تنفـّسَ الصبحُ بالنّدى
ربحي حسين حسن الجوابره*
يفيقُ مـدى الأحداقِ فـي ظلـّهِ الـرّؤى
تراءَى له فجــــــرُ السمـــواتِ تـُبّعــا
على قلبنـــــا أثــــوى ضيـــاء صلاتـه
يُعرّي لنـــا ليــــلَ المسافــاتِ نـُـزّعـا
هو الذكرُ ما تسمــو به النفسُ رفعـة ً
اربّ على قلـبِ الأنـــامِ وشَرّعــــــــا (1)
كمشكاةُ منها النـــورُ قــــد بُثّ لـُجّـــهُ
رئـاء الورى والفجــرُ منـــه تفرّعـا (2)
إذا تــاه قلـــبُ الناسِ فيــه مـــــــودة ً
تـُقرّب نكــــظ الميــــطِ لله إصبعـــــا (3)
فنمشي علــى روضِ السبيــلِ تلهفــاً
إلى مالكِ الأنفـــاسِ للقلــــبِ أوسعـا
له ترفع الهاماتُ لينــــــاً وترتقـــــي
وإن خرّتِ الأكـــوان أرضاَ لتركعــــا
هو الله يحيي الروحَ من بعـد موتِهــا
ومن نطفةٍ قبل الردى كــان مطلـَعـــا
وقــــــد زيَّن الله المعالـــي كواكبـــاً
تجلّتْ فيستهدي بها الطـّرفُ مُقشعـا (4)
فلا ينبغــي للشمسِ أن تـُــدركَ السّنى
فتمضي ذكاءً والسّنى في المدى معا (5)
كسا الليلُ ثوبَ الفجرِِ جُـــلّ عبــــاءة ٍ
عليها السُّهى في كـل ّصوبٍ مُرصّعـا (6)
وفي الأرضِ قد مدّ البحارَ بسحرهــــا
ومن مــائها الصخرُ القريدُ تصدّعــــا (7)
تجلّى النـّهى في قدرةِ الله في الدّنــــى
وقد سخّـــرَ الأكــوانَ للنــاس مُبدعــــا
فسبحانَ من أوحى الرضيـــع بفطــرةٍ
إذا مــا أحسّ الجــوعَ قــد رام يرضعــا
أيا كالئ الروح التي قــــد تضرعـــــتْ
جؤارً نوى قلبُ المعالـــي وأزمعـــــــــا (8)
بماء النــّدى أن يغسلَ القلــبَ همّـــــهُ
وأن يخلعَ الظـلّ العتيــــقِ مـُــودّعـــــــا
فهذا سبيلُ الحـــقِّ كالشمسِ لاجــــــبٌ
يفيض بسيب الصفـــدِ للناس أجمعــــا (9)
سلوا غاديـــات الكـــون فيها مهابــــة ٌ
على أرضنا أثوتْ وضلّ المُزعزعــــــا
إذا حلّ جــــدب ٌ في المسافاتِ برهـــة ً
فـَمنْ غير ربِّ الكونِ بالمزن مُترِعــــــا
فقد جـُــــلّ شأن اللهِ في كل موضـــــــعٍ
له من فصول العيشِ في الأرض أربعـا
فمِن خشيةِ الرعد الرصينِ سحابــــــة ً
ومِـن قبلهــــا برقٌ رأينــــــاه يلمعــــــا
يُنزّلُ من سقفِ السمـــواتِ رفــــــــــدَهُ
وأخرج خضراً منه حباً تضـوّعــــــــــا
شذاً ما له صنوان يبـــــدى منافعــــــاً
فأرضُ الضحى مكسوة ٌخير منفعـــــــا (10)
من الله فيهــــــا رتلت آيــــة ُالهــــــدى
ومن سارَ دربَ الذكرِ قد نالَ ما سعــــى
وغاضَ الندى في الدربِ عن كل كاشح ٍ
هو الله يعطي من يشــــاءُ ويمنعــــــــا
إلهـــــي ولا ربٌ ســـــواك فيعبــــــــــدا
إلهـــــي بوحدانيـــة العــرش مرجـِعـــا
ولا غــــرو أن القلـــب فيك تهجّـــــــــدا
صلاة على مرأى الأنــام ومسمعــــــا (11)
على قلبِ خيرِ الناس أسمى رسالـــــة ً
تميدُ رواسي الأرض منهــا وتخشعـــــا
مدى الغيبِ محجوبٌ وما من مهامـــةٍ
بها والثرى أثوى ذلـــولاً لمن دعــــــــا
يسبّحُ نـــوراً في السمـــوات ظلـّــــــهُ
فصبّ ضياءَ الشمسِ في القلب مُولعــــا
يسافرُ فـــي اصلابنــــا من طهــــــارةٍ
تعانقُ نبض الرحــــمِ شوقــــاًَ ترفـّعـــــا
عن الرجس إن الطهرَ أسمى عقيــدة ٍ
توهّج منها الحــبّ فينـــا منابعــــــــــــا
يصبّ النـّدى سيبْ النبـيّ محمــــــــدٍ
ويُجلى الدّجى صُبحاً إلى الناس مُسطعا (12)
يُلملم سطحَ الأرضِ بالنـــورِ إذ بـــــه
تنفـّس فجــــرُ الثــــأد ما قـــد تقطـّعـــا (13)
تـروق عيـون الناس كلّ عظيمــــــــة ٍ
تراها على وجه المسافات موضِعــــــا (14)
أيا أمـــة ًقـــــد هلـّلَ الكـــونُ جلـــّــــهُ
خشوعاً كأن الغيم قد جاء يَسمعــــــــــا
فكيف النـُّهى في منتأى عن عقيــــــدةٍ
أجلّ بهـــــا اللهُ البياضَ وأردعــــــــــــا
قلوبٌ عن اللأواء في كــــــلّ غـــــدوة ٍ
وما فـُضّ في الأنواء طرفٌ لمن وعـــا (15)
صراط يساقُ القلبُ فيــــــــه لبانـــــة ً
يرومُ المعالي في مدى الخلدِ مسرعــــا (16)
إلى سابقــات الرمس شاءَ شهـــــادة ً
فدىً لإله العرش أضحى و أهجعـــــــــا
على شرفة ٍ وحْيُ النبيّ سدوفـُهـــــــا
وجادَ الضُّحى من طيب لقياهُ أطوعـــــا
* الأردن – إربد
[1] أربّ : أقام
2- رئاء الورى : أقام وجه لوجه
3- نكظ الميط : طول المسافة
4- مقشعا : قشع تعني كشف
5- الذكاء : الشمس
6- السهى : نجم مضيئ لا نراه
7- القريد : الكثيف
8 – كالئ : رقيب ، أزمعا : صمم على تنفيذ أمر ما
9-لاجب : واضح ، الصفد : العطاء
10- صنوان : ماثلات
11- لا غرو : لا عجب
12 - يجلى : أنكشف
13 - الثأد : الندى
14- تروق : تعجب
15 – اللأواء: الأيام العصيبة ، الأنواء : الأضواء
16 - اللبانة : الحاجة
هناك تعليق واحد:
جميله جدا رائعه
إرسال تعليق