بقلم: ياسر محمود محمد
أكتبُ عنك قصّة لم
تكتملْ أبدًا ، بعينيك المنهكتين و لحيتك القصيرة المهذبة و خطوتك الرشيقة و قلبك
المتعب من ذكريات الآخرين .
أحيانًا .. أحسُّ
أنّني أنت ، نتبادل الأدوار في لعبة الحياة ، أجلسُ أنا صامتًا أحدِّقُ فيك ،
أستحثُّك بكلمةٍ ( إمه ) بينما تحكي أنت عن مشاكلك .. تعبك .. صراعاتك الداخلية
التي أرقتك لهذه الدرجة !
عيادتك بها شهادات تقديرٍ و لوحات شرف ،
لكن لماذا لا أصدّقُها ؟! لماذا أحسُّ بأنها ندف ثلجٍ تذوب بعد مرور وقتٍ قصيرٍ ..
قصيرٍ للغاية .
أنت عملك هو تعبي
.. و تعب الآخرين .. صراعهم مع هذا الكائن المتوحش البريّ المخيف الذي يُدْعي
الحياة و أعوانه ممن يطلقون عليهم اسم الناس !
_ الناس / كل الناس
/ تلعنني و تنفرُ منّي !
هذا ما أخبرتُك به
فحدثتني بنصيحةٍ واحدةٍ :
_ لا تراقب نفسك
كثيرًا !
نظرتُ إليك مدهوشًا
من بلاغتك غير العادية في كلماتك الشحيحة دائمًا .. من قدرتك على فَهْمِ كلّ خلجات
النفس البشرية التي أشعر بها متلاطمة كأمواجِ أعتى البحور ، تسبرُ أنت أغوارها
بقدرتك على النفاذ في أعماق نفسي .
_ نفسي ثم الطوفان
/ الأعداء في كل مكان !
حدثتك بهذا فأشرتُ
بسبابتك في وجهي .
_ احذر الوحدة !
حَسِّنْ من علاقاتك الإجتماعية !
كل نصائحك تذهبُ
سدًى يا طبيبي النفسي ، كل ما تسديني إياه أرمي به في سلة مهملاتٍ واسعةٍ في جانب
إحدى زوايا عيادتك الفاخرة التي تجددها كل حينٍ و آخر ، ألقي بها مباشرةَ إثر
خروجي من الحجرة الضيقة التي فشلت إحدى اللوحات الممتدة بمساحة حائط في مواجهتك
تمثل أزهارًا حمراء تمتدُّ و كأنّها بعمق مخادعٍ في داخل الحائط .. فشلت في أن
توسعها أمام عينين بائستين تلتحمان غصبًا بما تبوحُ به الأشياء .
_ لست زهرة برية
حمراء / أنا إنسان فقط .
أهفو أن تتعاطف فقط
.. تتعاطف مع مرضاك ، لكنّ أوَّلَ درسٍ سمعتُ و قرأتُ أنكم تتعلمونه في كلية الطب
و أكاديمية الحياة :
( لا تشغل نفسك
كثيرًا بالغوص في مشاكل مرضاك إلاّ بقدر أن تفهمها لا أن تعيشها ! ) ،و قد قلتَ لي كاذبًا : ( أنك تحيا فيها ) !!
إنّك تنبهني دائمًا
– وصديقٌ لي – أنّنا الذين نُمْرِض أنفسنَا ، بالتفكير في أدقِّ مشاكلنا ( كل يوم
.. قبل أن ننام .. و في الصباح .. الخوف من كل مشكلة صغيرة و كبيرة باختصار
التفكير في كل الأشياء التي حولك تراها عادية ) و التفكير في نقصنا هو عشقنا (
هوايتنا الأولى و الأخيرة بالإضافة للكتابة طبعًا ) .. تريدنا ألاّ نفكر في كل ذلك
.. و كيف يتأتّى ذلك يا صديقي الطبيب النفسي ؟! و مهنتي في الوجود هي عشق الذكريات
الحميمة لكل لحظة فانية ، و هذا ما أدعوه بحقٍّ :
الحيااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااة
!!!
*** ملحق ***
لقد أقسمتَ لي
مطلقًا بأنَّك لن تبوح ، حسنَا ..
قد أعفيتُك من
سرِّي فقد بحتُ أنا !!
الأربعين – السويس
0129720299
Yasser34m@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق