2017/03/25

الحمل الكاذب مسرحية من فصل واحد بقلم: د.عمر صوفي محمد



الحمل الكاذب
مسرحية من فصل واحد

 بقلم: د.عمر صوفي محمد
الشخصيات
 الزوج  : شاب فى الرابعة والثلاثين.-  
 الزوجة : شابة ، رشيقة ،  فى السابعة والعشرين.-
- الأم     :  أم الزوجة.
 الطبيب : فى الخامسة والأربعين.-
- الممرضة.
- عدد من الأصدقاء.
 ( المشهد الأول )
( صالة شقة  لأسرة من الطبقة الوسطى ، تجلس الزوجة ، تبدو مجهدة ، يدخل الزوج ، يلاحظها ، يجلس بجوارها)
الزوج  : حبيبتى .. أرى أنك هذه الأيام لست بصحة طيبة.
الزوجة : (منزعجة) لماذا  ؟!
الزوج  : لأن وجهك دائما أصفر شاحب.
الزوجة : (غاضبة) شاحب؟ ...وما رأيك فى شعرى ؟
الزوج  : ( ينظر لشعرها) أراه هائشا هشا متقصفا .. ويتساقط منه الكثير على المخدة.
الزوجة :  وماذا أيضا؟
الزوج  : ( يتفحصها بتمعن ) كما أرى أيضا ..
الزوجة : (تقاطعه بحدة ) كفاك..شرحتنى وحطمتنى. ألهذا الحد  لم  أعد أروق لك؟! ..منظرى أصبح منفرا إلى هذه الدرجة؟
الزوج  : ( مدافعا عن نفسه) حبيبتى..أنا لا أقصد شيئا.. بل أخشى عليك لأنى أحبك. وأخاف أن تكونى مريضة..أو منهكة من العمل ، أو ..
الزوجة : ( تحملق فيه ) أو ماذا؟
الزوج  :  لا أدرى ..لعلك تحتاجين إلى طبيب.
الزوجة :  وأنا أرى أنك تحتاج إلى زوجة جديدة ، فأنا أصبحت شاحبة هائشة الشعر ..قبيحة الخلقة.
الزوج  : لا ..لا ..ثم أنى لم أقل قبيحة الخلقة.
الزوجة : وماذا تنتظر؟  قلها بالمرة.
الزوج  : أنت أجمل النساء..لكننى أخشى عليك. تعالى..انظرى فى المرآة ( يحاول جذبها للمرأة المثبتة فى أحد الأركان، فتقاوم وتنزع يدها منه ، تهم وتبتعد عنه)
الزوجة : أعرف شكلى جيدا ..لا أحتاج إلى مرآتك.( تشعر بألم وهى تبتعد عنه، تنتابها أعراض قيىء ..تضع يدها على فمها ..تجرى فى اتجاه الحمام. يتابع الزوج مذهولا من خارج الباب .. نسمع صوت تألم وأنين الزوجة..تعود فى حالة إعياء تمسك بطنها)
الزوج  : هل صدقيتننى الآن؟ ألم أقل لك إنك مريضة. وهذه  أعراض المرض.
الزوجة : ( بصعوبة ) لكنى لا أحس بمرض معين..(ثم بتحفز ) أنت من أثار غضبى وإحباطى. أنت السبب.
الزوج  : أنا ؟!
الزوجة : ( لا ترد..تجلس مجهدة..يتابعها الزوج لفترة  صامتا..تعن له فكرة ..فترتسم ابتسامة على وجهه .يقترب منها)
الزوج  : حبيبتى..حبيبتى..لعلك لست مريضة .
الزوجة : ( تنظر إليه مستفهمة).
الزوج  : لعلها..لعلها  أعراض حمل .
الزوجة : ( تفاجأ ،  فتنسى ألمها) ماذا ؟!
الزوج  : لعلها أعراض حمل ..أليس هذا محتملا؟
الزوجة : ( تروقها الفكرة ) ربما ..من المحتمل..لكن لا أظن ..لا أظن..لعلها نزلة برد.
الزوج  : لماذا ؟ ألا تحبيننى ؟ ألا تودين أن يكون لنا أبناء ؟
الزوجة : بلى .. أود فى كل لحظة.
الزوج  : ( يبتعد غاضبا ) لعلك تتعاطين حبوب منع الحمل.
الزوجة : بالتأكيد ..لا.
الزوج  : أو أية وسيلة أخرى؟
الزوجة : لو كان الأمر كذلك ما ذهبت معك للأطباء، لنعرف سبب تأخر الحمل لمدة ثلاث سنوات منذ زواجنا.
الزوج  : إذن لنفترض أنها ..أنها أعراض حمل.
الزوجة : (تسلم برأيه بدلال ) لنفترض.
الزوج  : ( سعيدا ) إذن سأكون أبا.
الزوجة : هكذا مرة واحدة !
الزوج  : هكذا مرة واحدة ؟! وكيف أكون أبا إذن ؟! بالتقسيط المريح.. بخطة خمسية أم عشرية؟. حفرنا تفريعة قناة السويس  فى سنة ، وتستكثرين على أن تحملى منى بعد ثلاث سنوات .. أى ثلاث تفريعات .
الزوجة : إذن تظن أنها أعراض حمل ؟
الزوج  : أعتقد ذلك.
الزوجة : إذن سأكون أما .
الزوج  : تكونين أما ؟! هكذا مرة واحدة !
الزوجة : لا .. بعد تسعة شهور ، أو ربما أقل ، فلعله مرّ على الحمل شهر أو أكثر.
الزوج  : لا بد أن نذهب للطبيب.
الزوجة : نعم أظن ذلك .
( يتعانقان فى هيام )                        ( إظلام  )
( المشهد الثانى )
( غرفة عيادة طبيب نساء وتوليد ، يجلس الطبيب خلف المكتب متطلعا، طرقات على الباب تدخل الممرضة)
الممرضة : هل أٌدخل حالة  كشف جديدة يا دكتور؟ .
الطبيب  : نعم ..أجلى الإعادة لآخر اليوم.
الممرضة : وهل لليوم آخر.. النساء تمطر أطفالآ ليلا ونهارا كسماء الشتاء. ( تفتح باب الغرفة ، يدخل الزوج والزوجة ).
الزوج  : مساء الخير يا دكتور.
الطبيب  : ( مرحبا ) أهلا وسهلا.. أهلا بكما. كيف الحال؟
الزوج  : نرجو أن تطمئننا يا دكتور.
الطبيب  : أتمنى أن تكون المنشطات والنظام المتبع قد أتيا بنتيجة.
الزوج  : ( متهللا ) نظن ذلك.
الطبيب  : حقا ؟ ( ينظر للزوجة ، فتبدو سعيدة خجلة ) تهانئى مقدما..دعونا نتأكد من ذلك ( وهو يشير للزوجة باتجاه سرير الكشف ) تفضلى ( تنهض وتختفى خلف الستارة وكذلك الطبيب . نسمع صوت الطبيب ) يا الله...ما هذا ؟ .. لا أصدق.( يبدو الزوج مفزوعا من تعليقات الطبيب ، يظهر الطبيب) رائع يا سبع السباع ..تهانئى ...مبارك يا أسد... المدام حامل. ( تعود الزوجة من خلف الستارة وهى تعدل هندامها ) مبارك يا مدام.
الزوجة : شكرا يا دكتور ، البركة فى حضرتك.
الزوج  : حقا يا دكتور ؟ هل تأكدت تماما من ذلك ؟
الطبيب  : (بغضب )أتشك فى قدراتى ؟ هل تحب أن أريك الجنين على شاشة السونار ؟
الزوج  :  لا ..لا ..ما دمت متأكدا..أنا لا أفهم فى هذه الأشياء.
الطبيب  : هذا أفضل ، فصورة الجنين فى بداية الحمل تكون هلامية كطبق جلى، أما أنا ( بفخر)  فخبير فى هذه الأشياء،  ولعل نتيجة اليوم أكدت لكما ذلك.
الزوج  : طبعا ..فأنت خبير مشهور..خبير عالمى (يتجه للزوجة) مبارك حبيبتى ..ألف مبارك لنا .
الزوجة  : (بخجل وفرح ) مبارك لنا.
الطبيب  : يجب أن تهتم بها  يا بطل  فى الشهور القادمة..تحتاج إلى رعايتك النفسية أكثر مما تحتاج إلى...(يقهقه ) أظنك فهمت يا نمس.
الزوج  : ( يبتسم بمكر ) نعم فهمت .. شكرا يا دكتور.
الزوجة : شكرا يا دكتور.
الزوج  : سأكتب لك روشتة تسيرين عليها فى الأيام القادمة .. وهذه مطوية بها إرشادات ونصائح لصحتك وغذائك خلال الحمل. ( يناولها المطوية ) يكتب الروشتة ( يناولها للزوج )
الزوج والزوجة : شكرا يا دكتور
( يخرجان )
إظلام
المشهد الثالث
( صالة شقة الزوج والزوجة ، وقد ازدانت بالزينات ، كما توجد مائدة مكتظة بالأطعمة ، ينهمك الزوج فى تعليق المزيد من الزينة، تدخل الزوجة من باب الشقة فى يدها بعض الأكياس ، وقد انتفخ بطنها وتكور)
الزوجة  : ( تتأمل الزينات  بدهشة) ما هذا ؟ ماذا تفعل ؟
الزوج : ( مسرورا ) كما ترين ؟.. أعلق الزينات.
الزوجة  : لماذا ؟!
الزوج : لماذا ؟! لدينا الليلة حفلة.
الزوجة  : بمناسبة ماذا ؟ ليس هذا موعد عيد ميلادى أو ميلادك.
الزوج : لدينا أهم عيد ميلاد منتظر، سيكون أهم عيد ميلاد فى الوجود ، فى التاريخ.
الزوجة : فى التاريخ ؟ عيد ميلاد من هذا ؟
الزوج  : ( يقترب منها فى حنان، يضع يده على بطنها فى رفق)عيد ميلاد ابننا المحبوب.
الزوجة : عيد ميلاد ابننا المحبوب ! أمامى شهور قبل الوضع، وتحتفل بعيد ميلاده؟!.
الزوج  : وما المشكلة ؟ سنقيم حفلة كل ثلاثة شهور..لا ..بل كل شهر..لا.. بل كل يوم . نحن ننتظر هذه المناسبة منذ سنوات ، ستكون حياتنا كلها حفلة ممتدة.. فرح دائم.
الزوجة : والميزانية؟
الزوج  : الميزانية ؟ عليها اللعنة .. لسنا عبيدا للميزانية..كل شىء يهون من أجل هذه المناسبة.
الزوجة : ( تضع يدها على بطنها متألمة ) لا أدرى لماذا يزداد الألم كل يوم ..أحس بألم متزايد فى بطنى.
الزوج  : ( فرحا ) هذا طبيعى يا حبيبتى .
الزوجة : ( بدلال ) لكنى لا أحس بحركة طفلنا .
الزوج  : سوف يتحرك.
الزوجة : صحيح !
الزوج  : بل سيرفس.
الزوجة : صحيح ! ( تمسك بطنها بدلال )  أحس بحركة  هنا ..تعالى ..تعالى بسرعة ، (تمسك يده وتضعها على بطنها ) ضع يدك هنا ، ألا تحس بحركة ؟.
الزوج  : (بحماس ) بلى.. أحس أنه يضربنى بقدمه ..إنه يرفس ..اضرب يا أسد .
الزوجة : لعلها بنت ..اضربى حبيبتى .. لكن رفقا بأمك المسكينة.
( يرن جرس الباب ، تتجه الزوجة وتفتح، تدخل أمها ، تحتضنها) أهلا ماما .
الأم  : لماذا تفتحين الباب بنفسك ؟ أين زوجك ؟ ( تراه أمامها مبتسما ) لماذا تتركها تفتح الباب؟ ما فائدتك أنت فى البيت ؟ لماذا تجهدها؟ ألا تعلم أنها حامل تحتاج إلى راحة ؟( يحاول الزوج ان يتكلم ، فتواصل ) ولعلك تتعبها فى أعمال البيت ؟ ( ثم لابنتها ) من يطبخ لكما؟ ومن يكنس ؟
الزوجة : أنا طبعا يا ماما.
الأم   : ( للزوج بانفعال ) كيف تدعها تطبخ وتكنس ، ولعلها تغسل وتجمع الملابس منحنية على المنشر.. يا كبدى يا ابنتى ..  أليس فى قلوب الرجال رحمة ؟ المسكينة شاحبة ضعيفة ..تحتاج تغذية وراحة.
الزوج  : ( يحاول الدفاع عن نفسه ) الحكاية يا حماتى ..أننى ..
الأم  :) تقاطعه) الحكاية إنك عديم الرحمة..تريد إجهاضها..قتلها.
الزوج  : إطلاقا ..بل أتمنى لها كل خير..انظرى ( يشير للزينات) لقد علقت كل هذه الزينات احتفالا بحملها.
الأم   : (ساخرة ) شاطر.
الزوجة : وسنقيم الليلة حفلة كبيرة سيحضرها عدد كبير من الأصدقاء.
الأم  : وطبعا المسكينة ابنتى هى التى ستعمل خادمة لكل هؤلاء.
الزوج  : لا ..لا.. كل شىء جاهز.. توصيل الطلبات للمنازل لم يعد يتعب أحدا.
  (يرن جرس الباب، يفتح الزوج ، يدخل بعض الأصدقاء ، يرحب بهم الزوجان، يغلق الباب  )
الزوج  : أهلا بكم ومرحبا وشكرا لتشريفكم ، لدينا الليلة  وليمة وحفلة ساهرة بمناسبة المولود المنتظر .. تفضلوا ( يشير إلى مائدة الطعام ويتجه نحوها فيتبعه الجميع.. صوت أغنية صاخبة )
(إظلام)
المشهد الرابع
( غرفة الطبيب. الطبيب خلف المكتب ، تفتح الممرضة الباب ، تدخل الزوجة تستند على زوجها  )
الزوجة : (تتألم ) الحقنى يا دكتور.. الحقنى ..ألم رهيب
الزوج  : الظاهر إنها أعراض ولادة يا دكتور.
الطبيب  :  ( يهب من مقعده) لا تقلقى .. استبشرا خيرا.
الزوجة : (تتلوى وتتأوه) سأموت يا دكتور انقذنى.
الطبيب  :اهدئى ..العصبية الزائدة خطر عليك وعلى المولود.تعالى واسترخى هنا ( يصطحبها على سرير الولادة  يكشف بجهاز السونار وهى تصرخ ) إنها أعراض ولادة فعلا.. ومنذ عدة ساعات. لماذا تأخرتما؟.
الزوج : ( مفزوعا مرتبكا ) الشوارع مزدحمة يا دكتور. أنصار الفائزين فى انتخابات مجلس النواب يحتفلون ويسدون الشوارع. هل أنتظر بالخارج يا دكتور؟.
الطبيب  : كما تحب . يمكنك أن تبقى بجوارها، خاصة أن أمها غير موجودة.
الزوج : ( مترددا ) لا أدرى ، لم أمر بهذه المواقف من قبل .
الطبيب  : ( وهو يحضر للولادة ) الأمر بسيط..يمر به جميع البشر منذ بدء الخليقة. لا تخف ،( ثم للزوجة المتألمة ) هيا ساعدينى يا عزيزتى..ساعدى نفسك ووليدك ..ادفعى لأسفل ..بإرادة وتصميم..هيا دقائق ويزول الألم وتصبحين أما سعيدة    ( تتألم الزوجة وتصرخ ، تأخذ نفسا عميقا ..تدفع بشدة ..ثم تهدأ كأنها أغمى عليها )
الزوج : إلحق يا دكتور ، زوجتى ماتت.
الطبيب  : ( مهللا ) رائع .. أحسنت يا عزيزتى.
الزوج : رائع؟! ..زوجتى ماتت وتقول لها أحسنت.
الطبيب  : لم تمت، بل وضعت بسلام( يتلقى ما يظنه المولود.. يفزع الطبيب .. يصاب برعب وذهول ، يتراجع ، يضع نتاج الرحم على مفرش أبيض يحمله، يبدو كمشيمة ملطخة بالدماء، لا يوجد صوت بكاء لطفل  )
الزوج : ( مرعوبا ) أين المولود ؟؟ أين طفلى ؟!
الطبيب  : ( يعجز عن الإجابة، يتسمر فى مكانه حاملا المفرش الملطخ بالدماء..يهز كتفيه بما يفيد أنه لا يعرف، تبدو الزوجة فى غيبوبة)
الزوج : ( صارخا فى الطبيب ) أين المولود ؟ أين الطفل ؟ أين ابنى؟
الطبيب  : لا أدرى.لا أفهم ماذا حدث..شىء غريب..حالة نادرة.
الزوج : هل مات المولود ؟
الطبيب  : الحقيقة.. أنه لا يوجد مولود.
الزوج : ماذا ؟
الطبيب  : لا يوجد مولود.
الزوج : وماذا كان فى بطن زوجتى ؟
الطبيب  : لا أدرى .
الزوج : وماذا كنت تشاهد فى السونار ؟
الطبيب : إنها حالة عجيبة ..حالة نادرة.أحيانا تخطئ الأجهزة..أول مرة أعاين حالة ولادة  ، لكن دون مولود.
الزوج  : ولا حتى ميت ؟!
الطبيب: ( شاردا ) لا يوجد مولود..هذه هى الحقيقة !.
الزوج  : ولاحتى مشوه .
الطبيب : لا يوجد مولود..هذه هى الحقيقة !.
الزوج  : وماذا كان فى الرحم طوال تلك المدة ؟! ماذا كان يتشكل بداخلها يكبر؟
الطبيب : لا أدرى ..لعله ورم .. ورم ليفى ، لعله تضخم ، لكن لا يوجد مولود. هذه هى الحقيقة !.
الزوج  : ورم؟ .. تضخم؟ . إذن زوجتى تموت ..أو لعلها ماتت.
الطبيب  : أو لعلها تخلصت وشفيت من هذا الورم اللعين.
الزوج  : هل أنت مجنون ؟
الطبيب  : لا يوجد مولود..هذه هى الحقيقة !.
الزوج  : لعله ما يزال داخل الرحم .
الطبيب  : الرحم خاو تماما .
الزوج  : ( كالمجنون ) لعله سقط أسفل السرير. ( ينحنى ويبحث، يصيح فى الطبيب ) ابحث معى . ( ينحيان ويبحثان ، ينهضان . يضرب الزوج كفا بكف ) غير موجود. لا يوجد مولود. ..هذه هى الحقيقة !. (للطبيب كأنه يتشبث بأمل آخير ) أين طفلى ؟
الطبيب  : لا أدرى.
الزوج  : لعله مات فى الرحم وذبل.
الطبيب  : لا يوجد مولود حتى يموت.
الزوج  : هل ولد مسخا مشوها ؟
الطبيب  : لا أدرى ..لعله. لكن أيضا لا يوجد مولود.
الزوج  : ( إذن ) أنت كاذب. . دجال ..كنت تكذب علينا طوال الفترة الماضية وتبتزنا ، جعلتنا نبنى تلالا من الأحلام ، ثم تركتنا نهوى فى الفراغ السحيق ( يبكى ) أنت كاذب ..كاذب ومجنون.
الطبيب  : لا أدرى ..ربما.
الزوج  : ( يتشبث بالأمل) لكنك قلت توجد حالة ولادة.أليس كذلك؟.
الطبيب  : بلى ..لكن لا يوجد مولود .
الزوج  : ( فرحا قليلا ) إذن هناك حالة ولادة . اعترف .
الطبيب  : أعترف ..هناك حالة ولادة .. لكن لا ...
الزوج  : ( يقاطعه ) وما هذا الموجود فى المفرش ؟
الطبيب  : مشيمة.
الزوج  :  وماذا كان داخل المشيمة ؟
الطبيب  : المفروض أن يكون بداخلها طفل .
الزوج  : ( يهذى) لا يهم .. لعله طفل من نوع خاص .. حالة خاصة . كائن مختلف عما عرفته البشرية .
الطبيب  : لعله .
الزوج  : إذن لدينا مشيمة ..
الطبيب  : بالتأكيد.
الزوج  : ولدينا حالة ولادة .
الطبيب  : بالتأكيد.
الزوج  : رائع.
الطبيب  : رائع ؟! ليس لدينا مولود.
الزوج  : لا يهم .. المهم أن لدينا حالة ولادة .
الطبيب : ( فرحا ) فعلا .. لدينا حالة ولادة.
الزوج  : ( يتجه لزوجته الغافية الغائبة عما يدور حولها ) افرحى حبيبتى .. لدينا حالة ولادة. لدينا حالة ولادة (تتحرك الزوجة قليلا) هيا افيقى .. ( كالمحموم ) لدينا حالة ولادة .
(إظلام )
 ( المشهد الأخير)
 ( صالة شقة الزوج والزوجة ، الشقة مزدانة بالزينات ، والمائدة مكتظة بالطعام، الزوج منهمك فى تعليق الزينات ، تدخل الزوجة من إحدى الحجرات وقد عادت لرشاقتها )
الزوجة : ( تتساءل بأسى ) هل أنت متأكد يا حبيبى أن لدينا حالة ولادة ؟
الزوج  : هل لديك شك فى ذلك ؟! ماذا كنا نفعل إذن عند الدكتور ؟! ثم انظرى إلى بطنك، أين الجنين ؟ عدت رشيقة يا عصفورتى.
الزوجة : (متحسرة ) نعم يا حبيبى ..أين الجنين ؟
الزوج  : بطنك عاد طبيعيا ..الجنين غير موجود فى بطنك ..هذه حقيقة .
الزوجة : وأين ذهب إذن  ؟
الزوج  : ليس مهما أين ذهب؟ السؤال هو: هل لدينا حالة ولادة؟ لدينا حالة ولادة ..هذا مؤكد .
الزوجة :  ( فرحة ) نعم ..لدينا حالة ولادة . وماذا سنفعل الآن ؟
الزوج  : ماذا سنفعل الآن ؟! حفلة كبيرة طبعا ..وليمة ..عقيقة ..سنذبح خروفا ..لا بل سنذبح عجلا.
الزوجة : لِمَ كل هذا؟ ومن أين لنا؟ لقد بعت ذهبى واقترضت من أمى .
الزوج  : ليس مهما .. كل شىء يعوض .. المهم أن لدينا حالة ولادة .
الزوجة : وإلى متى ستستمر هذه الاحتفالات ؟
الزوج  : إلى الأبد ..أنه حدث تاريخى .. قد لا يتكرر مرة أخرى .
الزوجة : (باشتياق ) هل يمكن أن نرزق بمولود جديد ؟
الزوج  : مولود جديد ؟ ربما .
الزوجة : أتمنى أن يختلف عن هذه المرة.
الزوج  : (مأخوذا ) ماذا تقصدين ؟ ( يحدق كل منهما فى عينى الآخر فى صمت ، كأنه يخشى أن يبوح للآخر بالحقيقة ، يهرب الزوج من المواجهة)  دعينا نعيش اللحظة الحالية ، لماذا نفكر فى الغد البعيد ، المهم الآن أن لدينا ولادة .
الزوجة :  ( متحسرة )  نعم لدينا ولادة ..(بحزن عميق ) لكن أين المولود ؟
الزوج  : ( منفعلا ) لماذا نشغل أنفسنا الآن بهذه الآسئلة الهامشية .. الجميع يعلم أن لدينا ولادة... تريدين مولودا؟        ( يتناول دمية على شكل طفل ) ها هو ذا يا سيدتى .. ليست هذه هى القضية .
الزوجة : ( تحتضن الدمية فى حنان ) يا الله إنه رائع...هل سيحضر الأصدقاء فعلا؟
الزوج  : كل هذه الوليمة ولا يأتون ؟ ! حتى الطبيب سيأتى .
الزوجة : حبيبى .. ماذا سنسمى المولود؟
الزوج  : لقد أسميته بالفعل ؟
الزوجة : أسميته ؟ ماذا أسميته ؟
الزوج  : "محروس".
الزوجة : "محروس " ؟!
الزوج  : ماذا ؟ ألا يعجبك الاسم ؟
الزوجة : نعم .. لا يعجبنى . ثم لعله بنت ،  لماذا لم تسمها محروسة .. (بفرح ) نعم ..محروسة ( تهدهد الدمية ) اسم رائع.
الزوج  : لم يعد أحد يسمى هذه الأسماء للبنات. اسم قديم جدا ..اسم تاريخى .
( يدق جرس الباب، يفتح الزوج، تدخل حماته محملة بالهدايا )
الزوجة : (تحتضنها ) أهلا ماما .
الأم    :أهلا حبيبتى .. كيف حالك ؟
الزوجة : انظرى ماما ..هذا هو المولود ..زوجى يريد أن يسميه  " محروس " وأنا أود أن أسميها " محروسة "
الأم    : (لا تنظر للمولود ) محروس أم محروسة ؟! المولود ولد أم بنت ؟!
الزوج  : لا يهم نوع المولود .. المهم ماذا نسميه .."محروس" أم "محروسة" ؟
الأم    : الأفضل أن تسموه "عزيز " أو " عزيزة" ؟
الزوج : يا لها من أسماء قديمة منذ عصر الاحتلال البريطانى.
الأم    : ( بغضب ) قديمة؟ ألا تعجبك أسمائى؟..إذن لا تسألونى.
       ( يدق جرس الباب، يفتح الزوج ، يدخل الطبيب )
الزوج  : أهلا بطبيبنا المغوار .. مرحبا بالعلامة الكبير فى بيتنا المتواضع . جئت فى الوقت المناسب .
الطبيب  : شكرا لكم .
الزوج  : ما رأيك يا دكتور .. نسمى المولود " محروس " أم " محروسة "؟
الطبيب  : ( مفكرا ) أظن الولادة كانت توأما .
الزوج والزوجة :حقا ؟ هل هذا مؤكد ؟
الطبيب  : أظن ذلك.
الزوج  : لا يكفى الظن ..لا بد من اليقين .
الطبيب  : اليقين ؟! إذن أنا متأكد.
الزوج  : إذن حالة الولادة كانت  توأما .. لدينا توأم .. سنسميهما " محروس " و " محروسة " .
الزوجة : لعل محروسة ولدت أولا.. ( للطبيب ) لكن لا يوجد إدرار للبن فى صدرى . لماذا يا دكتور .
الطبيب  : ( بلا مبالاة ) لا يهم .. ليس شرطا.
الزوج  : (يتدخل ) نعم حبيبتى ..ليس شرطا ، هل كل ولادة لا بد أن يترتب عليها إدرار للّبن ؟ لا .. وإلا لماذا اخترعوا اللبن الصناعى ..معظم أطفال العالم يعيشون على اللبن الصناعى. لا تشغلى نفسك بهذه المسألة الفرعية .. المهم أن لدينا ولادة .
    ( يرن جرس الباب ، يفتح الزوج ، تدخل مجموعة الأصدقاء ، ترتفع موسيقى صاخبة ، يغنى الجميع)
الجميع :
لدينا حالة ولادة
حلاوتها سكر زيادة
شربات يا ناس فوق العادة
توأم ملائكة غنوا يا سادة
لدينا حالة ولادة
توأم جعل حياتنا سعادة

(ستار النهاية )
  الفيوم
20 /10 /2015

ليست هناك تعليقات: