بقلم: د.السيد نجم
لو ذكرت لك اسمه، لن تعرفه، وان رأيته يسير إلى جوارك فى الشارع.. لن تعرفه أيضا؟ ومع ذلك أدعوك أن نحذو حذوه!
كان يجلس إلى جوار زميله فى العمل، فى طريقهما إلى مدينة الزقازيق، إلى إحدى المحاكم هناك. وما أن بدأت السيارة تعبر طرقات المدينة التي لم تعد تلك المدينة الصغيرة، وضح له ولزميله أن الطرقات الممهدة لم تعد تناسب أعداد البشر القاطنين عليها.
لم يعقهما الازدحام المعتاد، من متابعة الرحلة، ومراعاة عبور المشاة والانتظام مع الأعداد الكبيرة من السيارات.. مختلفة الأنواع والأحجام. وان اعتادا الحرص أكثر، كلما اقتربت من سيارتهما إحدى سيارات الأجرة والمسماة (الميكروباس). وعند إحدى محاور الميدان المتسع والذي ضاق بالعابرين وبالسيارات، كان ضابط الشرطة الشاب يتابع بهدؤ مهام عمله.
فجأة وعلى غير توقع..
توقفت إحدى سيارات الميكروباس فى الاتجاه المعاكس، توقفت على غير ضرورة، بل تسببت فى إعاقة حركة المرور المختنقة أصلا. لم ينتبه القاضي الشاب وزميله فى أول الأمر.. لكنهما انتبها جبرا.. أطلا من النافذة.. تساءلا معا عن سر هذا الضجيج المفاجئ.. بل عن سبب هذا السباب غير المبرر، بأقذع الألفاظ وبسوقية وفجاجة وقلة حياء.
ويا لها من مفاجأة.. انه سائق الميكروباس يسب الضابط الشاب، بينما نقيب شرطة المرور مكتفيا بالتجاهل! لو كانت مشاجرة لتبادلا (مثلا) السباب!
لكنه سائق السيارة الميكروباس، يسب الضابط على غير جريرة ولا سبب، اللهم إلا أن يكون السبب هو واحدا من ظاهرة التسيب التي راجت الآن؟!
اندفع القاضي الشاب "أحمد عبدالرحيم"، هبط من السيارة، اقترب من الضابط، مستفسرا. ولم يسمع إجابة سوى أنه الأمر المعتاد الآن! غضب أكثر، طلب منه أن يكتب له مذكرة حالا.. لم يمتثل الضابط، بل اتصل بقائده الأعلى مستفسرا عما إذا كان يكتب أم لا، لعل الموقف ينتهي بسلام!
دار الحوار طويلا بين قائد المرور والقاضي، ووافق مسئول الأمن أخيرا على فكرة القاضي. وكانت تأشيرة القاضي ضبط وإحضار السائق. وفورا ثم إحضار السائق مقبوضا عليه، واتخاذ الإجراءات القانونية معه.
الآن، أظن أن القضية لم تنته بعد، لقد كنا نتحدث معا من قبل، ونقول مستخدمين ضمير الغائب دوما: "عليهم عمل كذا.. سوف يفعلون أو يجب أن يفعلوا كذا".
لكن هذه الصيغة لم تعد مجدية بعد ثورة 25يناير، كلنا يجب أن نفعل، وكلنا موكلون بهذه البلد، بلدنا، وعلى كل منا أن يتحمل مسئوليته فى عمله، نحو نفسه ونحو الآخرين.
وهذا بالضبط الذى فعله القاضي "أحمد"، وأرجو أن نرى ونسمع كثيرا بمثل ما فعل، وكفانا ما حدث خلال الشهور القليلة الماضية.
************
Ab_negm@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق