د. خالد التوزاني[1]
في خطوة
وصفت بالأولى من نوعها في المغرب، استطاع دكاترة الوظيفة العمومية بعدما اتحدوا
على مستوى النضال النقابي المشترك، وخاضوا عدة محطات نضالية أمام مؤسسات رسمية
مسؤولة بالعاصمة الرباط؛ تمثلت في احتجاجات واعتصامات وإضرابات من أجل إيصال صوت
هذه الفئة المغبونة، والتي تطالب بتغيير إطارها دون قيد أو شرط إلى أستاذ التعليم
العالي، من أجل تمكينها من ظروف عمل لائقة تتيح لها إمكانية البحث العلمي وفق شروط
محفزة، استطاعت هذه الفئة أن توحد رؤيتها بشأن البحث العلمي، وتعلن عن تأسيس
"المنظمة المغربية للبحث العلمي والدراسات والخبرات" والتي ضمت دكاترة
الوظيفة العمومية في مختلف التخصصات العلمية والأدبية إلى جانب باقي الكفاءات
الوطنية مثل المهندسين ورجال القانون وخبراء في الاقتصاد والتنمية وغيرهم من
الدكاترة الباحثين الذين حضروا الجمع العام التأسيسي المنعقد بمدينة فاس يوم السبت
6 يونيو 2015.
صرح الأستاذ
الدكتور إحسان المسكيني الرئيس المؤسس للمنظمة المغربية للبحث العلمي، أن فكرة
إنشاء المنظمة تعود لعدة شهور، وقد انبثقت من ساحات النضال في الميدان عندما كان يلتقي
الدكاترة في الرباط فيتبادلون الخبرات العلمية والتجارب الشخصية في البحث العلمي،
فكان ضروريا التفكير في إنشاء منظمة تجمع كل الدكاترة للرفع من قيمة البحث العلمي
بالمغرب، إيمانا بالواجب الوطني في تحقيق الإشعاع العلمي للمغرب وتحسين صورته في
هذا المجال، وأيضا لمواجهة التقارير الدولية التي تصنف المغرب في مراتب متدنية في
البحث العلمي، حيث من المرتقب أن يتم فتح فروع للمنظمة في كل جهات المملكة،
والإشراف على تنظيم مؤتمرات علمية وطنية ودولية، ونشر البحوث والدراسات العلمية،
وتطوير مجالات المعرفة والإبداع والتجديد، مما سيحقق تراكما في عدد المنشورات
الأكاديمية المنجز من قبل الباحثين المغاربة، الشيء الذي سينعكس إيجابا على ترتيب
المغرب دوليا في مجال البحث العلمي.
هكذا،
تأسست المنظمة المغربية للبحث العلمي والدراسات والخبرات، من أجل أهداف علمية
ووطنية، لتوحيد جهود دكاترة الوظيفة العمومية في مجالات البحث العلمي، علما أن
النضال في الميدان لن ينقطع، وأن جهود الدكاترة متواصلة في سبيل انتزاع حقها في
تغيير الإطار إلى أستاذ التعليم العالي وإلحاقهم بالجامعات أو مراكز تكوين الأطر،
خاصة وأن هذه الفئة قد قطعت أشواطا كبيرة في مسارها العلمي والمهني وراكمت تجارب
وخبرات تربوية وعلمية.
تسعى المنظمة
المغربية للبحث العلمي إلى أن تكون آلية عمل مؤسسية، وقوة اقتراحية، تسهم في تقييم
سياسات تدبير البحث العلمي بالمغرب، وكذلك ستمكن من الرفع من الإنتاج العلمي في ما
يتعلق بعدد المنشورات العلمية والندوات والدورات التكوينية والشراكات التي ستعقدها
مع مؤسسات أكاديمية وطنية ودولية، كما ستعمل على تقديم بدائل لتحسين مردودية البحث
العلمي داخل الوطن، وتقديم الاستشارة للمؤسسات الرسمية وتطوير الدراسات والبحوث
المتخصصة في جميع ميادين المعرفة والتقنيات، كما تضع أمام الباحثين كل الإمكانات
الممكنة لممارسة البحث العلمي بمواصفات دولية تحقق للمغرب إشعاعا إقليميا ودوليا،
تجعله يتبوأ مراتب مشرفة في هذا المجال.
كما ستعمل
المنظمة المغربية للبحث العلمي على تثمين المسار المهني للموظف الحاصل على أعلى
شهادة علمية وهي الدكتوراه، والعمل على تحقيق الملف المطلبي للدكاترة في انتزاع
حقهم المشروع في أن يكون لهم نظام أساسي خاص خاص بهيئة الدكاترة الموظفين في
الإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العامة.
شهد الجمع
العام التأسيسي للمنظمة المغربية للبحث العلمي حضورا مكثفا للدكاترة الباحثين، إلى
جانب فعاليات ثقافية
من مختلف المشارب الفكرية والتخصصات العلمية، حيث تناولت اللجنة
التحضيرية بالمناقشة والتحليل أهم الخطوط العريضة لهذا المشروع العلمي الجديد،
وكذا المراحل التي قطعها. حيث أكد الحضور أن إسهام الباحثين المغاربة في الرفع من
قيمة البحث العلمي أضحى ضرورة وواجبا وطنيا، لتحقيق جملة من الأهداف التي تتجاوز
ما هو أكاديمي محض إلى ما هو تأطيري وتربوي وتحسيسي، إذ لا تنمية حقيقية دون تنمية
الإنسان، ولا رقي للمجتمع دون الرفع من الوعي الجمعي والانخراط الفاعل في قضايا
الوطن والراهن وتقديم البدائل والحلول لتحديات العصر واستشراف آفاق المستقبل، وهي
مهام جسيمة تأمل المنظمة الجديدة النجاح في أدائها.
من الأكيد أنه لا تنمية في أي مجتمع، في غياب
دور فاعل للنخب الثقافية والفكرية والعلمية، التي تسعى لتنوير الرأي العام ونشر
القيم الإنسانية النبيلة والحفاظ على ثوابت المغرب وهويته الأصيلة والدفاع عن
وحدته الترابية وقيمه ومكتسباته، والعمل على إشاعة روح الديمقراطية والحرية
والتواصل والانفتاح والحوار والتبادل الثقافي، وذلك بطرق علمية وأساليب سلمية
ومناهج موضوعية، بعيدا عن كل الخلافات المشينة والصراعات الضيقة والنزاعات العقيمة
والأحقاد المسيئة والأفكار المسبقة وغيرها من الوسائل التي لا تنسجم مع أخلاقيات
البحث العلمي، وجدير بالذكر أن تأسيس المنظمة المغربية للبحث العلمي، يخضع في
أدبياته إلى القوانين المغربية وخاصة قانون الجمعيات، حيث يؤكد استقلاليته التامة
وابتعاده عن الصراعات السياسية والنقاشات العقيمة التي لا تجدي نفعا، حيث يضع
البحث العلمي أمامه أولوية الأولويات دون أي مزايدات، ودون أي تبعية لأي جهة كيفما
كانت.
وبعد مناقشة مستفيضة للقانون الأساسي
للمنظمة، اتفق الحضور خلال الجمع العام التأسيسي تغيير كلمة "الوطنية"
لتصبح "المغربية"، وتعديل بعض بنود القانون الأساسي وتعميق النقاش في
عدة قضايا، التم فرز المكتب الوطني المسير للمنظمة، فجاءت تشكيلته على الشكل الآتي:
-
رئيس المنظمة: إحسان المسكيني
-
نائب الرئيس: مريم الصافي
-
الكاتب العام: جمال الهاشيمي
-
نائب الكاتب العام: شعرة زكرياء
-
أمين الصندوق: خالد الزويرشي
-
نائب أمين الصندوق: محمد غازيوي
-
مستشارون: خالد التوزاني- عبد السلام العسيري- عبد الحق
العمري- عبد الله الهيلالي- عبد العزيز خنوسي- عبد الحق العياشي- زين العابدين
السليماني.
وتتخذ المنظمة المغربية للبحث العلمي والدراسات والخبرات
من مدينة فاس مقرا مركزيا لها، على أن يتم فتح فروع في كل جهات المملكة المغربية،
والمنظمة مفتوحة أمام كل الباحثين في جميع ميادين المعرفة والإبداع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق