حول
المجموعة القصصية الجديدة " قطر الندى "
للدكتور
/ مصطفى
عطية جمعة
عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام، صدر للأديب
والناقد والأكاديمي " د. مصطفى
عطية جمعة "
مجموعته القصصية الجديدة « قطر
الندى ». المجموعة تقع في 208 صفحة من
القطع المتوسط، وتتضمن اثنتين وعشرين قصة قصيرة؛ موزعة على خمسة أقسام. تصميم
الغلاف: مريم سليم.
هذا الإصدار الإبداعي الثامن للناقد
والأكاديمي الدكتور مصطفى عطية جمعة ، وقد أصدر من قبل ثلاث روايات ، ومجموعتين
قصصيتين ، ومسرحيتين، بالإضافة إلى عشرة كتب موزعة في النقد الأدبي والإسلاميات وأدب
الطفل .
وفي هذه المجموعة ، يسبح د. مصطفى عطية في
أجواء الواقع الشعبي في مصر ، مستحضرا حقبة زمنية سابقة من حياة الحارة المصرية ، قبل
عقود خلت، اختفت كثير من معالمها مع هجمة العولمة والحداثة .
حيث تطوف بنا قصص المجموعة في مواقف الطفولة
المبكرة، بكل براءتها وسذاجتها، وهي تكتشف العالم من حولها ؛ الكبار والصغار ،
النساء والرجال، ترصد ما يدور بالخلجات ، ويعتمل بالنفوس ، والأهم أنه لا يقف عند اللحظة الآنية للموقف
القصصي ، بل يبحر مع الزمن ليعمق الشخصيات في حياتها السابقة ، ثم يبحر مرة ثانية
ليقدم مآلها بعد سنوات ، فزمن القصص يجمع بين زمن الموقف / اللحظة ، وزمن الشخصية
الممتد في مستقبل حياتها، وما بين الزمنين؛ والأحداث وصراع الشخصيات ، يظهر واقع
الحياة بكل شجنها وصخبها وفرحها وأيضًا شغبها ؛ في سعي لقراءة الحياة والقبض على
بعض من رؤى البشر التي تصنع فلسفتهم في يومياتهم والتي تمتد لتكون نبراسا لهم فيما
تبقى من أعمارهم .
هذه المجموعة القصصية ، تمثّل تجربة جديدة
للقاص مصطفى عطية، حيث اعتمد منهجية السرد المتدفق ، فهو يبدأ بمشهد قصصي ، عارضا
تفاصيله ومن ثم يبدأ في الغوص في الشخصيات ، موضحا أبعادها ، متخذا التشويق سبيلا
، مقتربا من فكرة الحدوتة / الحكاية في سردها التلقائي المباشر ، مع الاستفادة من
تقنيات الكتابة الحداثية ، ساعيا إلى تشويق المتلقي منذ الأسطر الأولى إلى نهاية
القصة .
أما الخاتمة ، فاعتمدت تقنية المفارقة في كل
القصص ، تأتي غير متوقعة، صادمة ، مؤكدة على محور أو شخصية أو موقف تم التعرض إليه
في ثنايا القصة سريعا ، ولكن القاص يحتفظ به حتى يظهره في آخر القصة، في مفاجأة
للقارئ ، قد تدفعه إلى قراءة القصة ثانية .
بالفعل قصص المجموعة تتناول الأجواء
الشعبية في الحارة المصرية خلال حقبة ماضية ، تزيد عن ثلاثة عقود ، إلا أن القاص
سعى إلى معالجة التقاء الشعبي بالحداثي ، كما في بدايات دخول التلفزيون في المنازل
، والسينما في الأحياء ، وربط بين رؤية الأطفال لبدايات الميديا الحديثة في عالمهم
، وبين ألعابهم ، ثم سجّل اندثار الكثير من الألعاب الشعبية ، مع ارتفاع البنايات،
وضيق الشقق السكنية .
أيضا ، فإن القاص قدّم في الكثير من قصصه
رؤيا استشرافية ، لا تتوقف عند المشهد القصصي فقط ، بل تتجاوزه إلى مصير الشخصيات
والأمكنة والمعالم ، فهذه السينما القديمة تندثر وتغلق ، وهذا المغني الشعبي ينزوي
تدريجيا مع انتشار أغاني أحمد عدوية وفاطمة عيد ، ولا يجد نفسه إلا متكففا الناس
بغنائه في الأسواق ، بديلا عن تسوّله ، وهذا الخطاط اليدوي يتلاشى تدريجيا مع
هجمات أجهزة الكومبيوتر والسلكسكرين ..
لاشك
أنها تجرية شيقة ، عميقة ، تطرح الكثير من الأسئلة ، مثلما تقدم الكثير من اللقطات
الحية والمؤثرة عن عالم افتقدناه في أعيننا ، ولكنه يعيش في أعماقنا .
" قطر الندى " تقدّم عالما سرديا
زاخرا بالشخصيات والأحداث والمواقف والرؤى ، والجميل أنه يجعل الماضي طافيا على
سطح ذاكرتنا بكل ما فيه من أنات وأشواق ورغبات ,
من قصص
المجموعة :
الشاشة الفضية / الختمة الشريفة / منديل الحلو / رؤية رمضان / صندوق الحليب / عربة
كارّو / يا ورد على فل وياسمين / شوكولاتة وأنـَّات / الشاي في السِّكة / حمص
وفانوس وكنافة / ابتسامة وشقاوة / مياه النار / زجاجة عرقي / الخطّاط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق