فلاش باك
عزيزة
شرقاوي*
رنين
الهاتف في تلك الساعة الباكرة أَرْبَك َ مشروعَ صباح هادئ
ـ ألو ؟.
ـ ألو كيف
حالك ؟لماذا لاتجيبين …..؟ علينا أن.. ؟ مازال أمامنا .. ؟
قال بصوت
متهدج كأمير يبكي مُلْكَاً مُضَاعاً
بادلته
لغة الهاتف ولم أزد عليها بلعني الصمت وشيء من الحسرة ؟
حَشْرَجَةُ
صوته أبقتني على حافة الحب و اللا حب معا
أعادتني
إلى كل الذي كان ...إلى حِلْمِه حين يظلم إلى كلماته الكسيحة في الحب ، إلى عاداته
القديمة وسذاجتي ..
الى عمره
الطويل في الملاهي الليلية ...
أذكر يوم
كان يجلس إلى نفسه في مقهى الحي كل مساء يَسْتَمْرٍئُ كأس الشاي بنشوة عارمة،
يطالع جريدته المفضلة كعاشق أقصد التي كانت مفضلة عنده ، ولم أكن بموازاته أفعل
شيئا عالي القيمة كنت أنظر إليه من ثنايا نافذة البيت المقابلة بعينين خفيفتين
كطيفه ،كظله ، و بفضول نسائي قاتل أتطلع الى طاولته التي رتب لي القدر على
سَهْوَتِهَا حُزْنِي ... وسط هدره وغليانه، نفضني سؤاله من غيمة الذكريات العقيم،
يسألني :
ـ ماذا
أفعل هذه الأيام ؟؟؟
هوالذي
يدري جيدا كيف عَطل دَوَاليب حياتي ...
لا أفعل
شيئا عالي القيمة .
أُمَشط
أزقة المدينة القديمة ساعة الضجر ،أحيي الجيران تحايا الصباح والمساء الإعتيادية والرتيبة
، أقلب رسائلك القديمة ذات اليمين وذات الشمال أبحث عن وجهك المحير في الروايات
الرومنسية ذات البدايات البطولية والنهايات القاتلة ..
في كل
قصائد الحب التي سرقتها يوما لي .. ولا أبشع من أن يستعير عاشق كلماته . الخطوط
المتقطعة على الرصيف تُشْبِهُنِي ، الأضواء الباهثة على ناصية الشارع تذكرني
بحياتي الأولى معك كان صوتي خافتا في وجودك ،كنتُ ظِلك الوديع الذي لا يثور وكنتَ
كل الثورات التي لاتُهَادِن ...
لا أفعل
شيئا عالي القيمة .
بُؤْسُ
الحاضر جعلني أُعِيدُ ذكريات الطفولة رَجْعًا جميلا جديدا وصورا نَدِية ًحُبْلى
بالضحك واللعب حين كنت طفلة بأحلام الكبار ...
صوت
زامُور خُدام البلدية يذوي قويا فيقطع حبل الذكرى ، أضغط خيط أحلام الطفولة كي
أُبْقِي على تلك اللحظة حتى لا تنفلت ، تغرق نفسي بوحل الاسترجاعات لكن لاتحين
مناص.. ... جليد المداشير الخاوية التي هجرتها تهجس بك ....وتشيعني جنازة أخرى على
يديك أجأر برثاء أيام اعتقدتني سعيدة فيها معك . .الآن يا عزيزي البعيد على قربك
صِرْتُ أفعل شيئا عالي القيمة
_:لأني
ماعدت أستذكر بحب شيئا مما فات ولا أستبقي شيئا مما كان في نفسي لك صرت نسيا
منسيا.
صوته في
الهاتف أخذها إلى مامضى لحظة لحظة ، وتداوُل الأيام أطفأ هالة في نفسها كانت له ،
كان يريد استعادة بعضها لو أمكنه ذلك لكنه أغلق كل سبيل إليها بقسوته ،صوته أعادها
إلى صورة امراة مُنْكَسِرَة ٍ لم تعد تشبهها ، إلى طفلهما الذي لم تمهله القسوة أن
يُنْجب على مهل ولم يهديه القدر في عمره القصير إلا عيد ميلاد واحد كان يوم
ولادته.
"صوتك
غثيان"
"صوتك
لايستحق شرودا "
أو
"حتى لحظة استعادة عابرة":
قالت بين
الهمس والسر وهي تهوي بالسماعة وتغلق هاتف قلبِها .
* المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق