل على الآخرين تطبيقه" ، ولعل هذا ــ بالضبط ــ هو ما جعل من السهل
علينا كشعوب عربية أن نتقبل الأفعال الفاسدة لرؤسائنا و نحذو حذوهم فى قتل بعضنا البعض
، وتقبل مشاهد الدماء والحرق والخراب ، بل وأحيانا التشجيع على المزيد منها و
إعطاء المشروعية الشعبية لها !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق