2014/04/07

رصاصات قليلة تمنع كوارث كثيرة.. بقلم: فؤاد قنديل

رصاصات قليلة تمنع كوارث كثيرة 
فؤاد قنديل
 لا يهيمن على حياة المصريين الآن غير وحش أسطوري عكفت على صناعته الشياطين المرتدين عباءة الدين المتشدقين بكلمات الرب كي يوهموا الجهلاء والبسطاء والسذج والفقراء والعاطلين والأغبياء والغافلين بقدسية دعواهم بوصفهم رسل الله والمعبرين عن حكمته والمؤهلين لتنفيذ وصاياه التي فشل الجميع في تحقيق أي وصية منها . وهكذا وقع المصريون كما وقع غيرهم طوال عقود وبالأخص خلال الأعوام الأخيرة عندما تسللت - في غيبة عبد الناصر الحاضر الغائب - قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين إلى صدارة المشهد السياسي ، وقد عزمت هذه القيادات المحلية والدولية الحاكمة لهذا الفصيل المشبوه على أن تتولي مسئولية السلطة في مصر بكل أشكالها ومستوياتها وإلا قاموا بمحوها من فوق الأرض بشتى السبل التى لا تبقى ولا تذر ، و بزغت المشكلات المؤججة للصراع بسبب الفشل الذريع الذي بدا واضحا في كل ما صدر عن هذه الجماعة الحاكمة من قرارات وما اقترفته من جرائم بحق الشعب وحرصها على الهيمنة والسيطرة والنفاذ إلى كل مفاصل الدولة وأصغر مقاعد المسئولية وتعجلوا السلب والنهب والتغيير الشكلى لحساب رجالهم وأتباعهم مهما بلغت آفاق جهلهم وعجزهم ما اضطر الشعب للثورة ضدهم في كل الميادين ومحاولة مقاومة المدى اللانهائي للتعسف والبطش إلى درجة القتل والسحل والتشويه والحرق وخنق كل الحريات ونشر الظلام والتعاسة وطرد كل فرص التصحيح والتطوير ، ولم يستطع قادة الجيش الاستمرار في الحياد والبعد عن التدخل السافر لإنقاذ البلاد من حرب أهلية أصبحت على الأبواب ولا يفصل البلاد عنها غير أيام فاضطر للخروج كي يجري للأمة عملية جراحية تخلص الشعب الحائر والضائع والممزق من أبناء الشياطين المخربين القتلة ، ومن ثم بدأت مرحلة بالغة الشراسة ليأخذ إرهاب الجماعة مستوى بشعا من التخريب والتدمير ، مما أضرم النار على نطاق واسع على طول البلاد وعرضها وقد فوجئ الجميع وقد سيطر الذهول عليهم حكومة وشعبا بتعاون عدد كبير من الدول والجماعات والتنظيمات مع الإخوان لتوسيع نطاق العمليات المجنونة لحرق مصر التي فشلوا في حكمها وتكاد تفلت من أيديهم. ولأن الإرهاب لا يعرف حدودا ولا عقيدة أو قانونا أو رحمة ببعض الشرائح والحالات والأعمار فقد انطلق يحصد ويتعامل مع مصر على طريقة الأرض المحروقة مدعوما من أمريكا وقطر وتركيا ونسبيا بغطاء أوروبي بحجة أن مصر خالية من أية تطبيقات لحقوق الإنسان وتبطش بمعارضي السلطة. كما عاونت الجماعة تنظيمات أخري مثل القاعدة و" أنصار بيت المقدس " وجماعات أخري من حماس ومن إيران وأفغانستان وليبيا والكل يعمل تحت راية التنظيم الدولي للإخوان وطبقا لمبادئه وخططه لمنع مصر من العودة إلى الحياة لأن خروجها من الغيبوبة الدامية يعنى تحجيم الوجود المشبوه لهذه الجماعات في منطقة الشرق الأوسط . الإرهاب عامة وما نعيشه أسوأ الأنواع إذ يعتمد على التنظيمات الدولية والدعم المالي ويستغل النفوس الضعيفة والقوي المعادية ويستعين بالمحترفين والمرتزقة ، ويستثمر حالات التردي الاقتصادي الذي يطحن العاطلين والفقراء ، ولا بأس من استخدام البلطجية وأطفال الشوارع وكذلك طلاب المدارس الثانوية والجامعات لتشكيل خلايا عصابية لتنفيذ مخططاتهم بعد تدريبات جسدية وتوجيهات فكرية لغسل العقول وتحويلها باتجاه مضاد للأوطان ومن ذلك الحوار المتصل مع نماذج مهتزة من النخبة الثقافية والسياسية الذين قاموا بدورمضاد لرؤي الشعب بحجة الدفاع عن وحدة الوطن وحتمية التصالح ، وفي كل هذا نجحت الجماعات المارقة ، وكان الدين والفقر هما رأسا ونصل السكين الذين طعنوا بهما الوطن المستباح . ولا شك أن قوات الأمن بذلت جهودا غير عادية وراح المئات من رجالها ضحايا لانعدام الضمير والانتماء ، لكن الفكر كان غائبا ويتحرك فقط كرد فعل ولا توجد ضربات استباقية ، ولا يزال الغاز هو وسيلتهم الوحيدة رغم صدور قانون مكافحة الإرهاب وقانون التظاهر الذين لم يهبطا إلى أرض الواقع وساحات التطبيق وبقيا ناعسين في حضانات الورق وفتارين الصحافة ، والحكومات جميعها حتى وزارة محلب تتحفظ على استخدام القوة ضد المتظاهرين من طلاب الجامعات حفاظا على مستقبلهم المشرق ،وخشية اتهامهم من قبل المنظمات الدولية بالقسوة مع المعارضين حتى أن قوات الشرطة لم تطلق رصاصة واحدة على واحد من المخربين الذين يدمرون المنشآت كل يوم بعشرات الملايين ويقتلون الرجال والنساء والأطفال ويذبحون المواطنين في الشوارع أني شاؤوا أمام العيون ثم يهربون .. الأرواح تزهق كل ساعة والأجساد تتمزق والأمهات تترمل وتثكل والأبناء يتحولون إلى يتامي في دقائق ، والحكومات لا تتوقف عن تصريحاتها الوردية بأن كل هذا لن يثنيها عن المقاومة وبذل الارواح دفاعا عن مصر والمصريين . مع كل صباح يجهز المصريون المقابر إذا خرج بنوهم للعمل تأهبا لما سيتفتق عنه هذا الخروج من حوادث صادمة لأن الشوارع ملتهبة بالقنابل وزجاجات المولوتوف وتفجير الممتلكات والسيارات والأفراد والمدارس والمستشفيات والمتاحف والكنائس ولا يعلم أحد من أين ستأتيه الرصاصة أو الشظية والمتابعون في الشهور الاخيرة يشاهدون طلاب الجامعات بدلا من الحرص على تلقي العلم يهدمون الأسوار ويعتدون على الأساتذة ويشعلون النار في المعامل والمباني ويحرقون سيارات المدرسين ويحطمون الأجهزة ثم ينزلون إلى الأفنية فاتحى القمصان والصدور في مواجهة قنابل الغاز التي لا يعبؤون بها ويواصلون التخريب والهدم ، ولن ينتهى هذا المسلسل المأساوي الشيطاني إلا بإطلاق الرصاص الحي .. نعم .. لو قررت وزارة الداخلية توجيه الرصاص الحي على بعض السيقان لانتهت كل هذه المظاهرات اللاسلمية ولسلم الوطن من هذه الدراما المفجعة . رصاصات قليلة تمنع كوارث كثيرة . سوف يزداد العنف وينتشر الإرهاب ومثل تلك العقول الشيطانية ستطور من معاركها ووسائلها والبلاد مفتوحة والحكومات عاجزة والمواطنون مشغولون بلقمة العيش الهاربة والأمن المراوغ ، وليس بإمكانهم مجاراة العنف بالعنف ولن تستطيع قوات الأمن وضع نهاية للحالة الدموية أولأنهار الدموع التي تفيض من عيون الجميع حتى ممن لم يفقد عزيزا إلا بإطلاق الرصاص الحي على أقدام بعض الفتية ، ثم القبض على أكبر عدد منهم وفصلهم من الكليات وتسليمهم للجيش لتربيتهم ، لأنهم جميعا لم يتلقوا أية دروس في التربية لا على أيدى اهاليهم ولا على أيدى مدرسيهم .. أي إجراء أقل من هذا لن يمنع الإرهاب الذي سيعطل كل خطط التقدم وسنفقد معه الكثير من القيادات المهمة ولن تشرق شمس النهضة مطلقا وسوف نكون عبرة لكل الشعوب ونخرج من التاريخ بجدارة وتنتهى كل المكانة المصرية التي تتباهي بها البلاد على مدي يزيد عن سبعة آلاف عام .ويبقى أن نحيي كندا لأنها اعتبرت جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا يتعين مقاومته ومطاردة قياداته ، كما نحيي الحكومة البريطانية التي فتحت التحقيق في كل ما يصدر عن الجماعة من عمليات مشبوهة والعمل على اجتثثاث جذورها إذا ثبت أنها تمارس بالفعل أعمالا إرهابية على أراضي المملكة المتحدة. أخيرا أفاقت الحكومة البريطانية التي تعد من أهم رعاة الجماعات والقيادات الإرهابية . وتظل الكرة في ملعب الحكومة المصرية العاجزة ونسأل الله لها التحرك الجسور في مواجهة الوحش الأسطوري الملعون القادر على محو مصر إذا استمر التخاذل المشين.

ليست هناك تعليقات: