2012/10/19

ملحمة العبور العظيم...... وثورة 25 يناير بقلم / أحمد علي صالح محمد

ملحمة العبور العظيم...... وثورة 25 يناير 
بقلم / أحمد علي صالح محمد
باحث اجتماعي مصري 
إن حرب السادس من أكتوبر عام 1973م جاءت بعد ذل المصريين ومهانتهم وتردي أوضاعهم الاقتصادية بعد نكسة 1967 ولكن بفضل الإيمان العميق بالله عز وجل وقيام القوات المسلحة بالنهوض بالاسلحة والذخائر والمدفعية حيث قاموا بتحطيم خط بارليف المنيع الذي لا يقهر كما كانت تزعم اسرائيل من قبل وذلك بفضل بسالة وجهود المهندسين المصريين الذين فكروا ودبروا من أجل القضاء علي هذا الحصن المنيع بكلمة بسم الله ـ الله أكبر ـ بسم الله.
كما قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011م  بعد ذل ومهانة – أيضاً – بالإضافة إلي تردي الاوضاع الاقتصادية في البلاد ومظلم للحكام الفاسدين الذين لم يحتفلوا بنصر أكتوبر الحقيقي الذي أذهل العالم .
إن ثورة الخامس والعشرين من يناير تأتى كثمرة من ثمار حرب أكتوبر التى لا تنضب، حيث ضرب الشعب المصرى فيها أبلغ الصور والأمثلة للحفاظ على ما حققته مسيرة حرب أكتوبر التى استردت كرامة المواطن المصرى حتى يمكنه التطلع للديمقراطية وبناء المستقبل من خلال التنمية  ، وما حدث في ثورة 25 يناير من توحيد صفوف أبناء مصر بمسلميها ومسيحيها هو نفسه الذي حدث في حرب أكتوبر 1973 م المجيدة .
الخلفيات التاريخية لحرب أكتوبر المجيدة
حرب أكتوبر هي إحدى جولات الصراع العربي الإسرائيلي ، حيث خططت القيادتان المصرية والسورية لمهاجمة إسرائيل على جبهتين في وقت واحد بهدف استعادة شبه جزيرة سيناء والجولان التي سبق أن احتلتهما إسرائيل في حرب 1967، وكانت إسرائبل قد قضت السنوات الست التي تلت حرب 1967 في تحصين مراكزها في الجولان وسيناء، وأنفقت مبالغ هائلة لدعم سلسلة من التحصينات على مواقعها في مناطق مرتفعات الجولان ( خط آلون ) وفي قناة السويس ( خط بارليف )
في29 أغسطس 1967م  ، اجتمع قادة دول الجامعة العربية في مؤتمر الخرطوم بالعاصمة السودانية ، ونشروا بياناً تضمن ما عرف  "باللاءات الثلاثة" :  عدم الاعتراف بإسرائيل ، عدم التفاوض معها ، ورفض العلاقات السلمية معها " .
في سبتمبر 1968 تجدد القتال بشكل محدود على خطوط وقف إطلاق النار بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا بما يسمى حرب الاستنزاف، مما دفع الولايات المتحدة إلى اقتراح خطط لتسوية سلمية في الشرق الأوسط .
وكان وزير الخارجية الأمريكي وليام روجرز قد إقترح ثلاث خطط على كلا الجانبين فتم رفض الأولى من جميع الجوانب، وأعلنت مصر عن موافقتها لخطة روجرز الثانية وأدت هذه الموافقة إلى وقف القتال في منطقة قناة السويس، وإن لم تصل حكومة إسرائيل إلى قرار واضح بشأن هذه الخطة.
وفي28 سبتمبر 1970 توفي الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وانتخب نائبه أنور السادات رئيساً لمصر.
في فبراير 1971 قدم أنور السادات لمبعوث الأمم المتحدة غونار يارينغ - الذي أدار المفاوضات بين مصر وإسرائيل حسب خطة روجرز الثانية- شروطه للوصول إلى تسوية سلمية بين مصر وإسرائيل وأهمها انسحاب إسرائيلي إلى حدود 4 يونيو 1967.
رفضت إسرائيل هذه الشروط مما أدى إلى تجمد المفاوضات.
وفي 1973 قرر الرئيسان المصري أنور السادات والسوري حافظ الأسد اللجوء إلى الحرب لاسترداد الأرض التي خسرها العرب في حرب 1967م.
ملحمة العبور في 6 أكتوبر 1973م
نجحت مصر في اختراق خط بارليف خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة، بينما دمرت القوات السورية التحصينات الكبيرة التي أقامتها إسرائيل في هضبة الجولان، وحقق الجيش السوري تقدمًا كبيرًا في الأيام الأولى للقتال واحتل قمة جبل الشيخ مما أربك الجيش الإسرائيلي كما قامت القوات المصرية بمنع القوات الإسرائيلية من استخدام أنابيب النابالم بخطة مدهشة، كما حطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، في سيناء المصرية والجولان السوري، كما تم استرداد قناة السويس وجزء من سيناء في مصر، وجزء من مناطق مرتفعات الجولان ومدينة القنيطرة في سورية.
حشدت مصر 300,000 جندي في القوات البرية والجوية والبحرية. وتألفت التشكيلات الأساسية للقوات البرية الجيش الثاني الميداني والجيش الثالث الميداني وقطاع بورسعيد التابع للجيش الثاني وقيادة البحر الأحمر العسكرية.
وتألفت القوات البرية المصرية من 10 ألوية مدرعة و8 ألوية ميكانيكية و19 لواء مشاة و3 ألوية مظليين وكانت خطة الهجوم المصرية تعتمد على دفع الجيشين الثاني والثالث لاقتحام خط بارليف في 5 نقاط واحتلال رؤس كبارى بعمق من 10-12 كم المؤمنة من قبل مظلة الدفاع الجوي.
القوات الجوية المصرية تمتلك 305 طائرة مقاتلة وبإضافة طائرات التدريب يرتفع هذا العدد إلى 400 طائرة. مروحيات القوة الجوية تتألف من 140 طائرة مروحية فيما تمتلك قوات الدفاع الجوي نحو 150 كتيبة صواريخ أرض-جو.
في تمام الساعة 14:00 من يوم 6  أكتوبر 1973 نفذت القوات الجوية المصرية ضربة جوية على الأهداف الإسرائيلية خلف قناة السويس.
وتشكلت القوة من 200 طائرة عبرت قناة السويس على ارتفاع منخفض للغاية. وقد استهدفت الطائرات محطات التشويش والإعاقة وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة.
وكان مقرراً أن تقوم الطائرات المصرية بضربة ثانية بعد تنفيذ الضربة الأولى إلا أن القيادة المصرية قررت إلغاء الضربة الثانية بعد النجاح الذي حققته الضربة الأولى.
وإجمالي ما خسرته الطائرات المصرية في الضربة هو 5 طائرات.
حدد الجيشان المصري والسوري موعد الهجوم للساعة الثانية بعد الظهر بعد أن اختلف السوريون والمصريون على ساعة الصفر.
كان من غير المتوقع اختيار ساعات الظهيرة لبدء الهجوم، وعبر القناة 8,000 من الجنود المصريين، ثم توالت موجتا العبور الثانية والثالثة ليصل عدد القوات المصرية على الضفة الشرقية بحلول الليل إلى 60,000 جندي، في الوقت الذي كان فيه سلاح المهندسين المصري يفتح ثغرات في الساتر الترابى باستخدام خراطيم مياة شديدة الدفع ، و إسرائيل بدأت عملية تعبئة قوات الاحتياط لدفعها للجبهة.
انجزت القوات المصرية في صباح يوم الأحد 7 أكتوبر عبورها لقناة السويس وأصبح لدى القيادة العامة المصرية 5 فرق مشاة بكامل أسلحتها الثقيلة في الضفة الشرقية للقناة، وانتهت أسطورة خط بارليف الدفاعي.
 وقد واصلت القوات المصرية تدعيم روؤس الكباري لفرق المشاة الخمس كما قامت بسد الثغرات التي بينها وبين الفرق المجاورة داخل كل جيش طيلة يوم 7 أكتوبر وبحلول يوم 8 أكتوبر اندمجت الفرق الخمسة في رأس كوبريين في جيشين.
وكانت تقديرات المخابرات المصرية قبل الحرب تشير أن الهجوم المضاد الإسرائيلي سوف يبدأ بعد 18 ساعة من بدأ الهجوم المصري بافتراض أن إسرائيل ستعبأ قواتها قبل الهجوم بحوالي 6-8 ساعات ومعنى ذلك أن الهجوم المضاد الرئيسي سيكون في صباح يوم الأحد 7 أكتوبر إلا أن الهجوم الإسرائيلي لم ينفذ إلى مع صباح يوم 8 أكتوبر.
في أغسطس 1973 قام الرئيس الراحل أنور السادات بزيارة سرية للعاصمة السعودية الرياض وألتقى بالملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود حيث كشف له السادات عن قرار الحرب على إسرائيل إلا أنه لم يخبر الملك فيصل عن موعد الحرب مكتفياً بالقول أن الحرب قريبة.
وقد طلب السادات خلال اللقاء أن تقوم السعودية ودول الخليج بوقف ضخ البترول للغرب حال نجاح خطة الهجوم المصرية.
تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة وتم إصدار القرار رقم 338 الذي يقضي بوقف جميع الأعمال الحربية بدءاً من يوم 22  أكتوبر عام 1973م.
وقبلت مصر بالقرار ونفذته اعتباراً من مساء نفس اليوم إلا أن القوات الإسرائيلية خرقت وقف إطلاق النار، فأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا آخر يوم23  أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار.
في نهاية شهر مايو 1974 توقف القتال بين سوريا وإسرائيل بعد أن تم التوصل إلى اتفاق لفصل القوات بين سوريا وإسرائيل، أخلت إسرائيل بموجبه مدنية القنيطرة وأجزاء من الأراضي التي احتلتها عام 1967.
الدروس المستفادة من حرب أكتوبر المجيدة
أحدثت الحرب تغيرات عميقة في كثير من المجالات على الصعيد المحلي لدول الحرب والإقليمي للمنطقة العربية. كما كان لها انعكاسات على العلاقات الدولية بين دول المنطقة والعالم الخارجي خاصة الدول العظمى والكبرى.
لقد كانت حرب أكتوبر حدثاً فريداً بلا شك بل نقطة تحول في مسار الصراع العربي الإسرائيلي ، قد تعرضت إسرائيل كدوله لمفاجأه إستراتيجيه كامله أفقدت الإسرائليين ثقتهم في جيشهم في جهاز مخابراتهم ، الذي كان يدعي أنه أقدر جهاز مخابرات في العالم خبرة بشئون الشرق الأوسط ، كما تعرضت القوات الإسرائيليه على جبهتي سيناء والجولان لمفاجأه تكتيكيه أفقدت أفرادها توازنهم وأجبرتهم على الإنسحاب من مواقعهم الأماميه ، وكان الأمر الذي أدهش العالم هو نجاح مصر وسوريا في تحقيق المفاجأه على المستويين الإستراتيجي والتكتيكي ، رغم التطور الهائل في وسائل الإستطلاع الحديثه وقدرتهما على خداع جهازي المخابرات الإسرائيليله والمخابرات الأمريكيه في وقت واحد .
تمكنت القوات المصريه من تقويض أسس العقيده القتاليه للقوات الإسرئيليه خلال حرب أكتوبر ، ففقدت بالتالي مميزاتها الرئيسيه وأهمها خفة الحركه والقدره على المناوره وتحقيق السياده الجويه على ميدان المعركه .
ثبت أن الموانع الدفاعيه الطبيعيه والصناعيه والدفاعات الحصينه لا يمكنها أن تقف حائلاً أمام الجيوش الحديثه بما لديها من تجهيزات و أسلحه ومعدات وبخاصة إذا كان لديها العزيمه والإراده والتصميم والقتال .

وقد حقق التعاون الفعال مع وسائل الدفاع الجوي تأمين وحماية القوات والأهداف الحيويه للدوله .
وكانت ثقة الطيارين بأنفسهم ورحهم المعنويه العاليه سبباً في جعلهم يتفوقون على المعدلات القياسيه العالميه ، وأخيراً ثبت أنه يلزم الدول الناميه التي لا تملك قاعده صناعيه حربيه أن يكون لديها مخزون كافٍ من السلاح لمواصلة المعركه حتى لا تستطيع الدول الكبرى التحكم في قرار مواصلة القتال .
إن توفيق الله سبحانه وتعالي كان وراء الانتصار العظيم في أكتوبر ونجاح ثورة 25 يناير، علاوة علي اصرار القوات المسلحة علي تحقيق النصر.. مثلما قامت بحماية الثورة. 


ليست هناك تعليقات: