عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر للأديب والناقد
والأكاديمي “د. مصطفى عطية جمعة” كتابه الجديد « الحوار في السيرة النبوية : { وَجَادِلْهُم
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } ».الكتاب يحمل الرقم (22) في إصدارات المؤلف، ويقع في
160 صفحة من القطع الكبير، ويهدف إلى ترسيخ مفهوم الحوار كسبيل وحيد بين أبناء الحضارات
والثقافات المختلفة للتلاقي المعرفي وفهم الآخر، من خلال دراسة ثقافة الحوار في الدين
الإسلامي الحنيف، انطلاقًا من المعطيات المعرفية للحوار : لغويًا وفلسفيًا واجتماعيًا
وعلميًا .
نبذة عن كتاب الحوار في السيرة للدكتور مصطفى عطية
إن انعدام الحوار بين الأمم مشكلة
يعانيها عالمنا المعاصر ، رغم كل دعوات المحاورة والتبادل المعرفي والثقافي ، فكل
مظاهر التعصب والتطرف الفكري ، والغلو في الخصومة التي نراها منذ عقود ، عائدة إلى
تبني وجهة نظر واحدة ، وعدم الاستعداد لقبول وجهات النظر الأخرى ، والتعرف عليها
ولو من باب المعرفة في مستوياتها الأدنى ؛ وهذا يعود إلى تصور البعض أنه مركز
العالم ، وأن حضارته صانعة التاريخ ، والتاريخ يدور وفقا لقيمهم هم ، ووفقا
لتصوراتهم هم ، وهذا ما رفضه المفكرون المستقلون المحايدون في العالم ، ونادوا
بتعدد الحضارات ، وتعدد الثقافات ، وقبول الآخر . وقد ظهرت العديد من الكتب التي
تثبت أن المركزيات الفكرية في العالم سقطت ، وسقطت أيديولوجيتها الفكرية التي
تجمدت حول ذواتهم ، فظنوا أنهم - وحدهم - ملاك الحقيقة المطلقة .
ومن هنا يكون الحوار هو السبيل الوحيد بين
أبناء الحضارات والثقافات المختلفة للتلاقي المعرفي وفهم الآخر ، وهذا ما تسعى
إليه هذه الدراسة ؛ أن ندرس ثقافة الحوار في ديننا الإسلامي الحنيف . إنها دراسة
تنطلق من المعطيات المعرفية للحوار : لغويا وفلسفيا واجتماعيا وعلميا ، وتسعى إلى
قراءة السيرة النبوية العطرة ، والأحاديث النبوية الشريفة التي اعتمدت الحوار
وسيلة ومصدرا معرفيا أساسيا في الدعوة ونشر الإسلام .فلم يكن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) فيلسوفا يناقش قضايا نظرية بحتة ، بل هو
مبعوث من الله تعالى إلى البشرية جمعاء ، بالقرآن ، والتوحيد ، وهو مرب لأصحابه ،
مهذب لسلوكهم ، جعل حياته : ليلا ونهارا ،
سلما وجهادا ، وسيلة للتحاور بين الناس ، وتعريفهم بدينهم، وترسيخ قيم العقيدة
ومفاهيم الشريعة في أعماقهم ، وتحبيبهم في الخير .
في ضوء هذا الهدف ، جاءت خطة الدراسة موزعة
على ثلاثة فصول :
الفصل الأول : يتناول
مفهوم الحوار بوصفه إطارا معرفيا ، وآلية في التلاقي بين العقول ، وقد سعى الباحث
إلى تعميق هذا المنطلق من خلال التعميق اللغوي ثم الفلسفي والفكري للحوار ، في ضوء
معطيات علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الاتصال ، وهي علوم معاصرة ، سعت إلى استقراء
الحوار بشكل شامل .
كما تطرق الباحث إلى التفرقة بين الحوار
والجدل والجدال والمراء ، وكيف تناول القرآن الكريم الحوار ، ثم أخص ما تميز به
أسلوب الرسول لغة وتراكيب وبناءً ، وهو ما تميز به الرسول وجعل أسلوبه سهلا ممتنعا
،يقتبسه الأديب ويحتج به اللغوي ، ويستشهد
به الفقيه ، ولا عجب أن يكون المصدر الثاني للشريعة الإسلامية السمحاء ، ووثيقة
صانعة لثقافة الأمة المسلمة .
الفصل الثاني : وقد تناول الباحث فيه أشكال
الحوار وبنيته في الأحاديث النبوية وهي أشكال متعددة شملت : الكلام باستخدام
الجوارح ، والحدث والتعليق عليه ، والقصة ، والمواقف الحياتية المختلفة . وسعى
الباحث من خلاله إلى حصر أشكال الحوار النبوي ، وكيف أن المتحكم في تكوين كل شكل
هو : غرض الرسول ، ثم الموقف الذي تطلب أن يتكون هذا الشكل . الفصل الثالث :
ويتناول أبرز فئات المجتمع والشخصيات التي حاورها الرسول (صلى الله عليه وسلم ) في مسيرة دعوته ، ولم يكن الهدف في هذا
الفصل الحصر لمختلف الفئات ، بقدر ما هو التركيز على أسلوب الرسول في دعوتهم
والحوار ، وطريقته في تناول القضية الواحدة بجوانب متعددة ، حسب مستويات المخاطبين
والمتناقشين معه، فجاء الحوار مع : المشركين، والبسطاء ، وحول تقلبات النفس
المسلمة في الحياة .