دراسة من إعداد
أ . يعقوب الشارونى
لابد من تنظيم برنامج قومى لتوعية الآباء بالمهام الوالدية ، وذلك فى سبيل خلق تفاعل بين الأسرة والمدرسة وأجهزة الإعلام ، لتكوين رأى عام يساند الجهود المبذولة لتنمية عادة القراءة ، وتأكيد أهمية الكتاب فى حياة الأبناء .
ويمكن عقد دورات تدريبية أو لقاءات توعية للوالدين .
ويساعد فى هذه التوعية ، مساهمة وسائل الإعلام بدور أساسى فيها .
ذلك فإن ما نقدمه هنا ، يمثل خلفية لا غنى عنها لكل من يتعامل مع الطفل ، أو يشارك فى تقديم وسيلة من وسائل الثقافة والمعرفة للأطفال ، وعلى وجه خاص من يكتب كتابًا أو قصة أو رواية أو مسرحية أو شعرًا للأطفال ، أو يعمل فى أحد وسائل الإعلام .
وهى خلفية لابد أيضًا أن تكون جزءًا من قناعة وسلوك كل من يكون مسئولاً عن طفل أو أطفال ، وكل من يقوم باختيار قصة أو كتاب للطفل ، وكل من يقرأ لطفله ، أو يقرأ مع طفله .
إنها سطور تفتح أمام الأديب والفنان ، والمُرَبِّى ، والآباء والأمهات ، والإعلاميين ، والمدرسين ، وأمناء وأمينات المكتبات ، أساسيات فى تربية الطفل والتعامل معه وفهمه ، فى ضوء ما تقدمه الخبرة وعلوم التربية والنمو وعلم النفس - وهى أساسيات لابد من مراعاتها بدقة ، لكى يظل التعامل مع الأطفال وسيلة ناجحة لنموهم السليم ، ولاكتشاف مواهبهم ، وتنمية قدراتهم الإبداعية .
* * *
* وهناك مقولة ، على صحتها ، فيها كثير من القسوة على عدد كبير ممن يتصوّرون أنهم يقومون بتربية أبنائهم على أفضل وجه :
" إذا أردنا تعديل ما لا نقره من سلوك بعض الأطفال ، فعلينا ، لتعديله ، أن نُعيد تربية آباء وأمهات هؤلاء الأطفال " .
لذلك تعالوا نستمع إلى ترجمة قصيدة مشهورة ، أصبحت دستورًا لعلاقة مُتوازنة سليمة بين الوالدين والأبناء ، عنوانها :
الأطفال يتعلّمون ما يُعايشونه
- يتعلّم الأطفال السخط إذا نشأوا فى جو من الانتقاد .
- يتعلّم الأطفال السلوك العدوانى إذا نشأوا فى جو من العداء .
- يتعلّم الأطفال القلق إذا نشأوا فى جو من الخوف .
- يتعلّم الأطفال الرثاء لحالهم إذا نشأوا فى جو يشيع فيه الإشفاق على الذات .
- يتعلّم الأطفال الخجل إذا نشأوا فى جو من السخرية .
- يتعلّم الأطفال الحسد إذا نشأوا فى جو من الغيرة .
- يتعلّم الأطفال الشعور بالذنب إذا نشأوا فى جو يُشعرهم بالخزى .
- يتعلّم الأطفال الثقة إذا نشأوا فى جو من التشجيع .
- يتعلّم الأطفال الصبر إذا نشأوا على القــُدرة على التحمّل .
- يتعلّم الأطفال تقدير الشىء حق قدره إذا نشأوا فى جو من الإطراء والمدح .
- يتعلّم الأطفال الحُب إذا نشأوا فى جو من الاستحسان .
- يتعلّم الأطفال تقدير أنفسهم إذا نشأوا فى جو من التقدير .
- يتعلّم الأطفال فائدة وجود هدف فى الحياة إذا نشأوا فى جو من الاهتمام بالمستقبل .
- يتعلّم الأطفال الكرم إذا نشأوا فى جو من المُشاركة .
- يتعلّم الأطفال الصدق إذا نشأوا فى جو من الصراحة .
- يتعلّم الأطفال العدل إذا نشأوا فى جو من الإنصاف .
- يتعلّم الأطفال احترام الآخرين إذا نشأوا فى جو من الحنان ومُراعاة شعور الآخرين .
- يتعلّم الأطفال اكتساب الثقة فى أنفسهم وفيمن حولهم إذا نشأوا فى جو من الأمان .
- يتعلّم الأطفال الشعور بأن العالم مكان بهيج للعيش فيه إذا نشأوا فى جو يتسم بالود .
* الآباء يخطئون دون قصد :
إن مُعظم الآباء يرغبون بصدق أن يكونوا مُحبين لأطفالهم ، مُتعاطفين ومُتقبّلين وصادقين معهم ، وأن يعدِلوا بينهم فى المُعاملة ، وأن يعملوا على نموهم المتوازن دينيًّا وعاطفيًّا وثقافيًّا ومعرفيًّا .. لكن المُشكلة أن مُعظم الآباء لم يتعلّموا الطُرق والوسائل الخاصة بالتفاعل والتواصل فى مجال التربية ، والتى ينتج عنها التعاطف والاهتمام والصدق ، وسلامة التربية ، وترقية الفكر والعواطف ، والمُساواة فى تربية الأبناء .
ويستحيل أن نجد من يُصرّح أنه يؤذى أطفاله عن عمد ، لكن هذا ما يفعله مُعظم الآباء دون قصد . وعادة ما يحدث هذا نتيجة عدم الوعى ، أو بسبب الشعور الخفى بالرغبة فى أن يقوموا بتربية الأبناء بنفس الطريقة التى تربوا هم بها ، أو بسبب نقل الآباء مُعتقداتهم الشخصية القاصرة واضطراباتهم الانفعالية إلى أطفالهم .
ويتطلّب الأمر شجاعة ووعيًا للقضاء على السلوكيات السلبية الهدامة التى قد نستخدمها بلا وعى فى تعاملاتنا مع أطفالنا ، ويتطلّب أيضــًا أن نرغب فى أن نحيا بوعى وإرادة بهدف تربية أطفال أصحاء سُعداء مُثـَقـَّفِين ومُنضبطين ذاتيًّا .
إن الآباء يجب أن يتعلموا كيف يصبحون أقل انتقادًا ، وأكثر تسامحًا ، وأقل إصدارًا للأحكام ، وأكثر تقبّلاً للأطفال ، وأقل شعورًا بالضيق منهم ، وأكثر تشجيعًا لهم ، وأقل عدائية ، وأكثر حُبًّا لهم .
* أسئلة لابد من الإجابة عليها :
يقودنا هذا إلى إلقاء عدد من الأسئلة لابد من الإجابة عليها ، فمثلاً :
- كيف يُمكن لمُراهق أن يكون صريحًا مُنفتحًا مع من يُعاقبه دومًا من الوالدين ؟
- كيف يطلب النصح أو الإرشاد ممن يهمله ويترك له الحبل على الغارب منهما ؟
- ومَنْ يمكن أن يقف إلى جانب الأبناء طيلة سنوات المُراهقة الصعبة ، ويُساعدهم فى مُقاومة رسائل الإعلام الضارة أحيانًا ، وما يُمارسه عليهم أقرانهم أو " الشِّلة " من ضغوط ، وما يُمكن أن يتعرّضوا له من إساءة أو قسوة ؟ من يُساعدهم ليُحقِّقوا رغبتهم فى أن يفوزوا بالقبول ، وأن يتغلّبوا على خوفهم من الرفض ؟ كيف يتغلّبون على مشاعر الإحباط والخوف ، أو عدم الثقة ، أو الحيرة المُصاحبة لفترة المُراهقة المُضطربة ؟ أو التوفيق بين التكيّف مع مُحيطهم وبين الرغبة فى الصدق مع أنفسهم ؟ مَن يُمكن أن يُساعدهم فى كل ذلك غير آبائهم وأمهاتهم ؟
- هل تعطى الأسرة الطفل الثقة بنفسه من حيث احترام رأيه ، وإتاحة الحرية له للتعبير عن نفسه ؟
- هل تقوم الأسرة بتنمية شخصية الطفل عن طريق غرس حُب الاستطلاع وحُب المُبادرة والمُثابرة والرغبة فى الاكتشاف والبحث ؟
- هل تحاول الأسرة أن تفهم دوافع الطفل الداخلية عن طريق الحوار والمُشاركة والاستماع إلى وجهات نظره واحترامها ؟
- هل تعطى الأسرة للطفل حُرية اللعب الذى يُساعده على تخفيف القلق ، ويتناسب مع ميوله ورغباته ، ويُساهم فى تنمية كثير من الجوانب فى شخصيته وسلوكه ومهاراته ؟
- هل تستخدم الأسرة مع الطفل أسلوب التشجيع الذى يُثير حماس الطفل لتحقيق الإنجاز والتقدّم والنجاح ، أم تستخدم معه أسلوب العُنف والتسلّط والعقاب البدنى أو النفسى الذى يرسّب فى نفس الطفل التردّد والخوف والسلبية ، بل قد يؤدى إلى حمل الطفل على الكذب والسرقة والعدوانية والخداع ؟
- هل تدرك الأسرة أن المُشكلات الأسرية بين الأب والأم تؤدى إلى اضطرابات نفسية الأبناء ، وتهدد الاستقرار الأسرى ، وذلك عندما يكون الوالدان عصبيين ، مما يؤثــّر تأثيرًا سيّئــًا على علاقتهما ببعضهما وعلى علاقتهما بأطفالهما وعلى سلوك هؤلاء الأطفال ، فيصبح الوالدان قدوة سلوكية سيئة ، ويكون لهذا أثره السيئ فى تنشئة الصغار ؟
- إن مصلحة أطفالـنا وسلامتهم تتحقق فى أحيان كثيرة نتيجة إطلاعهم على ما يجول بخاطر والديهم من أفكار ، وما يتسلّحون به من قيم . كما يحتاج المُراهقون إلى التعبير عن شكوكهم ومخاوفهم ، والتنفيس عمّا يعتمل فى صدورهم ، والبحث فيما يملكونه من خيارات مع من ينصتون إليهم باهتمام من البالغين ، الذين يمكن أن يساعدونهم فى اتخاذ قرارات مسئولة دون إطلاق أيّة أحكام مُسبقة .
* الوالدية أصبحت مهنة :
لقد أصبحت الوالدية مهنة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانى ، بعد أن انشغل الآباء والأمهات بتوفير مُتطلبات الحياة لصغارهم ... لذا قامت العديد من الجمعيات الاجتماعية فى عدد كبير من الدول لتوعية الآباء والأمهات بمهام عملهم وبأصول واجباتهم المهنية نحو أبنائهم ، والتى كانت تعتبر فى الماضى من المهن الفطرية التى لا تحتاج لتعليم أو تدريب أو احتراف ... ولكن بعد أن تعقــّدت الحياة الاجتماعية والأسرية ، أصبح من الضرورى لكل من يُقْدِم على الاشتغال بمهنة الوالدية أن يتدرّب عليها ، حتى يُحقق النجاح المطلوب فى حياته الأسرية .
ذلك أن للأسرة كمؤسسة تربوية دورً أساسيًّا فى تنشئة الطفل ، وتعتبر أحد أهم وأبرز المجالات الرئيسية التى تؤثر فى تشكيل شخصية الطفل . ويمتد تأثير هذا التشكيل فى صياغة وبلورة شخصيته بشكل متكامل فى حياته المستقبلية .
كما أن للأسرة الدور الرئيسى والأساسى فى نقل المعلومات والمعارف والخبرات والقيم من جيل إلى جيل .
والأسرة هى أساس المجتمع الإنسانى من زوايا عديدة تاريخية وحضارية وثقافية .
كذلك الأسرة هى مجتمع مصغر بحد ذاته من حيث استقرارها وتكاملها وتفاعلها .
وتقوم الأسرة بدور لا تستطيع أية مؤسسة اجتماعية أخرى القيام به ، من ناحية رعاية الطفل والإسهام فى تنمية قدراته واستعداداته ومختلف جوانب شخصيته .
بالإضافة إلى أنها تحقق له الشعور بالأمن والطمأنينة والاستقرار والانتماء ، مما يحقق التكامل النفسى للطفل .
ومن الضرورى أن تبدأ مهام مهنة الوالديه الخطيرة هذه منذ اليوم الأول لوصول المولود ، وتستمر على مدى الحياة ، مع اختلاف وتباين مُتطلباتها ومسئولياتها باختلاف المرحلة العمرية التى يمر بها الطفل .
مبادئ أساسية للتربية الوالدية السليمة
وفيما يلى نــُلخــّص ما انتهى إليه العُلماء حول أهم المبادئ الأساسية للتربية الوالدية السليمة ، وهو حديث موجه إلى الأمهات على نحو خاص :
( 1 ) التفاعل مع الأطفال : تفاعلى مع مولودك منذ اللحظة الأولى لميلاده - ضميه إلى صدرك - احتضنيه بالحُب والحنان والدفء العاطفى - انظرى فى عينيه - ابتسمى له - ناغيه - حدّثيه ، فإن لذلك أثرًا كبيرًا فى نمو قــُدراته مُستقبلاً .
لهذا لا يجب أن تعتقدى أن مولودك هو مجرّد قطعة لحم فى حاجة إلى غذاء فقط لكى يعيش - ولا تشيحى بوجهك بعيدًا عنه عندما ترضعينه - ولا تتركيه وحيدًا - ولا ترفضى حمله أو مُداعبته ، فقد يؤدى به ذلك إلى حالة من التخلّف العقلى والاضطراب النفسى مُستقبلاً .
( 2 ) منح الطفل فرصة الاستكشاف والاستطلاع : امنحى طفلك فرصة الاستكشاف والاستطلاع فى المنزل ، بأن ترفعى جميع الأشياء الخطرة التى تهدد سلامته أو التى يُمكن أن تُكْسَر بسهولة ، أو ضعيها على أرفف مُرتفعة بعيدًا عن متناول يده .ضعى بدلاً منها بعض المجلات والصحف المستغنى عنها ، وكذلك اللعب المُناسبة لعمره . ثم اتركيه بعد هذا حرًّا يجول فى المنزل ويستكشف كل ما فيه ويلقى أسئلة حول ما يقابله .
وفى مُقابل هذا ، احذرى .. فلا تفرضى رأيك على طفلك باستمرار وبشكل مُتسلّط ، لكى لا يغمره الشعور بالإحباط ويُهدِّد تلقائيته ويعوق قــُدرته على الابتكار وتُفرض عليه السلبية ، ويفقد ثقته فى نفسه وتنعدم قدرته على حسن الاختيار ، أو يقابل سلوكك بالعناد أو حتى بالعدوان .
( 3 ) سُرعة الاستجابة لحاجات الطفل : استجيبى لطفلك على الفور بقدر استطاعتك كُــلّما احتاج إلى عونك ، مع توفير جو من البهجة والتفاؤل والتشجيع بقدر الإمكان .
لذلك لا تتركى طفلك دون تشجيع أو استحسان للسلوك المرغوب فيـه ، كـذلك لا تتركيه دون توجيه لما يجب وما لا يجب أن يقوم به لكن بغير غضب ولا عصبية ولا تهديد .
إن ترك الطفل بغير تشجيع فيه إهمال للطفل أشد قسوة من أى شىء آخر ، مع الكف تمامًا عن التأنيب والانتقاد والإنتقاص من شأن الطفل .
( 4 ) تواجدى مع طفلك أثناء ساعات يقظته ، لكى تمنحينه الاهتمام والانتباه الذى يحتاج إليه .
لكـن لا تقومى نيابة عـن الطفل بالواجبـات والمسئوليات التـى يمكنه القيام بها ، والتى يجب تدريبه عليها ، لكى لا تعوقى نمو شخصيته الاستقلالية بحمايتك الزائدة له .
( 5 ) ضعى حدودًا لا تتنازلى عنها أمام طلبات طفلك غير المعقولة وغير المقبولة ، لكى لا تشجعى طفلك على التعود على تحقيق رغباته بالشكل الذى يحلو له ، أو على القيام بألوان من السلوك الذى يُعتبر عادة غير مرغوب فيه اجتماعيًّا ، ففى هذا التدليل إفساد له .
( 6 ) تحدثى كثيرًا مع طفلك ، وابذلى جُهدًا لفهم ما يحاول أن يقوم به ، وركّزى على ما يراه مُهمًّا .. استخدمى الكلمات التى يفهمها مع إضافة كلمات جديدة مع المفاهيم المُـتّصلة بها ، مثلاً : إذا أعطاك الطفل كرة حمراء فقولى له : " هذه الكرة حمراء مثل ردائى ، أما قميصك فهو أزرق مثل البنطلون " وهكذا .
لكن لا تستخدمى القسوة فى تعاملك مع الطفل ، سواء كان ذلك عن طريق العقاب البدنى أو التهديد به أو الحرمان أو الإشعار بالذنب أو التحقير أو أى أسلوب آخر مُثير للألم الجسمى أو النفسى .
( 7 ) امنحى طفلك فُرص التعلم ، باصطحابك له إلى السوق ، أو السماح له بمساعدتك فى القيام ببعض الأعمال . إن هذا أفضـل من تركه جالسًا ، وإعطائه مُحاضرة فيما يجب وما لا يجب عمله .
( 8 ) لا تكونى مُذبذبة فى استخدامك للأساليب المُختلفة فى التربية ، كأن تكافئى مرة وتُعاقبى مرة أخرى على نفس السلوك ، أو أن تكونى مُتحيّرة غير مُستقرة إزاء الأسلوب الذى تستخدمينه .
( 9 ) كونى مُتقبّلة لا رافضة : إن الأطفال بطبيعتهم يحاولون الاتصال بالأشخاص والأشياء التى تحيط بهم ، وعلى الآباء أن يقابلوا هذا بالمثل ، يبتسمون عندما يبتسم لهم الطفل ، يعلنــون حُبّهـم بضمه إلى حضنهم ، ويُظهرون سرورهم بكل نجاح مهما صغر وهكذا .
( 10 ) يجب على الوالدين عدم الاختلاف أو الاحتداد أو المُشاجرة أمام الأطفال أو فى مُعاملتهما لهم ، ففى ذلك إثارة لقلقهم واضطرابهم النفسى ، كما أن هذا يقدم قدوة سيئة .
( 11 ) ولا تفرقا بين الأبناء أو تفضلا الواحد منهم على الآخر بسبب الجنس أو السن أو أى سبب عَرَضى آخر ، ففى هذا إشاعة للعداوة بينهم .
( 12 ) كونى حازمة ، لا مُتشدّدة ولا مُتساهلة : فالأطفال الذين يتميّزون أكثر من غيرهم بالاعتماد على النفس والضبط والاستقلالية هم أولئك الذين يقوم آباؤهم بمُمارسة نوع من الضبط عليهم وهم يتطلبون منهم أداء واجباتهم ، أو وهم يُتابعون ذلك ، دون أن يغفلوا عن إشعارهم بحرارة العاطفة نحوهم ، وتقبلهم كما هم ، وتشجيعهم على إنجازاتهم .
- لكن لا تُحدّى من حركة طفلك باستمرار ولمدد طويلة .
- ولا تسمحى لطفلك أن يركّز كل انتباهه عليكِ ، بحيث يطغى ذلك على حُب الاستطلاع والاستكشاف لديه .
- ولا تتجاهلى مُحاولات طفلك لجذب انتباهك ، حتى لا يؤدى ذلك إلى نوبات غضب لجذب الانتباه .
( 13 ) اسمحى لأطفالك بالمشاركة : فالأطفال يشعرون بالفخر عندما يرون أنفسهم كأعضاء نافعين فى مُجتمعهم ، وأن بمقدورهم خدمة الآخرين . ويُمكن أن تبدئى ذلك فى مرحلة مُبكّرة جدًّا . فطفل السنتين مثلاً يُمكنه أن يُساعد فى القيام بـِجَمْعِ لعبه ووضعها فى مكانها الصحيح ، وطفل الثلاث يُمكنه الاشتراك فى تحضير المائدة ، وطفل السبع سنوات يُمكن أن يُسند إليه بعض الأعمال الكبيرة النافعة .
ولا تنسى أن الطفل بعد ذلك يُمكن أن يُشارك فى مجلس الأسرة لاتخاذ بعض القرارات أو حل بعض المشكلات ، بل ويُشارك أيضًا فى الحديث عن بعض القضايا الموجودة فى المُجتمع أو على المستوى العالمى .
- لكن لا تخافى أن تفقدى حُب طفلك إذا قلت له أحيانــًا " لا " .
- ولا تُفسدى طفلك بمنحه الشعور بأن العالم قد خُلق من أجله وحده دون غيره .
تشجيع الأطفال على القراءة
من أهم عناصر التربية الوالدية
* قال أحد الشعراء الإنجليز : " قد تكون عندك ثروة ضخمة لا تساويها ثروة أخرى ، تملأ عددًا لا نهائيًّا من علب المجوهرات وخزائن الذهب ، لكن لا يمكن أن تكون أبدًا أغنى منى ، فقد كانت لى أم اعتادت أن تقرأ لى " .
فكل طفل يمكن أن يصبح قارئًا لا يشبع إذا استمتع فى سن مبكرة بالإصغاء إلى من يقرأ له ..
فالقراءة بصوت مرتفع لصغار الأطفال توقظ خيالهم ، وتعمل على نمو مهاراتهم اللغوية ، بل تتضمن أكثر من ذلك ، فهى تهيئ الأطفال لأن يقضوا مع المربين أوقاتًا سعيدة يسودها الحب والمشاركة .
وعندما تقرأ الأم لابنها الذى لم يتجاوز الثالثة من عمره قصة مناسبة لسنه ، وهو يتابع بعينيه الرسوم والكلمات المطبوعة ، فمن الطبيعى أن تسمعه أمه يقول بعد الانتهاء من الحكاية : " أماه .. اقرئيها لى مرة ثانية " ، فهذه هى الجائزة الثمينة التى تحصل عليها الأم فى مقابل تلك اللحظات التى تقضيها وهى تقرأ لابنها .
* نقرأ للأطفال منذ اليوم الأول :
ولكى تحصل الأم على هذه الجائزة ، فإن عليها أن تبدأ بالقراءة لطفلها منذ اليوم الأول لولادته ، تقرأ له الحكايات البسيطة المكتوبة فى عبارات لها إيقاع ، أو تغنى له أغانى المهد ، على أن يتم هذا فى جو تسوده الحميمية والحب . وعندما يستطيع الطفل أن يلقى أسئلة ، علينا أن نرحب بأسئلته وأن نجيب عنها ، ولا شىء أكثر من هذا .
* عند الالتحاق بالروضة :
والطفل الذى جعلناه يشترك معنا فى الاستمتاع بالكتب طوال الوقت قبل سن الرابعة ، فإنه عندما يذهب إلى روضة الأطفال ، يكون قد شاهد عشرات الكتب ومئات الرسوم وآلاف الكلمات ، عندئذ لن يجد صعوبات فى تعامله مع مشرفة الروضة أو مع الكتب والقراءة .
لقد أصبح لديه محصول لغوى يساعده على فهم ما يسمع من مشرف أو مشرفة الحضانة أو الروضة ، وبذلك يكون أكثر قدرة على الإصغاء والتركيز مع ما يسمع وما هو مطلوب منه ، وبتعبير آخر سيكون طفلاً جاهزًا ليقرأ ، وراغبًا فى القراءة .
إن الأم التى تقرأ لابنها الصغير ، هى أم تستثمر وقتها وإرادتها لمصلحة مستقبل ابنها ، وهو استثمار لا يحتاج منها إلى أكثر من ربع أو نصف ساعة كل يوم . وكل أموال الدنيا لن تقدم أرباحًا أو نتائج تساوى ما تقدمه هذه الدقائق القليلة التى نقضيها ونحن نقرأ لأطفالنا كل يوم .
* تنمية عادة القراءة :
لقد أثبتت دراسات كثيرة أن القراءة لصغار الأطفال بصوت مرتفع ، هى أهم عامل فى تنمية عادة القراءة لديهم .
فنحن لسنا فى حاجة أن نعلِّم الأطفال " كيف يقرءون " ، ولكن فى حاجة إلى أن نوقظ فيهم " الرغبة فى القراءة " .
علينا أن نعلم الأطفال كيف يحبون الكتب ، وكيف يرغبون فى قراءتها ، والاستمتاع بما فيها من رسوم وحكايات .
إننا نحقق بالقراءة للأطفال نفس الأهداف التى نحققها من خلال حوارنا معهم : أن نُشعـرهـم بالأمـان ، ونسليهـم ، وننمـى فيهـم الـدافـع للتعـرف علـى مـا فـى الكتـب ، وأن نقـدم لهـم
المعلومات ، ونشرح لهم الأشياء ، ونثير حب استطلاعهم ، أو نجيب عن أسئلتهم ، ونوحى لهم بالأفكار .
إننا عندما نقرأ بصوت مرتفع لأطفالنا ، نجعل عقل الطفل يربط بين القراءة والمتعة ، ونقدم للطفل خلفية واسعة من المعارف ، ونبنى الثروة اللغوية ، كما نزود الأطفال بأساليب تعاونهم على تنمية عادة القراءة لديهم .
والبشر يقومون من تلقاء أنفسهم بتكرار ما يُشعِرهم بالسعادة ، فنحن نتناول الطعام الذى نحبه ، ونستمع إلى الأغانى التى نحبها ، ونزور الأصدقاء والأقارب الذين نحبهم ، وفى نفس الوقت نتجنب الطعام والأغانى والأقارب الذين لا نحبهم . وعندما ترسل حواسنا رسالة مضمونها السعادة أو عدم السعادة إلى المخ ، فإننا نتصرف طبقًا لهذه الرسائل بالإيجاب أو بالسلب .
وفى كل مرة نقرأ للطفل ، فنحن نرسل رسالة ممتعة إلى ذهن الطفل تربطه بالكتاب .
وإذا وجدنا طفلاً يتلقى عقله رسائل غير ممتعة مرتبطة بالقراءة عند التحاقه بالمدرسة ، فذلك لأنه لم يتلقَّ رسائل ممتعة فى طفولته مرتبطة بالقراءة .
* الطفل غير القارئ :
مشكلة الطفل الذى لا يحب القراءة والكتب ، أن عقله قد سبق وتلقى رسائل غير سارة مرتبطة بالقراءة والكتب ، وذلك عندما نطلب منه عند التحاقه بالمدرسة الابتدائية أن يشرح كلمات وجملاً لم يسبق له سماعها أو فهمها ، أو عندما نكلفه بواجبات تعتمد على فهم صفحة أو صفحات من كتاب بينما لم يسبق أن اكتسب المهارات التى تعينه على القراءة أو فهم واستيعاب ما يقرأ .
إن الطفل عندما يصطدم بمثل هذه العقبات عند قراءته للكتاب ، ستتراكم لديه خبرات غير سارة ، تبعده طوال حياته عن القراءة والكتب .
* أهمية الاستمرار فى القراءة :
وفى عامى 1990 ، 1991 تمت دراسة حول القراءة شملت 32 دولة ، اشترك فيها ( 210 ) ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 9 و 14 سنة . وفى سن 9 سنوات اتضح أن أفضل أطفال يوجدون فى أربع دول هى فنلندا والولايات المتحدة والسويد وفرنسا .
لكن عندما تم قياس مدى الرغبة فى القراءة عند سن 13 سنة ، تقهقرت الولايات المتحدة إلى المستوى الثامن بدلاً من المستوى الأول ، لأن القراءة مهارة تزداد بالممارسة ، بينما الأطفال فى الولايات المتحدة تقل ممارستهم للقراءة كلما تقدم بهم العمر ، وذلك بالمقارنة بأطفال الدول الذين تزداد قراءاتهم كلما تقدموا فى العمر .
والنتيجة التى نستخلصها من هذه الدراسة ، أن التقدم فى مهارات القراءة يرتبط بالاستمرار فى القراءة ، وبالمزيد من القراءة كلما تقدم الطفل فى العمر .
ولما كان صغار الأطفال لا يستطيعون القراءة ، فإنهم يعتمدون فى عملية القراءة والاستمرار فيها على الاستماع إلى ما يقرؤه لهم الكبار .
بل إن كثيرًا من الدراسات التربوية تؤكد على أنه من الضرورى أن يستمر الوالدان فى القراءة لأبنائهم حتى سن الرابعة عشرة . فمتعة الاستماع إلى الكتاب المقروء تلازم الإنسان معظم حياته ، وهناك الآن كتب مسجلة يستمع إليها الكثيرون أثناء قيادتهم سياراتهم .
* القراءة للأطفال قدوة :
إن إحدى القدرات الأساسية التى يتمتع بها صغار الأطفال هى القدرة على التقليد ، وكلما قرأنا لأطفالنا قدمنا لهم القدوة من خلال ما يسمعون ويشاهدون . وهذه القدرة على التقليد ، خاصة على تقليد ما يسمع ، هى التى تعطى لطفل عمره خمسة عشر شهرًا إمكانية أن ينطق أول كلماته .
وفى عمر سنتين فإن الطفل المتوسط يشمل محصوله اللغوى المفهوم حوالى (300 ) كلمة ، يتضاعف عددها ثلاث مرات فى السنة الثالثة .
وما إن يتعلم الكلام ( عادة فى بداية السنة الثالثة من عمره ) حتى يكون فى استطاعته أن يتعلم فى المتوسط عشر كلمات جديدة كل يوم .
وفى سن الرابعة يكون فى استطاعة الطفل أن يفهم ثلثى أو ثلاثة أرباع معانى الكلمات التى سيستخدمها فى حياته اليومية .
ومصدر هذه الكلمات التى يفهم الطفل معناها أو ينطقها ، لن يأتى إلا من ثراء اللغة التى يسمعها من المحيطين به .
* الطفل وإعلانات التليفزيون :
وبعض الآباء والأمهات يظنون أن صغار الأطفال مبرمجون ليستخدموا اللغة بطريقة آلية عند عمر معين ، ثم تنتابهم الدهشة عندما يكتشفون الكم الكبير من الكلمات التى تعلمها طفلهم من مشاهدة وسماع إعلانات التليفزيون .
لهذا علينا أن نتعلم من الطريقة التى يتعلم بها الأطفال من إعلانات التليفزيون :
( 1 ) فعلينا أن نقرأ لأطفالنا فى سن مبكرة جدًّا ، وهى السن التى تسيطر عليهم فيها الرغبة فى تقليد كل ما يشاهدون أو يسمعون .
( 2 ) يجب أن نتأكد أن ما نقرؤه لهم يمتعهم ويجذب انتباههم بدرجة كافية ، فى نفس الوقت الذى يثير فيه خيالهم .
( 3 ) ابدأ بالقراءة لأوقات قصيرة تناسب قدرتهم البسيطة على التركيز والمتابعة ، وبالتدريج يمكن أن نطيل لحظات القراءة .
* لا يكفى استماع الطفل إلى أحاديث الكبار :
وقد يقول البعض إن المحصول اللغوى للأطفـال ينمـو مـن خلال استماعهـم إلى
أحاديث الكبار المحيطين بالطفل ، لكن مجموع الكلمات التى يسمعها الطفل خلال حوار الكبار المحيطين به ، يختلف اختلافًا كبيرًا من بيت إلى بيت ومن أسرة إلى أسرة .
ولكى يحصل الطفل على محصول لغوى يساعده على متابعة المعلمة أو المدرس عندما يلتحق بالمدرسة ، لابد أن نقرأ له ، لكى يستمع إلى عدد كبير من المفردات التى لا يتم تداولها عادة فى أحاديث الكبار التى يستمع إليها داخل البيت أو من المحيطين به .
* الكتب القصصية وليست كتب المعلومات :
وقد تكون القصص هى التى تناسب أكثر من كتب المعلومات لنبدأ بها مع صغار الأطفال ، لأنها الأكثر تشويقًا ، كما أنها تواجه الحاجات الأساسية للطفل ، مثل الإجابة عن الأسئلة الأولية التى يلقيها الطفل حتى إذا لم يكن قادرًا على التعبير عنها بالكلمات ، مثل : من أنا ؟ لماذا أنا هنا ؟ من هم هؤلاء المحيطون بى ؟ ما علاقتى بهم ؟ ما الفرق بينهم وبين من لا أراهم إلا نادرًا ؟ ولن يجد الطفل إجابات إلا بالخبرة الحية ، أو بالحكايات التى نقرؤها له حول الخبرات الحية ، وهذه لن نجدها إلا فى القصص التى يستمع إليها عندما نقرأ له .
إننا نقرأ القصص لأننا نحبها ونستمتع بها ، لأنها تساعدنا على أن ننفس عن مشاعرنا بالدموع والضحكات والحب والرفض .. كما أننا نأمل أن نجد فى القصص بعض الحلول لما يواجهنا فى حياتنا من مواقف .. كما أنها تخلصنا من ضغوط الحياة عندما تسمح لنا أن نعيش حياة الناس الآخرين .
* لا اعتذار بضيق الوقت :
وقد يقول أحد الآباء أو الأمهات إن وقتنا ضيق بسبب مشاغل عملنا ، فكيف نجد الوقت لنقرأ لأطفالنا ؟ ونقول إن اليوم به 24 ساعة ، وهذا عدد كافٍ من الساعات ، والمسألة تحتاج إلى تحديد الأولويات التى نشغل بها أوقاتنا .
** وعندما نقرأ لأطفالنا ، علينا أن نتذكر :
* أن نبدأ بالقراءة للأطفال فى وقت مبكر جدًّا من حياتهم كلما أمكن ذلك ، وكلما بدأنا فى سن مبكرة كان النجاح أسهل وأفضل .
* ابدأ للرضيع بأغانى المهد ، وذلك لتنشيط مهارات الاستماع والإصغاء ، ولكى يتعرف الطفل على مفهوم اللغة .
* ومع الأغانى قدم للرضيع كتبًا تغلب عليها الرسوم الكبيرة ذات الألوان المتباينة ، والتى تتكرر فيها كلمات وجمل قليلة ، مكتوبة بحروف كبيرة .
* عندما تـعيد قـراءة أحد هذه الكتب التى تحتوى على نصوص بسيطــة وسهلة ،
فإن عليك بين وقت وآخر أن تتوقف عند كلمة أو جملة ، لتسمح للطفل المستمع أن يتنبه بشكل واضح لتلك الكلمة أو الجملة ، ليستوعبها فى ذاكرته .
* كلما وجدت لديك وقتًا للقراءة ، اقرأ مع طفلك .
* فن الاستماع لا نجيده إلا بالاكتساب عن طريق الممارسة ، فيجب أن ننميه عند الطفل بالتدريج ، فلا تتوقع أن يكتسبه الطفل فجأة أو دفعة واحدة .
* حاول تنويع موضوعات المادة المقروءة .
* قبل أن تبدأ فى قراءة كتاب جديد ، حاول أن تثير مناقشة مع طفلك حول رسم الغلاف ، اسأل مثلاً : " ما هى القصة التى يمكن أن يعبر عنها هذا الرسم ؟ "
* لكى تحتفظ بيقظة ونشاط الطفل المستمع ، اسأله بين وقت وآخر وأنت تقرأ له : " ماذا تتوقع أن يحدث بعد هذا ؟ "
* إذا بدأت كتابًا فيجب أن تستمر فى قراءته حتى تنتهى منه ، إلا إذا اكتشفت أنه كتاب غير مناسب . فلا تترك الطفل المستمع معلقًا مدة ثلاثة أو أربعة أيام بين مشهد وآخر فى الكتاب ، وإلا فإنه سيفقد اهتمامه بالقصة وحماسه للاستماع إلى بقيتها .
* الجو العام عنصر هام فى تركيز حاسة الإصغاء ، والملاحظات التى تعبر عن السلطة أو التسلط تفسد هذا الجو ، لذلك تجنب التلفظ بعبارات ، مثل : " توقف عن هذا الذى تفعله ! " أو " تنبه لما أقول ! " أو " لا تتحرك من مكانك !! "
* يجب أن يكون هناك وقت للحوار حول القصة بعد الانتهاء منها ، فيمكن مناقشة الأفكار ، والمواقف المثيرة للحماس والفرح ، والمخاوف والاكتشافات والنجاح والفشل ، وكل الأشياء التى يمكن أن يثيرها الكتاب فى نفس الطفل .
* شجع الطفل على التعبير عن كافة مشاعره شفويًّا ، أو بالرسم أو بالكتابة عندما يتقدم به العمر ، لكن لا تُحوّل المناقشة إلى موعظة أو درس فى القيم والأخلاق بهدف استخلاص العبرة أو " ماذا تعلمنا من هذه القصة ؟!! "
* عندما تقرأ استخدم مختلف ما لديك من أساليب التعبير ، وذلك باستخدام تعبيرات الصوت وملامح الوجه وأوضاع الجسم كلما أمكن ذلك .
* الطفل فى حاجة إلى أن يستمع بوضوح إلى نطق الكلمات ، لذلك تجنب السرعة وأنت تقرأ ، وهذا يساعد أيضًا على أن يتخيل الطفل الصور التى تُجَسِّم فى خياله ما يستمع إليه ، فتعيش شخصيات القصة وأحداثها فى وجدانه .
* كذلك اقرأ بهدوء لكى يتمكن الطفل من تأمل الرسوم التى فى الكتاب بغير أن يشعر أنه فى عجلة من أمره .. كما أن القراءة بسرعة لن تمكن القارئ من الاهتمام بتعبيرات صوته .
* من الأفضل أن تقرأ الكتاب لنفسك قبل أن تقرأه مع طفلك ، فهذا يسمح لك بالتعرف على الموضوعات أو الأجزاء التى يحسن اختصارها أو التركيز عليها أو التوسع فيها .
* كن حريصًا على الإصغاء إلى أسئلة الطفل ، كذلك احرص على الإجابة عنها على نحو لا يقطع معايشة الطفل للقصة .
* على الآباء والأمهات أن يشتركوا معًا فى القراءة لأطفالهم ، ولا يترك أحدهما هذه المهمة للآخر ، ذلك أنه إذا قامت الأم وحدها بهذه المهمة فقد يتصور بعض الصبيان أن القراءة شىء هام للبنت أكثر مما هى مهمة للصبى .
* كن قدوة ، فعليك أن تحرص أن يراك أطفالك وأنت تقرأ مستمتعًا بما تقرأ ، وذلك فى غير الأوقات التى تقرأ فيها لطفلك . وحاول أن يشترك معك أطفالك فى الاستمتاع ببعض ما تقرأ إذا كان فيه ما يثير اهتمامهم أو حب استطلاعهم .
* يجب الاهتمام بتخصيص وقت ولو قصير كل يوم ليقرأ الطفل بنفسه ، حتى إذا كانت القراءة لا تزيد على مجرد تقليب صفحات الكتاب وتأمل ما به من رسوم . ذلك أن أهم هدف من القراءة مع طفلك هو الوصول إلى أن يقرأ الطفل الكتب بنفسه .
* تذكر دائمًا أنه من الأفضل لطفلك أن يقرأ كتابًا سهلاً جدًّا على أن يقرأ كتابًا صعبًا جدًّا بالنسبة إلى سنه .
* شجع الأطفال الأكبر سنًّا ليقرءوا للأطفال الأصغر منهم سنًّا ، لكن لا تلقِ بكل مهمة القراءة لطفلك على أخوتهم الأكبر منهم .
* لا تقرأ أية قصة لا تستمتع أنت بقراءتها ، ولا تستمر فى قراءة كتاب ما دمت تكتشف أن اختيارك له لم يكن سليمًا .
* لا تستخدم فترة القراءة كتهديد ، فلا تقل مثلاً " إذا لم ترتب غرفتك فلن أقرأ معك ! " فعندما يشعر الأطفال أنك حولت الكتاب إلى أداة تهديد ، فإن مشاعرهم الإيجابية نحو الكتاب ستتحول إلى مشاعر سلبية .
* * *
* إن هناك دافعًا يدفع الأطفال إلى الاهتمام بالكتب . ويبدأ هذا الدافع فى مرحلة مبكرة جدًّا ، ثم يستمر إلى أن يتعرف الأطفال على معانى الرموز المكتوبة فى سن السادسة . وعلينا أن نستثمر هذا الدافع ، بتقديم الكتب المناسبة لكل مرحلة من مراحل نمو الطفل .
- وإذا كنا نعانى فى مجتمعاتنا العربية من ظاهرة انصراف الراشدين عن القراءة بوجه عام ، وعن القراءة الجادة المنتجة بوجه خاص ، وعن قراءة المواد العلمية بوجه أخص ، فإن ذلك يرجع فى معظم أسبابه إلى مرحلة الطفولة المبكرة ، التى لم يجد فيها أطفالنا راشدين من أفراد الأسرة ، يكونون قدوةً لهم فى الاهتمام بالقراءة واحترام الكتاب ، ومد يد العون لهم فى مراحل القراءة الأولى .
لذلك لابد أن تتضافر جهود المجتمع كله ، مع أجهزة النشر والإعلام والتريبة والثقافة ، ليس فقط لتوفير الكتب والمكتبات للأطفال ، بل أيضًا لتنبيه الأسرة والراشدين إلى دورهم الأساسى فى تكوين عادة القراءة المنتجة المفيدة لدى الطفل .
* ويجب أن نؤكد على أن الاستمرار فى حب القراءة ، والإقبال على الاطلاع ، واحترام الأطفال للكتب ، يجب أن تسبقه خبرات طيبة ، فى أسرة تعمل على إنماء شخصيات الأطفال ، واحترامهم ، وتحيطهم بالكتب المناسبة لأعمارهم ، وتعطيهم المثل فى أشخاص بالغين يهتمون بالقراءة ، ويهتمون أن يقرءوا للطفل .
- وأن يُزَودوه بكثير من الخبرات المختلفة ، وأن يمنحوا الطفل فرصة الاتصال المباشر بالأشياء والحقائق ، وذلك بتركه يلاحظ ويتعلم من خلال الرحلات والتجوال ، وزيارات المتاحف والمصانع والحقول ثم تشجيعه على أن يتحدث عما شاهد ، فتنشأ لديه ثروة لغوية ، وتتكون لديه جذور مختلف الأفكار ووجهات النظر فى الأشخاص والأشياء ، وهذا يساعده على استيعاب ما يقرأ وفهمه .
- وعلينا أن نصبر على أسئلة الطفل ، فإن سلوك الكبار نحو إجابة الأطفال عمَّا يسألون عنه ، من أهم وسائل تنمية قدرة الأطفال على فهم ما يقرءون .
- كما ينبغى أن نعاون الطفل على أن يعبر بوضوح عما يجول فى خاطره ، وأن نـُـظهر الاهتمام بمحاولته للتعبير عما يفكر فيه ، وأن نعاونه على استعمال الكلمات ، وعلى نطقها بدقة . وعلى أن يعتاد سماع القصص ، وأن يعيد روايتها ، وأن يضيف إليها أو يغير فيها إذا أراد ، مستخدمًا خياله وكل قدراته على الإبداع والابتكار .
- إن الطفل يكتسب أول أفكاره وأقواها عن العالم أثناء حياته التى يحياها فى المنزل ، فهو يكتسب منها اتجاهاته العقلية ، وطريقته فى التعبير عن انفعالاته .
* ولنتذكر أن الأطفال يرغبون فى تعلُّم القراءة ، لكن لنحذر أن نضغط على الطفل فى مرحلة ما قبل المدرسة نحو تعلُّم القراءة ، بل لنجعل جهودنا محصورة ، فى هذه الفترة ، فى إعداده للقراءة ، بدون أن نخرج عن نطاق المتعة البريئة واللعب المسلى ، ذلك أن تعليم طفل لم يسبق له التَّعلُّم أسهل كثيرًا من استئصال عادة خاطئة نتيجة محاولة تعليم الطفل بالضغط عليه قبل السن المناسبة .
* ويجب دائمًا أن ننظر إلى الخطأ على أنه خطوة طيبة على الطريق السليم ، وأن نحذر تمامًا من السخرية بأخطاء الطفل اللغوية ، لأن الخوف من الوقوع فى الخطأ كثيرًا ما يعوق الأطفال عن التعلُّم .
* ولنتذكر أن النضج الانفعالى لا يُستكمل حتى سن السادسة ، بل أحيانًا حتى سن أكبر من ذلك ، وبشكل يسمح بتكوين الروح الرياضية عندهم ، لذلك يتحتم علينا تحاشى الالتجاء إلى المنافسة والمقارنة بين طفل وآخر ، حتى لو كان أخاه ، كوسيلة من وسائل الحَفْز فى مجال التعليم .
* ويجب اختيار الكتب المناسبة فى موضوعها ورسومها لكل سن ، كذلك اختيار الكتب المناسبة فى حجم الحروف ، ذلك أنه قبل سبع سنوات ، يصعب على الأطفال تركيز أبصارهم فترة طويلة على الأشياء الدقيقة ، لذلك يجب فى كتب مرحلة ما قبل المدرسة ، أن تستخدم حروف الكتابة الكبيرة الحجم .
* كما يجب تخصيص عدة أرفف فى غرفة الطفل ، أو صندوق صغير لحفظ الكتب ، وتدريب الأطفال على إعادة الكتب إلى أماكنها بعد الانتهاء من " مطالعتها " ، أو بمعنى أدق ، بعد مشاهدة ما بها من رسوم .
* إن القراءة إذا بدأت فى سن باكرة ، أصبحت عادة تزداد المتعة بها يومًا بعد يوم ، تبدأ بالطفل وتستمُّر معه فى مراحل حياته المختلفة ، تنمى ثقته بنفسه ، وترسم له آفاق المستقبل والمعرفة الشاملة .
* تغيير أسلوب تربيتنا لأبنائنا :
إذا كُنتَ أبًّا أو أمًّا تقرأ هذا الكلام وتفكّر فى مدلولاته ، فإنك قد تقول : " لقد ارتكبت أخطاء ، وأنا لا أعرف إذا كان الوقت قد تأخّر أكثر مما ينبغى أم لا " ، أو : " أنا لا أعرف من أين أبدأ " .
وعلماء التربية وعلماء النفس يقولون لك : تشجيع .. إذا كنت على استعداد لتغيير أساليبك فى التربية ، يُمكنك أن تلعب ، فى أى وقت ، دورًا فعّالاً فى إعادة تشكيل طفلك ، حتى تصل إلى الهدف النهائى وهو : أن يكون مُستعدًا استعدادًا سليمًا لحياته عندما يصل إلى نهاية مرحلة المراهقة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق