كمثل الحمار
أماني طلعت*
كان الاستاذ الدكتور حجازى عمران يجلس على مكتبه بالجامعة وهو يحتسى قهوته الصباحية ويستعد لشن هجومه المعلوماتى على طلابه حال ما هجموا عليه بالاسئلة. وكان شديد الثقة بنفسه وبقدرته فى الاجابة على أى سؤال يعترض طريقه فمهما كانت شراسة السؤال فالنتيجة محسومة لصالحه فى النهاية فهو أستاذ جامعى ورجل مثقف لايبارى فقد أفنى جزء كبير من حياته فى الاغتراف من شتى مناهل العلم فقد اغترف من مجال عمله كأستاذ لعلم النفس التطبيقى عموما بالاضافة إلى أنه عبأ ذهنه بالعلوم الخاصة بمجال الرياضيات والتاريخ والادب والفلسفة والكيمياء وخلافه ولم يكن يهتم بالعلوم حبا فى ذاتها ولكنه كان يهتم بها حرصا منه على اكتساح أى معركة يخوضها مع خصومه وكان لسان حاله يقول يابحر فوقك بحر أما عن إسلوبه فى التدريس فهو كرجل علامة يتعامل مع طلاب جهلاء على حد وصفه بطريقة التعبئة الشاملة فى محتلف الفروع سواء كانت تخص موضوع المحاضرة أم لا فعقول الطلاب ماهى إلا أوعية ينبغى حشوها بأكبر قدر ممكن من المعلومات ولهذا كانت معظم محاضراته تصيب طلابه بالدوار والتشتت فهى لها نقطة بداية عند دخوله مختالا إلى قاعة الدرس ولكن دون عناصر أو ترتيب للأفكار أو تنظيم لعرض الموضوع وغالبا ما تنتهى بطرد أحد الطلاب من قاعة الدرس بسبب كونه جاهلا ولايدرك أثر نعمة الاستاذ عليه أو سب جميع من فى القاعة ووصفهم بالغباء المفرط لكون ثقافتهم الضحلة لاتضاهى ثقافته الواسعة.
وكان طلابه يخشونه ولا يحبونه فلم يكن هو من صنف الاساتذة الذين يسعون لكسب ثقة طلابهم بل كان عبارة عن مدفعية معلومات ومعارف من العيار الثقيل والغريب فى الامر أنه يعد ذلك نجاحا منقطع النظير لان المسافة بين التلميذ والاستاذ لابد أن تكون شاسعة مثل المسافة بين السماء والارض فأستاذ مثله يعد من العلماء المعدودين فى زمانهم على حد وصفه لابد ألا ينحدر مستواه الفكرى والثقافى ليصل لشرذمة من ذوى العقول الخاوية من الطلاب الجهلاء فهكذا قال الاستاذ. والاغرب من هذا كله أن مكتبه كان يعج بالطلاب من كل حدب وصوب لاحبا فيه ولا فى علمه ولكن ليتخذوا ستارا واقيا يحميمهم من مهاجمته إياهم عند اللزوم من خلال الاسئلة الكثيرة والمتنوعة التى كانوا يلقونها عليه قانعين بما يرمى به إليهم من فتات المعلومات فالمهم هو وجود أية وسيلة للدفاع عن أنفسهم ولوكانت محدودة .
وحان موعد الساعات المكتبية وامتلىء المكتب كالعادة بالطلاب وتقاطرت عليه الاسئلة من هنا وهناك وأجاب عنها فى تحدى واضح وكان يعبث برابطة عنقه بين الحين والحين كما لوكان فى لقاء تليفزيونى وكاد المكتب الذى يجلس عليه أن يتهشم من ثقل غروره وجاء الدور على أحد الطلاب ليلقى سؤاله فسأله قائلا/ ماهو سبب كروية الارض ؟
ففرك الاستاذ الجامعى رأسه حيث أنه لايعرف إجابة السؤال...................................................................................
* سوهاج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق