بين الضبع والثعلب غراب ....
أوباها حسين
( فوق أراضي وعرة عاش ضبع جبليّ يتمتّع في منطقته ويسيطر عليها بالقوة والترهيب , مانعا الحيوانات من حقوقها الطبيعية , كل شيء للضبع ..ويعيش على نفس الأراضي الوعرة ثعلب صحراويّ همّه التوسّع والقضاء على الضبع .. )
الضبع : جد لي حلّا يا بغل !
البغل : لماذا لا تستشير الأذكى منّي ؟!
الضبع : أختار الأدنى لأتمكن من الآخرين فطمع الدّاني يضعف العالي ...استشرتك ! عليك أن تجيب
البغل : قيل لي أنّ غرابا يرحل بين جهتك ومنطقة الضبع ....له علم واسع ودراية بشؤون السيطرة....
الضبع : إنه غراب أسود منحوس لا أحد يؤمن به , وحتّى الثعلب لا يطيقه ...
البغل : له أنصار هنا وهناك ..طائر بلبلة ...له وجهان....
الضبع : كيف الوصول إليه قبل الثعلب ؟
البغل : الآن ...لا يهتمّ به الثعلب ...انتظر عودته من مهمّته ...
الضبع : أخبرني إن وصل ؟؟!!!
البغل : أمرك سيّدي ..
( وفي نفس الظروف ...)
الثعلب : جد لي حلا يا قرد ..
القرد : لم لا تسأل الأفضل وهو تحت سيطرتك ...
الثعلب : لا أسيطر على أحد , مجتمعي يعيش حرّية مطلقة ومقنّعة , إنّما أريد التوسّع لأملك جبال الضبع.
القرد : عليك الاتصال بالغراب للزحف نحو منطقة عدوّك ..
الثعلب : غراب ! ...أتقول غرابا ؟ ما أبلدك !...تشير عليّ لأعتمد على لون الشؤم !
القرد : هو الحلّ ...فمن دونه لن تسيطر على الجبال الغنيّة...
الثعلب : أنا الثعلب الصحراويّ أعوّل على غراب منبوذ
القرد : فكّر ...وتمهّل , قبل اتخاذ القرار الملائم ...
الثعلب : وأين أجد هذا المنحط ؟!
القرد : إنّه الآن في رحلة ..
الثعلب : إلى أين يرحل ؟
القرد : رحلته لا تتعدّى منطقتيكما وفي بعض الأحيان خارج حدودكما ..
الثعلب : يبدو أنّه متطفّل ...الحاجة تبعد اللّوم... إن عاد أخبرني لأتّصل به
القرد : حاضر سيّدي...
( وعاد الغراب من رحلته الخاصّة ..والسّبق للضّبع الذي استقبله..)
البغل : ها هو الغراب يا مولاي بين يديك ..
الضبع : مرحبا ...اخترتك لتساندني ..
الغراب : أنا في الخدمة ..
الضبع : كيف ستتصرّف ؟؟!
الغراب : لن أخفي عنك سرّا
الضبع : تكلّم ...
الغراب : علمت خبرا من أتباع الثعلب مفاده أنّه يحتاج لقدراتي ..
الضبع : أتفضّله ؟
الغراب : حاشا ...لا ينكر خيركما إلّا حيوانات الحرام ...
الضبع : كيف ستوفّق بيني وبينه ؟؟
الغراب : اعطني مهلة ...
الضبع : أنت حرّ , لكن لا تتأخّر عنّي فدورك مهم لأنتصر على الثعلب ..مواهبك ستسوّد عيون الأعداء.
الغراب : سأودّعك
الضبع : هل ستقابل الثعلب ؟
الغراب : نعم ...لأبلور دوري بينكما ...
( انتهى اللّقاء....وفي حضرة الثعلب )
القرد : سيّدي ...أحضرت الغراب , إنّه الآن بين يديك ..
الثعلب : مرحبا ...أتمنّى أن لا تخذلني !
الغراب : أقدّرك ...وأعرف قيمتك على هذه الأرض
الثعلب : سأستعين بك ليعظم شأني ...
الغراب : سيّدي تنطبق سيرة الضبع مع نظرياتك ...فأنتما على خطّ واحد ينزل أذاه على الحيوانات الضعيفة...
الثعلب : لا تهمّني تلك الحشرات , سأدوسها لألطّخ أقدام أتباعي بدمائها ...
الغراب : ونعم الشجاعة !
( انتهى اللّقاء ...)
( قاد الغراب استراتيجية أعجبت الضبع والثعلب اللّذين وقفا على قمة جبل لمشاهدة الخطّة ونتائجها...)
الضبع : الويل لنا لقد انهزمنا !
الثعلب : هزمتنا الخطّة السوداء ...
الضبع : انظر إلى قتلانا وجرحانا
الثعلب : وأسرانا , إنها مهزلة ...ضاع رجالنا وأموالنا ..
الضبع : على يد فاشل ...ريش أسود ناعم ...وصوت نشاز ...
الثعلب : يا قرد , أين الغراب ؟.
القرد : إنّه هناك يسيّر المعركة
الضبع : يا بغل ..أين الغراب ؟!
البغل : إنه هناك يسيّر المعركة
الثعلب : لمن ؟ وضدّ من ؟
الضبع : أنت على صواب , لمن ؟ وضدّ من ؟
القرد والبغل في آن واحد : لمصلحته...
الثعلب : ويحكما
الضبع : الويل لكما إن كذبتما وأنتما مصدر ثقتنا ..
البغل : لا أكذب سيّدي
القرد : وأنا أيضا سيّدي لا أكذب
الثعلب والضبع : إذا ما دوره ؟
البغل : نشر غرابيته
القرد : نعم ...نشر غرابيته
الضبع : أين ؟
البغل : هنا
الثعلب : وأين أيضا ؟
القرد : وعلى أرضك
الثعلب والضبع يصرخان : شيطان ...
الضبع : لننتظر عودته فأنا له بالمرصاد
الثعلب : سنتعاون ضدّه خلال عودته ...سافل منحطّ
الضبع : لا تشتمه , علينا أن نقتله ..
البغل : انظر هناك ...الغراب قادم
القرد : صدقت , أخيرا رجع ليلتقي بأسياده
الثعلب : أترى أغرب ما أرى ؟
الضبع : يا ه ( يضحكون ) إنه بلا ريش , طير عار كالمنتوف المريّش ..
( يضحكون ...ويضحكون...وقف أمامهما خجولا يرتعش بالذل..)
الضبع : أهانوك وعرّوك
الثعلب : من فعل بك هذا ؟
الغراب : الصّراع الفاسد..
الثعلب : ماذا تقصد ؟
الغراب : قتل العديد من أتباعنا ...والحيوانات الأخرى جرّت ذيول التقهقر...
الثعلب : ما الذي هزمنا ؟!!
الغراب : أرواح أصيلة ...
الضبع : إذا بقيت وحدي في المعركة ...أنا الأقوى
الغراب : أنت الأضعف ...بل أنا الأقوى حين ساعدتكما على الاندحار ..
الضبع : لا أتباع لك , أنت مقصوص الريش ...طويل اللّسان...
الثعلب : من يؤيّدك ؟!
الغراب : ستتبعني الحيوانات السوداء ..الخطاطيف ...البراغيث ...أصناف الجعل ...النّمل الأسود وعدد لا يستهان به من الثّعابين وغيرها
الثعلب : هذه أرذل الحيوانات ...
الضبع : تعوّل على الحشرات !....
الغراب : في هذا الموقف هي الأحسن ولم يبق من أتباعكما سوى الخرفان...سأدرّبها ...سأعلّمها سواد الرّوح....لتنضم إليّ...
الثعلب : وكيف ستخاطبها ؟
الغراب : صوتي يشنّف أسماعها ...( قبقب منقاريه )... شاهدا عظمتي ..
( يضحك الثعلب والضبع )
الثعلب : ما هذا ؟
الضبع : براغيث ..
( بدءا الحكّ وطرد الحشرات القارصة ..سقطا على الأرض وهما يهرشان جلديهما بالمخالب.. )
الثعلب : كفى ...
الضبع : رحماك ...كفى ..
الغراب : أرأيتما صغاري ؟...سأحرّضها على أتباعكما باللّيل والنهار ...
الضبع : وماذا تريد ؟
الغراب : الطّاعة العمياء ..
الضبع : لك الأمر ...لكن دعنا في منصبينا
الغراب : كصورتين أمام نفودي ...
( يضحك الغراب مغرورا بنجاحه...).
الثعلب : أخي الضبع , هل تسمع ما أسمع ؟!
الضبع : أجل ...صهيل الخيول ..
الغراب : إنها خيول وحشية لا يروّضها إلّا البشر ..
الثعلب : رغم أنّها تعيش على أرضي وأرضك !
الضبع : تثير الغبار ...وقادمة نحونا بقوّة وعنف ...
الثعلب : ما غرضها ؟
الضبع : سنعرفه بعد وصولها ...
( أعمى الغبار مجموعات الضبع والثعلب والغراب ...نشّوه ...)
الثعلب : مرحبا أيتها الخيول الطيّبة ...
الكميت : أمثّل أتباعا شرفاء ...جئنا لنحرّر المسالمين والمتشبثين بالحياة الحرّة
الضبع : من أنتم ؟
الكميت : نحن جنود الله , ألا تعرف أصلنا ؟
الثعلب : حيوانات , مركوبات لمن هبّ ودبّ..
الكميت : أنت جاهل , نحن من أحفاد البراق , ولا يركبنا إلّا الشجعان في الغزوات وملاحم البطولات
الضبع : حيوانات قوّتها بعد ركوبها...ومن غير الرّكوب لا تساوي شيئا....
الكميت : معنا أبطال ...أمثال ما تحرّضاها ضدّ الأبرياء ...
( هاجم أتباع الخيول جميع الحيوانات , أجهز كل واحد على نظيره ..ولمّا انتهت المعركة ..)
الكميت : كتّفن الثعلب والضبع والغراب بحبال حول جذوع الأشجار الثلاثة الشريفة في بلد الفاسدين..
الضبع : سيأتي الأسد لعتقنا ..
الثعلب : ستندم حيواناتك ...الله ...الله ..ها هو سيدنا قادم ...
( أحاطه أتباع الخيول الأصيلة , ربطوه ...)
الكميت : انتهى أمره ...والآن أقدم لجميع الحيوانات الثائرة والصامدة ليثا يضمن الحق والعدالة , وبعد أن يثبّت حكمه سينفذ إرادة الثورة ...
القنيطرة
المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق