مشروع أهالينا الثقافى
كبسوله ثقافية
عماد الدين عبد الحكيم هلال
باحث ثقافى
هدأ مشروع اهالينا للقوافل الثقافية ، وعدت الليلة على خير كما تعدى كل
ليالى الافراح وينصرف المعازيم ولا يبقى الا ذكرى ربما يبقى منها شئ او لا يبقى .
وان كان الحق يعنى الصدق والصواب أكثر مما يعرف بنقيضة الباطل ، فعلينا أن
نمسك طرف الخيط من أوله لنصل الى الحق والصدق والصواب .
تشكل مشروع أهالينا على غرار القوافل الثقافية فى مجتمع الستينات وكانت أكبر
انجاز لوزارة الارشاد القومى حينها "
وزارة الثقافة الأن " وتكرر المشروع مع هيئة قصور الثقافة بعد انشائها ونجح
حينها فى زمنه .
كان مجتمع الستينات مجتمع بسيط ،
متعطش لأى منتج ثقافى يحاول ان ينهض به من كبوته الطويله ، تحت انظمة تجاهلت الشعب
المصرى بشكل عام ، رغم وجود محاولات من جوقات مسرحية كانت تحاول الوصول الى عالمه
عالم الفلاح المصرى والذى كان يلاقى مصيره وحده ، من الفقر والجهل والمرض ، الا
انها فى أخر الأمر محاولات فردية لفرق مسرحية خاصة ، كانت تعانى الأمرين فى عروض
تفتقر للامكانيات ، ومع ثورة يوليو 1952 حاولت الثورة أن تصل للفلاح المصرى ليس
فقط من خلال الاقتصاد ، ولكن بمحاولة التنوير الثقافى ، وتلقى المجتمع هذه
المحاولات الثقافية بترحيب كبير، بل وبمشاركة الشباب المتعلم فى هذه القوافل ليتحمل عنها الكثير، من تذلليل المصاعب باعداد
الاماكن والدعوة لها وكان عرض ماكينة السينما الصغيرة الأفلام للتوعية مع نشرة أحبار
السينما وغيرها بتوجيه من النظام يفعل الكثيربالناس .
وحاول مشروع أهالينا حديثاً ان
يعيد الأمرمرة أخرى ، ليصل الى القرى الأكثر
احتياجاً بقوافل ثقافية ، وهى فكرة محموده ورائعة وربما هى محاولة لرمى حجر فى
المياة الراكده ، لينشط هيئة قصور الثقافة بفكرها النمطى وترهلها من كثرة
الاشكاليات على رأسها فقر الهيئة بشكل عام مالى وابداعى ، وسيطرة البيروقراطية على
جسدها الثقافى ، وموظفين أغلبهم يفتقروا
الى أقل حس ثقافى حتى وصل المرض الى أهم
شئ وهو " الذهنية " بمعنى عدم القدرة على خلق مياهك الاقليمية لتسبح
فيها ، او التفكير خارج الصندوق ، فسيطر الصندوق حتى سجن ذهنية هيئة قصور الثقافة ، وجعل منها جسد مترهل ، لا يسطيع ان يحلم ليحقق
حلمه تبعا لواقعه السياسى والاقتصادى والاجتماعى ، مع غياب تام لعنصر المساعده الاجتماعية ، حتى وصل الامر الى حد التعطيل والتشويه، وفى بعض الأحيان
الى حد التكفير للثقافة بوجه عام ، حتى
سمعنا وشاهدنا من يريد هدم الأثار بفكر داعشى متطرف .
ومن المدهش تجاهل المشروع الجديد " أهالينا " للواقع الجديد بكل
مستجداته ، من ستاليت الفضائيات الى
العوالم الافتراضية ، والتى خلقها النت ببرامج التواصل الاجتماعى وغيرها من خلال
الكمبيوتر والتليفون المحمول والتى سيطرت بشكل شبه كامل على الواقع الجديد ، حتى أنه
صنع ثورات ، وهدمقصور، وغير سلطات ، وأنشأ كيانات كانت لا يمكن أن تكون أو تولد ،
من غير هذه السيطرة للعالم الافتراضى ، على الواقع من خلال هذه المستجدات الحديثة
.
وشمرت هيئة قصور الثقافة عن
ساعديها بذهنية الراديو الترانزيستور حين كان اقصى ماوصل اليه العلم فى ذلك الوقت
، لتحاول الوصول الى أهالينا فى القرى المحرومة ، ولكن بأدوات باليه قديمه ، فظهرت
بشكل المنفصل عن الواقع ، أحياناً يستقبلهم الناس بشكل جيد ، وغالباً ينقطع الخط ، ويفقدون التواصل معهم .
وعلى الرغم من حسن النية ، للقائمين على المشروعبهيئة قصور الثقافة وبذل
الجهد الكبير والرائع فى الوصل الى اقصى نتيجة لانجاخ المشروع ، الا انهم وجدوا أنفسهم كمن
يجرى فى مكانه فلا طريق قطع ولا ظهر اراح .. وكيف لمجرد ساعتين فى قرية محرومه
تصنع على عجل ان تصنع التغيير ؟!
ساعتين فقط – ان اكتملوا - يقدم فيها شغل للاطفال والكبار، للرجال والسيدات
فى مجتمع قروى ترك عشرات السنين ، لا يقوده ولا يصل اليه الا الجماعات من اخوان
وسلفية متشدده ، سيطرت عليهم سيطره شبه كامله، فأحيانا تزور هذه القرى فى فرح أو
عزاء فتشعر انك خارج مصر ، دعك من الفقر أو الحرمان فهذه القرى التى بها موظفين فى
وظائف مرموقه ، مثل الضرائب والبنوك وظباط شرطة وغيره ، وأيضا تجار ومزارعين يمتلكوا
الكثير من الأراضى الزراعية ، ومنازل اكبر من دوار العمدة ، لكن من وصل اليهم وسيطر، وصنع واقع ثقافى مغاير ؟ انه الغزو
الثقافى الوهابى الصحراوى ، والذى من خلال أدواته التى امتلكها بحرفية من مال ،
وخطاب دينى متشدد ، سيطر على الشباب وأهليهم ، فأخذهم رهينه بعيد عن الدولة ،
وأرضعهم السمع والطاعة ، ليستخدمهم لصالحه فى كل الأوقات ، وتحت الطلب ، وغير كثير
من روح مصر الثقافية من الملبس للرجال والنساء
الى التسامح والتعايش ، الذى هو ثمة وعلامة، بارزه من علمات المصريين عاشوا
بها ألاف السنين .
أما ان كنا جادين فى الوصول الى أهالينا
،وفك أسرهم مما كبلوا به ، فيجب بذل الجهد والمال ، الغالى والنفيس ، لعودة الوعى مرة أخرى ، ورجوع
مصر المغتصبة ثقافياً فى هذه القرى والنجوع ، ليس أمامنا الا العمل الجاد والمستمر
والعلمى ، عمل يستند على توجهات جديده
وعصرية ، ذلك شرط أن تفرغ القروره من
بقايا عطرها القديم ، لنملئها بعطر جديد ،معاصر لعصره ومستخدماً أدواته ، بعيد عن المنهج
التلفيقى ، وكله تمام يافندم ،حتى لا نغرد خارج السرب ، ونظل نحارب طواحين الهواء .. مقترحاً هذا الجهد البسيط القابل للاضافة حتى
يكتمل ويحقق المرجو منه .
أولا
- وضع استراتيحية واضحه ، وخريطه ثقافية لهذه المناطق المستهدفه توضح بشكل قاطع
اين تقع هذه المناطق ؟
وماذا يريدون ؟
وماذا نريد لهم ؟
ثانياً - الاستعانه بتكنولوجيا العصر من
كمبيوتر وبروجيكتور وسيستم الصوت والاضاءة بمستوهم الرفيع والذى يساعد الفرق
والمبدعين فى توصيل منتجهم .
ثالثاً - تتكون القافلة من الأتى :
أ – قافلة ثقافية مجهزة تضم مثقافين وعروض
مدروسه ومناسبة للمواقع التى ستعرض بها
تناقش مشكلاتهم الحقيقية ، مع الاستعانه بنجوم كبار فى الثقافه والفنون لتكون عامل
جذب ، وكاشفين للمواهب لضمهم ورعايتهم .
ب- قافلة طبية للكشف المبكر عن الأمراض
وعلاجها تضم اطباء على أعلى مستوى وأسماء كبيرة فى عالم الطب .
ج – قافلة رياضية تقيم أنشطه رياضية مختلفه
وتشارك الشباب ، وتكتشف المواهب وتستعين ببعض نجوم الرياضة .
د – قافلة من الأوقاف تضم مشايخ كبار
مستنيرين تناقش المغلوط فى الفهم الدينى .
ذ – مشاركة المجتمع المدنى متمثله فى جمعيات
خيرية ، ونقابات ، ورجال أعمال، والصندوق الاجتماعى ، والجامعات المحليه
بالمحافظات لحل بعض المشكلات فى هذه القرى
من اعانات ، وبناء حسور ، وانشاء طرق وغيره .
ع – دعوة المسؤلين محافظ – مدير أمن – رؤساء
المدن وغيرهم للاطلاع على المشكلات والعمل على حلها .
م – الاستعانه بعلماء فى معظم المجالات من
علماء اجتماع ، ومهندسين ، وكميائيين ، وبيئيين وغيرهم من الباحثين فى كافة
المجالات مما تحتاجه هذه المناطق المحرومة .
رابعاً - انشاء لجنه واحده بقائد واحد تعمل
فى تناسق وتفاهم لتحقيق المرجو من هذه القوافل .
خامساً – تمول الوزرات والهيئات المشاركة
المشروع وليكن بانشاء صندوق يشرف عليه جهه ماليه تعمل على التسهيل والصرف بشفافية
ودقه .
سادساً - يغطى الاعلام بكافة نشاطات المشروع
اعلاميا طوال مدة المشروع ، ويعمل على التواصل بين كافة المشاركين .
سابعاً - تقسم المحافظة الى أربع تقسيمات
ويظل المشروع مقيم فى كل قسم بما لا يقل عن أسبوع متواصل ليغطى الجهة التى يعمل
عليها تغطية كامله .
المشروع يعمل بروح الجد والعطاء والهمة
والصبر ، ايماناً منه بدوره المنشود فى
نشر الثقافة والوعى بكافة أشكاله ، وليكن على غرار بعثة نابليون فى كتاب وصف مصر ،
فيمسح الجهات التى يعمل عليه ، ويدرس الأحوال ويضع الحلول وبقدم الثقافة والتوعية
فى كبسوله ثقافية متضافرة مع تقديم الخدمات ويكتشف المواهب فى جميع المجالات ، مما
يشعر المواطن بأهمية المشروع وجدواه عدنما يحل بعض مشاكله فيتفاعل معه ويصبح جزء
منه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق