2013/04/05

كُتَيِّبٌ جديدٌ لناجي نعمان: الأرضُ تنبضُ فسادًا ولا ذَنْبَ لها

كُتَيِّبٌ جديدٌ لناجي نعمان:
الأرضُ تنبضُ فسادًا ولا ذَنْبَ لها
صدرَ عن منشورات المكتبة البولُسيَّة، ومن ضمن سلسلة "أُمسِيات الأحد"، كتَيِّبٌ جديدٌ للأديب والباحث اللُّبنانيّ ناجي نعمان، وهو بعنوان "الأرضُ تنبضُ فسادًا ولا ذَنْبَ لها".
يستعرضُ الكاتبُ، بعامَّةٍ، حالَ الفساد في لبنانَ والعالم العربيّ، ويبحثُ في انعِكاس الفساد على الاستثمارات من جهة، وعلى الاقتصاد والمجتمع من جهة أخرى. ويقولُ، في المجال الأخير:
"قد يَجدُ البعضُ من العاديِّ أنْ يُورِثَ السِّياسيُّ اللُّبنانيُّ أبناءَه - بعد اعتِزاله العملَ السِّياسيَّ (ويترافَقُ ذاك الاعتِزالُ، في العادة، ووفاةَ السِّياسيّ) -، قُلتُ، من العاديِّ بحَسَب البعض، أنْ يُورِثَ السِّياسيُّ أبناءَه ما كانَ يَملكُ حين تسلَّمَ زمامَ الأمور، أضعافًا مُضاعَفَة.
"ومن النَّافِل، برَأي هذا البعض، أنْ تَضيعَ ملياراتُ الدُّولارات من ماليَّة الدَّولة (ومالُ الدَّولة هو مالُ المُواطنين، جميعِهم)، من دون أنْ تَتَوَصَّلَ وزارةُ المال إلى معرفة مَصيرها، أو أين اختَفَت.
"ومن الفُكاهَة بمَكانٍ أنْ يَتَذَكَّرَ المَسؤولون، لا بل وأنْ يُصَرِّحوا، إلى هذا كلِّه، أنَّه، في زمن الوجود السُّوريِّ في لُبنانَ، وبِتَواطؤ اللُّبنانيِّين أنفسِهم، كانَ يَصِلُ المُتَنَفِّذين السُّوريِّين ما مُعدَّلُه أربعة مليارات دولار أمريكيٍّ سنويًّا، لا غَير!
"نَعَم، إنَّها لأمورٌ عاديَّةٌ، نافِلَةٌ، فَكِهَةٌ عند بعض المُستَفيدين والجَهَلَة من الأزلام، أنْ تَعيشَ قلَّةٌ من اللُّبنانيِّين على حِساب مَجموع هؤلاء، وأنْ يَستمرَّ الفسادُ ونَهبُ الأموال العامَّة على الرَّغم من رَحيل السُّوريِّين عن لُبنانَ عامَ 2005، بحيث زادَتْ مَرتبةُ لُبنانَ في جداول الفساد العالميِّ بدلَ أنْ تَنقص، وتأكَّدَ أنَّه إنَّما اللُّبنانيُّ هو الفاسدُ والمُفسِد، والمُسْتَنْبِطُ، وفي جميع الظُّروف.
"ألا فلْيَكُن مَعلومًا أنَّ المالَ العامَّ هو، أوَّلاً وأخيرًا، عامٌّ، أي أنَّه لعامَّة الشَّعب، يُجبى منه، ويُصرَفُ لمَصلحته، ولمَصلحته فقط. وعليه، لا يَجوزُ أنْ يتحَوَّلَ أداةَ تَسَلُّطٍ لجهة الصَّرف، بحيث يُحجَبُ عن المُستَحِقِّين الكُثُر، ويُزهَقُ لحساب المُستَفيدين القَلائل، أو أداةَ تَرهيبٍ وتَرغيبٍ أو قَهرٍ لجهة الجِباية، كأنْ تُجبَى الضَّرائِبُ من البعض، وتُحجَبَ عن البعض الآخر، أو تُجبَى من الفقير وتُحجَبَ عن الغنيّ!
"ألا فلْيَكُن مَعلومًا أنَّ الفسادَ والهَدرَ تَسميتان "تخفيفيَّتان" للسَّرقة "المَوصوفَة". والسَّرقةُ، هنا، ليست عاديَّةً، ولا تَظلمُ إنسانًا واحدًا كَيما يَستَسمِحَه السَّارِقُ يومًا، ويُعَوِّضَه منها، بل تَظلمُ شَعبًا بأكمَله، حيث لا يَعودُ الاستِسماحُ مُمكنًا، وكَذا التَّعويض!"
ويختمُ نعمان قائلاً: "ما يَنقصُ لُبنانَ، والعالَمَ العربيَّ معه، المَزيدُ من الدِّيمقراطيَّة، والمَزيدُ من الإعلام الحُرِّ والتَّشريعات الفاعِلَة، ودورٌ أنشَطُ لمُؤسَّسات المُجتمع المَدَنيّ، في ما قد يُمَثِّلُ بدايةَ حَلٍّ لِلفساد ولِتَقصير الإدارات العامَّة، لأنَّ الحَلَّ النِّهائيَّ لهاتَين المُعضِلَتَين لن يَأتيَ، في رأيي المُتواضِع، إلاَّ بالمُساواة الفِعليَّة بين المُواطنين، جميع المُواطنين، من رأس الهَرَم إلى قاعدته، في الحُقوق، ولاسيَّما في الواجِبات، فلا يَبقى إنسانٌ، مَلِكًا كانَ أم أميرًا أم رئيسًا أم عاملاً بسيطًا، لا يَخضعُ للقانون، في شفافِيَّة الشَّفافيَّة، وبحيث نجدُ يومًا ما أرفَعَ المَسؤولين يُسأَلون، ويُودَعون السُّجون!"

ليست هناك تعليقات: