فؤاد قنديل
رغم أني أومن بقول توماس بين
" إن محاولتك التحاور مع شخص تخلى تماما عن كل منطق تشبه محاولتك إعطاء الدواء لجثة " لكني
تحمست عدة مرات لكتابة هذه الرسالة من فرط ذهولي ودهشتي من الحالة المرضية
المستعصية . واجهتني مشكلة العنوان فلمن أوجه رسالتي وأنا لا أعرفك بالاسم وإن كنت
أعرفك بالفعل .. لم أعثر على كلمة مناسبة فاخترت أقل الكلمات حدة ، حيث إنه يمكن وصف اللص بالإرهابي وقاطع الطريق
كذلك وخاطف الأطفال وكل من يعامل النساء
والأطفال بقسوة ، ومن يلقي حجرا فوق سيارة أو يهدد المارة بالكلمات والعصي إرهابي ؛
أما أنت وفريقك من المارقين فلا يكفي أن أخلع عليهم كلمة "إرهابيين"
خاصة أن أكثركم يأتي من الأفعال الشريرة ما تبكي له الشياطين. فبكل الأدب أناديك
وأبعث إليك هذه الرسالة التي قد يعتبرها البعض حماقة أو خيانة لأن الحديث إليك وقد
انتزعت من قلبك الرحمة والوطن معا وقطعت شوطا بعيدا علي درب التخريب والتدمير
والقتل والذبح بما لا يصلح معه أي حوار ، فماذا نقول لمن يلقي بقنبلة لم تكلفه غير
قلب متحجر وضمير ميت ودقيقة من وقته الثمين على منشأة فيدمرها بالكامل وقد تكلفت
مئات الملايين من دم الشعب لتعين الناس على توفير مطالبهم وقضاء حاجاتهم فينقض
البناء ويمسى أطلالا وتزهق تحته ومن حوله
أرواح الأبرياء من أطفال ومسنين وأمهات ، ويتبقي للعشرات منهم نبض يعيشون
به وهم مبتوري الأذرع والأقدام ونور شحيح يتنقلون به في أنفاق مظلمة من الحياة
الكئيبة والتعسة .. آه .. ماذا نقول لمن يفعل هذا وبماذا نناديه ؟ .. وهل ترانا
نهنئه بالجنة التي ستكون جزاء عمله والتي وعده بها من لا يملكها من المارقين
والمجانين؟
أظنك لن تتصور أن أبشع الجرائم
على الأرض من يسيء إلى بلده فيخلع طوبة من بناء يستند إليه الوطن وأبناء الوطن ، أو يعطل المرور أو يلقي بالزيت على الجسور أو
يتسبب في منع الكهرباء عن مستشفي .. أنتم لا تدركون أن الوطن هدية الله للناس
وملجأهم وبيتهم ومكون حياتهم ومصدر رزقهم وهو الحضن الدافئ الذي يضمهم وأنتم
بسعادة غامرة وفرح مذهل تشكرون الرب على أن وفقكم إلى تخريب منشأة وهدم جسر أو منع
النور من الوصول إلى آلاف الناس وتوقف مصانع كاملة في منطقة معينة . تشعرون بالزهو
إذا تمكنتم من قتل أكبر عدد من البشر وهم عيال الله وليسوا عيالكم وليس من حقكم
تحديد مصائرهم أو وضع نهاية لحياتهم على الأرض .
مع كل صباح نصحو على هداياكم
اللعينة وننام كل مساء على دوي تفجيراتكم
القاصمة والعاصفة للأرواح المحطمة للقلوب المغتالة لكل أزهار الأمل فما المبرر
لذلك ؟ .. أرجو أن تمدني بسبب واحد يدفعكم لهذا .. أمن أجل شيء وهمي اسمه الخلافة
؟..لا أظن ذلك لأن الكون كله بكواكبه ومجراته لا يساوي عند الله جناح بعوضة . فهل
من أجل الرئاسة والحكم ؟ .. لقد جربتم الحكم وفشلتم فشلا مدويا فارضوا بالنتيجة
وانتظروا حتى تتأهبوا وتتسلحوا بالمعرفة
وأصول الحكم والسياسة ثم عودوا للمحاولة ..أم تراه يكون سبب وحشيتكم النادرة التزامكم
بأقوال الفقهاء الضالين الذين رسخوا في روعكم فقيه عن فقيه أن تضمنوا الجنان إذا
عملتم على نشر الإسلام بالسيف والقنبلة والغدر والمحق والسحق والترويع ، وفاتكم أن بكاء
طفل أو حزن عجوز كاف لتفزع منه السماء ، وتعلمون بالتأكيد أن الرسول الكريم بشر امرأة
بالجحيم لأنها حبست قطة فلا هي أطعمتها وسقتها ولا أطلقتها لتأكل من خشاش الأرض ،
والعاهرة التي عثرت بكلب في صحراء يعاني الظمأ فاغترفت بنعلها الماء من بئر وسقته
فوعدها الرسول بالجنة . وعد من ينفع الناس بالجنة ولم يعد المارقين المخربين الذين
يتلذذون بالدماء والنار والهدم والقتل..أين أنتم من هاتين المرأتين ؟
ألم تسألوا أنفسكم : كيف يستقيم أن تغذوا السير في سبيل تأسيس
الخلافة وأمامكم أقوي الدول المدججة بالسلاح والأقمار وكل وسائل التجسس والتدمير
فهل ستسمح لكم بإقامة عمارتكم التي تبسطون قواعدها على جثث المسلمين والمسيحيين ؟!
.. وهل ستسمح لكم تلك الدولة الشيطانة أن ترفعوا بنيانكم في مواجهتها وهي الحاكمة
المستبدة التي تراقب النمل والدود تحت الأرض ؟.. وهل تتصورون أن يكون الله في
عونكم وأنتم تقتلون أهليكم لتحققوا مآربكم الوهمية الدنسة.؟ .. ألم تقرأوا آياته
الكريمة عن جزاء من يقتل النفس التي حرم
الله إلا بالحق ، وهل ما تقترفونه هو الحق ؟!!!.. إنكم مع كل فعلة بشعة من أفعالكم
تدمرون كل شيء .. تزهقون الأبرياء وتريقون دماء البشر وأمانيهم .. وتقتلون أنفسكم
لأن القصاص لابد قادم ، وتدمرون مكانة الإسلام وتاريخه العظيم ، وتخنقون الشمس
وتطفئون كل شعاع وتسحقون أشجار المستقبل وتشعلون النار في الطرقات وتقضون على كل
ما حققته البشرية من تقدم وعلم وما أنجزته على طريق البناء والتعاون والتعمير وفتح
الآفاق أمام العمل والرزق والاستمتاع بالحياة والعمل للآخرة . إن ما ترتكبوه أيها
المسلم أنت وزملاؤك وأمراؤك ينسف كل ما تحقق لخدمة الإنسان وترسيخ قيم التسامح
والحب والعدل والمحبة والوئام وقبول الآخر واحترام الآراء المخالفة والعيش في
انسجام بين كل البشر مهما كانت الديانات والعقائد ، وأيا كانت المذاهب والألوان
والأجناس والأعراق والأفكار؟. ألم يمر بأسماعكم قول الرسول عن الإيمان المكون من
نحو سبعين شعبة أقلها إماطة الأذى عن الطريق، وأنتم لا تميطون الأذى عن الطريق
ولكنكم تدمرون الطريق نفسه ومن يعتمد عليه في تلبية شئونه وشئون الآخرين .أي غباء
مطبق وسواد قلب تتسلحون بهما ؟!! .
لقد حاول جميع البشر أن يحولوا العالم إلى حديقة
تملؤها الزهور وتحلق فوق أشجارها الطيور وتتهادي في فضائها نسمات متلاحقة من
العبير لولا أن بزغت شمسكم المظلمة الكئيبة المجنونة فعاثت في الحدائق بالبغي
والعدوان والتدمير وسحق الورود وتسميم الفضاء وتجفيف كل منابع الجمال والحب والأمل
. أنتم بشعون .. بشعون .. ألا تراجعون أنفسكم وتسألون عن نتائج أعمالكم وغوايتكم
للبسطاء الذين وثقوا بكم والبلهاء الذين آمنوا بكم واستسلموا لكم وساروا بكل خنوع
في طريق الضلال والعنف الذي لم يفكروا في قسوته غير المحدودة ..ألم يصدمكم أحد
العقلاء بأن ما تقترفونه من الجرائم هو قتل للحياة والإنسانية والدين والشعب
المصري وقتل لكم أيضا؟..أسألكم باسم الله وباسم الرسول الكريم وباسم كل من
الأنبياء والصالحين والنبهاء والشرفاء والمخلصين من البشر الذين بعثهم الله
لهدايتهم أن تراجعوا أنفسكم وتأملوا نتائج أفعالكم واسألوا أنفسكم عن الجدوى من
ذلك كله ، وتذكروا كل ما ورد في القرآن الكريم حيث يقول سبحانه " ليس عليك
هداهم " ، وقوله " إنما أنت
بشير ونذير " ،وقوله : ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك وتركوك قائما
" وقول الرسول المصطفي " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " والرسول
نفسه كان قدوة ونموذجا يحتذي في السماحة والعفو والتواضع والصبر وتقبل الآخر حتى
أنه صلي على يهودي متوفى ولما تعجب الصحابة سأل : أليست نفسا ؟!!
اعلم أخي المسلم أن كل ما فعله
الشياطين في الدنيا منذ خلقها الله وإلى أن يرث الأرض ومن عليها لا يساوي ما تقترفونه
في أيام قليلة خاصة في مصر ، وهي وطن سكنه الأنبياء وأحبوه وقدروه وتمنوا له أفضل
الأيام لأن شعبها على مر السنين لم يكن إلا طيبا ومتسامحا وودودا وكريما وعابدا
للحق عن إيمان وثقة وحب. واعلموا أني في أحيان كثيرة أنتقل من السخط عليكم إلى
الإشفاق على مصائركم واثقا من أن الله سينزل بكم عقابا سرمديا لا يعاقب به أحد
غيركم فراجعوا أنفسكم ولا تتبعوا إلا كتاب الله وسنة نبيه فهما الوحيدان مصدر
الهدى والفلاح وغيرهما قد يكون طريقا إلى
الضلال ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق