تقديم كتاب "النهضة الحديثية في عهد السلطان محمد بن عبد الله وابنه
المولى سليمان" للأستاذ الدكتورمحمد عيسوي
إعداد: د. خالد التوزاني[*]
أصدر الأستاذ الباحث الدكتور محمد عيسوي كتابه
القيم: " النهضة الحديثية في عهد السلطان محمد بن عبد الله وابنه المولى
سليمان " من منشورات مكتبة الطالب بوجدة، الطبعة الأولى سنة 1435هـ/2014.
ويتناول موضوعا نفيسا من المواضيع النادرة، حيث يتعلق الأمر بالعلماء السلاطين في
المغرب، من خلال نموذج السلطان سيدي محمد بن عبد الله الذي تزعم نهضة حديثية في
المغرب وكان له دور كبير في تطور المجتمع وتقدمه في الميدان العلمي، وخاصة ما
يتعلق بدعوته الرجوع إلى الكتاب والسنة، حيث يقارب هذا الكتاب جهود السلطان سيدي
محمد بن عبد الله في بعث الحركة العلمية بالمغرب، ومن بعده ابنه المولى سليمان،
حيث يرجع الفضل إليهما في ازدهار مدرسة الحديث بالغرب الإسلامي في أواخر القرن
الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر للهجرة.
يعد كتاب "النهضة الحديثية في عهد
السلطان محمد بن عبد الله وابنه المولى سليمان" لمؤلفه الأستاذ الدكتور محمد عيسوي من أبرز
المؤلفات العلمية الصادرة حديثا والتي تسلط الضوء على جوانب مهمة من إسهام
السلاطين العلويين العلماء في خدمة العلوم الإسلامية، وخاصة علوم الحديث، حيث
تفتقر المكتبة المغربية لمثل هذه المواضيع التي تفصح عن خصوصية المغرب الثقافية
وهويته الإسلامية، ويتعلق الأمر بالشخصية العلمية لملوك المغرب الذين كانوا علماء
أجلاء؛ رجال قرآن وسنة وجهاد، ولم يكونوا فقط رجال حكم وسياسة، وهذه الخاصية هي
التي جعلت المغاربة يتعلقون بملوكهم وسلاطينهم، فيحبونهم ويقتدون بهم، مما جعل
العلاقة بين الشعب والملك في المغرب تتسم بالمحبة والإخلاص والتعلق بالأسرة
العلوية الشريفة.
مهَّد الأستاذ الدكتور محمد عيسوي لكتابه
القيم "النهضة الحديثية في عهد السلطان محمد بن عبد الله وابنه المولى
سليمان"، بالحديث عن الحياة العلمية في بداية الدولة العلوية التي بزغت
سنة 1075 هـ، حيث لقيت السنة النبوية والمشتغلين بها عناية خاصة، فقد اهتم المولى
رشيد بالعلم، وقام بتشجيع العلماء على البحث والتأليف واقتفى أثره المولى إسماعيل،
ولما جاء السلطان سيدي محمد بن عبد الله دعا مجددا إلى التمسك بالكتاب والسنة وأمر
العلماء بتدريس كتب الحديث وحثهم على العناية بأمهات كتب الفقه المالكي، بل قام
بنفسه بالتأليف في الحديث، وإصلاح التعليم في جامعة القرويين، بالتركيز على
المصادر الأساسية بدل الفروع والمختصرات، مما أدى إلى بعث النهضة الحديثية ووصل
إشعاعها إلى المشرق. وقد استمر من بعده ابنه المولى سليمان في الاهتمام بالعلم
والعلماء، حيث كان يعقد المجالس الحديثية ويستدعي لها كبار المحدثين، كما أسهم في
التأليف الحديثي والفقهي وشجع العلماء على ذلك.
هكذا، يفصح كتاب "النهضة الحديثية
في عهد السلطان محمد بن عبد الله وابنه المولى سليمان" لمؤلفه الأستاذ
الدكتور محمد عيسوي عن هويته المغربية الأصيلة بتناوله لموضوع فريد ونادر، ما أحوج
شباب المغرب المعاصر لمعرفته من أجل تعزيز انتمائهم للوطن والافتخار بهويتهم
المغربية، فخلافا للمشرق تميز سلاطين المغرب بشخصية علمية وسعة اطلاع؛ حيث جمعوا
بين علوم الدنيا وعلوم الدين، فكانوا قادة وزعماء حقيقيين، ولمقاربة جهود السلطان
سيدي محمد بن عبد الله وابنه المولى سليمان في بعث النهضة الحديثية بالمغرب، قسم
المؤلف الأستاذ الدكتور محمد عيسوي كتابه القيم إلى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة، وضم بين دفتيه حوالي 131
صفحة من الحجم المتوسط وبغلاف ملون عبارة عن صورة لجامع القرويين، والكتاب على
الرغم من صغر حجمه إلا أنه كبير الفائدة خاصة وأنه صيغ بأسلوب لغوي جميل يخلو من
الحشو والإطناب ويلتمس الدقة والبلاغة في التعبير من خلال جمل قصيرة معبرة عن
المعنى المقصود بأقل عدد من الكلمات، موظفا في عرض محتوياته منهجا علميا محكما،
وترتيبا منطقيا لفصوله ومباحثه، وتضمن معلومات تاريخية مهمة حول الحياة العلمية
للسلاطين المغاربة من خلال نموذجي السلطان سيدي محمد بن عبد الله وابنه المولى
سليمان، معتمدا في استقاء مادته المعرفية على أمهات الكتب التاريخية والمصادر
العلمية التي لا يمكن أن يستغني عنها باحث أكاديمي متمكن من تخصصه وخبير بمجاله، مما
جعل هذا الكتاب مهما في بابه ورائدا في مجاله، سواء في موثوقية معلوماته ومصداقيتها
العلمية عندما استند المؤلف إلى مصادر تاريخية أساسية، أو لِما يمكن أن يفتحه من
آفاق علمية واسعة أمام طلاب العلم في الجامعة المغربية وخاصة الطلاب الذين يبحثون
عن مواضيع جديدة لتسجيل أطروحات جامعية متميزة، حيث يحقق كتاب الدكتور محمد عيسوي
هذه الغاية المعرفية والمنهجية للباحثين، وبذلك يكون مؤلفه "النهضة
الحديثية في عهد السلطان محمد بن عبد الله وابنه المولى سليمان" قد نجح
في أداء رسالته.
أما محتويات هذا الكتاب القيم، فقد خصص
الفصل الأول للتعريف بالسلطان سيدي محمد بن عبد الله، حيث ذكر نبذة من حياته
الحافلة بالإنجازات، مبينا مدى عنايته بالعلم وصحبته للعلماء، ومجالسه الحديثية،
واهتمامه بالتأليف الحديثي وتشجيعه العلماء على ذلك، وتواصله مع علماء المشرق.
أما الفصل الثاني فخصصه للحديث عن جامعة
القرويين باعتبارها مركزا علميا، وأهم الإصلاحات التربوية التي قام بها السلطان
سيدي محمد بن عبد الله في هذه الجامعة، وعنايته بخزانتها وموقفه من كتب الفروع.
أما
الفصل الثالث فخصصه للحديث عن السلطان المولى سليمان ومظاهر عنايته الكبيرة بمجالس
العلم وحلقات التدريس، وحرصه على أخذ العلم من الشيوخ والعلماء، وإسهامه في
التأليف الحديثي.
أما الفصل الرابع فركز فيه على مظاهر النهضة
الحديثية، مثل وفرة الكراسي العلمية، والإقبال الكبير على نسخ الكتب واقتنائها،
إضافة إلى الحديث عن بعض المحدثين البارزين في هذا العهد.
ثم خاتمة ولائحة المصادر والمراجع وفهرس
المحتويات.
إن إطلالة موجزة على فهرس محتويات كتاب
"النهضة الحديثية في عهد السلطان محمد بن عبد الله وابنه المولى سليمان"
لمؤلفه الأستاذ الدكتور محمد عيسوي تبين بجلاء القيمة العلمية والرمزية لهذا
الكتاب الهام الذي عزز رصيد المكتبة المغربية من الدراسات الأكاديمية وأثار انتباه
الباحثين إلى ظاهرة علمية جديرة بالدراسة والتحليل، وهي إسهام السلاطين العلماء في
نهضة العلوم الإسلامية من خلال نموذجي السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله وابنه
المولى سليمان.
فهرس محتويات كتاب
"النهضة الحديثية في عهد السلطان محمد بن عبد الله وابنه المولى سليمان"
لمؤلفه الأستاذ الدكتور محمد عيسوي
مقدمــة
:
تمهــيد :
الفصل الأول : التعريف
بالسلطان محمد بن عبد الله
المبحث الأول: نبذة عن حياته
المبحث الثاني: ثناء العلماء عليه
المبحث الثالث: محبة المولى محمد للعلم واعتناؤه بالعلماء
1-
محبة المولى
محمد للعلم
2-
اعتناؤه بالعلماء
المبحث الرابع: اهتمامه
بالحديث النبوي
المبحث الخامس: نقل
العلماء إلى حاضرة مراكش
المبحث السادس: مجالس
السلطان محمد بن عبد الله الحديثية
المبحث
السابع: مؤلفات محمد بن عبد الله
المبحث الثامن: التواصل مع علماء المشرق
المبحث التاسع: تحبيس الكتب على الخزانات
المبحث العاشر: وفاة
المولى محمد بن عبد الله
الفصل الثاني : جامعة
القرويين مركز إشعاع
المبحث الأول: إصلاح
النظام التعليمي
المبحث الثاني: موقفه من
كتب الفروع
المبحث
الثالث: التواصل بين المغرب والمشرق
المبحث الرابع: خزانة جامعة القرويين
الفصل الثالث : التعريف
بالسلطان سليمان بن محمد بن عبد الله
المبحث الأول: نبذة عن حياته
المبحث الثاني: اهتمامه
بالعلم واعتناؤه بالعلماء
المبحث
الثالث: شيوخ المولى سليمان
المبحث الرابع: المجالس الحديثية
المبحث
الخامس: مؤلفاته
المبحث السادس: وفاة المولى سليمان
الفصل الرابع : النهضة
الحديثية في العهد المحمدي والسليماني
المبحث الأول: كراسي
الحديث في جامع القرويين
المبحث الثاني: المحدثون
في هذا العهد
المبحث
الثالث: الوراقة ونسخ الكتب
خاتمة
لائحة المصادر والمراجع
المحتويات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق