2011/08/25

مصطفى حمداوي يكتب: " شيء كأنه الوطن"


 شيء كأنه الوطن 

شعر : مصطفى الحمداوي
روائي وشاعر من المغرب



نفس المكان
تصوري
حديقة  ، شيء كأنه الوطن 
أغنية صغيرة
تحتل صمت الأرغن
فراشة تطير حول الشمعدان
جميلة عيناك يا حبيبتي
جميلة
كنشوة لا تنتهي
 كنشوة
تمزق الروح لتمضي ناثرة وهجها
مفرزة   
الفرحة والعنفوان

     1

نفس المكان
كنت هنا
ذات صباح ساخر
ذات صباح مولع بلوعة
تحرق شرفة الضباب
 كنت هنا كي أنتقي بدقة أنيقة
سر الكواكب الصغيرة التي 
تنبت فوق صدرك الغض بلا..
 حتى حجاب

     2

نفس المكان
ثمار هذا الجسد الأندلسي 
ترتج في يدي كمشمش  بديع
كرعشة باهرة
ساحرة
كدمعة من زعفران
كدمعة  تغلق ضوء الظل في وجه الجميع
نفس المكان
كانت ضحكاتك تسري مثل عطر البرتقال
ترج  وجه الماء ونورسة الميناء وضوء القمر
تخطف مني الدهشة
تغمرها بموجة   فاترة
بطلقة مسكونة بالموت أو ..
أي احتمال

    3

نفس المكان
رأيت وجهك الحزين
كنت كشلال صغير يتسلق  الجبال
رأيت خطوك البطيء نحو ربوة المغيب
رأيت طيفك البعيد
رأيت حولك الفراشات وسربا من طيور
وكنت أنت في الطريق
شمسا من الجمر توزعين زخات الرمال

   4

نفس المكان
ونفس سوناتا الكمان
في ذلك البيت العتيق
رأيت وردا غامقا
وساعة رملية
بحرا يجر القارب الأسود نحو الضفة
وكانت الأمواج ترش  الغريق  

    5

نفس المكان
نفس الحريق
من أعدموا لوركا ، تركوه يسير ، ثم أغدقوا عليه الطلقات
قالوا وهم يقهقهون :
رصاصة ضائعة ..
رصاصة ضائعة ..

دعابة سخيفة

لكنها تشبه قبرا في الحياة

    6

نفس المكان
لأنك الجميلة الأحلى من الثلج وماء الكلمات
أحلى من الليمون  ووقع المطر
أحلى من اللون الذي ينام فوق قوس قزح  
أحلى من اللون الذي يخفي  العصافير وأوراق الشجر
لأنك الجميلة التي على ..
 أهبة أن تقتطفي نار الفرح 

    7

نفس المكان
والعازف يأخذ دوره الجميل
يعزف أطفالا على طول الرصيف
يعزف ألف زهرة
يعزف ألف رغبة  
لكنه حين ينام جائعا
يحلم كأسا من حليب ورغيف
نفس المكان
حيث الغبار أخضر 
يهب مزهوا رشيقا رائعا  
كما السحاب الأحمر
يهرب ناحية الشفق
ليرتدي عباءة 
لطفلة عذراء في عز الخريف
لطفلة مشدوهة بالفرحة
بالدهشة
جميلة  بريئة نائمة وسط النفق  

    8

نفس المكان
كنت وحيدا خافتا أشبه صوت الرجفة   
 حيث رأيت امرأة ، قبلت ثغرها ، عميقا  غالبا
ضممتها إلى يدي
 ثم على حين انتشاء عابر
اهتزت المرأة كالرمانة العارية  
انتثرت حباتها بصرخة مثيرة
على بقايا السندس والسنديان
نفس المكان
نفس المكان
نفس المكان .



هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

اجد في كتاباتك يا خالي متعة وانا اقرأ ما تلقيه هنا حرفا حرفا .. يصدر منه تعبير راقي وجميل ممزوج بخيالك العذب دائما .. احييك واتمنى ان اكتب ولو لمثل حروفك قليل
هــــاجر الوكيلي