الوجع المحبوب
جلال صادق العلي
تُذاب القوافي في كؤوس المواهبِ
فتهطل أندى من سخاء السحائبِ
تُبلّ بها الأرواحُ وهْي صديئــــة
فتقطر منها نـــــــاطفات الأطايب
هو الوجع المحبــوب حلّ
بمهجة
فأنبت فيها فاتنــــــات الكواعب
تقدّس ذاك الهمّ حيـن تخضّبتْ
على حده الأشعار من كل جانب
هل الشعر إلا نور وحي تخضّعتْ
لآياته الكبــــــرى رقاب الكواكب
تناغم معنـــــــاه ومبناه فانبرى
يفجّر من سحر عيـون العجائب
هو الوحي منطوقاً بنفثة شاعر
أطلّ على الدنيـا نبيل الرغائب
يفسر سرًّ الكون سرُّ وجوده
ويبيضّ من نوريه وجه الغياهب
عصيّ على قيد القيـود يذيبها
بنــــار معانيه الأباة اللواهب
هو البحر مشبوب الكرامة غاضباً
وترسو على شطيه هجن المراكب!
فيا ربّ سرج ملء جنبيـه عزة
ويعلوه يوم الروع أجبن راكب
تشاعر مخصي القريحة والغـــاً
من الوحل لا من كوثر غير ناضب
أرى شاعراً يحني له الجمع رأسه
ولست أرى شعراً بريء المذاهب!
يروّج بــالأشعار زيف شعوره
يغنّي كمثل البوم فوق الخرائب
فيــا بومة تاهت بلحن نعيبها
لأنت بسمع الفن أسوء ناعب
أخذت من الأشعار سقط متاعهـا
وسرّحت من جهل نفيس النجائب
سأرثيك مجد الشعر ما دمت فاتحاً
ذراعيــــــك يستهويك مجد لكاذب
صنعت له في ساحة الفضل سلماً
ترقّى إلى الجــــوزاء ضربة لازب
سأرثيك حتى تستفيق من الكرى
وتستل من برديك سم العقــارب
وترجع لي مــــاضي زهير لعله
يؤازرني في حمل هذي المتاعب
يعيد إلى ديبــاجة الشعر حسنها
ويسقي بماء الرأي جدب التجارب
يميز سمين الفكر من وجه غثه
ويمنح صدّاحاً سنام المنـاصب
تناهب أقوام بريــق المــواهب
و كانوا نياماً في حضيض المراتب
أسالوا لعاب المضحكات وقرّحوا
جفون القوافي المحصنات الأعارب
يبيعون في سوق الكساد قصائداً
لتدنو إليهم قاصيات المــــآرب
ومــا كنت أدري أنْ تبيع عفافها
وترخص عرضاً في سرير المكاسب
وتغدو مشاعــــــــــاً يستظل بفيئها
صعاليــــــك فكر من لقيط وحاطب
تعلّقْتها دهــــــــــــراً وظني بأنها
قطاف أبيّ الغصن عن كل طالب
وملّكْتــــــها قلبي وكل جوارحي
و أرخصْت نحري دونها وترائبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق