2014/06/01

مـجلة عيدان الخيل للثقافة والعلوم والآداب تصدر عددها الثالث



مـجلة عيدان الخيل للثقافة والعلوم والآداب تصدر عددها الثالث
                                                                 بقلم:محمد سيف الإسلام بوفـلاقـة
                                                            -جامعة عنابة-
         دأبت مؤسسة عيدان الخيل بإمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة،على إصدار مجلة فصلية محكمة، تهدف   إلى الإسهام في نشر الثقافة والآداب والعلوم وتطويرها،وتيسير الاتصال بين أهل العلم والفكر والكتَّاب في دولة الإمارات العربية المتحدة،وعلى المستوى الإقليمي والعربي والإسلامي لتحقيق النهوض الفكري والحضاري،وفق القيم والمبادئ الإسلامية.
        رئيسة تحرير المجلة الباحثة الإماراتية،والمفكرة المتميزة الدكتورة أسماء أحمد العويس المعروفة بإنتاجها الغزير والمتنوع،وتتولى سكرتارية تحريرها الأستاذة مروة الشربيني، وتتكون الهيئة العلمية الاستشارية للمجلة من مجموعة من الباحثين والكتّاب والمفكرين من أبرزهم : الأستاذ الدكتور أحمد حساني،و الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزحيلي، والأستاذ الدكتور عبد العزيز دخان، والأستاذ الدكتور سلامة محمد الهرفي البلوي، والأستاذ الدكتور  خليفة بابكر الحسن،والأستاذ الباحث سيف راشد المزروعي،والدكتور قاسم سعد،والأستاذ الدكتور محمد عبد الله سعادة، والدكتور محمد أحمد عبد الرحمن،والدكتور عثمان جمعة ضميرية...،وغيرهم.
         وقد صدر مؤخراً العدد الجديد من المجلة،وتميز باحتوائه على عدد من الدراسات والأبحاث الجادة والعميقة،فما يلفت الانتباه ويثير الإعجاب في العدد الثالث من مجلة عيدان الخيل الذي صدر خلال شهر جمادى الأولى1435هـ/مارس2014م،ذلك الكم الوافر والغني من الدراسات والرؤى والتحليلات المهمة والثرية،والتي أخرجت في قالب فني متميز،وجاءت في طبعة راقية وأنيقة،فجمعت المجلة بين جمال الشكل وعمق المضامين،فقد دبجت صورة الغلاف بقول لقمان الحكيم:« إن من الكلام ما هو أشد من الحجر، وأمر من الصبر، وأحر من الجمر،وإن القلوب مزارع فازرع فيها الكلمة الطيبة،فإن لم تنبت كلها ينبت بعضها».
              كلمة العدد كتبتها الباحثة الدكتورة أسماء أحمد العويس ،تحت عنوان:« من الآداب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم»،فأبرزت من خلالها في البدء منزلة الأدب في الإسلام،التي هي منزلة عظيمة،واستشهدت بقول ابن القيم-رحمه الله تعالى-:« وأدب المرء عنوان سعادته وفلاحه،وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره فما استجلب خير الدنيا والآخرة بمثل الأدب ولا استجلب حرمانها بمثل قلة الأدب».وهذا ما أكده الله سبحانه و تعالى في القرآن الكريم،وحثنا عليه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم،خير الأنام،فالأدب كما يعبر عنه ابن القيم:« هو اجتماع خصال الخير في العبد ومنه المأدبة وهي الطعام الذي يجتمع عليه الناس».
      وقد قال ابن حجر رحمه الله تعالى:« الأدب استعمال ما يحمد قولاً وفعلاً».
        وقد ذكرت الدكتورة أسماء العويس في كلمتها الافتتاحية أن الأدب ينقسم إلى ثلاثة أنواع:الأدب مع الله،والأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم،وشرعه،وأدب مع خلقه.
          وقد قدم الصحابة الكرام أمثلة رائعة في الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أوردت الدكتورة أسماء العويس في هذا الصدد حين قيل للعباس:أنت أكبر أو النبي-صلى الله عليه وسلم؟-قال:هو أكبر،وأنا ولدت قبله،فهذا أدب جم،ينم عن خلق رفيع تعجز الأقلام عن وصفه.
       ومن الأدب أدب المحبة الذي يتجلى في محبة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم،أكثر من كل متعلقاتنا،وحتى أكثر من أنفسنا.
           تطرق المقال الأول في المجلة الذي كتبه الأستاذ/أحمد مبارك سالم،وهو باحث قانوني بوزارة شؤون مجلسي الشورى والنواب بمملكة البحرين، إلى:« فقه الموازنات ودوره في التدرج في تطبيق  الشريعة الإسلامية»،وقد رأى فيه أن قضية تطبيق الشريعة الإسلامية ضمن نطاق التشريعات المسنونة مسألة معقدة ومتشعبة،ولا يمكن اختزالها ضمن نطاق الضمير المعبر عن توجه المجتمع كسبيل لتحقيق الهدف،وتحدث في المبحث الأول منه عن فقه الموازنات ودوره في التدرج في تطبيق مبادئ الشريعة في ظل العقبات والتجارب المعمول بها لكفالة التدرج،وأبرز مفهوم فقه الموازنات ودلالاته وحاجتنا إليه،فهو يعبر عن مجموعة من الأسس والمعايير التي تضبط عملية الموازنة بين المصالح المتعارضة أو المفاسد المتعارضة مع المصالح،ليتبين بذلك أي المصلحتين أرجح فتقدم على غيرها،وأي المفسدتين أعظم خطراً فيقدم درءها كما يعرف به الغلبة،وفقه الموازنات ليس مجرد فلسفة عقلية محضة،وإنما هو نتاج بحث طويل وإمعان دقيق واستقراء تام لنصوص الوحي،كما أنه فهم كامل لمقاصد التشريع ومبادئه وقواعده الكلية.
         وقد حدد الباحث أحمد مبارك سالم ضوابط فقه الموازنات ومعاييره،وأبرز عقبات التدرج في تطبيق الشريعة في ظل فقه الموازنات،كما تحدث عن التجارب المعمول بها لكفالة التطبيق لمبادئ الشريعة الإسلامية في ظل فقه الموازنات،وقد أوصى في ختام بحثه بضرورة اعتماد نظام الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للتشريع والأنظمة المختلفة من خلال ما قررته مصادرها الأصلية والتبعية والنقلية والعقلية،وذلك نظراً لكونها تمثل استيعاباً لتنظيم الحياة الإنسانية لمن يؤمن بالإسلام كمنهج حياة،مع ضرورة قيام المشرع بتقنين الأحكام الشرعية في مختلف النطاقات من خلال الاستعانة بلجنة شرعية متخصصة في ذلك.
          وقد أفرد الدكتور/يوسف حسين أحمد من كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي، مقاله لتسليط الضوء على« الأعمال الاقتصادية آدابها وأخلاقها على ضوء السنة النبوية»،فتحدث عن الأساس الفكري للنظام المالي في الإسلام،وقدم مقارنة بينه وبين النظام الحالي في الاقتصاد المعاصر،وتطرق  الدكتور يوسف حسين أحمد إلى الآداب المتعلقة بالإنتاج-الزراعة والتصنيع-،كما تحدث عن الآداب المتعلقة بالتوزيع،وركز على إبراز الأخلاق الإسلامية الفاضلة التي دعا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هديه المنير،ومن أهمها خلق السماحة في المعاملة و السهولة في البيع والشراء والقضاء والاقتضاء،وقد أوصى الباحث بنشر الفضائل الإسلامية السمحة بين المنتجين والمستثمرين والموزعين والمستهلكين،واقترح أن يتم تخصيص جماعة من المربين والعلماء  ،لكي يقوموا بتوعية العوام بمحاسن هذه الأخلاق الفاضلة،وبمساوئ وقبائح الأخلاق الرديئة.
        وخصص الدكتور عبد الرحمن العمراني؛رئيس شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة القاضي عياض بمراكش بالمغرب الأقصى،دراسته للحديث عن« أثر النصيحة في حسن بناء الأسرة واستقرارها في ضوء السنة النبوية»،وقد حاول في دراسته أن يبين دور النصيحة باعتبارها توجيهاً إيجابياً في بناء مؤسسة الأسرة واستقرارها في ضوء نصوص السنة النبوية الشريفة،وقد قسم دراسته إلى محورين رئيسين:فتناول دور النصيحة في حسن بناء الأسرة بدءاً من المراحل الأولى لإنجاز عقد الزواج،وبحث في دورها في استقرار مؤسسة الأسرة،ودفع أسباب الاضطراب عنها،كما بين أن المسؤولية ليست حكراً على طرف واحد،بل تشترك فيها مجموعة من الأطراف.
        وجاء بحث الدكتور/مقتدر حمدان عبد المجيد من قسم التاريخ بكلية التربية ابن رشد للعلوم الإنسانية بجامعة بغداد بعنوان: « موقف المستشرقين من الرسول صلى الله عليه وسلم-غوستاف لوبون أنموذجاً-».
         تحدث في القسم الأول منه عن نشأة الاستشراق وتطوره والجهات المعنية به،وخلص إلى أنه ليس هناك اتفاق بين دارسي الاستشراق في تحديد نشأته،بيد أنه يرى أن حركة الاستشراق ظهرت في الأندلس في القرن الرابع الهجري على يد جربر الذي قصد الأندلس أيام ازدهار حضارتها وتلقى المعرفة والعلوم في مدارسها،أما أسباب نشوء الدراسات الاستشراقية الإسلامية،فهي تعود إلى عوامل مختلفة ومتعددة منها:
- ما حصل من احتكاك والتقاء بين المسلمين والرومان في غزوة مؤتة وغزوة تبوك،إذ وقف المسلمون والنصارى موقف خصومة سياسية.
 -الحروب الصليبية التي أدت إلى الاحتكاك السياسي والديني المباشر بين الإسلام والنصرانية في فلسطين خاصة،وبلاد الشام عامة.
      إضافة إلى حاجة الغرب للرد على الإسلام،وقد أبرز الدكتور مقتدر حمدان مواقف لوبون التي نزعت إلى تشويه الحقائق،والحقد على رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم،والتشكيك في القرآن الكريم،ورأى أنه لم يكن منصفاً بل كان متحاملاً أشد التحامل على ديننا الإسلام الحنيف.
           ويضعنا الدكتور محمد ذنون يونس،والباحث مازن موفق صديق من قسم اللغة العربية بجامعة الموصل بالعراق في صورة متعلقات  الفعل وأثرها في تحديد بؤرة النص وغايته، وذلك من خلال البحث الخامس الموسوم ب:«متعلقات الفعل وأثرها في تحديد بؤرة النص القرآني-الظرف والجار والمجرور أنموذجاً-»،ومن أهم النتائج التي توصلا إليها:
1-لقد قدمت الدراسات البلاغية وبالأخص في علم المعاني اهتماماً كبيراً بما أسمته في الاصطلاح(متعلقات الفعل) على أنها قيود تذكر في الجملة لتحديد مراد المتكلم الذي يريد إيصاله إلى أفراد الجماعة اللغوية التي ينتمي إليها.
2-ركز البحث على أثر الظرف والجار والمجرور من بين سائر المتعلقات الأخرى،نظراً لكثرة تلك التعلقات وقيمها الدلالية،وللأهمية الكبيرة التي يؤديها كل من الظرف والجار والمجرور في دلالات الجملة والنص.
3-كشف البحث عن دور كل من الظرف والجار والمجرور في تحديد بؤرة النص وموطن الارتكاز داخل الجملة القرآنية،ولذا ركز البحث على تلك النصوص القرآنية التي لو رفع الجار والمجرور أو الظرف منها لكان الإخبار بباقي الكلام أمراً معتاداً لا يشغل أذهان المخاطبين،حيث مارسا الدور المحوري و المركزي داخل تلك النصوص التي عالجها البحث وتوقف عندها بغية الاستدلال والتطبيق.
4-دعوة الباحثين إلى تطوير تلك القراءة والعمل على توسيعها في بحث موسع يتناول أجزاء تلك الظاهرة بغية تقنين مسائلها،ووضع اليد حول الآلية التي تمارسها متعلقات الفعل في تحديد البؤر الارتكازية للنصوص القرآنية،للخروج بدرس لغوي ذي منهج علمي وموضوعي.
       وقد احتوى العدد على بحث كتبته الأستاذة آمنة بنت منصور من الجزائر،بعنوان« المعتمد بن عباد شقي الغرباء»،تحدثت فيه عن تجربة المعتمد بن عباد مع السجن والمنفى،ورأت أنها تجربة تختلف عن الكثير من التجارب فهو الملك والشاعر،وتساءلت كيف لملك أن يرى نفسه يتقلب في التراب بعد أن كان ينعم في الحرير؟و كيف لأمير شاعر كان يتسابق إليه الشعراء يمدحونه واليوم يقفون على بابه يبكونه؟
        وجاء المقال الأخير في المجلة تحت عنوان: « الترجمة في العصر العباسي والترجمة في أوروبا-جوانب ومقارنات مسكوت عنها في تاريخ العلم-»،وقد قدم من خلاله الباحث مصطفى يعقوب عبد النبي،كبير الباحثين بالهيئة العامة للمساحة الجيولوجية سابقاً بالقاهرة،مجموعة من الرؤى والأفكار عن الملابسات التي أحاطت بحركة الترجمة في العصر العباسي،والتي تجاهلها المؤرخون والمستشرقون،ومن أهم تلك الملابسات:عقائد وجنسيات النقلة،فضلاً عن مدى امتلاكهم أدوات فن الترجمة،وهذا ما انعكس سلباً على حركة الترجمة،بالإضافة إلى ما عرفته حركة الترجمة في العصر العباسي من شيوع الانتحال والوضع وانتشار الحركات المناوئة للإسلام كالشعوبية والزندقة.
  

ليست هناك تعليقات: