آذار وامرأة بلا وجه!
آمال عواد رضوان
بدعوة
من المجلس المحلي/ بيت جن، والمكتبة العامّة ببيت جن المركز الجماهيري،
وضمن برنامج لقاء مع أديب، أقام "بيت الكاتب" حفل توقيع كتاب "امرأة بلا
وجه" للكاتبة تركية صلالحه، وذلك بتاريخ 28-3-2014، في بيت الكاتب في
المركز الجماهيري، وسط حضور كبير من الأدباء والأصدقاء، وضيوف الشرف:
النادي النسائي الأرثوذكسي- عبلين، والنادي النسائي- بيت جن، وقد أدار جلسة
الحفل الأستاذ نصر الخطيب، وكانت مداخلات لكل من: رئيس المجلس المحلي بيان
قبلان، والأستاذ غالب دبور مدير مدرسة نايف قبلان الرسمية، والأديب محمّد
نفاع، وآمال عوّاد رضوان، والأديبة رحاب بريك، والأديب جمال قبلان، ومديرة
النادي النسائيّ- بيت جن- أميمة حمود، والأديب يوسف ناصر، وفي نهاية اللقاء
شكرت الكاتبة تركية صلالحه الحضور والمتحدثين، وتم التقاط الصور
التذكارية.
جاء في ترحيب العريف نصر
الخطيب: الحضور الكريم مع حفظ المقامات والألقاب مرحبا وأهلًا بكم جميعًا.
باسمي وباسم المجلس المحلي والمركز الجماهيريّ والمكتبة العامّة وبيت
الكاتب، أرحّب بكم في بلدكم بيت جن. شرف لي أن أقف أمامكم اليوم في حفل
توقيع كتاب "امرأة بلا وجه" للأديبة الأخت تركية صلالحة، وقد قال تعالى: يا
أيّها الناس اتّقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبثّ
منهما رجالًا كثيرًا ونساءً، واتقوا الله الذي تُساءَلون به والأرحام، إنّ
الله كان عليكم رقيبًا.
نعم أيتها الأخوات والإخوة،
المرأة العربية لم تعد داخل القمقم، إنّما أصبحت فرسًا لا تُلجم، بمعنى
آخر؛ إنّ المرأة ستجلب بتواجدها الفاعل رهانًا حضاريًّا، وأدبها أصبح وقعًا
إنسانيًّا، ولم يتقوقع في الدائرة النسويّة الضيّقة.
*جاء في كلمة رئيس المجلس
المحلي الأخ أبو وسيم بيان قبلان: مساء الخير للجميع مع حفظ الألقاب
والمقامات. شهر المرأة والأمّ، شهر غزير بالفعاليّات، وها نحن نُكرّم وجهًا
جديدًا في الأدب والكتابة، مع تأمّلات في الحياة الفكريّة الأدبيّة
الثقافيّة التربويّة والاجتماعيّة، كثيرًا ما يتمنّاه المرء في متناول يده،
وكثيرًا ما ينتظر إنجازًا قد يأتي بعناء، وكثيرًا ما يتخيّل لهذا المرء أو
ذاك، أنّ الأمور والإنجازات والتحصيلات على مختلف الأصعدة تأتي. فالأحلام
عديدة ومتنوّعة ومُركّبة، وبيت جنّ تتطوّر في هذا المسار الأدبيّ الثقافيّ،
وما يزيدنا شرفًا وسرورًا وبهجة، أنّنا في المسار الصحيح، ويستند على واقع
واضح، وتزداد الأعداد والمواهب في شتى المجالات. فهنيئًا لك يا بيت جن،
وهنيئًا للمربية تركية، فأبدعت بعزمك وإرادتك القوية بمثابرة، وأصبحت كاتبة
يقظة، ولك زميلات وزملاء كلنا نفتخر ونعتز بهم، فإلى الأمام والله ولي
التوفيق، فباسمكم جميعًا أشكر القيّمين على هذا التكريم وإنجاحه، بيت
الكاتب، والمركز الجماهيري والمجلس المحلّيّ.
وجاء في كلمة الأستاذ غالب
دبّور مدير مدرسة نايف قبلان الرسمية، التي تُدرّس فيها المُحتفى بها
الأديبة تركية صلالحة: الحضور الكريم مع حفظ الألقاب والمقامات. بداية
اسمحوا لي أن أتوجه بالشكر والتقدير للمحتفى بها الأخت تركية صلالحة،
لدعوتها لي لإلقاء هذه الكلمة، كما وأتقدّم بالشكر لكم ولكُنّ جميعًا لحضور
هذا اللقاء. قال توفيق الحكيم: "إنّ عقل المرأة إذا ذبُلَ ومات، فقد ذبُلَ
عقل الأمّة كلّها ومات". ومن هنا يجب علينا جميعًا أن نُشجّع إبداع
المرأة، وأن ندعم ونُعزّز جهودها، وأن نحفّزها على الإبداع والمشاركة
الفعالة في بناء المجتمع وبلورة هُويّته، فإن نهدف جميعًا لأن يكون الإبداع
وسيلة إلى الارتقاء بمستوى المرأة على كافة الأصعدة، لا سيّما وأنّ تقدّم
الشعوب أصبح يُقاس بمقدار ما تمتلكه من مبدعين ومتميّزين، وبمدى تجاوزها
لمرحلة التمييز بين المرأة والرجل، فالمعيار هو الكفاءة والقدرة والتميّز.
نبارك للأخت تركيّة إصدار هذه
الرواية، ونعتزّ ونفتخر بها لأنها استطاعت تكسير الحواجز، وامتلكت الجرأة
الكافية، وأثبتت أنّ المرأة قادرة على التعلم، واستيعاب قيمة العمل وتحقيقه
في الواقع، وإخراج المرأة المبدعة من دائرة الظلّ إلى النور.
الإخوة والأخوات: أنا شخصيّا
لست بكاتب أو شاعر، ولكنّي أتشوّق دائمًا لقراءة كلّ ما هو جيّد، وأتذوّق
الأدب والإبداع، واستمتعت كثيرًا بقراءة الرواية "امرأة بلا وجه"، ورأيت
بأحداثها تمرّدًا على الظروف المحيطة، ووسيلة لرفض الواقع الخاطئ، وتحفّزًا
على الانطلاق ورفض التكبيل. وهذا برأيي هو دور الأدباء والمبدعين بمختلف
مجالاتهم، فهُم صُنّاع التغيير في المجتمع. نتمنّى على الأخت تركيّة أنّ
بَعد المطر الأوّل تأتي زخّات وزخّات.
في النهاية أكرّر شكري للقائمين
على هذا النشاط والنشاطات الأخرى، وأوجّه تحيّة لكلّ امرأة في مجتمعنا
استطاعت أن تصنع من المستحيل مُمكنًا، وهنا أطلب من الأخوات الزميلات بيان،
زهور، نوره، منصور، وفاتن أسعد الصّعود إلى المنصّة، من أجل تقديم هديّة
متواضعة لزميلتنا تركية، باسم الهيئة التدريسيّة في مدرسة نايف قبلان
الخضراء تعبيرًا، وشكرًا لكم جميعًا والسلام عليكم.
*وجاء في كلمة مديرة النادي
النسائي التابع للمجلس المحلي في بيت جن الأخت أميمة حمود: باسم المركز
النسائي المركز الجماهيري والمجلس المحلي. يرحب بكم جميعًا وبكن نادي نسائي
عبلين نحتفل اليوم بأمسية أدبية متميزة لعمل أدبي ولأديبة واعدة متميزة
الأخت تركيه صلالحة. لن أدخل في تقييم عملها الأدبي وسأتركه للمحللين
والنقاد. بودي أن أذكر ان المركز النسائي التابع لمركز الجماهيري يقوم
بمشاريع تربوية وثقافية بشكل واسع وغزير. وذلك من أجل دفع ورفع مكانة
المرأة في شتى المجالات. ويشهد على ذلك شهر المرأة والأم الذي شمل 6 أيام
شيقة وغنية بالفعاليات حضرها المئات من نساء القرية. وكما أشير الى التنوع
في الدورات النسائية. اذ تم تخريج العشرات من النساء في السنة الأخيرة. في
دورات فنون وأشغال يدوية – دورات نساء قياديات – ودورات تعزيز نسائي. مكانة
المرأة ودورها متعلق بها بادارتها بوعيها. بثقافتها ولا يقل اهمية دور
الأطر الداعمة لها وعلى رأسها مجلسنا المحلي.
وفي هذا السياق نقدم جزيل الشكر للمجلس المحلي رئيسًا وأعضاء على
دعمهم المعنوي والمادي لكل الفعاليات التي تخص المرأة. وكل من ساهم في
تحضير لهذا البرنامج . الاستاذ جمال قبلان بيت الكاتب. الاخت دالية عطية.
مديرة المكتبة العامة – والاخت تركية صلالحة، وعضوات المركز النسائي.
وأخيرًا اشكر نادي نسائي عبلين ونشكرهن مشاركتهن لنا اليوم. ونتمنى منكن ان
نبقى على عمل متواصل بين مركز نسائي بيت جن ومركز نسائي عبلين.
*وقال العريف: هو الأديب محمد نفّاع الملتزم، الذي استطاع أن يخرج من
دائرة الأدب الحزبي الضيقة، ومن الدائرة الأيدولوجية إلى الأدب الإنساني
العالمي، بالرغم من أنه لم يترجل عن جرمقه على مدى خمسة عقود ونيف. ومن
يتربع على القمة لماذا ينزل؟ أليبتعد عن الهواء النقي الذي تتنفسه لغته
الأصيلة البكر؟ فيها نسمع دندنة حصى الوديان، وزغاريد أمهاتنا، حتى أضحت
قاموسًا توثيقيًّا لكلّ كلمة همس بها أجدادنا، وكلي ثقة أن أبناءنا
سيعودون إليها بعد قرون، في عصر لا يعرفونه فيه اليوم حتى من الحيوانات سوى
الكلب والقط.
وجاء في كلمة الأديب القاصّ محمّد نفّاع: نحن أمّة واحدة وشعب واحد،
رغم كلّ المحاولات، وهذا ليس مُوجّهًا ضدّ أحد، بل هذه حقيقة، ولذلك نرى
اليوم معنا ضيوفًا أعزّاء من مختلف بلادنا؛ عبلين، وكفر سميع، وكفر كنا،
وكفركما، وشفاعمرو، والبقيعة، والرامة، وعين الأسد، وإبطن، وحيفا، وطمرة،
وبيت جن، وحرفيش، والمغار، ورغم كلّ الصعوبات ورغم كلّ التحدّيات فنحن بألف
خير. سمعت مرّة أغنية لدى الشعب الأوروبّيّ تقول: كيف يمكن أن تكون رجُلًا
ورَبَّ أسرة، إذا كنت لا تضرب زوجتك كلّ يوم؟ وهناك الكثير من الرواسب،
وأغرب ما قرأت في طرق تعذيب المرأة، أن يأتي الجزار الوحش ويشقّ لها صدرها،
ويسحب طرفًا من أمعائها، يلفه على جذع شجرة، ويظلّ يدور ويلف بالمرأة حول
الشجرة إلى أن تلفظ أنفاسها، وكأن هذا جزء من القيم الروحية والدينية، ولكن
هذا منتهى الوحشية.
لذلك على المرأة أن تأخذ هي حقها. وأنا أعتزّ بقرية بيت جن، بأصولها
وإبداعها، بشموخها وانتمائها وبمواقفها، لكني لا أعتز بأية عراقيل توضع
أمام المرأة، فالعلم والعمل لا يتعارضان مع قيم الدين، وأنا أحترم القيم
الدينية التي تخدم الإنسان، لكني لا أحترم كلّ من يحاول الاتجار بالدين من
أجل مآرب سياسية، ولي الشرف أني اطلعت على الروايتين اللتيْن صدرتا في بيت
جن للأخت هدية علي وتركية صلالحة، وإن كان لي بعض الملاحظات على هذا النتاج
البكر، فأنا أتحمل أيضًا جزءًا من المسؤولية، فهذه مغامرة جريئة وكبيرة،
ولكنها خطوة رائعة وشجاعة، فكل الإكرام والاحترام لتركية ولهدية، ويجب أن
"يكون الحبل على الجرّار"، وتشجيع كلّ محاولات الخلق وعدم وضع الحواجز.
بالأمس جلست مع رئيس المجلس وأخذت موافقته، بأن يصدر كتاب فيه نماذج
وعيّنات للمبدعات والمبدعين، من شعر وقصة ورسم في هذه القرية باللغات
الثلاث، تكون مصدرًا من مصادر التعرّف على ثقافتنا وحضارتنا، ونحن نعتزّ
بأدبنا العربيّ، ولا توجد اقلية لديها هذا المستوى وهذا العدد من المبدعات
والمبدعين في كل الكرة الأرضية، هذه الأقلية العربيّة التي تعيش هنا. وقبل
ايام كان المؤتمر الخامس للثقافة والأدب العربي في جامعة حيفا، وقد قال
البروفيسور صير كلمات تقدير للغة العربية وأدبنا، فهو إنسان بعيد عن
العنصرية، وأدبنا إدب إنسانيّ بكلّ معنى الكلمة، أمين ومخلصٌ مِن الناحية
الاجتماعيّة والسياسيّة والفكريّة والطبقية، والدفاع عن الأرض وعن
الانتماء، والمحافظة على لغتنا وعلى لهجتنا العامية الأصيلة الرائعة التي
ورثناها من جدودنا، ومنذ سنين عن آبائنا وأمّهاتنا، وواجبنا أن نحافظ على
هذه اللغة، وأقترح أن تقوم لجنة يكون في طليعتها أخوات، لأنّ النساء أحرص
على هذه الأمور، وأن يُقام صندوق وميزانية لدعم المواهب في المدارس وإفساح
المجال لها، واتوجّه إلى مؤسّساتنا في القرية، لتعلن عن يوم معيّن في السنة
وفي كلّ سنة، لإقامة مهرجان ثقافيّ في الشعر والنثر والرسم والغناء
والموسيقى، لانّه تراث شعبنا عبر السنين، ولن نسمح لهذا التراث أن يضيع بأي
شكل من الأشكال، وأنا أعتز إذ اطلعت وقرأت رواية الأخت تركية صلالحة،
وكتبت مقدّمتها، وأنا متأكد أن إقامة ندوة شهرية في هذا المكان، من أجل
تبادل الثقافات وتبادل الخبرة، ولا شك أن هذا سيعمل على تطوير أدبنا هنا،
الذي هو ذخر لشعبنا، وجزء من أدب أمتنا، وجزءٌ من أدب إنسانيّتنا، وأنا
أعتز بمبدعينا من كتاب شعر ونثر ورسم في هذه القرية، وسنظلّ نموذجًا وجزءًا
اصيلا في ثقافتنا العربية الإنسانيّة التي نعتزّ بها ودائمًا، وإلى
الأمام.
*وجاء في كلمة رحاب فارس بريك الملقبة بسنديانة الزابود: ليسَ مِن
السّهل كتابة رواية، فالرواية تتطلّبُ من الكاتب نفَسٌ طويل وصبر، وتحتاج
عدّة مقوّماتٍ كي تنجح كرواية، مِن أهمّها أن تكون أحداثها مشوّقة،
وحوادثها واقعية تعكس واقع مجتمعنا، وقد وجدت الكثير من التشويق والواقعية،
كما لمست جرأة في طرح المواضيع، وهذا يحسب لها ولصالحها، وقد شدّتني رواية
"امرأة بلا وجه" منذ البداية، وأثارت حبّ استطلاعي لمتابعة أحداثها الشيقة
.
الرواية تحكي عن عائلة عانت من قسوة أب سادي، عانى بسبب والده وزوجة
والده، فانعكست معاناته على أولاده، حيث مارس الظلم على عائلته، وخاصة على
الوالدة، فتسأل بطلة الرواية: "إلى متى سنبقى عبيدا لقسوة أجدادنا؟" ويولد
(مونولوج) حوار ذاتي بين عقل البطلة ونفسها، أختصره بجملة رائعة للعقل:
"من لا يتمرّد على الظلم يكون حليفه!"
تتطرق الكاتبة لقضايا اجتماعية موجعة، كقصة الوالدة التي تأخرت في
الحمل فعانت من لوم المجتمع، وكأنها مذنبة بتأخرّها بالولادة. فقيل "شجرة
لا تثمر حلال قطعها"، وكأن المرأة وضعت في مرتبة شجرة، وهذا إنقاص من
مكانتها، واتهام مباشر لها في عدم فائدتها، وكأن دورها مقتصرا على كونها
جسد وُجد ليلد لا غير.
ومن جهة أخرى تصف الكاتبة مشاعر الأم التي تأخر جنينها بالقدوم فتقول:
"لا يوجد نور أشد سطوعًا وأقوى لمعانا من نور يبعثه جنين داخل أحشاء عانت
الظلمة!" في مرحلة ما تحث البطلة والدتها على الكف عن الإنقياد لسادية الجد
والجدة، فتخاطبها قائلة: "تجرّئي.. اُرفضي.. قولي لا ولو مرّة واحدة".
وفي مكان آخر نجد فريد الأخ الذي رفض قرار والده بإجبار أخته على
الزواج من شاب لا تحبه، حيث خاطبها بصوت مُتحَدٍّ: "قاومي يا فريدة" لا
ترضخي لشرائعهم الظالمة، حتى ولو سيكلفك ذلك عمرك. قرارهم هذا بمثابة
انتحار لنا! نحن نجني أخطاء وجشع غيرنا، وقد وُلدنا لنعيش حرّيّتنا. أتوْا
بنا إلى الحياة كي نرى النور، وليس لنعيش الظلمة".
هنا نجد الكاتبة وقد أنصفت الرجل، حيث اعتدنا بأغلب الأحيان بأن
أكثرية الكاتبات يصفن المرأة بكلّ الحالات على أنها مظلومة، وأن الرجل
ظالم، وخلقت شخصيات ظالمة جدا، وأعطت مثالا جميلا قويًّا للرجل المنفتح
المؤمن بحق المرأة بقوْل كلمة لا، وبحقها بتقرير المصير والمقاومة، وذلك
الأمر تجلى كذلك باختلاف العمر والجيل، فأظهرت الجيل الشاب كجيل لا يقبل
الظلم والتبعية، ولا يرضخ للأمور المسلم بها.
وبقصة أخرى تكتب عن قصة شاب
وفتاة، حيث تحمل ماريا من شاب اسمه وليد، فينفجر الخبر كبركان داخل
العائلة، خاصة وأن الفتاة من طائفة أخرى، فيرتبك الجميع ويدخلون بشبه
متاهة، فتنقل لنا الكاتبة مدى رهبة الأم مما سيقوله الناس عنهم، وهذا
بالفعل واقع مجتمعنا بأغلب الأحيان، حيث لا يتضامن مع من يقع بمصيبة، إنّما
يساهم في صبّ جام عتبه وغضبه وتَشَفّيهِ بصاحب المصيبة، لدرجة أننا كأفراد
تَهون مصيبتنا مقابل ما سيُقال عنا، ويصبح خوفنا وتفكيرنا منحصرًا بمأ
سيقال، وليس بالموقف نفسه ،حيث تقول أم وليد: "ماذا سيقول أهل الضيعة؟ يا
خجلتي منهم.. كيف سأتحمل ثرثرة نساء القرية؟" وهنا تظهر مأساتنا كمجتمع
يتميز غالبية أفراده بالجوء إلى لنقد واللوم والتشفي وإلقاء التهم، بمجرد
وقوع حدث سلبي كمصيبة.
في الكثير من المواقف رسمت الكاتبة صورًا طبيعية، ووصفت جمال المكان
بذلك الزمان الذي كانت تقع فيه بعض أحداث الرواية، لدرجة أنها تجعلنا ننتقل
كقراء للمكان الموصوف بخيالنا، فنشعر وكأننا نعيش جمال الصورة المرسومة،
وذلك ليس غريبًا على ابنة قرية بيت جن، حيث وُلدت وعاشت في قرية تعتبر من
بين أجمل المناطق في بلادنا، فطبيعة هذه القرية تحثّ الكاتب على الإبداع،
وليس غريبًا أيضًا بأن هذه القرية تميّزت بكثرة كُتّابها وأدبائها الذين
برزوا على الساحة الأدبية، وهذه لوحة رائعة من رسم الكاتبة، حيث نقلت
بقلمها ملامح المكان من خلال الكلمات: "كنت أسمع رقص جداول المياه بين
الصخور، تعزف لحن الفرح والسعادة، وكأنّ الأزهار من حولنا انبثقت من قلب
الطبيعة، فبدأت القلوب تحكي وتشكي ما صادفها من غليان وقهر في فترة
الحرمان".
عندما بدأت بقراءة الرواية، حاولت أن أقتبس أجمل ما في الرواية فوجدت
الكثير، إذ تميّزت الرواية بصور جميلة، وتصوير مشاعر محزنة حدّ الوجع،
ومواقف إنسانية، وقضايا وقصص اجتماعية عديدة عانى مجتمعنا منها، ولا زال
يعاني منها حتى يومنا هذا، ولكني أكتفي بإلقاء الضوء على ما تناولته هنا،
وأترك الرواية لتصل لأيديكم أيها القراء، لعلكم تعيشون بدوركم أحداث هذه
الرواية التي أعتبرتها بدوْري جيّدة جدًّا.
قال العريف نصر الخطيب: أدعو ضيفتنا الإعلامية والشاعرة آمال عوّاد
رضوان ممثلة عن ضيوف الشرف، في هذا الحفل، النادي النسائي الأرثوذكسيّ
عبلين.
تحدثت آمال عوّاد
رضوان عن تعرفها بالكاتبة تركية قبل ثلاثة شهور فقط، وعن دورها في تشجيع
الروائية تركية صلالحة بمتابعة وإصدار روايتها "امرأة بلا وجه"، والتي
تستحق المباركة والتقدير كعمل أوّل وبكر، كما تحدثت عن أهمّية تشجيع
المبدعين والمبدعات خاصّة والأخذ بأياديهم، لنرفع معًا من شأن شعبنا،
بتنافسه الإبداعيّ الخلاق، وتحدّيه وصموده ومواجهة مشاكله الخاصة والعامة،
فللمثقف دور في توثيق تاريخ بلده وشعبه وتجذره فيما تبقى له من بقايا وطن.
وشكرت كل من الأدباء محمد نفاع ويوسف ناصر وجمال قبلان لما يقومون به
وبمسؤولية تامة بتوجيه وتشجيع المبدعين والمبدعات لمواكبة واستمرارية
المسيرة الإبداعية، وشكرت كل القيمين على تنظيم وحضور هذا الحفل، وشكرت
الكاتبة تركية صلالحة التي استضافت النادي النسائي الأرثوذكسي منذ الصباح
وعلى الغداء، كما شكرت المرشد السياحي الأديب مالك صلالحة الذي رافق وفد
النادي النسائي الأرثوذكسي في جولة سياحية وتثقيفية في معالم بيت جن.
*وفي كلمة الأديب يوسف ناصر جاء: إذ أتيت إلى هذه القرية الغرّاء، كم
شعرت بالسعادة تغمرني، إذ صعدت جبلًا شامخًا وقممًا شامخاتٍ، لألتقي جبالًا
مِن رجالٍ شوامخَ، وقِممًا مِن نساءٍ عالياتِ القامة بأقلامهنّ، ولذا
اقدّم تحيّتي، بل أمدُّ يدي أعمق أعماق قلبي، وأقدّم تحيّتي للكاتبة اللّت
قدّمت مِن يَنبوعها هذا الأدب الرفيع الجميل، وإنّي أُجِلُّ ما قرأت فيه من
جرأةٍ ومن جسارة في تحدّي العادات والتقاليد، التي أعتبرُها سجونًا دونما
قضبان ودونما أبواب، علينا أن نُحطمها بأقلامنا، فطوبى للقلم الذي يكون بيد
صاحبه مصباحًا وضّاءً يُبدّدُ الظلمة، ويكون عاصفةً هوجاءَ تعصفُ بالفكر
المريض. نحن أمّةٌ نحتاج إلى الحريّة التي تغيب عنا بغياب الديمقراطية،
فذهبت الأمة مَذاهبَ شتى في عبوديّتها، ومسكينة تلك الأمّ والمرأة التي
ألقت العبوديّة بكلّ ثقلها عليها، وكانت قد دفعت الثمن باهظا في حياتها.
ومن هنا وبأعلى الصوت أقدّم تحيتي للمرأة وللأمّ التي إن دمعت، أين دمع
المطر منها، وإن ابتسمت أين أشعّة الشمس من بسمة ثغرها، وإن تألّمت فأين
لتألم العواصف والرياح من تألمها، هي التي قال عنها الشاعر: (الأمُّ
ريحانةُ الدنيا وبهجتُها/ هيهات ألقى كقلب الأمّ هيهات)، فتحيّة للأمّهات
ولفضل الأمّ والمرأة عامّة في رقيّ الأمم وتقدّمها، وأحَيّي الكاتبة تركية
صلالحة وأعبّرُ عن تقديري لها، وما تشهد عليه روايتها "امرأة بلا وجه"،
كتبتها بلغة في عصر أصبحت لغتنا هزيلة، بفعل هذا الهجر الذي نعيشه، وأقول
كما قلت مرة في مقال: :لا تسقطُ أمّة إلا بعد أن تسقط اللغة مِن ألسنتِها"،
ولذلك احيّيك وأرجو أن تحافظي عليها، للكشف عن عيوب مجتمعنا العربيّ وحياة
المرأة، التي ما زالت تعاني حرمانها الحريّة، رغم مظاهر التقدّم في المظهر
لا في الجوهر، وبفعل ذلك تعيش كلّ حياتها في قرانا داخل سجون مظلمة كثيرة
غير مرئيّة! وإنّ غياب المرأة من أهم أسباب تأخّر الأمّة، وسقوطها على
نحو ما نشهده في تاريخنا الحديث. فاذهبي وفي يدك هذا القلم المعطار، وفي
يدك مصباحًا وضّاءً، وطوفي بتلك السجون لتقوّضيها، سعيًا للحريّة القائمة
على القيم الأخلاقيّة الرفيعة، ونحن ننتظر عطرًا جديدًا وشذى آتيًا، كما
ننتظر نورًا لمّاعًا وضوءًا سطّاعا".
قال العريف نصر الخطيب: له بصمات في العديد من محطات حياتي الأدبيّة
والتربويّة، ولمسات في إخراج الرواية "امرأة بلا وجه" إلى النور، ولكنّه لم
يقف على الرصيف، بل شقّ شوارع انطلقت فكرًا، وسافرت في مشوار الإبداع
العديد من مواهب هذه القرية. إنّه الأديب والأستاذ جمال قبلان مدير مدرسة
نايف قبلان سابقًا، ومدير بيت الكاتب التابع للمركز الجماهيري
وجاء في كلمة والأديب جمال قبلان: بداية نرحّب بالحضور الكريم في بيت
الكاتب، ويُشرّفنا استضافة النادي النسائيّ الأرثوذكسيّ- عبلين، وكلّ
ضيوفنا وضيفاتها الكرام، والنادي النسائيّ-بيت جن، وبالمناسبة أودّ أن أشكر
الإعلاميّة والشاعرة الأخت آمال عوّاد رضوان الّتي بادرت لهذا اللقاء، كما
أشكر كلّ القيّمين على ذلك. اِسمحْنَ لي ما دمنا في شهر آذار شهر المرأة
والأمّ، أن أستهلّ لقائي بكلمة خاطرة، تقديرًا واحترامًا وعرفانًا، فكلّ
عامٍ وأنتنّ بألف خير.
هَبَّ فِيّ الشّوقُ لِحنانٍ تُثيرُهُ شمسُ آذار/ فسَرى دمًا وفيًّا في
شريان قدسيّة اللقاء/ يا أمُّ، يا نفسَ خيْرٍ تفرّقت سَنًا عفيفًا في
نفوسِ النّساء/ يا أمُّ، يا خُلقًا كريمًا تفرّقَ تِبرًا في نفوسِ الرّجالِ
الشرفاء/ آذارُ موعدُنا معَكِ يا جوْهرَ الصّفاء/ آذارُ نُحبُّكَ، ويَطيبُ
لنا فيكَ بِهِنَّ اللقاء.
قد يجد الإنسان صعوبةً أن يتحدّث في ختام لقاء أدبيّ، سبقه في ذلك
أديبنا الكبير الكاتب أبو هشام محمّد نفّاع، والأديبات الأخوات رحاب بريك،
وآمال عوّاد رضوان، وتقديم الشاعر الأستاذ نصر خطيب، فبعد أن أقدم لكم
الشكر والتقدير أقول:
في ظلّ التطورات التكنولوجية الحديثة، وبعد أن أصبحت وسائل النشر
متعدّدة ومتوفّرة، كثير الذين واللواتي يكتبون وينشرون، وقد يظنّ بعضهم أنّ
الكتابة الأدبيّة سهلة، وبعضهم يذهب أبعد من ذلك، ويعتقد أنّ الأخطاء
اللغويّة والأغلاط الإملائية ليست ذات أهمّيّة، إنّما الأهمّ هو الفكرة
وإخراج ما يتعرّفون به، ويبقى بعدها الحُكم للجمهور.
الكاتبة تركيّة صلالحة من نوع آخر، تريدها لغة سليمة ثريّة مُعبّرة،
لا يشوبها خطأ، ولا يعيبها لحن، لذلك طلبت من أصدقاء وصديقات مراجعة
المادّة، وأنا من بينهم، رغم أنّ الوقت كان قصيرًا حين توجّهت الكاتبة
لمراجعة روايتها، وقد تسلّمت المادّة على مرحلتيْن، وحقيقة، لم أستطع حينها
مواكبة أحداث الرواية، وكان اهتمامي أكثر للغة، لكني عدت وقرأتها بعد
صدورها بإمعان، وقد وجدت بعض الأخطاء اللغويّة التي كان يمكن تفاديها،
بمراجعة البروفا، رغم أنّ تلك الأخطاء لم تؤثّر على مفهوم وجودة النصّ.
لم تكن مهمّتي سهلة، لأنّ لغة الكاتبة كانت عالية الكثافة والبلاغة،
رغم أنّها كانت صريحة العبارة، وكانت الكاتبة تُعلّل للقارئ ما تريد
إيصاله، مع شيء من المبالغة المقصودة، وأحيانًا دون احتراس لإمكانيّات
القارئ في معرفة سبب ما يجري، وكأنّ اللغة هي التي في سلّم الأفضليّات،
وليس الحدث نفسه. لذا جاء رسم الشخصيّات صعبًا، رغم أنّها شخصيّات متكرّرة،
وقد فضّلت الكاتبة صفات وعلاقات وسلوكيّات وغيرها الكثير لكلّ شخصيّة، وقد
تكون هذه الشخصيّات واقعيّة. شاهدتها الكاتبة فعلًا في الحياة، لكنّها
أضافت لها أشياء كثيرة، لتصبح كما تريدها هي، ولذلك كانت شخصيّاتها تتكلّم
بصيغة "الأنا"، وربّما قصدت الكاتبة أن تقرّب القصّة من الواقع أكثر، وفي
هذا المجال أيضًا لم تأخذ الكاتبة إمكانيّات القارئ العاديّ، من حيث القدرة
على استمرار الأحداث- هذا ليس عيبًا- وإنّما لعلوّ اللغة وغِناها، وجدير
بالذكر أنّ كثيرًا ما كان هذا "الأنا" لدى بعض الشخصيّات غائبًا، يَسترجع
ويستحضر الماضي الأليم بلغة الكاتبة، التي تجعلها أحيانًا تنسى الحاضر الذي
يَعيشه، ففريدة مثلًا تنسى حتى 10 نيسان ذلك التاريخ الهامّ، لولا تلك
الرزنامة العتيقة والتي ذكّرتها صدفة.
لغة الكاتبة دليل على القراءة الكثيرة واتساع ثقافتها في اللغة
العربية، وقد غلب عليها طابع اللغة الشعرية التصويريّة، كما استعملت
الكاتبة الحسنات اللفظيّة والمعنويّة، وأسلوب الاستطراد بهدف التفصيل،
فمثلاً لتشرح الحرمان ص 12: استطردت إلى حديث نفسها قائلةً: نعم أبكي أبي،
فهو أبٌ لأولاده وابنٌ لوالده، فما ذنبه إن عانى في طفولته ولم ينعم
بملذاتها؟ لم يستنشق عبير الأزهار ولا طعم الرحيق. لم يعرف الدفء شتاءً،
ولم يتمتع بنسمات الهواء ربيعًا، ولم يدرك ألوان الحياة الورديّة، فالرمادي
والأسود كحّلا عينيه منذ الصِّغر، فلم تتجسّد مشاعر وأحاسيس حريريّة في
قلبه، ليدرك أنّ للأذن مسامع الكلام العذب، وللعين رؤيا المناظر الخلابة،
لتتمتع بولادة الشمس فجرًا، وبالغروب حيث أجمل منظر لم تراوده الأحلام
الوردية في غفوته، ولم يتمتع بصوت العندليب عندما غرّد، ولم يعرف في النوم
راحة، ولا في اليقظة استقرارًا. لم يدرك بأنّ الحرية حقّ للروح البشرية، بل
عانى البرد في شتاء قاسٍ، وعانى الحَرّ في صيفٍ لاهبٍ! عانى سوء معاملة
زوجة أبيه، وقد تركت في نفسه بصمات جلاد، كما تلتصق بجسد الأسير، وتعمّقت
في نفسه جروح وآلام، لتجعله يحقد على الحياة، ويتحوّل إلى كراهيةٍ
وعنفوانٍ. فـرضت زوجة أبيه سُلطتها، وسيطرت بمعاملتها على والده، وجرّدته
من رجولته، واستمرّت تحرّض ضدّه لأنّها كرهته، ولم تعامله معاملة خالة
حنون، حتى أصبح مغلوبًا على أمره".
وهذا الخروج وهذا الاستطراد مقصود، وهدفه تصوير الألم وقسوة الحياة،
وكأنها تريد أن تقنع القارئ بوجهة نظرها لتكسب تأييده، وليتعاطف مع أبطال
روايتها. كذلك كانت الكاتبة أحيانًا تستعمل كلمات قد يعتبرها بعض القراء
خطأ أو في غير موضعها، كلها كانت تعني المعنى الذي تتضمّنه هذه الكلمات،
على سبيل المثال ص17 تكتب: "فهُمْ لا يُقدّرون مفهوم الحريّة ولا
يتعايشونها"، فمدلول يتعايشونها أقوى من يَعيشونها، لأنّ "تعايش" فيها معنى
المشاركة. وقولها أيضًا في موقع آخر: "استشاطت عويلًا"، واستعمال استشاط
يُناسب الغضب، فنقول استشاط غضبًا، ولكنها قصدت العويل الغاضب الحاقد
المقهور. وقولها أيضًا: رأسي تتأبّط يَداي، وكأنّها تريد لهذا الرأس أن
يختفي!
كذلك نجحت الكاتبة في توظيف المثل لخدمة النصّ، وتعزيز وتعميق المعنى،
فمثلاً ص13 تقول: عندما تأخرت بالحمل في بداية زواجها مدَّة زمنيّة، ممّا
أثار غضبهم وحقدهم عليها، وكم نعتوها بالمثل القائل: (شجرة لا تُثمر حلالٌ
قطعها)، ذلك المثل كان يخز نفسها كغرس الخناجر في الصدور، حيث عانت القهر
والذلّ مدة عاميْن".
حتى العنوان "امرأة بلا وجه" هو عنوان مثير وصادم لمعناه، مُستوْحى من
أحداث الرواية، ويوحي باصطياد البشع في التعامل مع البشر، كذلك مدلول
أسماء شخصيّاتها: فريدة، عادل، أمير ، وفاء، رحيل... وقد يطولُ الحديث عن
لغة الرواية، ولكن للاختصار أقول: "امرأة بلا وجه"، هي هُويّة نسائيّة
واضحة، جاءت لتثبت أنّ لا وجه لأمّة تجهل قدر وقيمة ودور وحريّة المرأة،
فقصّة فريدة وأمير هي قصّة الحياة، ويبقى من حقّ القارئ أن يسأل ص242: هل
ستبقى المرأة أمَةً لقوانينَ فاسدةٍ إلى انقضاء الدهر؟ أتبقى مُحدقة إلى
التراب بدلًا من التطلع إلى الشمس، فلا ترى ظل جسدها إلا بين الأشواك، وعلى
مسرح الظلم والعذاب؟
أسئلة كثيرة تجيب عليها الكاتبة وتقول ص258: "ومع مرور السنين تتخذ
الطبيعة طابعًا آخر، ومع مرور الفصول يتخذ الإنسان طابعًا آخر، فلا يمكن
للإنسان والطبيعة أن يبقيا بنفس النهج، فإذا الإنسان لم يغير في نفسه
شيئًا، فإن الظروف والطبيعة لا بد أن تغير فيه، كما تغير بترابها ومياهها
وتكوّنها!"، وكأنّها تقول: ستتغيّر المرأة التي بلا وجه (كفريدة)، إلى
امرأة ذات وجه كرحيل.
بقي أن أقول: إذا كانت الرواية مِن حيث المضمون تستحق الدراسة،
واستخلاص العِبر لتصحيح أمراض ومسارات اجتماعيّة، تُجثم على صدور مجتمعنا
العربيّ، وتقطع عليه تنفّس الحريّة (بمفهومها الإيجابي)- فلسفة الكاتبة
تستحق الوقفة والدراسة والاستفادة منها لإثراء مخزوننا اللغويّ، وتوظيفه
لكتابة نصوصنا بلغة راقية غنيّة مُعبّرة كلغة الكاتبة تركية. مبروك هذا
المولود البكر، مبروك للعنصر النسائيّ، ونحن بانتظار جديد لتركيّة وجديدة
في أديبات العنصر النسائيّ.
تابع العريف: *"امرأة بلا وجه"! أتساءل لماذا بلا وجه؟ وأنا أقول: كل
أدب هو سيميائيّ بالضرورة، فهل لأنّ وجوه أمّهاتنا ونسائنا وبنائنا
وأخواتنا تستمدّ نورها من نور وجه الله، ونحن عاجزون عن رؤية وجه جلالته،
ولكننا قادرون على رؤية عظمة أعماله"؟ يقولون وراء كلّ رجل عظيم امرأة.
فلماذا هذه الجنداريّة؟ فهل نسينا أنه في قاموسنا توجد كلمة جانب؟ لكننا
اليوم نقلب هذه المعادلة، ونجد أنه جانب أديبتنا كان الزوجُ دائمًا، أدعو
المحتفى بها الأديبة الأخت تركية صلالحة، وزوجها الأخ فؤاد صلالحة.
جاء في كلمة المحتفى بها تركية
صلالحة: مساؤكم عطر. كلّ العبارات القيّمة لا تفيكم حقّكم ولا تكفي قدركم،
فتقف أمامكم إجلالًا لتقول: لا مُتّسع للمزيد سوى كلمات شكر وتقدير لجميع
الحضور، مِن ضيوف ومَحلّيّين، عميق شكري وتقديري ومحبّتي. كلّكم كرام
وتستحقون الثناء فأهلًا بكم. أيضًا جزيل شكري لجميع المتكلمين عن الرواية،
والذين ساهموا أيضًا في إخراجها للنّور. وهم: الأديب القدير محمّد نفّاع
أبو هشام، والأستاذ والأديب جمال قبلان، والإعلاميّة والشاعرة الكبيرة آمال
عوّاد رضوان، والفنّانة ريما يوسف أبو صلاح على تصميم الغلاف، وشكري لدار
الوسط اليوم للنشر الورقي والالكتروني- رام الله، كما وأخصّ بالذكر الأديبة
رحاب فارس بريك على مداخلتها، والأديب يوسف ناصر.
وشكري وتقديري لكلّ مَن ساهم
ونظّم في إنجاح هذا الحفل، وهم: بيت الكاتب بإدارته وجميع أعضائه، والمجلس
المحليّ برئيسه وأعضائه، والمركز الجماهيري بموظفيه وإدارة الأخ راضي
قبلان، ومديرة المركز النسائيّ بيت جن الأخت أميمة حمود، وطاقم العاملين في
المكتبة العامّة موظفين بإدارة دالية عطيلة، وشكري لجمعية نسيج - زيد قيس،
وشكري للمحامي فؤاد نقارة والنادي الثقافيّ الأرثوذكسيّ- حيفا، وشكر كبير
للأستاذ نصر خطيب على إدارة هذا الحفل، ولموقع الأصل لتغطيته هذا الحفل،
مباركة نسرين كتابتها على شرفة الذكرى اصدار دار الوسط اليوم وعميق شكري
لأسرتي اولادي وزوجي فؤاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق