في ربوع الفيُّوم..
شعر : محمد فايد عثمان
( عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية )
مَنْ لي بأوبٍ إلى (الفيُّوم) إنَّ بها
إلفي وما لي بدلتا النيل مؤتلفُ
الحُسْنُ فِيها وَعَيْنُ (اللهِ) تَكْلَؤُها
لكنَّما الحُسْـنُ في (الفَيُّوم) مُخْتَلِفُ
أرْضٌ وَقَدْ أتْقَنَ (الرَّحمنُ) صَنْعَتها
حَصْباؤها التبرُ والياقوتُ والخَزَفُ
تَزُهُو إذا ما ثِيابُ العُشب ِزَيَّنها
وَشْيٌ كأنَّ سَنا أزْهارها صَدَفُ
وفي مَدَاها وأفقٍ ينتشـي طرَباً
رَفَّ النَّسـيمُ وَرَقَّ الغُصْنُ والسَّعَفُ
وَحِينمـا يَسْتَبِيحُ الليْلُ ساحَتَها
يشتاقُ صَبٌّ ويَطْوي حُلمَهُ شغفُ
خِلتُ السَّماوات في أرْجائِها بَسَطتْ
نُجُومَها فانْتَشَى رُكْـنٌ وَمُنْتَصَـَفُ
يُعـانِقُ النُّورُ أغْصـاناً فَيَبْعَثُها
عَرَائِسَ السِّحْر في تِيجانِها نَجَفُ
وَالواصِفُونَ دَوَاعِي حُسْنِها صَدَقُوا
لكنَّما حُسْنُها أضْعافُ ما وَصَفوا
عُذري لهُمْ لَوْ رَأَوْهـا ذَاتَ أُمْسِيَةٍ
في غَمْرَةِ النُّور في لألائها عَرَفُوا
والصُّبحُ ينسابُ في بُردِ النَّدَى ألِقاً
يُعانقُ الشَّمْسَ يَجْلو وَجههُ تَرفُ
طُفْ بـ (الحَــواتِم ) و (الرُّوبيِّ) مُتَّئداً
كَمْ سِرْتُ فيها وَلِي في جَوْلتِي هَدَفُ
ومتِّعِ النَّفس في كل البِقاعِ بها
ما أسْرَعَ العُمْرَ والأوقات تُخْتَطفُ
في بَحْر(يوسُفَ) لا مَوجٌ ولا صخبٌ
ماءٌ زلالٌ يُفِيضُ الخيرَ فارْتشِـفُوا
والآيُ إمَّا تَلاهَا ( صالِحُ) انْهَمَرَتْ
عَـيْنُ التَّقيِ وَيَجْـثُو مَنْ بهِ صَلَفُ
والأمْسِياتِ التي في القَصْر تَجْمَعُنا
لانهملُ الأهل والخلان إنهموا
بِصُحْبَةٍ من مَعِينِ الحَـرْفِ نَغْتَرفُ
عِنْدَ (البُحَيْرَةِ) كَمْ منْ مـرَّةٍ عَبَقَتْ
بنا المسافاتُ واللحن الذي عَزَفُوا
صوتُ السَّواقي إذا ناحت أهاج بنا
سَيْلاً مِنَ الوَجْد لا يَهْدا ولا يَقِفُ
لا نُهملُ الأهْلَ والخلانَ إنهموا
طىَّ الفُـؤاد ومْرآةُ الهَوىَ اللَّهَفُ
والعاشقُونَ لأنَّاتِ الهَوَى تَبَعٌ
ما فرَّقَ النأىُ مِنْ شَمْلٍ وإنْ حَلفُوا
إنِّي تبدَّلتُ داراً غَيْرَ دَارهِمُ
لكِنْ لَهُمْ في ضَمِيْرِ الصَّبِّ مُعْتَكَفُ
لانَقْطعُ اليَوْمَ في (الفَـيُّوم) يشْـغُلنا
همٌّ ولا يَحْتَوي أوقاتِنا أَسَفُ
نصْحُوا عَلى رَنَّةِ العُصْفُورِ يُرْسِلُها
في عابقٍ من رُباها ظِلُّهُ وَرِفُ
تُبدي الرِّضا وَهْىَ في الأرزاقِ ناعمةٌ
وفي وثيرٍ مـن الأخـلاق تلتحـفُ
والناسُ فيها إذا ضَـاقَتْ مَعايشُـهم
يَنْسَوْنَ بالصَّبْر ما عَنَّاهُمُ الشَّظَفُ
والواقفون على أبوابها ( مَلَكٌ )
يُعْطُونَنا مِنْ جَناها طِيبَ ما اقْتَطَفُوا
فأينَ والسِّحْرُ في (الفَـيُّوم) ما نَقَلتْ
وسائلُ البَرْق أو ما قَالَتِ الصُّحُفُ ؟
دَعْني إذا سِرتُ في أَرْجائِها جَذِلاً
أُبَادِلُ الكأسَ نُدْماناً بِهِ اعْتَرفُوا
وَمَهِّلِ الخُطْوَ في (الفيُّوم) إنَّ بها
عِشْقِي وَقَلْبِي بأسْرَارِ الهَـوَىَ كَلِفُ
أرْضٌ لها مِنْ نَدَىَ (الصِّدِّيق) مَكْرُمَةٌ
وَنِعْـمَةٌ يَرْتَوِي مِنْ فَيْضِها خَلَفُ
الفيوم في 3/ 1 / 2005م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق