2017/04/09

قراءة نقدية في مجموعة قصص الأطفال الإوزة الضائعة للكاتبة سارة فكري داود بقلم : السيد شليل



قراءة نقدية في مجموعة قصص الأطفال
الإوزة الضائعة..بقلم:سارة فكري داود
بين بساطة الفكرة وسلاسة اللغة المكثفة
بقلم : السيد شليل
مقدمة لابد منها
قرأت مجموعة قصص الأطفال (الإوزة الضائعة) للكاتبة سارة فكري داود ، المنشورة ضمن إصدارات قطر الندي ، واستمتعت جداً عندما وجدت إسلوبا سهلا بسيطا ولكنه يحمل بين طياته أدوات كاتبة متحققة ، تملك لغة مكثفة ، وفكرا عميقا علي مدار عشر قصص هي ، بين الكلب والذئب ، جزاء الكذب ، الحمامة والغراب ، أحمد والكرة ، الإوزة الضائعة ، عملية سرقة ، العصفور الذكي ، الأرنب الشقي ، الجزاء ، صاحب قرن الغزال ، وفي هذه القراءة النقدية سوف نسلط الضوء علي الأدوات التي تمتلكها الكاتبة من خلال القصص.
ولكي نخوض في عوالم الكاتبة علينا أن نفهم أولا بعض الأمور أولها.
مفهوم قصص الأطفال
 هو جنس من أجناس أدب الطفل وأهمها فنٌّ أدبي راقٍ، يمتلك مقومات فنية خاصة، يقوم على مجموعة من الحوادث المترابطة، مستوحاة من الواقع أو الخيال، أو كلاهما، تدور في بيئة زمانية  ومكانية، وتمثِّل قيماً إنسانية شتى، تفضي لنهاية يتوجَّب أن تكون خيِّرة. وقصة الأطفال وسيلة تربوية تعليمية محببَّة، تهدف إلى غرس القيم والاتجاهات الإيجابية في نفوس جمهوره، وإشباع بعض احتياجاتهم النفسية، والإسهام في توسيع مداركهم وإثارة خيالاتهم، والاستجابة لميولهم في المغامرة والاستكشاف. ويُعدُّ هذا الفنّ أبرز فنون أدب الأطفال، وأكثرها انتشاراً.. إذ يستأثر بأعلى نسبة من النتاج الإبداعي الموجَّه للأطفال، ويحظى بالمنزلة الأولى لديهم قياساً إلى الفنون الأدبية الطفلية الأخرى. يُعرِّفها الباحث  بأنها جنسٌ أدبي نثري قصصي، موجَّه إلى الطفل، ملائم لعالمه، يضمُّ حكاية شائقة، ليس لها موضوع محدَّد أو طول معيَّن، شخصياتها واضحة الأفعال، لغتها مستمدة من معجم الطفل، تطرح قيمة ضمنية، وتعبِّر عن مغزى ذي أساس تربوي، مستمد من علم نفس الطفل.
أهمية قصص الأطفال وأهدافها في عوالم سارة فكري داود
هي طاقات من الحيوية والحركة، وعالمٌ يضجُّ بالأحلام والخيالات، يملؤه الفضول وحبُّ الاستكشاف والانبهار بالتصوّرات والشخصيات، والوله بالمغامرة وارتياد المجهول.. إنها الطفولة. وللقصة الأولي (بين الكلب والذئب) خصائصُ وميّزات، نستطيع بواسطتها دخول عالم الطفولة، والاستجابة لطبيعتها، إذ تهيِّئ عالماً ساحراً متنوِّعاً؛ سحر الطفولة وتنوّع انفعالاتها، لذا تراهم يشغفون بها، يتوقون لسماعها، يندمجون بأحداثها، ويتفاعلون مع أبطالها، ومن هنا اكتسبت القصة تأثيرها الساحر على الأطفال. تقول الكاتبة في قصتها (دفع الكلب بالأرجوحة دفعة قوية فقذفت الأرجوحة بالذئب إلي الحفرة العميقة فانكسرت ساقه وارتفع صراخه قال الكلب: أيها الذئب الماكر "من حفر حفرة لأخيه وقع فيها" القصة وسيلة تربوية ناجحة، وهي فنّلمّاح ذكي، يعتمد على الترميز والإضاءات الخاطفة وسرعة الالتقاط، ولذلك تفوَّقت القصة في أدب الأطفال على غيرها من الأجناس الأدبية.. والأطفال يتمتَّعون بميزة تذوّق الجمال، إنّ في داخلهم نداءً عميقاً يجذبهم نحو الجميل، كذلك لديهم توقٌ للتسامي والبطولة، وإلى المعرفة والمغامرة والانطلاق.. والقصصنجحت في إيصال فكرة الكاتبة ،فجعلت الأطفال قادرين على الاتصال بالفن، بفضل بساطة أسلوبها، وسحر أحداثهاقصة الأطفال أداة تربوية تثقيفية ناجحة، فهي تُثري خبرات الأطفال، وتنمّي مهاراتهم ، فمثلا في قصة (العصفور الذكي)عصفور أخضر يصادق حمارا صغيرا ولكنه لا يهتم ، الكاتبة هنا تملك رؤية واضحة وفكرة جلية تريد أن تعبر عنها ، وهذا ما ميز كتابات
سارة فكري داود ، البساطة في الفكرة والسلاسة في التناول والكثافة في اللغة ، التي كانت عاملا مشتركا للتواصل الجيد بينها وبين المتلقي.
وكذلك قصة (صاحب قرن الغزال) التي كتبت بأسلوب بديع جعل منها مزيجا بين الخيال والواقع فسحر من قرأها مثلي تماما .
أما قصة (أحمد والكرة) فكانت رؤية الكاتبة واضحة ورسالتها للكبار
بمثابة جرس إنذار للاستجابة لميول الطفولة إلى اللعب والحركة، وتوفير قسط من المتعة والترفيه، وتبديد أجواء الروتين والرتابة. ورسالتها أيضا للأطفال وهم يستمعون إليها أو يقرؤونها بشغف، ويحلِّقون في أجوائها، ويتجاوبون مع أبطالها، ويتشبَّعون بما فيها من أخيلة، ويتخطّون من خلالها أجوائهم الاعتيادية.. خصوصاً وأنها تقودهم بلطف ورقة وسحر إلى الاتجاه الذي تريده.
وتأتي قصة (الإوزة الضائعة)التي حملت اسم المجموعة القصصية
داعمة لما قلته سابقا ، ومتأكدا أننا أما كاتبة تعرف ماذا تقول ، وطوع أمرها لغة تحسن توظيفها ، فالقصة عبارة عن فكرة بسيطة يتواصل معها من يقرأها إضافة إلى أنها توفر لهم فرصاً للترفيه في نشاط ترويحي، وتشبع ميولهم إلى اللعب، لذا فهي ترضي مختلف المشاعر والأمزجة والمدارك والأخيلة، باعتبارها عملية دمج الأفكار والقيم معا.
فكل القصص تنتهي بحكمة ، أو قيمة تربية ، ما أحوجنا لهما في تربية أبناءنا ، وهناك قصص أخري تبرهن علي مقولتنا مثل (جزاء الكذب ، الحمامة والغراب ، عملية سرقة ، الجزاء ، الأرنب الشقي)تشكل القصص عاملا من عوامل إثارة انفعالات الطفل وعواطفه، فهي تثير العملية العقلية والمعرفية، كالتخيل فهي توسع خياله، والتفكير لتنمية ذكائه وتغني قاموسه اللغوي، كذلك يجب أن لا نغفل عن حقيقة أن القصص لها دور كبير في تشخيص وعلاج الأمراض النفسية: فهي تحقق أمرين: مهمة تشخيص الأمراض النفسية وعلاجها. وهي مساهمة بدور مهم وكبير في الحفاظ على صحة الأطفال النفسية ، وأهم مميزات هذه المجموعة القصصية التي نشرت في عام سلسلة كتاب قطر الندى/العدد رقم363/رقم الإيداع2011/21209 الترقيم الدولي978/977/704/891/0
الهيئة العامة لقصور الثقافة
أنها سعت إلي تحقيقأهم أهداف أدب الأطفال وقصصهم وحكاياتهم: هو ما يتعلم الأطفال من قصصهم وحكاياتهم، وهم يرافقون أبطال الحكايات، وشخوص القصص، وهم يحاولون جهدهم لاجتياز العقبات والصعوبات وما يواجهون في تلك القصص والحكايات من مشاق وأفراح وأتراح، وما يتعرضون له من آلام وأمال لينقلوا ما يرون ويشاهدون في تلك القصص والحكايات وما تشربوا من قيم، وأنماط سلوك وأساليب عمل، ومواقف مواجهة، إلى حياتهم الحقيقة عندما يعيشونها، فتساعدهم على مواجهة ما في الحياة من مشاق وأفراح وأتراح وآلام وأمال>
............................
كانت سارة فكري داود ما تزال تملك من الحكايات ما تمتعنا به ، ولكنه إختيار الله عز وجل ، لا نملك معه إلا قول إنا لله وإنا إليه راجعون ، رحلت عن عالمنا الكاتبة البارعة ، وهي في زهرة شبابها ، رحمها الله وأسكنها فسيح جناته وألهم أهلها الصبر والسلوان.

تاريخ وفاة الكاتبة8/11/2010
أهدت الكاتبة هذه المجموعة لأختها الصغرى :أميرة
وأخيها الأصغير:عبد الرحمن
رسوم القصة :عزة سليمان
السيد شليل
4/4/2017